الرباط - محمد الأشهب - طرابلس – علي شعيب بدا أن «المسودة الرابعة» للحل السياسي للأزمة الليبية التي قدمتها الأمم المتحدة إلى أطراف الحوار، تتجه إلى الاصطدام برفض مجلس النواب (البرلمان) المنعقد في طبرق. أتى ذلك في وقت كان يفترض بالمشاركين في جولة الحوار في مدينة الصخيرات المغربية، أن ينتقلوا إلى برلين للقاء وزراء خارجية الدول المعنية بالأزمة، لكن النائب في البرلمان طارق الجروشي أبلغ وكالة «رويترز» أمس، أن المجلس استدعى ممثليه في الحوار لمناقشة بنود المسودة «ومنعهم من السفر إلى برلين» للاجتماع مع ممثلي الدول الكبرى المعنية بالأزمة الليبية.
وأكد ناطق باسم رئيس البرلمان عقيلة صالح لـ «الحياة» أمس، نبأ استدعاء المجلس فريقه للتفاوض، «لمناقشة المسودة وليس رفضها»، لكن الجروشي قال لـ «رويترز» إن المجلس «رفض اقتراح الأمم المتحدة».
وأوضحت مصادر مطلعة لـ «الحياة»، أن البرلمان يتحفظ عن بند في المسودة يلحظ تعيين 90 عضواً في المؤتمر الوطني العام (المنتهية ولايته) في مجلس أعلى للدولة أسندت إليه بعض الصلاحيات الاشتراعية، ما يتضارب مباشرة مع اعتبار البرلمان «الهيئة الاشتراعية الوحيدة في البلاد».
ويستند مشروع الحل الدولي إلى ثلاثة هياكل للسلطة، أهمها حكومة وفاق وطني يتم تشكيلها بعد إبرام الاتفاق لتنهي انقسام السلطات، ومجلس نواب منتخب، إضافة الى تشكيل مجلس أعلى للدولة يضم 120 عضواً.
وقال أحد المصادر لـ «الحياة» إن معارضي المسودة في طبرق يعتبرون أن «الدور المنوط بالمجلس الأعلى للدولة سيجعله منافساً قوياً للبرلمان المنتخب، ما يشكل انتقاصاً لشرعيته ويضعفه ويدخل البلاد في متاهات وصراعات طويلة».
ويأتي ذلك في وقت دعت الأمم المتحدة أطراف النزاع في ليبيا إلى الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات أو قرارات تتعارض مع بنود المسودة التي سلمها المبعوث الدولي برناردينو ليون إلى المشاركين في الحوار في منتجع الصخيرات في المغرب مساء الإثنين. ووصفت الأمم المتحدة المسودة بأنها الفرصة الأخيرة للحل.
وتوقع مراقبون في ليبيا صعوبات، لجهة العثور على شخصية مقبولة من كل الأطراف لتولي رئاسة حكومة وفاق وطني يكون مقرها في طرابلس، وتتولى السلطة التنفيذية لمرحلة انتقالية جديدة مدتها سنة.
ويفترض أن تشرف هذه الحكومة على إعادة تشكيل الجيش وانسحاب الميليشيات من المدن، وتضع يدها على المعتقلات والسجون وتؤمّن عودة النازحين الى ديارهم.
في غضون ذلك، دارت اشتباكات عنيفة بين القوات التابعة لسلطات طرابلس، ومسلحي تنظيم «داعش» الذين احتلوا محطة للكهرباء غرب مدينة سرت. وابلغ «الحياة» محمد الزادمة آمر «غرفة عمليات سرت»، أن «المعارك على أشدها» مع مسلحي التنظيم، الذين سيطروا على «محطة الخليج البخارية»، ما انعكس سلباً على إمدادات الكهرباء في المنطقة. وأكد الزادمة مقتل ثلاثة جنود ليبيين من القوات التي تتبع رئاسة الأركان في طرابلس.
وأصدر «داعش» بياناً ورد فيه: «قام جنود الخلافة باقتحام المحطة البخارية التي يتخذها مرتدو فجر ليبيا مقراً لهم غرب مدينة سرت، من عدة محاور وبأنواع الأسلحة كافة، ثم السيطرة عليها بحول الله وقوته، وبهذا أصبحت مدينة سرت محررة بالكامل».
الحوار الليبي يختتم في المغرب وعوائق أمام انتقاله إلى برلين
واصلت وفود أطراف النزاع الليبي مفاوضاتها في مدينة الصخيرات المغربية بحضور مبعوث الأمم المتحدة برناردينو ليون قبل زيارة مقررة لبرلين للقاء قادة دوليين، غداة دعوة من مجموعة السبع إلى «قرارات جريئة» لإخراج البلاد من الفوضى. وعلى رغم إعلان ليون أن الطرفين الليبيين ردا بشكل «إيجابي» على آخر مسودة اتفاق عرضتها المنظمة الدولية أمس لإخراج البلاد من الفوضى، فإن تحفظات برزت في اللحظات الأخيرة على هذه المسودة التي تعتبر الرابعة، لدى مجلس النواب المنتخب الذي يتخذ من طبرق (شرق) مقراً له. وأفيد بأن المجلس استدعى ممثليه في الحوار لمناقشتهم قبل توجههم إلى برلين.
وقال ليون للصحافيين في الصخيرات: «وزعنا كما لاحظتم مسودة اتفاق جديدة. كل ما يمكنني قوله حالياً أن رد الفعل كان إيجابياً» في إشارة إلى المسودة الرابعة الهادفة خصوصاً إلى إبرام اتفاق حول تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا. ومساء الإثنين، تسلم المفاوضون عن برلماني ليبيا المتنازعين في مستهل جولة التفاوض الجديدة في منتجع الصخيرات القريب من الرباط، مشروع اتفاق جديد، على أمل إبرام تشكيل حكومة وحدة قبل رمضان (17 حزيران الجاري).
وصباحاً، اجتمع كل وفد على حدة مع مبعوث الأمم المتحدة. وأفاد الناطق باسم بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا سمير غطاس، بأن الوفود ستتوجه بعد مؤتمر ليون الصحافي «جميعاً إلى برلين للقاء قادة دول أوروبية ودول أعضاء في مجلس الأمن» من دون تفاصيل إضافية. وأفادت وكالة الأنباء المغربية بأن هذا الاجتماع سيعقد «بحضور وزراء خارجية دول أعضاء في مجلس الأمن».
ودعت دول مجموعة السبع في ختام قمتها في ألمانيا الإثنين، الوفود المتفاوضة إلى اتخاذ «قرارات سياسية جريئة» وإبرام «اتفاق سياسي».وتسعى الأمم المتحدة منذ أشهر، للتوصل إلى تسوية تجيز تشكيل حكومة وفاق وطني. وبات هدف مبعوثها التوصل إلى اتفاق قبل رمضان.
ومساء الإثنين، تسلم المفاوضون مشروع اتفاق رابع يتضمن «آخر ملاحظات الأطراف» بحسب بعثة الأمم المتحدة في ليبيا. ويفترض أن ينقل كل من الوفدين الاقتراحات إلى برلمانه قبل العودة إلى المغرب، حيث المأمول إبرام اتفاق «في مطلع الأسبوع المقبل» كما قال ليون.
وكان ليون خاطب المتحاورين بالقول مساء الإثنين: «اليوم تتجه أنظار الشعب الليبي إليكم، مع الأمل بان يؤدي عملكم إلى إسكات الأسلحة. إنكم قادرون على تجنيب الليبيين مآسي أخرى».
ونشرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا مسودة الاتفاق الأخيرة على موقعها وتتكون من 69 مادة تنص خاصة على تشكيل حكومة وفاق لمدة سنة، وتعيين رئيس وزراء أمامه مهلة شهر لطرح تشكيلة حكومته على البرلمان.
وأعلن ليون الأسبوع الماضي، استعداد الأمم المتحدة لاقتراح أسماء الشخصيات الليبية التي يمكن أن تشارك في حكومة الوفاق، سرعان ما يتم التوصل إلى اتفاق. وكانت الأمم المتحدة أكدت الجمعة، أن المحادثات وصلت إلى «مرحلة محورية» ودعت «كل الأطراف إلى تحمل مسؤولياتها أمام التاريخ»، مذكرة «بعدم وجود أي حل عسكري». وأعرب مسؤولون من مصر والجزائر وإيطاليا في اجتماع الأحد في القاهرة، عن تأييدهم الوساطة التي يجريها المبعوث الدولي. وتخشى مصر من خطر الجماعات المسلحة الجهادية التي تسيطر على جزء من شرق ليبيا، ولا سيما تلك المرتبطة بتنظيم «داعش»، على حدودها الغربية، بما قد يجبرها على فتح جبهة ثانية في حين يواجه الجيش المصري في سيناء (شرق) جماعة ناشطة أعلنت مبايعة التنظيم الإرهابي.
واستغل «داعش» الفوضى السائدة لترسيخ وجوده في ليبيا، وتمكن في أواخر أيار (مايو) الماضي، من السيطرة على مطار سرت الدولي (وسط).
|