القاهرة - أحمد مصطفى عقدت الحكومة المصرية أمس اجتماعاً ناقش إجراء تعديلات على مشروع قانون مكافحة الإرهاب الذي أثار اعتراضات المجلس الأعلى للقضاء ونقابة الصحافيين ومنظمات حقوقية، فيما انقسمت الأحزاب حوله بين مؤيد ومعارض.
وقال لـ «الحياة» مصدر في مجلس الوزراء إن «الحكومة ستجري تعديلات على مشروع القانون تستجيب للتحفظات عن مواده»، مشيراً إلى اجتماعات جرت مع المجلس الأعلى للقضاء للبحث في المواد التي طالب بتعديلها، فيما «هناك خيارات يتم البحث فيها للتعاطي مع اعتراضات نقابة الصحافيين على مواد القانون».
وعقد رئيس الحكومة إبراهيم محلب مساء أمس اجتماعاً مع رؤساء تحرير صحف وإعلاميين وكتّاب، وبحث معهم في مشروع القانون. وكانت نقابة الصحافيين اعترضت على المادة 33 من مشروع القانون التي تنص على أنه «يعاقب بالحبس لمدة لا تقل عن سنتين كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية، وذلك من دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة في هذا الشأن».
وأوضح المصدر أن «هناك اتجاهاً لاستبدال عقوبة السجن بالغرامة المغلظة، لكن هناك اتجاهاً ثانياً بالنص على عقوبة السجن أو الغرامة على أن تعطى السلطة التقديرية للقاضي وفق جسامة الجريمة»، لافتاً إلى أن «الاتجاه الأخير هو الأرجح، لا سيما للتعاطي مع وسائل النشر غير المراقبة عبر الإنترنت».
وأثار مشروع القانون أمس انقساماً في الأوساط الحزبية بين مؤيد ومعارض. وعقد أمس 17 حزباً، أبرزها «الوفد» و «المصريين الأحرار»، اجتماعاً خلص إلى تأييد مشروع القانون «لتمكين الدولة من مواجهة الإرهاب الأسود المدعوم من أجهزة استخبارات دول كبرى ودول إقليمية تريد إحداث فوضى في البلاد وتفتيتها». ورأت الأحزاب في بيان «اتفاق مواد مشروع القانون مع نصوص الدستور الحالي، وأنه لم يفرض قيوداً على حرية الصحافة».
ودعا البيان نقابة الصحافيين إلى «مراعاة الظروف الدقيقة التي يمر بها الوطن والأهداف الخبيثة للحرب الإرهابية التي تشنها قوى إقليمية ودولية متحالفة مع الجماعات الإرهابية على بلادنا»، مطالبين إياها بـ «عدم افتعال معركة مع الدولة في وقت يجب أن تتضافر كل الجهود وتتوحد كل الرؤى للانتصار على الإرهاب».
غير أن «تحالف التيار الديموقراطي» المحسوب على الثورة، رفض هذا الموقف. وأعرب في بيان أمس عن «قلقه الشديد من قانون مكافحة الإرهاب وتحفظه عن كثير من مواده وفلسفته التي تفرغ هدف القانون من مضمونه المعلن، وتجور على حقوق المواطنين طبقاً للدستور والأعراف الدولية»، مؤكداً «ضرورة وجود قوانين تتيح للسلطات المختلفة مكافحة الإرهاب في شكل فعال ودستوري من دون التوسع في شكل ينعكس سلباً على الحريات وقدرة المجتمع والدولة على مواجهة الإرهاب، ويخشى أن يكون المستهدف من القانون غير معلن».
ورأى التحالف أن «مواد (مشروع) القانون أهدرت الحقوق الدستورية الراسخة في الدساتير السابقة والمكتسبة بعد ثورتي 25 كانون الثاني (يناير) و30 حزيران (يونيو )، خصوصاً مواد الحريات العامة، كما خالف بعض مواد القانون الأعراف الدولية». وأكد تضامنه مع نقابة الصحافيين في موقفها من مشروع القانون «والتحفظ كذلك عن النص الخاص بعدم مساءلة القائمين على تنفيذ القانون عند استخدام القوة»، مطالباً الحكومة بسحبه «وإعادة دراسته وتنقيته من المواد غير الدستورية كافة أو التي تنتهك الحقوق والحريات العامة».
كذلك، رفض «الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي» الذي شكل رابع أكبر كتلة في البرلمان السابق، مشروع القانون المطروح. وقال في بيان إن «موقف الحزب واضح من الدولة المصرية ويعد ظهيراً لها في معركتها في مواجهة الإرهاب الذي يتهدد كيان الدولة من الخارج والداخل، إلا أنه يرفض مشروع القانون المقدم من الحكومة والخاص بمكافحة الإرهاب ويراه مجرد صياغة أمنية بيروقراطية تنتهك حقوق وحريات المواطنين وتخالف الدستور».
وأكد أن «التصدي للإرهاب داخلياً وخارجياً يجب أن يتم في إطار الشرعية والقانون، إلا أن فعاليته مرهونة بشروط أخرى منها تحديث أجهزة مكافحة الإرهاب وتوفير نظام معلوماتي كفء ونظام أمني فعال قادر في إطار القانون على المواجهة الاستباقية للظاهرة الإرهابية في إطار من احترام القانون والدستور».
وأبرز الحزب في بيانه عدداً من الملاحظات على مشروع القانون، منها أن «مواده الموضوعية تجميع للمواد المنصوص عليها في الكتاب الثاني من قانون العقوبات وقانون الطوارئ، وفي قواعده الإجرائية توسع في سلطات جهات التحقيق والاستدلال مع بعض الإضافات والصياغات الخطيرة التي تعصف بالحقوق والحريات العامة وتتهدد النشاط السياسي المشروع وحرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير».
وأشار إلى أنه «في ظل التعريف الواسع والمطاط للجريمة الإرهابية باستخدام عبارات مثل المساس بالسلام الاجتماعي والنظام العام في تعريفها، فإن ما تضمنته المواد 26 و27 من العقاب على الترويج والنشر وعبر وسائل التواصل الاجتماعي يمثل اعتداءً صريحاً على حرية الرأي والتعبير». كما لفت إلى أن «المادة 33 من المشروع تعصف بحرية الصحافة عصفاً كاملاً إذ تعاقب بالحبس الوجوبي على النشر بما يخالف البيانات الرسمية وتقوم على افتراض مخالف للحقيقة بأن البيانات الرسمية هي عنوان الحقيقة، وتلك هي الشمولية بعينها».
ولفت الحزب إلى أن المادة الرقم 38 «بالغت في إعطاء الشرطة سلطة التحفظ على المتهمين، ما يحوّل التحفظ إلى اعتقال من دون النص صراحة على حده الأقصى وقد تنتزع فيه الاعترافات، ويجب أن تضاف إليها عبارة تلزم النيابة العامة بتفتيش أماكن التحفظ بصفة مفاجئة وعلى فترات متقاربة وتنص صراحة على عدم جواز زيادة مدة التحفظ عن مدة الحبس الاحتياطي المقررة للنيابة العامة، كما أن المادة الرقم 44 أجازت تسجيل المكالمات والرسائل وغيرها من دون إذن قضائي بما يخالف الدستور».
|