بدأت في القاهرة أمس أولى جلسات القضية المعروفة إعلامياً بـ «إهانة القضاء»، والتي ضم قفص الاتهام فيها الرئيس المعزول محمد مرسي وعدداً من قيادات جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفائهم، بالإضافة إلى عدد من النشطاء السياسيين الذين وقفوا مع إطاحة الجماعة من الحكم.
وأرجأت محكمة جنايات القاهرة، في ختام جلستها الأولى، النظر في القضية إلى 27 تموز (يوليو)، بعدما سمحت لممثل النيابة بتلاوة لائحة الاتهامات التي شملت «أن المتهمين أهانوا وسبوا القضاء والقضاة بطريق النشر والإدلاء بأحاديث في القنوات التلفزيونية والإذاعية ومواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية، من خلال عبارات تحمل الإساءة والازدراء والكراهية للمحاكم والسلطة القضائية، وأخلّوا بتلك الطرق بمقام القضاة وهيبتهم، من خلال إدلائهم بتصريحات وأحاديث إعلامية تبث الكراهية والازدراء لرجال القضاء».
وجاء قرار التأجيل لتمكين هيئة الدفاع عن المتهمين من الإطلاع على أوراق القضية، وفض الأحراز، والأمر بضبط وإحضار المتهمين الهاربين.
وكانت هيئة التحقيق المنتدبة من محكمة استئناف القاهرة برئاسة المستشار ثروت حماد وعضوية المستشارين أيمن فرحات وباهر بهاء، أحالت المتهمين على المحاكمة في كانون الثاني (يناير) من العام الماضي، في ختام التحقيقات التي جرت معهم، والتي أكدت ارتكابهم ما هو منسوب إليهم من اتهامات.
وشملت لائحة المتهمين بالإضافة إلى الرئيس المعزول محمد مرسي، 23 متهماً بينهم عدد من رموز جماعة «الإخوان» أبرزهم محمد البلتاجي، ورئيس البرلمان «المنحل» سعد الكتاتني، والداعية الهارب وجدي غنيم، كما ضمت عدداً من ألد خصوم الجماعة في مقدمهم الإعلامي توفيق عكاشة، والصحافي الناصري عبدالحليم قنديل، والبرلمانيان السابقان عمرو حمزاوي وحمدي الفخراني، والناشط السياسي علاء عبدالفتاح.
وكانت المحكمة برئاسة القاضي أحمد عبدالوهاب استهلت القضية بإثبات حضور المتهمين داخل قفص الاتهام، وقال رئيس المحكمة إن المحكمة تحترم الجميع وأنه يأمل في أن تسير جلسات القضية بسلاسة حرصاً على تحقيق العدالة.
من جهته، أصر مرسي على تكرار رفضه المحاكمة، تحت زعم أن المحكمة «غير مختصة نوعياً بمحاكمته» وطالب بإثبات هذا الدفع بمحضر الجلسة، مشيراً إلى أنه يحترم هيئة المحكمة ولكنه في ذات الوقت يرفضها، معتبراً أن ما اتخذ من إجراءات قانونية بحقه كافة إنما هي تمثّل مخالفة لأحكام القانون والدستور. وهو ما أكده محاميه الدكتور محمد سليم العوا، الذي أوضح أمام المحكمة أن مرجع رفض موكله المحاكمة أن تشكيلها يخالف ما نص عليه القانون في شأن «محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء».. مطالباً المحكمة بالسماح له بزيارة مرسي في محبسه.
من جهة أخرى، قال نائب رئيس حزب «الوسط» الإسلامي المتهم في القضية عصام سلطان، إنه لم يتم إعلامه بأمر الإحالة ولا يعلم عنها أي تفاصيل، زاعماً عدم رؤيته هيئة المحكمة والمنصة، وهو الأمر الذي يمثّل «محاكمة غيابية» له، وطالب بإثبات ذلك في محضر الجلسة.
أما الناشط علاء عبدالفتاح، فقال إنه لم يسمح له بالالتقاء بمحاميه في القضية، مشيراً إلى أنه لا يعلم شيئاً عن تفاصيلها.
في المقابل، أشار ممثل النيابة العامة إلى أن المتهمين «أهانوا وسبوا القضاء والقضاة بطريق النشر والإدلاء بأحاديث في القنوات التلفزيونية والإذاعية ومواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية، من خلال عبارات تحمل الإساءة والازدراء والكراهية للمحاكم والسلطة القضائية، وأخلوا بالطرق سالفة الذكر ذاتها، بمقام القضاة وهيبتهم، من خلال إدلائهم بتصريحات وأحاديث إعلامية تبث الكراهية والازدراء لرجال القضاء».
وذكرت النيابة أن الرئيس السابق محمد مرسي سب وقذف موظفاً عاماً (القاضي علي محمد أحمد النمر) بأن وصفه في خطابه الرئاسي في 26 حزيران (يونيو) 2013 المذاع علانية على القنوات التلفزيونية المختلفة، بكونه «قاض مزور وما زال يجلس على منصة القضاء» معرضاً به بأنه أحد قضاة محاكمة خصها وحددها في حديثه، وهي دعوى المحاكمة المعروفة إعلامياً بقضية «أرض الطيارين». وقالت النيابة إن هذا القاضي تعرض للحملة من مرسي بسبب أداء وظيفته قاضياً وأدائه «خدمة عامة» هي الإشراف على الانتخابات البرلمانية عام 2005.
وقامت المحكمة بمواجهة المتهمين، كل على حدة، بما هو منسوب إليهم من اتهامات وردت بأمر الإحالة الذي تلاه على مسامعهم ممثل النيابة العامة، فأنكروا جميعاً ارتكابهم إياها، عدا مرسي، الذي كانت إجابته أنه يرفض المحاكمة من حيث المبدأ، فيما قال المتهم صبحي صالح إنه يرفض الاتهامات، في حين قال محمد البلتاجي إنه «يعتز بكل كلمة قالها، ويتمسك بها بوصفه نائباً عن الشعب المصري في البرلمان، وإن هذا حقه في أن يقول ما يريد تحت قبة البرلمان». كما زعم عصام سلطان ومحمد البلتاجي أنهما تعرضا لـ «تعذيب» داخل محبسيهما، حيث قال سلطان إن إدارة السجن سحبت منه كل كتب القانون التي كانت في حوزته، ومنعت عنه الطعام والشراب.
حركة «حماس»
في موازاة ذلك، قررت محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة، أمس، مد أجل النطق بالحكم إلى 6 الشهر المقبل، وذلك في الطعن بالاستئناف المقدم من هيئة قضايا الدولة على حكم محكمة أول درجة والتي كانت قد قضت باعتبار حركة «حماس» الفلسطينية تنظيماً إرهابياً. وكان المحامي مقيم الدعوى سبق أن تقدم أمام المحكمة في أولى جلسات نظر الطعن بالاستئناف المقدم من هيئة قضايا الدولة، بتنازل رسمي عن دعواه. كما طالبت هيئة قضايا الدولة في مذكرة الطعن على حكم محكمة أول درجة (محكمة القاهرة للأمور المستعجلة) بإلغاء هذا الحكم لمخالفته صحيح حكم القانون في شأن الاختصاص القضائي بإدراج الكيانات الإرهابية.
وجاء في مذكرة الطعن أن هيئة قضايا الدولة بوصفها النائب القانوني عن الدولة المصرية وأجهزتها كافة، واجبها الأول هو إعلاء سيادة الدستور والقانون وتطبيق أحكامهما، ومناهضة كل حكم يخالف هذه الأحكام، موضحة أن في ظل صدور قرار رئاسي بالقانون رقم (8) لسنة 2015 في شأن قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، أصبحت هناك محكمة مختصة بهذا الإجراء في شأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين بطريقة حددها القانون من خلال النائب العام، وهو القانون الذي أدرك هذه الدعوى قبل غلق باب المرافعة فيها، ومن ثم وجب إعمال أحكام القانون والطعن على الحكم لمصلحة القانون.
جدير بالذكر أن محكمة القاهرة للأمور المستعجلة (محكمة أول درجة) أصدرت في 28 شباط (فبراير) الماضي، حكماً قضائياً بتصنيف حركة «حماس» تنظيماً إرهابياً، وذلك في ضوء الدعوى القضائية التي أقامها أحد المحامين بهذا الشأن، حيث جاء في أسباب الحكم أنه تأكد للمحكمة أن عناصر الحركة شاركت في أعمال عنف وتخريب واغتيالات وإرهاب داخل الأراضي المصرية ضد المدنيين وأفراد وضباط الشرطة والقوات المسلحة ومنشآت الدولة.
«أجناد مصر»
إلى ذلك أجلت محكمة جنايات الجيزة، النظر في محاكمة 20 متهماً بـ «الإرهاب»، من أعضاء تنظيم «أجناد مصر» إلى جلسة 31 الشهر الجاري، بعدما كانت النيابة نسبت إليهم «ارتكاب جرائم إرهابية بزرع عبوات ناسفة في أكثر من 20 موقعاً وتفجيرها من بعد، على نحو أسفر عن مقتل 3 ضباط و3 من أفراد الشرطة وأحد المواطنين، والشروع في قتل أكثر من 100 من ضباط الشرطة وأفرادها والمواطنين، واستهدف المنشآت الشرطية والكمائن الأمنية وتخريب الممتلكات العامة وحيازة المفرقعات». وجاء قرار التأجيل لتمكين دفاع أحد المتهمين في القضية من اتخاذ إجراءات رد «تنحية» المحكمة.
وتباشر المحكمة النظر في القضية بجلسات سرية يتم خلالها الاستماع إلى أقوال شهود الإثبات ومناقشتهم بمعرفة المحكمة والنيابة وهيئة الدفاع عن المتهمين. |