تصدر محكمة جنايات القاهرة اليوم حكمها في قضيتي «اقتحام السجون» إبان الثورة و «التخابر مع منظمات وجهات أجنبية»، المتهم فيهما الرئيس السابق محمد مرسي وعدد كبير من قيادات جماعة «الإخوان المسلمين» والتنظيم الدولي للجماعة، إضافة إلى حركة «حماس» الفلسطينية و «حزب الله» اللبناني وجماعات جهادية.
وكانت المحكمة أحالت أوراق مرسي و106 متهمين آخرين على المفتي لاستطلاع رأيه في الحكم بإعدامهم في قضية «اقتحام السجون»، وأحالت 16 متهماً من قيادات وأعضاء «الإخوان»، بينهم مرسي، على المفتي أيضاً لاستطلاع رأيه في إعدامهم في قضية «التخابر».
ويتصدر قائمة المحالين على المفتي في القضيتين مرسي ومرشد «الإخوان» محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر وقادة الجماعة عصام العريان ومحمود عزت ومحمد البلتاجي وصلاح عبدالمقصود وسعد الكتاتني ورشاد البيومي ويوسف القرضاوي.
وكانت المحكمة نظرت في كل من القضيتين على حدة، إذ بدأت أولى جلسات قضية «اقتحام السجون» في 28 كانون الثاني (يناير) 2014، في حين بدأت جلسات قضية التخابر في 16 شباط (فبراير) من العام نفسه. وعقدت المحكمة جلسات متعاقبة للنظر في القضيتين استمعت خلالها إلى النيابة العامة والمتهمين وهيئة الدفاع عنهم وفضت الأحراز وشاهدتها.
ويحاكم في قضية «اقتحام السجون» 131، يتقدمهم مرسي وعدد من قيادات جماعة «الإخوان»، منهم 27 متهماً محبوسين بصفة احتياطية، في حين يحاكم المتهمون المتبقون بصورة غيابية باعتبارهم فارين. ومن أبرز المتهمين الفارين في القضية يوسف القرضاوي ووزير الإعلام السابق صلاح عبدالمقصود ونائب مرشد «الإخوان» محمود عزت والقيادي في تنظيم «القاعدة» رمزي موافي، والقيادي في «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» أيمن نوفل، والقياديان في «حزب الله» محمد يوسف منصور وشهرته «سامي شهاب»، وإيهاب السيد مرسي وشهرته «مروان»، وكلاهما محكوم في نيسان (أبريل) 2010 بالسجن المشدد لمدة 15 سنة و10 سنوات على التوالي، في قضية «الخلية الإرهابية لحزب الله».
وتضم قضية «التخابر» 21 متهماً محبوساً بصفة احتياطية على ذمة القضية، يتقدمهم مرسي وكبار قيادات «الإخوان»، على رأسهم بديع وعددٍ من نوابه وأعضاء مكتب إرشاد الجماعة وكبار مستشاري الرئيس السابق، علاوة على 16 متهماً آخرين فارين.
وأسندت النيابة العامة إلى المتهمين تهم «التخابر مع منظمات أجنبية خارج البلاد، بغية ارتكاب أعمال إرهابية داخل البلاد، وإفشاء أسرار الدفاع عن البلاد لدولة أجنبية ومن يعملون لمصلحتها، وتمويل الإرهاب، والتدريب العسكري لتحقيق أغراض التنظيم الدولي للإخوان، وارتكاب أفعال تؤدي إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها».
من جهة أخرى، أرجأت محكمة جنايات القاهرة أمس إلى جلسة الخميس المقبل إعادة محاكمة صحافيين في قناة «الجزيرة» القطرية في قضية اتهامهم بـ «التحريض على البلاد من خلال قناة الجزيرة الفضائية القطرية، واصطناع مشاهد وأخبار كاذبة وبثها عبر القناة». وجاء قرار الإرجاء للاستماع إلى مرافعة الدفاع عن المتهمين.
وطالب ممثل النيابة العامة المحكمة بتوقيع أقصى عقوبة مقررة قانوناً بحق المتهمين، مؤكداً أن «شبكة الجزيرة القطرية تبنت وجهة نظر جماعة الإخوان التي أرادت الانفراد بحكم البلاد وقصر مقدراتها على أعضاء الجماعة، وأذاع المتهمون أخباراً كاذبة عن عمد لمصلحة جماعة الإخوان بقصد الإضرار بالمصالح المصرية ورسم صور غير صحيحة عن حقيقة الأوضاع في البلاد».
وأشارت النيابة إلى أن المتهمين في القناة «أرادوا تزوير إرادة المصريين والتلاعب بعقولهم»، مؤكدة «مسؤوليتهم الكاملة عن المواد المذاعة التي كانت تستهدف تأجيج الأوضاع في البلاد عقب إطاحة الشعب المصري بحكم جماعة الإخوان».
وقالت إن «المتهمين مارسوا العمل الإعلامي من دون الحصول على الأذون التي حددها القانون ومن دون علم السلطات المختصة بتنظيم عمل الإعلام الأجنبي داخل الأراضي المصرية، واستأجروا غرفة في أحد الفنادق لاستخدامها مقراً لبث المواد الإعلامية التحريضية للقناة بالمخالفة للإجراءات القانونية المتبعة».
واعتبرت النيابة أن «المتهمين ارتكبوا مخالفات جسيمة للقواعد المهنية كافة المنظمة لمهنة الصحافة». وعرضت تقارير صحافية قالت إن المتهمين أذاعوها «بقصد رسم صورة مغايرة لحقيقة الأوضاع في البلاد، مثل الادعاء أن التفويض الذي دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي إبان توليه منصب وزير الدفاع إنما يستهدف قمع المعارضة وجماعة الإخوان، وكذا إفراد مساحات واسعة من التغطية الإعلامية لقيادات في جماعة الإخوان للحديث عن انهيار الاقتصاد المصري ودخوله في مرحلة ركود بسبب إزاحة جماعة الإخوان عن السلطة».
جدير بالذكر أن القضية تُعاد فيها محاكمة 7 متهمين بينهم صحافيون في قناة «الجزيرة» الناطقة بالإنكليزية، في ضوء حكم محكمة النقض بإلغاء الأحكام الصادرة بالإدانة من محكمة الجنايات الأولى وإعادة المحاكمة برمتها من جديد، إضافة إلى «إعادة إجراءات محاكمة» المتهمة نورا حسن البنا أبو بكر (فنانة تشكيلية)، التي ألقي القبض عليها أخيراً وسبق أن صدر بحقها حكم غيابي بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات.
وجاء حكم النقض قاصراً على المتهمين السبعة المحكوم عليهم الذين كانوا يقضون عقوبة السجن، إذ يحدد القانون إجراءات مغايرة بالنسبة إلى المتهم الفار المحكوم عليه الذي تعاد إجراءات محاكمته أمام محكمة الجنايات مباشرة عقب القبض عليه أو تسليمه نفسه.
وعاقبت محكمة الجنايات المتهمين الفارين جميعاً، وعددهم 11 متهماً حوكموا غيابياً، بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات، وعاقبت 7 متهمين محبوسين بصفة احتياطية على ذمة القضية بالسجن المشدد لمدة 7 سنوات، وعاقبت أحد المتهمين الصادر بحقهم عقوبة السجن المشدد 7 سنوات بعقوبة إضافية عن تهمة ثانية بحقه بالسجن لمدة 3 سنوات وتغريمه 5 آلاف جنيه، وبرأت متهمين اثنين آخرين.
ميدانياً، استهدف مسلحون مجهولون مساء أمس بقذيفة «آر بي جي» مئذنة مسجد في ضواحي مدينة الشيخ زويد، ما أدى إلى سقوط جزء منها. وضبطت حملة أمنية في المدينة 15 عبوة ناسفة «كانت معدة لاستهداف قوات الأمن لدى مهاجمتها أوكار مسلحين»، وفق مصدر أمني.
السيسي في برلين اليوم يواجَه بانتقادات حقوقية
القاهرة - أحمد مصطفى يبدأ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي اليوم زيارته الأولى إلى برلين حيث يلتقي المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس يواخيم جاوك ووزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير، فيما ألغى رئيس البرلمان نوربرت لامرت لقاء كان مقرراً مع السيسي احتجاجاً على «انتهاكات حقوق الإنسان».
وكانت برلين أعلنت أنها ستفتح ملف حقوق الإنسان خلال الزيارة، لا سيما أحكام الإعدام المتزايدة بحق قادة جماعة «الإخوان المسلمين». كما يتوقع أن يتطرق النقاش إلى ملف دمج «الإخوان» سياسياً، فيما سيسعى السيسي إلى تركيز المحادثات في ملفي مكافحة الإرهاب في المنطقة والتعاون الاقتصادي بين البلدين.
ووفقاً لبرنامج السيسي فإنه سيغادر القاهرة صباح اليوم متجهاً إلى الخرطوم لحضور مراسم تنصيب الرئيس عمر البشير، قبل أن يغادر العاصمة السودانية إلى برلين ليستهل الزيارة بلقاءات رسمية يبدأها بالرئيس جاوك، قبل الاجتماع مع ميركل التي يعقد مؤتمراً صحافياً في مقرها، ثم يختتم يومه بلقاء شتاينماير.
وسيكون اليوم الثاني للزيارة اقتصادياً بامتياز، إذ سيلقي السيسي كلمة الختام في الملتقى الاقتصادي الألماني - المصري، ثم يوقع أربعة اتفاقات في مجالات توليد الطاقة. ومن المقرر أيضاً أن يلتقي عدداً من كبار مسؤولي الشركات الألمانية، وعدداً من البرلمانيين، منهم زعيم كتلة اتحاد «الحزب الديموقراطي المسيحي» و «الحزب الاجتماعي المسيحي».
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن سفير مصر لدى برلين محمد حجازي أن «برنامج الزيارة سيكون حافلاً بالمواضيع السياسية والاقتصادية والاستثمارية، في ظل تطور الميزان التجاري بين مصر وألمانيا الذي يصل إلى 4.4 بليون يورو، وهو أعلى رقم له في العام الماضي».
وأشار وزير الصناعة منير فخري عبدالنور إلى أن السيسي سيشارك خلال زيارته في «أكبر منتدى اقتصادي لرجال الأعمال، بمشاركة نحو 300 رجل أعمال من ألمانيا إلى جانب 100 رجل أعمال من مصر»، مشيراً إلى أن «المرحلة المقبلة ستشهد تطوراً كبيراً في العلاقات الاقتصادية المصرية - الألمانية، ومصر تتطلع إلى الاستفادة من الخبرات الألمانية وزيادة مجالات التعاون في مجالات التكنولوجيا والصناعة والطاقة وغيرها».
واعتبر أن الزيارة «تمثل نقطة انطلاقة جديدة للتعاون المشترك في شتى المجالات، إذ تستهدف توسيع وتعميق العلاقات التجارية وزيادة حركة التجارة البينية بين البلدين وهناك فرص واعدة للاستثمار وإيجاد شراكات اقتصادية وتجارية قوية بين الجانبين خلال المرحلة المقبلة في ظل العلاقات المتميزة بين البلدين».
إلى ذلك، استقبل السيسي في قصر الاتحادية الرئاسي أمس مستشار مجلس الدولة الصيني للشؤون الخارجية يانغ جيتشي «على رأس وفد صيني رفيع المستوى»، بحسب الرئاسة المصرية. وأوضح الناطق باسم الرئاسة علاء يوسف أن الاجتماع الذي حضره وزير الخارجية سامح شكري «ناقش تطوير العلاقات الثنائية، وملفات المنطقة لا سيما مكافحة الإرهاب».
ونقل البيان الرئاسي تأكيد المسئول الصيني «تطلع الرئيس شي جين بينغ لإتمام زيارته إلى مصر في أقرب وقت ممكن، منوّهاً بالدور الحيوي الذي تقوم به مصر على صعيد الاستقرار الإقليمي، ومؤكداً دعم بلاده المساعي المصرية من أجل تعزيز دورها على الساحة الدولية».
ورحب السيسي بزيارة نظيره الصيني المرتقبة، معتبراً أن «من شأنها أن تدفع العلاقات بين البلدين إلى آفاقٍ أرحب». وأبدى إعجابه بالتجربة الصينية في التنمية، واعتبرها «نموذجاً يحتذى في التفاني والعمل الدؤوب والالتزام»، مشيداً بمستوى التعاون القائم بين الجانبين «في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، الأمر الذي يعكس عمق الروابط بين الشعبين والبلدين الصديقين».
وأوضح الناطق باسم الرئاسة أن اللقاء «بحث في عدد من الموضوعات الإقليمية والدولية، وبينها مكافحة الإرهاب وكذلك الجهود الدولية الرامية إلى إصلاح منظومة الأمم المتحدة، لاسيما مجلس الأمن، إذ أعرب الرئيس عن الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للعمل الدولي المتعدد الأطراف، مشدداً على استمرار تحمل مصر لمسؤولياتها تجاه تطوير دور الأمم المتحدة كي تتجاوب بصورة أكثر فاعلية مع التحديات العالمية الجديدة، وبما يضمن تحقيق الأهداف والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق المنظمة الدولية».
وناقش الاجتماع «آفاق التعاون الثنائي بين البلدين، ومن بينها مشاركة الشركات الصينية في مشاريع البنية التحتية والطاقة والإسكان، إضافة إلى البحث في فكرة إنشاء الجامعة الصينية في مصر وتعزيز التعاون السياحي والثقافي بين البلدين».
من جهة أخرى، تقرر أن يقود السيسي وفد بلاده المشارك في أعمال القمة الأفريقية المقررة في جنوب أفريقيا الشهر المقبل. وأكد سفير مصر لدى جنوب أفريقيا شريف نجيب امتلاك جنوب أفريقيا ومصر «رؤية مشتركة لمحاربة الإرهاب والعنف والتطرف، وأن جنوب أفريقيا تدعم الجهود المصرية لمكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار في أفريقيا والشرق الأوسط».
|