في عرض للقوة من شانه تصعيد الحرب الدائرة حاليا، اطلق
المتمردون الحوثيون صاروخ "سكود" على الاراضي السعودية قبل ايام من محادثات السلام المقرر عقدها في جنيف
مع النظام المنفي المدعوم من السعودية. وترافق ذلك مع هجمات واسعة النطاق للمتمردين الحوثيين على
السعودية ردا على تكثيف الغارات الجوية التي تستهدفهم.
واطلق المتمردون
الحوثيون وحلفاؤهم من العسكريين الذين بقوا موالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح قبل فجر السبت صاروخ
"سكود" على جنوب السعودية، المنطقة التي سبق ان تعرضت الجمعة لهجوم على جبهات عدة. الا ان القوات
السعودية اعترضت الصاروخ، بحسب ما ذكرت وكالة الانباء السعودية "واس".
ونقلت
الوكالة بيانا صادرا عن قيادة القوات المشتركة للتحالف العربي الذي تقوده السعودية، جاء فيه "في الساعة
2,45 من صباح اليوم السبت أطلقت ميليشيات الحوثي و(الرئيس السابق) المخلوع علي عبدالله صالح صاروخ سكود
باتجاه مدينة خميس مشيط (جنوب غرب السعودية)، وتم بحمد الله اعتراضه من قبل قوات الدفاع الجوي الملكي
السعودي بصاروخي باتريوت".
وتضم المنطقة أكبر قاعدة لسلاح الجو في جنوب
السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم لكن لا توجد منشآت نفطية بالمنطقة. وأكدت قناة "المسيرة"
التلفزيونية التابعة للحوثيين إطلاق الصاروخ وقالت إنه استهدف قاعدة الأمير خالد
الجوية. واضاف بيان التحالف العربي "ان القوات الجوية للتحالف بادرت، في الحال، بتدمير منصة
إطلاق الصواريخ التي تم تحديد موقعها جنوب صعدة" معقل الحوثيين في شمال اليمن، من دون مزيد من
التفاصيل.
والهجوم هو بحسب وسائل اعلام سعودية الاول بهذا الحجم منذ بدء حملة
الضربات الجوية للتحالف العربي بقيادة السعودية على المتمردين الحوثيين وحلفائهم في
اليمن. ووضع التحالف على راس اولويته تدمير القدرات الصاروخية للحوثيين
وحلفائهم. الا ان الناطق باسم التحالف العميد الركن أحمد عسيري صرح لقناة "العربية" بان
ميليشيات الحوثي والرئيس السابق علي عبد الله صالح كانوا يملكون ما يقارب 300 صاروخ
"سكود". وقال ان إطلاقهم لصاروخ واحد بعد مضي 70 يوما على بدء العمليات العسكرية تجاه
السعودية "يدل على نجاح قوات التحالف في تدمير الكثير من الصواريخ التي يملكونها"، مؤكدا أن قوات
التحالف لا تستبعد أن تعاود الميليشيات إطلاق صواريخ.
واسفرت المعارك التي تلت
هذا الهجوم صباح امس عن مقتل اربعة عسكريين سعوديين بينهم ضابطان اضافة الى عشرات القتلى في الجانب
اليمني كما اعلنت قيادة التحالف في بيان. وجاء في بيان لقيادة القوات المشتركة نشرته وكالة
الانباء السعودية "تمكنت قواتنا المسلحة السعودية اليوم من صد هجوم على محاور عدة بقطاع جيزان ونجران من
الجانب اليمني اتضح أنه منسق ومخطط ومنفذ من قبل تشكيل للحرس الجمهوري التابع لقوات الرئيس اليمني
المخلوع علي عبدالله صالح وبمساندة من ميليشيا الحوثي".
وكانت مقاتلات التحالف
بقيادة السعودية قصفت خلال الليل الفائت مواقع عسكرية عدة ومواقع للمتمردين في شمال اليمن بما في ذلك
العاصمة صنعاء وايضا في الجنوب. واستهدفت الغارات مخازن للاسلحة والذخيرة في جبل نقم وفج عطان
والنهدين وهي ثلاث تلال مطلة على صنعاء تعرضت لهجمات مرارا في السابق، وكذلك مقر قيادة القوات الخاصة ما
ادى الى انفجارات عنيفة هزت طوال الليل العاصمة صنعاء. وافاد شهود ان طيران التحالف استأنف
قصف مخازن الأسلحة التابعة لميليشيات الحوثي والرئيس السابق صالح في معسكر الحفا جنوب شرق صنعاء كما
شوهد تحليق كثيف للطيران في سماء صنعاء.
وفي محافظة حجة بشمال اليمن أكد مصدر
في السلطة المحلية أن عشرات القتلى والجرحى من ميليشيات الحوثي وقوات صالح سقطوا في قصف طائرات التحالف
لرتل عسكري في مثلث عاهم الحدودي مع المملكة العربية السعودية بمنطقة حرض في محافظة
حجة. وتدخلت قوات التحالف ايضا في محافظات جنوبية بينها لحج حيث قصفت قاعدة العند الجوية
الاكبر في البلاد والتي يسيطر عليها المتمردون.
ويأتي هذا التصعيد في وقت وافق
الحوثيون الجمعة على المشاركة في مفاوضات مع الحكومة في جنيف بمبادرة من الامم المتحدة في مسعى لانهاء
الحرب في هذا البلد الفقير في شبه الجزيرة العربية.
ولم يحدد اي موعد رسمي
لهذه المحادثات لكن دبلوماسيين في نيويورك افادوا انها ستبدأ في 14 حزيران. والهدف منها كما قال هؤلاء
هو وقف اطلاق النار ووضع خطة انسحاب للمتمردين من المناطق التي سيطروا عليها وزيادة المساعدة
الانسانية.
ويطالب المتمردون بوقف الضربات الجوية للتحالف المستمرة منذ 26
اذار لاعادة سلطة الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي لجأ الى الرياض ولمنع هؤلاء المتمردين من السيطرة على
كامل البلاد. ولم يفصح علي عبدالله صالح حليفهم الاساسي عما اذا كان حزبه، المؤتمر الشعبي
العام، سيشارك في محادثات جنيف.
ما هي صواريخ سكود ولماذا لجأ الحوثيون إليها لضرب السعودية؟
المصدر: "CNN عربية" أثار إعلان السعودية عن لجوء الحوثيين والقوات التابعة للرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، إلى صواريخ سكود لضرب العمق السعودي فجر السبت الكثير من التحليلات حول هدف ودوافع الخطوة، إذ أنها أتت بعد أسابيع على بدء العمليات العسكرية التي تقودها السعودية ضد ميليشيات الحوثيين واقتصار رد الأخيرة على قصف عبر الحدود.
وتترافق خطوة إطلاق الصاروخ باتجاه السعودية مع الحديث قبل فترة طويلة عن تدمير شبه كامل لسلاح الجو والدفاعات الجوية اليمنية عبر الغارات التي استهدفت المرافق الجوية اليمنية خلال الأيام الأولى من الضربات، ما اضطر القوات الموالية للحوثيين وصالح للجوء إلى خيار الصواريخ لإحداث أضرار في الأراضي السعودية.
ويعتبر صاروخ سكود من بين الأسلحة التكتيكية التي صممها الاتحاد السوفيتي السابق في فترة الحرب الباردة، وقد دخل في الخدمة الفعلية بنهاية العقد الخامس من القرن الماضي، ولكنه خضع لعملية تطوير كبيرة اعتبارا من مطلع العقد السادس، ما مكنه من حمل كميات كبيرة من المتفجرات أو حتى الرؤوس الحربية غير التقليدية.
ويتجاوز طول الصاروخ 11 مترا، ويعتمد على محرك يعمل بالوقود السائل وهو أسرع من الصوت بعدة مرات.
طور الاتحاد السوفيتي عدة أجيال من هذا الصاروخ، أولها "سكود A" الذي استند تصميمه إلى صواريخ مماثلة كانت بحوزة ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، ويصل مدى ذلك الصاروخ إلى 270 كيلومتر، وكان الهدف منه تأمين القدرة على استهداف مناطق في أوروبا بالرؤوس النووية.
أما صاروخ "سكود B" الذي ظهر بعد ذلك بسنوات فكان النموذج الأكثر نجاحا، وانتشر على نطاق واسع في الكثير من الدول التي كانت ترتبط بعلاقات تحالف مع موسكو، ويوسع الصاروخ حمل رؤوس نووية وكيماوية، ويصل مداه إلى 300 كيلومتر.
وطور الاتحاد السوفيتي بعد ذلك صاروخ "سكود C" الذي واجه مصاعب كثيرة، إذ أن ازداد مداه العام، ولكن على حساب قدرته التدميرية ودقته، ودفع ذلك موسكو إلى تطوير نموذج رابع هو "سكود D" الذي تعثر بدوره مع التطورات الكبيرة التي شهدتها الصناعات العسكرية العالمية، ما قلل من أهميته.
واستخدم الصاروخ على نطاق واسع في العديد من العمليات العسكرية، وخاصة خلال الحرب العراقية الإيرانية، ومن ثم لجأ إليها الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، خلال حرب الخليج، لتوجيه ضربات إلى إسرائيل، كما عمد العقيد الليبي، معمر القذافي، إلى استخدامها بمواجهة الثوار.
وتعتبر كوريا الشمالية من بين أبرز الدول التي تواصل تطوير صواريخ سكود، ويعتبر صاروخ "روندونغ" النموذج الأبرز الذي صنعته بيونغ يانغ، استنادا إلى طراز "سكود D" وقد أدخلت عليه الكثير من التحسينات بهدف تأمين القدرة على الوصول إلى أهداف بعيدة.
ولا يعرف على وجه التحديد عدد صواريخ "سكود" التي يمتلكها الجيش اليمني وكم منها بات بحوزة الحوثيين، غير أن السعودية استثمرت طويلا في أنظمة الصواريخ الدفاعية منذ فترة المواجهة العسكرية مع نظام الرئيس العراقي الراحلن صدام حسين، ولديها بالتالي الكثير من القدرات على هذا الصعيد. |