اذا كانت المواكب السيارة للعونيين شكّلت مساء أمس جرعة "التحمية" الأولى للتحرّك في الشارع عشية الجلسة المفصلية لمجلس الوزراء قبل ظهر اليوم، فماذا تراها تكون الجرعة الكبرى اليوم بالتزامن مع الجلسة او عقب انعقادها؟
الواقع ان ملامح التأزيم والتصعيد بلغت ذروتها عشية الجلسة التي لم يعد ينطبق عليها اي سيناريو سابق بعدما تشابكت عوامل التعقيدات التي سبقتها الى حدود غير مسبوقة بدليل الكلام "الكبير" لرئيس الوزراء تمام سلام في حديثه الى "النهار" والذي لوح فيه بالكثير من الايحاءات ومنها اصراره على مقاومة التعطيل وتمسكه بممارسة صلاحياته ونفيه اتهامات العماد ميشال عون بمصادرة صلاحيات رئيس الجمهورية وصولا الى تلويحه بالاستقالة في حال استمرار التعطيل. وفيما يرجح اقتصار الجلسة اليوم على البحث في تعديل آلية العمل الحكومي تحت وطأة اصطفاف وزراء "التيار الوطني الحر" و"حزب الله " و"المردة" والطاشناق وراء هذا المطلب، رمى سلام كرة حل الازمة عند القوى السياسية مشددا على ان التعيينات الامنية لن تطرح قبل أوانها وقال: "اذا بلغ الصدام السياسي في الخارج مرحلة متقدمة من التهويل والتهديد بقلب النظام فهذا لا يعود بته الى مجلس الوزراء بل الى القوى السياسية". واكد ان "المقاربة التي ستعتمد في مجلس الوزراء ستطرح اليوم"، رافضاً كلمة "آلية"، مضيفاً ان "المهم العمل على الحؤول دون تعطيل مجلس الوزراء وتاليا البلاد". كما شدّد على طرح جدول الأعمال "واذا اعترض وزراء يسجل الاعتراض وحيث أجد ان التعطيل سيد الموقف سأحاربه وسأقف في وجهه". ورد على اتهام العماد عون إياه بتخطي صلاحيات رئيس الوزراء الى صلاحيات رئيس الجمهورية، قائلاً ان عون "وجه اتهامه الى العنوان الخاطئ. انا بالكاد أمارس صلاحياتي كرئيس حكومة وانتقد على ذلك فكيف اتهم بالاستيلاء على صلاحيات الرئيس؟ لكنّني أرفض تصفية الحسابات السياسية على حساب حكومتي وصلاحياتي". وأضاف: "عندما أشعر ان الوطن بدأ يتضرر من التعطيل سيكون لي موقف وهذا ما يحاولون ايصال الامور اليه"، لافتاً الى ان "استمرار التعطيل يحول الحكومة الى تصريف اعمال وعندها تصبح الاستقالة أشرف". الشارع... والخارجية ! في غضون ذلك، اختلطت الاستعدادات العونية للتصعيد سياسياً وتعبوياً. وجابت عصر امس ومساء مواكب سيارة لمناصري "التيار الوطني الحر" عددا من المناطق وبيروت. واكدت مصادر عونية معنية بتنظيم التحرك في الشارع لـ"النهار" ان انصار "التيار" جاهزون لجلسة مجلس الوزراء اليوم وما سيصدر عنها. وقالت "اليوم (امس) نزلنا بأعداد كبيرة وثمة حماسة وجهوزية تامة لأكثر من ضعفي من نزلوا الى الشارع. المراهنة على موتنا أصبحت مستحيلة، والتيار لن يتوقف هنا، فثمة مطالب أساسية تكلم عليها العماد عون ولا تقتصر فقط على تأجيل جلسة الحكومة او بت موضوع التعيينات الأمنية، فالبلد قائم على الشركة والتعددية والميثاقية، وسنكمل تحركنا للحصول عليها".
وتزامنت بداية التحرك في الشارع مع اجتماع لوزراء "التيار" و"حزب الله" و"المردة" والطاشناق في مكتب وزير الخارجية جبران باسيل بقصر بسترس اتفقوا خلاله على قرار موحد برفض البحث في جلسة اليوم في اي بند الا بند التعيينات واثارة موضوع آلية عمل مجلس الوزراء. جنبلاط والكتائب في المقابل، التقى سلام مساء في السرايا رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط يرافقه الوزيران اكرم شهيب ووائل ابو فاعور والوزير السابق غازي العريضي. بعد اللقاء أشاد جنبلاط "بادارة الرئيس سلام للبلاد بكل حكمة وبكل دقة في المدة الأخيرة، واليوم الاستحقاقات أكبر وأخطر، وقد ابتعدنا سابقاً عن الملفات السياسية الساخنة، لكن اليوم الملفات أكبر وأخطر وأذكر أنه طوال الحرب اللبنانية المشؤومة كان لبنان يحترق وكانت البلاد العربية من حولنا مستقرة، اليوم لبنان مستقر وغالبية البلاد العربية من حولنا تحترق. اذاً قد تكون النار على الأبواب لذلك لا أرى مبرراً لتعطيل جلسات مجلس الوزراء بحكمة وادارة الرئيس تمام سلام، هناك ملفات لا بد من انجازها كي نتفادى الحريق الآتي".
كما علم من وزير الاقتصاد ألان حكيم أن وفد حزب الكتائب برئاسة النائب سامي الجميل ابلغ رئيس الوزراء موقفه القائل بعدم التعطيل وبمتابعة المناقشة في بنود جدول الاعمال، وعلى العمل بآلية التوافق بين كل مكونات الحكومة، وأن حزب الكتائب هو ضد فتح الدورة الاستثنائية، كما انه ضد أي تحرّك في الشارع لأن البلد لا يحتمل لا امنياً ولا اقتصادياً ولا اجتماعياً.
وأوضح حكيم أن "مبادرة الكتائب تتعلّق بجدول الأعمال وتنطلق من المادة 53 من الدستور، لجهة أننا في حالة استثنائية في غياب رئيس للجمهوية، ويمكن مكونات الحكومة اذا اتفقت، طرح أي بند من خارج الجدول، ولكن لا يمكن اي وزير أو مكوّن فرض أي بند من خارج الجدول ومن خارج صيغة التوافق أو الاجماع التي يطالبون بها". مراسيم وأبلغت مصادر وزارية "النهار" أن الرئيس سلام أجرى أمس اتصالات مباشرة مع كل القيادات باستثناء العماد عون لاطلاعها على التطورات عشية جلسة مجلس الوزراء وتلقى تأييداً كاملاً في مقاربته للوضع الحكومي. وتلقى الرئيس سلام تأييدا مماثلاً من جهات دولية وعربية فاعلة أكدت له خطورة أن يدير لبنان ظهره للدعم الخارجي في مواجهة توترات المنطقة.
وفي ما يتعلق بمجريات الجلسة اليوم، قالت المصادر ان الرئيس سلام سيؤكد للوزراء الذين سيطرحون موضوع آلية العمل أن الآلية تعني المشاركة في البحث في جدول الأعمال وليس تسجيل الاعتراض المسبق عليه. أما في موضوع التعيينات فسيؤكد الرئيس سلام أن توقيت طرحها هو أساسي ومن خلال الجهات المعنية. ورفضت المصادر التكهن بكيفية تطور الامور لكنها لفتت الى ان هناك مراسيم عدة تحمل طابع الالحاح يجب ان يوقعها الوزراء ومنها مرسوم ترقيات الضباط وكذلك مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب. ولمحت المصادر الى ان سلام لن يدع الأمور تصل الى الصدام وأنه قد يرفع الجلسة في حال تصاعد الموقف.
بن جدو شاهداً أمام بداية المحكمة: 3 أصوات مختلفة اتصلت لتبنّي مسؤولية الاغتيال
كلوديت سركيس استكملت غرفة الدرجة الاولى في المحكمة الخاصة بلبنان أمس برئاسة القاضي ديفيد راي الاستجواب المضاد للشاهد السري الموظف في مكتب الفضائية "الجزيرة" في بيروت من محامي الدفاع غونايل مترو عن مصالح المتهم اسد صبرا عن الوقت التقديري لتوجهه الى المكتب والعودة اليه بعد احضاره الشريط التي بثته المحطة واعلان تبني المسؤولية المزعوم على لسان الفلسطيني أحمد أبو عدس. وبالاستماع الى افادة بن جدو قال رداً على ملين: "لا شك في أن يوم 14 شباط 2005 كان مهماً وخطيراً على لبنان وعلى المنطقة برمتها وعلينا كوسائل اعلام. كنا مضطرين الى متابعة ذلك الحدث ومواكبة ذلك الزلزال بقوة. وهذا ما فعلناه. كنت في مكتب القنطاري يومذاك. وكان الانفجار قوياً. ذهبت والشاهد رقم 7 وتقدمنا الى قرب منزل جنبلاط القريب منا ولم نعثر على آثار انفجار، وكان واضحاً الدخان صوب البحر. ومشينا الى مكتب وسط بيروت. وكنت منشغلاً بتغطية الحادث مثل كل القنوات.
وتلقى مكتب الجزيرة اتصالاً على الخط الثابت لتبني المسؤولية. وأجابت الشاهدة رقم 6 ثم استكملت انا. ان قناة العربية كانت اول من أعلن خبر استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وأعلنه عبر شاشتنا النائب السابق فارس سعيد خلال التغطية المباشرة. اما انا فلم يثبت لي انه قتل الا بعدما شاهدت اعلاناً على قناة المستقبل. كان تم الاعلان عن مقتل الحريري عندما تلقى المكتب الاتصال الاول عن تبني المسؤولية بعد ساعة او ساعة وربع ساعة. في اللحظات الاولى لم استطع ان اصدق لماذا يستهدف الحريري، وكيف ينجحون في استهدافه نظراً الى معرفة الجميع ان موكبه محصن".
وعن الاتصال الاول لتبني المسؤولية قال انه لاحظ الموظفة في المكتب رقم 6 تكتب، "وهي ليست صحافية وغير معنية بهذه المسائل، فاقتربت منها واعطتني الهاتف واستمعت الى ما قاله ذلك الشخص لاول مرة، وكتبته. لقد تحدث عن تبني اغتيال الرئيس الحريري، لكنني لم احتفظ بتلك الملاحظات، نظراً الى الاجواء التي كنا نعمل فيها وما كنا نعانيه. كنا نتعامل بشكل سريع مع الحدث ولم اوثق شيئاً، وان كانت لدي اوراق ربما سلمتها الى أوّل جهة حققت معي اي بيتر فيتزجيرالد. وعندما كان يتحدث ذلك الرجل على الهاتف معي، انا كنت انقل في اختصار سريع. كان هناك تبنّ صريح لاغتيال الحريري من "النصرة والجهاد في بلاد الشام". ولاول مرة كنا نسمع بهذه المنظمة. وبكل صراحة لم آخذ الموضوع على محمل الجد في البداية، بدليل انني لم اتصل فوراً بمركز القناة في الدوحة. ولم اعلن ما تلقيته الا بعد وقت عندما اتصلت بي قناة الجزيرة، وكنت مباشرة على الهواء لافيد بآخر المعطيات، وبينها الاشارة الى اننا تلقينا اتصالاً من جهة مجهولة سميتها. سمعت ضجيجاً خلال الاتصال ربما بسبب رداءته. وانا لم اتكلم معه انما اخذنا الهاتف، وكنت انقل ما يقوله، وذلك لدقيقة أو دقيقة ونصف دقيقة كحد اقصى. ولغته لم تكن عربية سليمة، بل ركيكة. واعتقد انه كان يملي علينا ما هو مكتوب. وطريقة كلامه لم تكن عربية كما احدثك الآن. الخلاف كان كبيراً بين المكالمة الاولى والاتصالين الثانيين".
وأيد ما قاله لفيتزجيرالد سابقاً ان لغة المتصل الاول ركيكة جداً وقريبة من باكستان او افغانستان، او لغته الاساسية الانكليزية. وكان الفرق كبيراً بينه وبين من اتصلوا بي لاحقاً، وليست بعيدة من الذين كنا نسمعهم على مدى سنوات على شاشاتنا العربية. هذا كان استنتاجي عن تلك اللهجة. هي اشارات تقريبية وليست تأكيدية انه افغاني او هندي او بريطاني او باكستاني. لا استطيع ان اجزم. ما اجزمه ان لغته لم تكن سليمة. ولا اعرف ان كان لبنانياً او غيره. ولكنه لم يكن يحسن القراءة والحديث بلغة عربية وبالفصحى. ومن اتصل بي كانوا ثلاثة اصوات. الثاني والثالث كانا عربيين". ورفعت الجلسة الى اليوم.
|