أثار غياب أي تمثيل رسمي لمشيخة الأزهر في مؤتمر «تجديد الخطاب الديني» الذي عُقد أمس برعاية وزارة الأوقاف تساؤلات عن العلاقة بين شيخ الأزهر أحمد الطيب ووزير الأوقاف مختار جمعة، في ظل حديث عن توتر بينهما، خصوصاً أن وزير الأوقاف دعا إلى المؤتمر فيما يستعد الأزهر لاستضافة مؤتمر مماثل في غضون أيام.
وكان شيخ الأزهر شارك في حفل ديني أقامته وزارة الأوقاف قبل نحو أسبوع، فتوارى الحديث عن توتر بينهما، لكن غياب الأزهر عن المؤتمر عزز من ذلك الاعتقاد، خصوصاً أنه نُقل عن جمعة أنه أفتى بتكفير منسوبي تنظيم «داعش»، خلافاً لفتوى الأزهر التي رفضت تكفيرهم، باعتبار أن «حكم التكفير فردي، ولا يجب أن ينسحب على جماعة».
وصدرت عن مؤتمر الأوقاف أمس وثيقة أكدت أن «الجماعات الإرهابية تمثل خطراً على الأمن القومي العربي». وشارك فيه وزير الأوقاف ومفتي مصر شوقي علام ووزيرا الثقافة عبدالواحد النبوي والشباب خالد عبدالعزيز ودعاة ومثقفون.
وقالت وثيقة «تجديد الخطاب الديني» التي أصدرها المؤتمر إن «الجماعات الإرهابية المتطرفة تهدد الأمن القومي العربي والسلم العالمي، ولهذا لا بد من التعاون الدولي لمحاصرتها وعلاج أسبابها». وأشارت إلى أن «المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تمر بها الأمة وفشل بعض الدول في علاجها أدى إلى تفاقم الأوضاع السلبية، ما أعطى الفرصة للإرهابيين لاستغلال هذا الفراغ وطرح مفاهيم مغلوطة تم ربطها بالدين كوسيلة لعلاج هذه المشاكل حتى وصل الأمر إلى القتل والذبح وسفك الدماء».
واعتبر وزير الأوقاف في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أنه «يجب التحول بالشباب من التقليد والتبعية إلى عقلية مبدعة، لأن الجماعات المذهبية تعمل بعقول ذليلة تابعة، ولهذا فإن وزارة الأوقاف ستدرب 60 ألفاً من أئمة الأوقاف على الآليات الحديثة في تطوير الخطاب الديني من خلال منابر المساجد ووسائل الإعلام».
وأضاف أن «علماء الإسلام اجتهدوا في زمانهم، وعلينا نحن كعلماء أن نجتهد في زماننا بشرط ألا نمس الثوابت، ولا بد من أن نعي جميعاً أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان». وقال: «في ظل تربص تلك الجماعات الإرهابية بالأمة الإسلامية واستدعائها مفاهيم ومصطلحات وفتاوى تستهدف نشر العنف والإرهاب في نفوس المسلمين، علينا أن نقدم للعالم كله تفسيرات عصرية لكل مفهوم إسلامي وأن نجتهد لقطع الطريق على اجتهاد الجماعات التكفيرية والإرهابية التي استحلت دماء الناس باسم الدين».
وأشار المفتي إلى «أهمية الوصول إلى شباب الأمة وتربية النشء تربية صحيحة بهدف تحصين عماد الأمة في مواجهة الفكر التكفيري الذي يحاصرهم في كل مكان، خصوصاً أن التنظيمات الإرهابية نجحت في استغلال حنق الشباب على الإساءات التي يتعرض لها الإسلام في الغرب وعلى ألسنة بعض الموتورين من أبناء جلدتنا وشحنوا هؤلاء الشباب بالفكر التكفيري». وأضاف أن «التجديد من خصائص الإسلام وهو ضرورة حتمية، فلا يمكن أن يقهر المسلمون داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية، إلا إذا وعوا ذلك، فإذا كنا نحترم الثوابت، فإن هناك أموراً تستحق أن نعمل فكرنا فيها».
ورأى وزير الثقافة أن «الأمة مطالبة باستخدام كل الآليات المتاحة لتطوير الخطابين الديني والثقافي»، مضيفاً أن «مصر اليوم في موقف حرج للغاية، فللمرة الأولى في تاريخها تكون كل حدودها ملتهبة بهذا الشكل وحتى الداخل ملتهب للغاية، ولهذا علينا أن نتحاور بالتي هي أحسن لنجد مساحة مشتركة نبني من خلالها الوطن ولا نهدمه».
|