عباس الصباغ قبل كل استحقاق لانتخاب رئيس الجمهورية يستعيد اللبنانيون النقاش العقيم حول النصاب القانوني الذي نصت عليه المادة 49 من الدستور بعد تعديلها بموجب اتفاق الطائف الذي أقر في 5 تشرين الثاني 1989. الطريف في هذه المسألة ان القوى السياسية المتخاصمة حتى العظم تهمل الامر عندما يجمعها الوئام لتمرير استحقاقات دستورية أبرزها التمديد المزدوج لمجلس النواب في العامين الفائتين إذ استطاعت تأمين حضور اكثر من ثلاثة ارباع النواب وهو نصاب يكفي ليس لانتخاب رئيس للجمهورية وانما لتعديل الدستور وتغيير المنتظم السياسي اللبناني برمته. أثارت دعوة بعض النواب والقوى السياسية الى اعتماد نصاب النصف زائداً واحداً لانتخاب رئيس للجمهورية بعد اكثر من عام على الشغور في سدة الرئاسة جدلا قانونيا وسياسيا، وأعادت الى الاذهان مرحلة صعبة عاشتها البلاد عام 2007 عندما "استعر" الخلاف بين انصار الثلثين وداعمي نصاب النصف زائداً واحداً. ولولا اتفاق الدوحة لما تراجع طرفا النزاع السياسي عن موقفهما ومرروا انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية بعد 6 اشهر على انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود.
"النهار" سبق لها أن استطلعت آراء دستوريين بينهم الرئيس الراحل كامل الاسعد الذي اوضح في 24 نيسان 2007 ان "النصاب لانتخاب رئيس للجمهورية هو الثلثان، واستشهد بجلستي انتخاب الرئيسين الراحلين الياس سركيس عام 1976 وبشير الجميل عام 1982 ،وفي المقابل لا يوافق دستوريون اخرون على رأي الاسعد ويؤكدون ان النصاب في الجلسات التي تلي الجلسة الاولى هو النصف زائداً واحداً.
بعيداً من هذا الجدل العقيم وفي استعادة لجلسات انتخاب 12 رئيساً للجمهورية منذ العام 1943 يبدو واضحاً ان كل جلسات الانتخاب جرت في حضور اكثر من ثلثي اعضاء المجلس النيابي وتم الانتخاب في الدورة الاولى وبغالبية الثلثين حضوراً واقتراعاً، بغالبية النصف زائداً واحداً في الدورات التي تلت الدورة الاولى في الجلسة عينها، ما يعني بحسب خبراء دستوريين تطبيقاً حرفياً للمادة 49 من الدستور والتي تنص في فقرتها الثانية: "(...) ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الاولى، ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي (...)".
اذاً يبدو أن الخلاف اليوم يتمحور على الدورة الثانية وما اذا كان يجوز احتسابها من ضمن الجلسة الواحدة او الجلسات التي تلي وليس الدورات التي تلي في الجلسة عينها. الرؤساء الـ12
من العام 1943 الى العام 2008 انتخب 12 رئيسا للجمهورية في حضور ثلثي اعضاء المجالس النيابية على الاقل، ووحده الرئيس سليمان فرنجية انتخب في الدورة الثانية بالغالبية المطلقة. وجاء انتخابهم كالاتي:
- في 21 ايلول 1943 انتخب مجلس النواب بأكثرية 44 صوتا من 47 حضروا الشيخ بشارة الخوري رئيسا للجمهورية.
- في 23 ايلول 1952 انتخب مجلس النواب المؤلف من 77 نائبا الرئيس كميل شمعون بغالبية 74 صوتا من 76 نائبا حضروا الجلسة.
- في 31 تموز 1958 انتخب اللواء فؤاد شهاب بغالبية 48 صوتا في الدورة الثانية، بعد حصوله على 42 صوتا في الدورة الاولى اعتبرت دون الثلثين المطلوبين.
وفي 17 آب 1964 انتخب شارل حلو بغالبية 92 صوتا في الدورة الاولى.
- العام 1970 شهد معركة انتخابية مثيرة بين المرشحين سليمان فرنجية والياس سركيس. وفاز الاول في الدورة الثانية بغالبية 50 صوتا مقابل 49 لسركيس.
وانتخب الاخير عام 1976 بغالبية 66 صوتا في الدورة الثانية من اصل 69 نائبا. ووسط ظروف أمنية وسياسية معقدة على وقْع الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، انتخب مجلس النواب بشير الجميل بغالبية 57 صوتا من اصل 63 . وبعد اغتياله خلفه الرئيس امين الجميل بغالبية 77 نائبا في الدورة الاولى.
• في 5 تشرين الثاني 1989 انتخب اول رئيس للجمهورية بعد توقيع الطائف، وفاز رينه معوض بغالبية 52 صوتا من اصل 58 نائبا شاركوا في جلسة الانتخاب. وخلفه بعد اغتياله الرئيس الياس الهراوي الذي فاز بغالبية 47 صوتا من اصل 52 .
• في 15 تشرين الاول 1998 انتخب العماد اميل لحود باجماع 118 نائبا. واخيراً انتخب 118 نائباً الرئيس السابق ميشال سليمان في 25 ايار 2008.
|