أحرز تنظيم "الدولة الاسلامية" في نهاية الاسبوع تقدماً جديداً في سوريا على حساب قوات النظام على جبهة، ومقاتلي المعارضة على جبهة اخرى، الامر الذي يعيد رسم خريطة النزاع المستمر منذ اكثر من اربع سنوات ويزيد تعقيداته. وفيما يضاعف هذا الواقع الميداني صعوبة حسم الوضع في البلاد، ووقت لا يلوح في الافق أي بريق أمل لحل سياسي قريب، لاحظ "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقرا له ارتفاعاً في عدد القتلى في المعارك، مع سقوط 6657 شخصاً خلال شهر أيار، غالبيتهم من قوات النظام والمقاتلين الجهاديين، في حصيلة شهرية هي الاعلى منذ مطلع السنة.
واستمرت أمس المعارك بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة وتنظيم "الدولة الإسلامية" من جهة اخرى في الريف الجنوبي الغربي لمدينة تدمر الاثرية، "وسط محاولات من التنظيم للتقدم في اتجاه بلدتي مهين والقريتين في ريف حمص"، كما أفاد المرصد.
وبعد يومين من مقتل العشرات في غارات بالبراميل المتفجرة شنتها قوات النظام على حلب، صرح رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" خالد خوجة أن طيران النظام السوري يعمل كغطاء جوي لدعم تقدم "الدولة الاسلامية" في حلب، وأن ما سقط على حلب حتى الآن من براميل متفجرة يعادل قنبلة نووية. ونقلت عنه قناة "العربية" الفضائية خلال مؤتمر صحافي "إن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية ما يحدث في سوريا "، داعياً في الوقت ذاته إلى إقامة مناطق آمنة في هذا البلد. ورأى خوجة أن النظام السوري هو من سلم مدينة تدمر الأثرية إلى تنظيم "داعش"، وأن المدينة تضم أكبر مخزون سلاح في سوريا.
ودعا رئيس هيئة الأركان في "الجيش السوري الحر" سليم إدريس "بقايا الجيش السوري" للانضمام إلي "الجيش السوري الحر".
شهر أيار الأكثر دموية في سوريا منذ مطلع السنة
قتل 6657 شخصاً في سوريا خلال شهر ايار، غالبيتهم من قوات النظام والمقاتلين الجهاديين، في حصيلة شهرية هي الاعلى منذ مطلع هذه السنة، فيما أحرز تنظيم "الدولة الاسلامية" في نهاية الاسبوع تقدماً جديداً في سوريا على حساب قوات النظام على جبهة، ومقاتلي المعارضة على جبهة اخرى، الامر الذي يعيد رسم خريطة النزاع المستمر منذ أكثر من أربع سنوات ويزيد تعقيداته.
أفاد "المرصد السوري لحقوق الانسان" الذي يتخذ لندن مقراً له ان 6657 شخصاً قتلوا في أيار الماضي، بينهم 1285 مدنياً، 272 منهم من الاطفال. واحصى مقتل 793 من مقاتلي المعارضة والاكراد السوريين، و2109 مقاتلين من "جبهة النصرة"، ذراع تنظيم "القاعدة" في سوريا وتنظيم "الدولة الاسلامية"، و2450 من أفراد قوات النظام والمسلحين الموالين لها و"حزب الله".
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن "حصيلة القتلى هذه هي الاعلى منذ بدء السنة الجارية في سوريا". وعلى رغم الخسائر الميدانية التي منيت بها قوات النظام السوري في الاسابيع الاخيرة على أكثر من جبهة، أبلغ مصدر أمني لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" ان "خريطة النزاع في سوريا تتبدل مع تبدل الوقت... ما تعيشه البلاد هو صوملة، فالجبهات مشتعلة في كل المناطق والوضع معقد وليس سهلا"، مضيفا أن "فكرة تقسيم سوريا من الامور التي ننظر اليها من ناحية الحرب النفسية، وهي لا تدخل في حساباتنا".
معارك واستمرت أمس المعارك بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة وتنظيم "الدولة الإسلامية" من جهة أخرى في الريف الجنوبي الغربي لمدينة تدمر الاثرية، "وسط محاولات من التنظيم للتقدم في اتجاه بلدتي مهين والقريتين في ريف حمص". وكان التنظيم الجهادي تمكن السبت من السيطرة على بلدة البصيري جنوب تدمر التي دخلها في 21 ايار. وتقع البصيري على مفترق طرق يؤدي الى دمشق جنوبا والى حمص غربا.
ويأتي التراجع الجديد للنظام بعد هزائم متتالية تعرض لها خلال الشهرين الأخيرين في محافظة حمص ووسطها على ايدي "الدولة الاسلامية" وفي محافظتي ادلب في شمال غربها ودرعا في جنوبها على أيدي فصائل المعارضة.
وعزز تنظيم "الدولة الاسلامية" من جهته مواقعه في منطقة واسعة ممتدة من تدمر في محافظة حمص الى محافظة الانبار العراقية في الجانب الآخر من الحدود، الامر الذي يمكنه من السيطرة على مساحة تقارب الـ300 الف كيلومتر مربع من الاراضي بين البلدين، استنادا الى الاختصاصي في الجغرافيا والخبير في الشؤون السورية فابريس بالانش، وعلى نصف مساحة الاراضي السورية.
وفي الشمال، وصل التنظيم الى مسافة كيلومترين تقريباً من مدينة الحسكة حيث يخوض معارك مع قوات النظام. وتحدث المرصد عن تفجير عنصر من تنظيم "الدولة الإسلامية" نفسه "بجرار زراعي وصهريج مفخخ على حاجز لقوات النظام والدفاع الوطني قرب مدينة الحسكة، مما أدى الى مقتل ما لا يقل عن تسعة عناصر على الحاجز وإصابة آخرين بجروح".
على جبهة اخرى في الشمال بمحافظة حلب، سيطر التنظيم الجهادي الاحد على بلدة صوران ومحيطها بعد معارك عنيفة مع مقاتلي المعارضة بما فيها "جبهة النصرة"، ذراع "القاعدة" في سوريا. وهو يحاول التقدم نحو بلدة مارع الواقعة على طريق امداد رئيسية لفصائل المعارضة نحو تركيا. وبات على مسافة عشرة كيلومترات تقريبا من معبر باب السلامة على الحدود التركية. وفي رأي مدير المرصد أن أحد أسباب "هذا الانهيار السريع لقوات النظام عدم القدرة على تعويض الخسائر البشرية الكبيرة التي يتكبدها"، موضحاً أن "هناك تخلفا كبيرا عن الالتحاق بالخدمة العسكرية. كما ان هناك شعورا متناميا في اوساط القوات المسلحة وقوات الدفاع الوطني الموالية لها برفض الدفاع عن مناطق لا يشارك أهلها في القتال"، في اشارة الى المناطق ذات الغالبية السنية اجمالا حيث "لا حاضنة شعبية" للنظام العلوي. وغالبا ما يعبر موالون للنظام في حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي عن هذا الشعور.
وقد أوردت صفحة "شبكة اخبار جبلة" (اللاذقية، معقل الطائفة العلوية التي يتحدر منها الرئيس السوري بشار الاسد) في موقع "فايسبوك" تعليقا في هذا الاطار جاء فيه: "التعبئة العامة لا يجب ان تقتصر على أهل الساحل السوريين الذين قدموا آلاف الشهداء والجرحى... انما للسوريين الموجودين في الساحل من كل المحافظات تحت اسم مهجرين وعددهم نحو مليون شاب"، داعيا هؤلاء الى ان "يحملوا السلاح... والا فعودوا الى محافظاتكم".
طهران وفي طهران، رحب رئيس مجلس الشعب السوري جهاد اللحام بـ"الدور الفعال" الذي اضطلع به حلفاء دمشق، وخصوصاً ايران، في مواجهة المعارضة المسلحة والعقوبات الدولية التي تستهدف نظام الرئيس بشار الاسد. وقال لوكالة الجمهورية الاسلامية للأنباء الإيرانية "ارنا" إن "المواقف المشرفة (لايران) واصدقائنا في موسكو ودول البريكس (البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب افريقيا) لعبت دورا فعالا لمساعدة الشعب السوري في معركته ضد الارهاب والعقوبات الاقتصادية المخزية التي تفرضها دول معروفة عربية ودولية".
واضاف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الايراني علي لاريجاني أن "العلاقات بين سوريا وايران كانت وستبقى عامل استقرار في المنطقة وتشكل حصناً للشعب في وجه موجة الارهابيين القتلة". واشاد بـ"الاصدقاء العديدين (لسوريا) وفي المقام الاول ايران الشقيقة" في حربها ضد المسلحين.
أما لاريجاني، فأعرب عن "ثقته بأن الامة السورية ستخرج منتصرة" من النزاع. وقال: "لن ننسى إطلاقاً دعم سوريا" أحد البلدان العربية النادرة الحليفة لطهران خلال الحرب بين ايران والعراق، مؤكدا ان ايران "هبت دائماً لمساعدة" بلدان المنطقة "في حربها ضد الارهاب".
|