سنة على الفراغ الرئاسي، و23 جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، ولا يزال 51 نائبا فقط يواظبون على الحضور. المشهد الممل هو نفسه في ارجاء ساحة النجمة، في الداخل والخارج. والتصريحات هي ذاتها تدعو الى "احترام الدستور وارادة الشعب والتعجيل في انتخاب الرئيس". وكالعادة وبعد نصف ساعة من الموعد المقرر، ارجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري، من عين التينة، الجلسة الى 3 حزيران المقبل، فيما كانت قلّة من النواب داخل القاعة العامة. وكالعادة ايضاً تحدث الرئيس فؤاد السنيورة بشكل مقتضب، بعدما اجتمع مع نواب "كتلة المستقبل" والنائب جورج عدوان للبحث في قضية الموازنة، وقال السنيورة: "هناك من يصر على استمرار الفراغ عبر التعطيل على قاعدة إمّا ان تنتخبوني وإمّا لا انتخاب، وهناك من يستخدم هذه المواقف لاغراضه الاقليمية". وأضاف: "نحن متفقون مع القوات اللبنانية على تشريع الضرورة، ولا نريد في المقابل ان نغلق مؤسسة دستورية وان يعتبر غياب رئيس الجمهورية أمرا طبيعيا".
وردا على سؤال عن الوعد الذي قيل ان الرئيس سعد الحريري أعطاه للعماد ميشال عون حول تعيين العميد شامل روكز قائدا للجيش، قال: "لا علم لي بهذا الامر الذي يبدو كقصة سلمى، كل واحد يفهمها على ذوقه. يجب الانتظار وعدم استباق الامور".
وعن تدخل "حزب الله" في سوريا، قال: "هذا التدخل زاد الامور تفاقما سواء بزيادة عدد اللاجئين السوريين او بتوتير الاوضاع، فقد بدأت العملية بحجة الدفاع عن عدد من القرى ثم أصبحت الدفاع عن المقامات الدينية. هذه المقامات ليست جديدة وهي موجودة منذ 1400 عام ولم يتعرّض لها احد، وكل ذلك هو حجج واهية".
ستريدا وتغليب الحكمة ومن المجلس ايضا، تحدثت النائبة ستريدا جعجع والى جانبها نواب من كتلة "القوات اللبنانية"، فدعت الى "تغليب الحكمة واحترام الشعب والدستور لأن الأزمات الناجمة عن الفراغ الرئاسي تتفاقم".
وتمنت ان "يتخلّى المقاطعون عن هذا الخيار، وأن نتعاون جميعا لإنجاز الإستحقاق الرئاسي، بدلا من انتظار المجهول والتمادي في تغييب رأس الدولة، بعد إضاعة سنة من عمر الوطن بالتمام في الفراغ والجدل العقيمين، وخصوصا ان القرار يبقى لبنانيا أولا وأخيرا إذا توافرت الإرادة الصادقة".
وقالت: "نقترب من ذكرى مرور عام على الشغور في رئاسة الجمهورية، علما أن عاما كاملا مرّ على إعلان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ترشحه رسميا، بعدما رشحه الحزب وقوى 14 آذار وقدم برنامجا انتخابيا رئاسيا متكاملا، في نموذج رائد لاحترام الدستور والديموقراطية والشعب، وحتى اليوم، لم يتغير شيء بسبب تعطيل الاستحقاق الرئاسي مدى أكثر من عشرين جلسة. فسمير جعجع لا يزال المرشح الرسمي لقوى 14 آذار، والرئيس نبيه بري لا يزال يكرّر الدعوات لانتخاب رئيس للجمهورية، والمقاطعون لا يزالون يقاطعون".
وختمت: "ابدى رئيس حزب القوات كل الاستعداد للتسهيل سواء بالدعوة إلى انتخابات ديموقراطية سليمة بحسب الدستور، على قاعدة المنافسة المشروعة، وليفز من يفوز لنكون أول المهنئين إذا فاز سواه، كما طرح أكثر من مبادرة للتوافق مبديا استعداده للانسحاب في حال تم التوافق على إسم معين، ولكن ثبت ان التعطيل لم يغير في الواقع شيئا، بل أضر ويضر بالمصلحتين الوطنية والمسيحية".
اما النائب روبير فاضل فعدّد النتائج السلبية التي تنعكس على البلد بسبب عدم انتخاب رئيس، اذ قال: "تقدمت على سبيل المثال باقتراح قانون لاصلاح الكهرباء، وقد أقره مجلس النواب العام الماضي، وبكل بساطة رفض الوزير المختص تطبيقه، علما ان هذا القانون يحل مشكلة التقنين وفاتورتي الكهرباء وعجز الخزينة وتلوث الهواء. كذلك، قدمت اقتراح قانون لمكافحة الفقر المدقع، ففي لبنان أكثر من 300 الف مواطن يعيشون بأقل من دولارين في النهار، وهذا الاقتراح يمكن أن يحل في شكل جذري ظاهرة الفقر المدقع، لأنه يتطلب من كل مستفيد ان يؤمن تعليم اولاده، وقد حصلت على تأييد معظم القيادات السياسية والحزبية، لكن الاقتراح توقف في المجلس، لأنه اعتبر خارج تشريع الضرورة. فهل 300 الف لبناني غير قادرين على تأمين حاجاتهم الاساسية، ليس موضوعا ضروريا؟".
وأضاف: "من هنا، كفى مزايدات سياسية على حساب الشعب، فالسياسة ليست تجارة بمصالح الناس، وقد تبين لي ان العمل خارج المؤسسات السياسية اجدى من داخلها، لذلك، قمنا بالفعل بتأهيل الشباب عبر مؤسسة بادر او جائزة موريس فاضل، وساهمنا في تحسين صورة طرابلس".
وخلص الى ان "المأزق لا يحل إلا بطريقتين: إما أن ننتظر المجتمع الدولي والصفقات الاقليمية تأتي على حسابنا، وهذا موت بطيء، وإما أن نحاول لبننة الاستحقاق عبر حراك داخلي شعبي لبناني بعيد كل البعد عن أي محور. لذلك، ندعو الفاعليات والاعلام وقوى المجتمع المدني الى تأسيس قوة ضغط داخلية لبنانية بحتة، هدفها تأمين انتخاب رئيس".
|