تتواصل المعارك في مدينة حلب في شمال سوريا بين قوات النظام ومجموعات غالبيتها العظمى اسلامية بينها "جبهة النصرة"، بعد هجومين استهدفا مركزين عسكريين استراتيجيين في غرب المدينة التي دمرتها سنوات طويلة من النزاع. ومع اشتداد القتال في حلب ، نشرت تركيا قوات إضافية وعتادا على امتداد جزء من حدودها مع سوريا، لكن رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو قال إنه لا خطط فورية لأي تدخل عسكري.
ويشن تجمع من القوى العسكرية يضم "جبهة النصرة" وفصائل مقاتلة غالبيتها اسلامية منذ ليل الخميس هجوما على حي جمعية الزهراء الاستراتيجي في حلب، بينما بدأ تجمع آخر هجوما على مركز البحوث العلمية جنوب جمعية الزهراء. وتحدث "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له، عن تقدم للمقاتلين في المكانين. وفي ريف دمشق، يشهد المدخل الشرقي لمدينة الزبداني اشتباكات بين فصائل المعارضة وقوات النظام يدعمها مقاتلو "حزب الله" ومسلحون.
وقال المرصد: "ارتفع إلى 56 عدد البراميل المتفجرة التي ألقاها الطيران المروحي على مناطق في مدينة الزبداني ومحيطها، إضافة الى تنفيذ طائرات النظام الحربية 34 غارة على مناطق في المدينة وأطرافها ومحيطها، كما قصفت قوات النظام بقذائف عدة مناطق في الطريق لتي تصل بلدتي بيت سوى وحمورية بالغوطة الشرقية، مما أدى الى سقوط عدد من الجرحى".
في غضون ذلك، قتل خطيب مسجد في مدينة التل بريف دمشق جراء انفجار عبوة تحت المنبر خلال صلاة الجمعة. وأعلن التلفزيون السوري "استشهاد خطيب الجامع الكبير في مدينة التل في ريف دمشق الشيخ سلمان افندي جراء انفجار عبوة ناسفة وضعها ارهابيون تحت منبر المسجد بعد صلاة الجمعة". وأكد المرصد حصول الحادث.
الى ذلك، أفاد المرصد السوري أن عشرة قتلى على الأقل سقطوا من أفراد "جبهة النصرة" في انفجار استهدف مسجدا في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا . وقال إن الانفجار حصل في مدينة أريحا بينما كان أفراد من "جبهة النصرة" مجتمعين في المسجد للإفطار.
موسكو وفي ظل احتدام القتال، صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان المبادرة الروسية في شأن تشكيل تحالف لمكافحة تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) تخص جميع دول الإقليم، بما فيها سوريا جيشا ومعارضة مسلحة إلى الأكراد.
وقال في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع وزير الخارجية اللوكسمبورجي جان أسلبورن في موسكو: "اقترح الرئيس الروسي على جميع دول المنطقة توحيد جهودها. وهذا يخص سوريا أيضا، والجيش السوري والمعارضة السورية، بما في ذلك المعارضة المسلحة التي تدعو إلى الحفاظ على سوريا دولة موحدة ذات سيادة وطابع علماني دون أي مظاهر تطرف تضمن حقوقا متساوية لمختلف المكونات الإثنية والطائفية". وأضاف أن هذه المبادة تخص أيضا أكراد سوريا، ودولا أخرى بما فيها العراق وإيران وتركيا والسعودية. وشدد على أن "روسيا لا تحاول فرض مشاريع على أحد، لكنها ترى أن الخلافات والتناقضات الموجودة بين دول المنطقة تصرف اهتمامها عن المهمة الرئيسية المتمثلة في محاربة الإرهاب". وخلص الى أن "تصفية الحسابات بين الدول ليست من الأمور ذات الأولوية ويمكن تأجيلها ما دام الوضع يقتضي توحيد جهود الجميع لمحاربة الإرهاب".
ايران وفي ما بدا انه استجابة ايرانية للمبادرة الروسية، قال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في رسالة بالانكليزية وردت في موقع "يوتيوب" : "نحن جاهزون للتوصل الى اتفاق جيد ومتوازن لفتح آفاق جديدة لمواجهة التحديات المشتركة المهمة". ورأى ان "التهديد المشترك اليوم هو تصاعد الخطر المستشري للتطرف والهمجية".
حلب شنت القوات السورية غارات جوية كثيفة أمس على مواقع مقاتلي المعارضة في مدينة حلب الشمالية وحولها، لصد هجوم كبير قاده الإسلاميون على مناطق في المدينة تخضع لسيطرة قوات الرئيس بشار الأسد.
هاجم تجمع جديد من القوى العسكرية يضم "جبهة النصرة" وفصائل مقاتلة على حي جمعية الزهراء الاستراتيجي في مدينة حلب بشمال سوريا ليل الخميس - الجمعة، وتمكن من السيطرة على نقاط عدة لقوات النظام، وإن يكن التلفزيون السوري الرسمي بث ان الجيش أحبط الهجوم. وكان الهجوم الأعنف لمقاتلي المعارضة في حلب منذ ثلاث سنوات، واستهدف تعزيز نجاحات حققتها أخيراً جماعات، بينها تنظيم "الدولة الإسلامية" ومقاتلون يدعمهم الخصوم الإقليميون للنظام.
وقال مدير "المرصد السوري لحقوق الانسان" رامي عبد الرحمن الذي يتخذ لندن مقرا له: "شهدت مدينة حلب ليلة نارية جراء الاشتباكات والقصف المتبادل بين قوات النظام والفصائل لم تعرف لها مثيلا منذ دخول مقاتلي المعارضة اليها" صيف 2012.
وكان 13 فصيلاً أعلنت الخميس اطلاق "غرفة عمليات انصار الشريعة" من أجل "تحرير مدينة حلب وريفها"، ومن أبرز مكوناتها "جبهة النصرة" وفصائل مقاتلة، غالبيتها اسلامية بينها "حركة احرار الشام" و"جبهة انصار الدين" و"حركة مجاهدي الإسلام".
وقال عبد الرحمن: "تمكنت فصائل "غرفة عمليات انصار الشريعة" من التقدم الى اطراف حي جمعية الزهراء حيث مقر فرع المخابرات الجوية، والسيطرة على مبان عدة" في غرب مدينة حلب، و"وقعت معارك عنيفة استمرت طوال الليل حتى ساعات الصباح بين مقاتلي الفصائل وقوات النظام مدعوما من حزب الله اللبناني ومسلحين عند اطراف الحي وعلى محوري الخالدية والاشرفية في شمال وشمال غرب حلب وعند خطوط التماس الفاصلة بين الاحياء الخاضعة لسيطرة النظام وتلك التي تسيطر عليها فصائل المعارضة". وأسفرت الاشتباكات بين الجانبين ليلاً، إضافة الى الغارات الجوية التي استهدفت مواقع الفصائل، عن سقوط 35 مقاتلاً معارضاً على الاقل، فيما قتل وجرح العشرات في صفوف قوات النظام من دون توافر حصيلة محددة.
وقتل تسعة مدنيين منذ الخميس جراء سقوط مئات القذائف على احياء خاضعة لسيطرة قوات النظام مصدرها مواقع المعارضة. وفي المقابل، ذكر التلفزيون السوري ان "الجيش أحبط محاولات تسلل المجموعات الارهابية على محاور عدة في حلب".
لكن كريم عبيد من "مركز حلب الاعلامي" الذي يضم ناشطين في المدينة قال: "بدأ الهجوم باستهداف نقاط تمركز قوات النظام في كتيبة الدفاع (مقر المخابرات) بصواريخ محلية الصنع، قبل تسلل المقاتلين الى داخل الكتيبة وخوضهم اشتباكات عنيفة استمرت حتى الصباح"، موضحا أن "اهمية هذا الحي انه يضم كتيبة للدفاع للجوي وكتيبة مدفعية تتولى القصف باستمرار على الاحياء السكنية الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة وقرى وبلدات ريف حلب الشمالي والغربي"، وأن السيطرة عليه قد "تؤمن الطريق الدولي الذي يصل بين حلب ومدينة غازي عينتاب التركية".
وتستخدم فصائل المعارضة هذا الطريق للتنقل وللامداد من تركيا الى مناطق سيطرتها في ريف حلب وفي القسم الشرقي من المدينة. الى ذلك، تضع السيطرة على الحي الاحياء الغربية التي يسيطر عليها النظام، في مرمى نيران المعارضة. وحاولت فصائل المعارضة خلال السنتين الاخيرتين اقتحام الحي مرات عدة آخرها في نيسان الماضي.
وتشهد المدينة معارك مستمرة منذ اكثر من سنتين، وتسيطر قوات النظام على الاحياء الغربية، فيما تسيطر فصائل المعارضة على الاحياء الشرقية التي تتعرض منذ كانون الاول 2013، لقصف منتظم بالبراميل المتفجرة، والطيران الحربي مما أوقع آلاف القتلى، وأثار تنديدا دوليا. وخلال السنة الاخيرة، وبعد حيازة الكتائب المعارضة اسلحة اكثر تطورا، باتت الاحياء الغربية هدفاً لقذائفهم وصواريخهم الصغيرة القريبة من صواريخ "غراد".
الزبداني وفي ريف دمشق، شهد المدخل الشرقي لمدينة الزبداني اشتباكات بين فصائل المعارضة وقوات النظام يدعمها مقاتلو "حزب الله" ومسلحون. وأفاد عبد الرحمن ان "الاشتباكات اندلعت ليلا بعد هجوم لمقاتلي المعارضة على حاجز الشلاح شرق المدينة ومقتل خمسة من عناصره"، وأن "الطيران الحربي التابع للنظام شن اكثر من 20 غارة على المدينة والقى نحو 44 برميلا متفجرا، مما أدى الى مقتل ثلاثة مقاتلين معارضين".
وتعد مدينة الزبداني واحدة من آخر المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة، وخصوصاً بعد العملية المشتركة بين الجيش السوري ومقاتلي "حزب الله "في منطقة القلمون والتي حصلت في حزيران الماضي ونجحت في ابعاد الفصائل المقاتلة عن الحدود اللبنانية.
وكانت الزبداني تشكل قبل بدء النزاع ممرا للتهريب بين البلدين، وهي من أولى المدن التي انتفضت على النظام منتصف آذار 2011، وباتت تحت السيطرة الكاملة لفصائل المعارضة منذ اواخر 2013.
تركيا في غضون ذلك، صرح رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو بأن بلاده لا تنوي شن عملية عسكرية بين ليلة وضحاها في سوريا لحماية حدودها. وقال في مقابلة تلفزيونية: "تركيا لن تنتظر حتى الغد في حال وجود تهديد لأمنها الداخلي"، ولكن في ضوء الوضع الحالي "ليس التدخل العسكري الاحادي مطروحا،... لن ننجر ابدا الى مغامرة فليطمئن شعبنا".
وأكدت مصادر أمنية أن تركيا نشرت قوات إضافية وعتادا على امتداد جزء من حدودها مع سوريا مع اشتداد القتال شمال حلب. وأثارت أنقرة مسألة إقامة "منطقة آمنة" داخل الأراضي السورية بسبب مخاوف من تقدم الأكراد السوريين ووجود مقاتلي "الدولة الإسلامية"، إلى احتمال تدفق موجة جديدة من اللاجئين الفارين من الصراع.
ونسبت "رويترز" الى مسؤول تركي كبير أن أنقرة غير مرتاحة الى وجود مقاتلي "الدولة الإسلامية" هناك، ولا الى احتمال سيطرة القوات الكردية على الحدود تماما. وقال إن الطريق بين تركيا وحلب مهم، وأنقرة ستتحرك إذا سيطرت القوات الكردية على جرابلس، وهي بلدة سورية غرب نهر الفرات على الجانب الآخر من الحدود من بلدة كاركاميس التركية.وأضاف: "أرسل جنود كثيرون حاليا إلى منطقة الحدود. يوضح هذا إصرار تركيا. لكن هذه ليست قطعا استعدادات لعبور الحدود" إذ لا خطة لدخول سوريا من جانب واحد.
وقال مسؤول تركي آخر إن ثمة مخاوف أيضا من تدفق نحو مليون مهاجر آخرين على تركيا نتيجة للاشتباكات في سوريا، لذلك "ثمة حاجة الى منطقة آمنة على الجانب السوري من الحدود لهذا السبب. نناقش هذا مع شركائنا". في غضون ذلك، فجر مسلحون عبوة ناسفة زرعوها في الجامع الكبير في مدينة التل السورية بريف دمشق، مما أدى إلى مقتل إمام الجامع الشيخ سليمان الافندي وإصابة عدد من المصلين. |