تلقي الشكوك المتبادلة بين الأطراف المشاركة في معركة تحرير الأنبار من تنظيم «داعش»، بظلالها على المعركة، ففصائل «الحشد الشعبي» ترفض تنسيق تحركاتها وأماكن انتشارها مع الجيش، والقوات الأميركية لا تثق بمعظم الفصائل التي يتكوّن منها «الحشد»، والأخير يرفض التنسيق مع المستشارين الأميركيين.
مسؤول بارز في الأنبار طلب عدم ذكر اسمه، قال لـ «الحياة» إن «معارك الرمادي تجري من دون تنسيق بين القوات الأمنية العراقية بكل تشكيلاتها، من جيش وشرطة، وبين فصائل الحشد الشعبي، ما انعكس على زخم المعركة لاسترجاع الرمادي من داعش».
ولفت إلى أن «مسؤولين أميركيين أبدوا استياءهم من الفوضى في إدارة المعارك في الأنبار، بعد رفض فصائل من الحشد الشعبي تنسيق تحركاتها وأماكن انتشارها مع الجيش، وهو ما سيُضعِف الغارات الجوية للتحالف الدولي».
في الوقت ذاته، تصاعدت موجة الاستياء لدى المسؤولين في محافظة الأنبار من دور التحالف الدولي في الحرب على «داعش»، واتهموا طيران التحالف بعدم تنفيذ غارات جوية كافية، فيما اعتصم عشرات أمام السفارة الفرنسية في بغداد احتجاجاً على دور التحالف «الخجول» في المعارك. وكان مسؤولون أكدوا أن عدد المتطوعين من «الحشد الشعبي» في المحافظات الجنوبية بلغ 125 ألفاً، بينما لم يتجاوز عدد المتطوعين من المدن السنّية 13 ألفاً.
من جهة أخرى أفاد مركز «سايت» الذي يتابع المواقع الإسلامية على «الإنترنت»، بأن «داعش» أصدر نداءً يهدّد فيه بشن هجمات ضد الشيعة في الخليج. وكان التنظيم أعلن مسؤوليته عن التفجيرين الإرهابيَّيْن ضد مسجدين في السعودية في 22 و29 أيار (مايو) الجاري، استُشهِد فيهما 25 شخصاً.
إلى ذلك، كشف ضابط رفيع المستوى في قيادة عمليات صلاح الدين أن «قيادات داعش في بيجي أمرت بتغيير لغة نداءاتها من العربية إلى الشيشانية، بسبب كشف شفرات النداءات». وقال إن هناك ارتباكاً واضحاً في الاتصالات أدى الى الضربات الموجعة التي تلقاها التنظيم.
وأعلن فصيل «كتائب حزب الله» في بيان أمس، أن «قيادة الكتائب رفضت طلب عدد من المستشارين الأميركيين لقاء قيادات جهادية في قاعدة الحبانية، وكان جواب القيادة أن لا لغة مع الأميركيين إلا لغة الرصاص».
وعلى رغم إعلان القوات العراقية و «الحشد الشعبي» تقدُّمها عبر محاور باتجاه مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار، إلا أن هذا التقدم ما زال بعيداً من خطوط التماس الرئيسة مع «داعش» الذي باشر فور سيطرته على الرمادي بناء تحصينات لصد الهجوم المتوقع على المدينة.
وفي بغداد، ما زالت الشكوك تسيطر على المشهد السياسي، فبعد يوم على إقالة البرلمان محافظ الموصل أثيل النجيفي، اتهم الأخير القوى الشيعية الرئيسة في البرلمان بالعمل لإقالته، لرفضه مشاركة «الحشد الشعبي» في معركة تحرير الموصل، وكذلك رفضه «نقل معسكرات تدريب متطوعين من أهالي الموصل الى قاعدة «سبايكر» في تكريت، ليكونوا تحت إمرة الميليشيات».
تجدد الخلافات حول قانون «الحرس الوطني» العراقي
أكد نواب في البرلمان العراقي صعوية إقرار قانون «الحرس الوطني» مع عودة الخلافات السياسية بشأنه، فيما دعا التحالف الشيعي القوى السياسية إلى مواصلة الحوار «لمعالجة النقاط الخلافية بالأساليب الايجابية البناءة».
وكشف النائب مشعان الجبوري في تصريح إلى «الحياة» عن «وجود انقسام بين الكتل السياسية في شأن قانون الحرس الوطني، إذ تطالب كتل بضرورة تولي إدارة المحافظات مسؤولية إدارة الحرس الوطني لديها وعدم مساءلة الضباط أو المنتمين إلى هذا التشكيل بقوانين المسائلة والعدالة، وأن تكون عائدية القرارات حصراً بإدارة هذه المحافظات وليس بالقائد العام للقوات المسلحة».
وأضاف أن «القانون اصطدم بمواقف أخرى في آلية تشكيل الحرس الوطني في المناطق المتنازع عليها، بما يعمق من صعوبة إقرار القانون في الوقت الحالي»، مضيفاً: «أرى أن إناطة مهمة إدارة المحافظات إلى صلاحيات الحكومات المحلية سيشكّل خطراً كبيراً على وحدة البلاد، خصوصاً في المناطق المتنازع عليها، بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، وعلى الكتل السياسية الاتفاق على مبدأ الوطنية في إقرار القانون وإبعاد المخاوف والتصويت على تشريعه لأهميته في الحفاظ على الوحدة الوطنية». ورجح أن «الخلافات بين الكتل السياسية على القانون قد ترجيء اقراره في الوقت الحالي».
من جهتها أكدت كتلة التحالف الوطني النيابية (الشيعية) أمس ضرورة التنسيق مع مختلف الكتل السياسية لإقرار قانون الحرس الوطني والقوانين المهمة. وأوضح المكتب الإعلامي لنائب رئيس البرلمان، همام حمودي، في بيان اطلعت «الحياة» عليه، إن «كتلة التحالف الوطني النيابية برئاسة همام حمودي عقدت اجتماعاً اعتيادياً لبحث القراءة الثانية لمشروع قانون الحرس الوطني وتوحيد المواقف تجاهه». وأضاف المكتب: «جرى خلال الاجتماع مناقشة ملاحظات رئيس مجلس الوزراء على القانون بما يسهم في تسريع إقراره بالسرعة الممكنة»، مشيراً إلى أنه «تم التأكيد على ضرورة التنسيق مع مختلف الكتل السياسية بغية إقرار القوانين المهمة لاسيما الحرس الوطني».
وكان التحالف الوطني أكد على ضرورة الإسراع بإقرار قانوني المحكمة الاتحادية والحرس الوطني، مشدداً على وحدة التحالف بالوقوف صفاً واحداً لدعم الحكومة، ودعا القوى السياسية إلى مواصلة الحوار لمعالجة النقاط الخلافية بالأساليب الإيجابية البناءة. وكان رئيس البرلمان سليم الجبوري ترأس الاثنين الماضي اجتماعاً لرؤساء الكتل واللجان النيابية، فيما أوضح مصدر برلماني أن الاجتماع جاء لحسم قوانين الحرس الوطني والمحكمة الاتحادية والأحزاب.
وكانت اللجنة القانونية في البرلمان أكدت الأسبوع الماضي امكان تفادي الفارق الشاسع بين مكونات الحشد الشعبي بمبدأ القاسم المشترك في قانون الحرس الوطني. وأوضح النائب أمين بكر أن «اشكالية عدم التوازن بين مكونات الحشد الشعبي يمكن تفاديها من خلال مبدأ القاسم المشترك في قانون الحرس الوطني والذي ينص أن لكل محافظة أن ترشح نسبة 0.5 في المئة للمشاركة في تحرير المناطق من إرهابيي داعش».
وأضاف أنه «في حال عارضت القيادات السنّية وشكت عدم التوازن بين مكونات الحشد الشعبي فإننا كلجنة قانونية سنعالج هذا الموضوع قانونياً، أما اذا تم الأمر من خلال التراضي فعلى الحكومة والكتل السياسية معالجته بينهم بالطرق السياسية».
وكان مسؤولون أكدوا وصول عدد المتطوعين من «الحشد الشعبي» في المحافظات الجنوبية إلى 125 ألف متطوع بينما ذكر آخرون أن 13 ألف متطوع هو عدد المتطوعين في المناطق السنّية. ولا يزال قانون الحرس الوطني يراوح مكانه على الرغم من ادراجه في وثيقة الاتفاق السياسي التي تم بموجبها تشكيل الحكومة الحالية برئاسة حيدر العبادي.
وكان مجلس الوزراء قد وافق في الثالث من شباط (فبراير) على مشروع قانون «الحرس الوطني»، الذي من أهم بنوده أنه تابع للقائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس الوزراء والأولوية فيه لقوات الحشد الشعبي وأبناء العشائر، ويوزع تعداده بحسب النسب السكانية لكل محافظة مع مراعاة المكونات الأخرى، الا أن كتلاً سياسية سنّية تؤكد وجود مخاوف من افراغه من مضمونه عبر ادخال المليشيات ضمن «الحرس الوطني».
إلى ذلك، ذكر المكتب الإعلامي لرئيس البرلمان سليم الجبوري أن رئاسة مجلس النواب كانت ترغب في التريث بقرار إقالة محافظ نينوى أثيل النجيفي مراعاة للظروف التي يمر بها العراق، بخاصة في محافظة نينوى المحتلة من قبل تنظيم «داعش». وأكدت رئاسة المجلس، في بيان صحافي، أن قرار الإقالة جاء بموجب تصويت غالبية أعضاء مجلس النواب، وأن رئاسة المجلس تحترم إرادة النواب والقرارات الصادرة عن المجلس بموجب الدستور والنظام الداخلي للبرلمان. ودعا البيان جميع العراقيين وأهالي نينوى بشكل خاص إلى أن لا يؤثر قرار الاقالة على إرادتهم وعزيمتهم في الاستعداد لمعركة تحرير المحافظة وتطهير ترابها من الإرهاب.
«كتائب حزب الله» ترفض طلباً أميركياً لتنسيق المعارك في الأنبار
أبلغ مسؤول محلي رفيع المستوى في الأنبار «الحياة» أن عراقيل تواجه عملية تنسيق المعارك في الرمادي بين الولايات المتحدة والجانب العراقي بعد دخول «الحشد الشعبي» في المعارك، وترفض فصائل الحشد التنسيق مع المستشارين الأميركيين، على ما أعلن فصيل «كتائب حزب الله». وتصاعدت موجة استياء عراقي من دور التحالف الدولي في الحرب ضد «داعش»، فيما قال مسؤولون في الأنبار إن طيران التحالف لا ينفذ غارات جوية كافية.
وقال مسؤول محلي بارز في الأنبار طلب عدم الإشارة إلى اسمه لـ «الحياة» إن «معارك الرمادي تجري من دون تنسيق جيد بين القوات الأمنية العراقية بكافة تشكيلاتها من الجيش والشرطة والحشد الشعبي وبين فصائل الحشد الشعبي، وهو ما انعكس على زخم المعركة الدائرة لاسترجاع الرمادي من داعش». وأضاف أن «مسؤولين أميركيين أبدوا استياءهم من فوضى المعارك الجارية في الأنبار بعد رفض فصائل من الحشد الشعبي تنسيق المعارك من ناحية التحركات وأماكن الانتشار وهو ما سيضعف الغارات الجوية للتحالف الدولي»، مشيراً إلى أن الحشد الشعبي، من جانبه، يتفادى كشف عملياته خوفاً من استهداف أميركي، بحسب قول عدد من قادته الميدانيين.
وشدد المسؤول نفسه على أن «دور التحالف الدولي خجول جداً في معارك الأنبار، وهو من يتحمل سقوط الرمادي بشكل أساسي بعد حصول مجلس المحافظة على تعهدات بعدم سقط المدينة». وزاد أن «مجلس الأنبار مصدوم من عدم أخذ معلومات مؤكدة قدمها المجلس إلى التحالف الدولي قبل اسبوعين من سقوط الرمادي بدخول أرتال من عناصر «داعش» من سورية إلى العراق، ولم يتم قصفها من الجو».
وكان الحاكم المدني السابق للعراق، بول بريمر، قال خلال مقابلة مع قناة «سي ان ان» التلفزيونية إن «هناك حالياً نحو 14 غارة جوية تجري في العراق يومياً، ثلاثة أرباعها تعود من دون قصف أهدافها». وأضاف أن «هناك ثلاثة أمور يتوجب علينا القيام بها في العراق، أولاً علينا توسيع الحملة الجوية بصورة أكبر بكثير مما هي عليه في الوقت الحالي، وثانياً الحاجة لعناصر على الأرض لتوجيه الضربات الجوية، والأمر الثالث علينا البدء بإرسال أسلحة للقبائل السنّية وللأكراد».
وأعلن فصيل «كتائب حزب الله» في بيان أمس أن «قيادة الكتائب رفضت طلب عدد من المستشارين الأميركيين لقاء قيادات لها في قاعدة الحبانية. وكان جواب القيادة أنه «لا لغة مع الأميركيين الا لغة الرصاص فقط». واوضح أن «الكولونيل الأميركي روزونوف وعدداً من المستشارين الأميركيين طلبوا عبر مسؤولين عراقيين لقاء قيادات من الكتائب».
إلى ذلك، نظم العشرات من الناشطين وقفة احتجاجية أمام السفارة الفرنسية وسط بغداد احتجاجاً على ما اعتبروه عدم جدية طيران التحالف الدولي في ضرب «داعش»، وهددوا بالاعتصام المفتوح وطالبوا بزيادة دور التحالف وتسليح القوات العراقية.
ميدانياً، أعلنت مصادر أمنية في «قيادة عمليات الأنبار» أن القوات الأمنية من الجيش والشرطة والحشد الشعبي تمكنوا أمس من تطهير مديرية مرور الأنبار ومنطقة السبعة كيلو غرب الرمادي، بعد معارك شرسة مع «داعش» الذي انسحب إلى حي التأميم. واضافت أن تعزيزات عسكرية وقتالية وصلت أمس إلى محيط الرمادي الشرقي قادمة من بغداد لدعم معارك تطهير الرمادي من التنظيم وتضم التعزيزات وحدات قتالية من الشرطة الاتحادية وقطعات من الدروع والدبابات والحشد الشعبي.
واعلنت وزارة الدفاع في بيان أمس أن «عملية كبيرة بدأت لتحرير الرمادي من سيطرة «داعش» انطلقت من منطقة حصيبة الشرقية، بقيادة قوات التدخل السريع التابعة إلى الشرطة الاتحادية وسرايا السلام التابعة إلى الحشد الشعبي». وأعلنت «قيادة عمليات بغداد» أمس أن «القوات الأمنية تمكّنت من قتل 40 إرهابياً ضمن عمليات فجر الكرمة، في قضاء الكرمة شرق الفلوجة، وتدمير خمس عجلات مفخخة ومعالجة خمسة منازل وتفكيك 95 عبوة ناسفة». |