عكست جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت امس في اطار الجلسات المخصصة لاستكمال درس مشروع موازنة سنة 2015 بكل فصولها واقرارها مسارا سلسا مغايرا للاجواء المشدودة بل لـ"العواصف" التي تنذر بالهبوب على خلفية مجموعة ملفات خلافية من أبرزها ملف التعيينات الامنية والعسكرية الذي فتح معركته "تكتل التغيير والاصلاح" فيما بدأت تداعيات المعارك الجارية في منطقة القلمون السورية تثير تساؤلات عما سيكون موقف حلفاء التكتل وتحديدا "حزب الله" ان هو مضى نحو إحداث هزة عنيفة تهدد جديا الواقع الحكومي. ومع ان قلة من الوزراء تراهن على استمرار المسار الهادئ لجلسات الموازنة الحكومية او انسحاب التهدئة على الملفات الاخرى، فإن معظم القوى المشاركة في الحكومة تستبعد بلوغ الموقف حدود التهديد الفعلي بفرط العقد الحكومي لأنه العنقود الاخير المتماسك نسبيا في واقع المؤسسات الدستورية المشلولة وسط اقتراب أزمة الفراغ الرئاسي من طيّ سنتها الاولى في 25 ايار الجاري.
واذا كانت ثمة مؤشرات لإعلان "التكتل" عقب اجتماعه اليوم في الرابية مزيدا من المواقف التصعيدية في اطار تمسكه برفضه التمديد للقيادات الامنية والعسكرية، أبرز كلام لنائب رئيس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل جهودا تبذل وراء الكواليس من أجل مخرج ما يجري العمل على بلورته وانضاجه تجنبا لبلوغ المأزق حدودا غير قابلة للمعالجة. وجزم مقبل في حديث الى "النهار" بأنه "خلال اسبوعين سيحسم الخيار في شأن الشغور في المراكز الامنية القيادية سواء بالتمديد او بالتعيين"، مشددا على ان "التوافق هو القرار الاكيد في كل من الخيارين". وقال إن "جميع الافرقاء يريدون مصلحة هذا البلد" داعيا الى عدم استباق الامور ورافضا من الان تحديد الخيار الذي سيتخذ تمديدا او تعيينا". فعندما نصل اليها نصلي عليها لكن المبدأ أننا لن نترك المراكز الامنية المهمة شاغرة (...) والوقت لا يزال امامنا". وأعرب عن اعتقاده ان العماد ميشال عون "لا يضحي بالحكومة وربما نجد حلولا ايجابية ويبقى العماد عون في الوزارة وهو خير من يريد مصلحة البلد". مجلس الوزراء وعلمت "النهار" من مصادر وزارية ان جلسة مجلس الوزراء غدا والمخصصة لمتابعة مناقشة بنود مشروع موازنة السنة الجارية قد تشهد بداية بروز خلافات تضع المشروع برمته على المحك. وأوضحت أن ملامح هذه التعقيدات أطلت في الجلسة أمس عندما طرح وزير الصناعة حسين الحاج حسن موضوع الانماء في مناطق معينة مما يطرح على بساط البحث مجمل مواضيع الواردات والمشاريع المناطقية وتمويلها.
من جهة أخرى، قالت المصادر إن موقفا واضحا سيصدر عن "تكتل التغيير والاصلاح" اليوم عن تعيين القادة الامنيين والذي قد يترجم في مواقف وزراء التكتل في الجلسة العادية لمجلس الوزراءالخميس، علما ان وزير الخارجية جبران باسيل تحاشى امس إثارة أي أمر يتصل بهذا الملف انطلاقا مما أطلقه في نهاية الاسبوع.
كما ان الاحتقان الذي تسببت به العقبات التي تحول دون عقد جلسات "تشريع الضرورة" لمجلس النواب، لم تغب عن هذا المشهد، إذ حذر امس وزير المال علي حسن خليل من ان لبنان "مهدد بخسارة فرصة اكثر من 600 مليون دولار مقرّرة من البنك الدولي كمشاريع جاهزة في حاجة الى اتفاقات تقر في مجلس النواب". وقال: "للأسف، اذا لم تطلق عملية التشريع فلبنان مهدد بخسارة فرصه في الخطة للسنوات الثلاث المقبلة، والتي ربما تصل الى حدود اكثر من مليار و200 مليون دولار هو في أمس الحاجة اليها".
الحريري الى موسكو ووسط هذه الاجواء، يتوجه اليوم الرئيس سعد الحريري الى موسكو في زيارة تكتسب دلالة بارزة لبنانيا واقليميا يقابل خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وذلك في اطار التحرك الخارجي للحريري في الاشهر الاخيرة، وكانت آخر محطاته واشنطن ومن ثم لقاءه مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في الرياض الاسبوع الماضي. وأفادت معلومات ان محادثات الحريري في موسكو ستتناول ثلاثة محاور تتصل بالوضع في لبنان عموما وموضوع دعم الجيش، والعمل على تخفيف تداعيات الازمة السورية عليه، والملف الرئاسي، فضلا عن الملف الاقليمي المتفجر. اللاجئون وفي سياق آخر، كشف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ"النهار" أن لبنان قد يتجه الى تغيير طريقة تعامله مع الامم المتحدة التي تتلكأ حتى الان في إبلاغ لبنان ما هي حصته التي تقررت في مؤتمر المانحين للاجئين السوريين في الكويت في نهاية آذار الماضي، على رغم المراسلات القائمة بين الجانبين. وأوضح أن هذا الموضوع حضر في اجتماع الخلية الوزارية امس في السرايا برئاسة رئيس الوزراء تمام سلام قبل جلسة مجلس الوزراء والذي تقرر فيه أن يحضّر الوزراء المعنيون أوراق عمل ستعرض لاحقا على اجتماع للخلية تمهيدا لوضع تقرير لرفعه الى مجلس الوزراء لإتخاذ الموقف المناسب. وأفاد أن عدد اللاجئين وفقا لآخر الاحصاءات بلغ مليونا و170 ألف لاجئ. وأشار الى أن لبنان الذي أعد خطة العمل الخاصة بملف اللجوء السوري منذ نحو خمسة أشهر لم يجد حتى الان أي استجابة من الامم المتحدة.
وفي السياق نفسه، أبلغت مصادر معنية بملف النازحين السوريين "النهار" ان وزير الخارجية الالماني فرانك - فالتر شتاينماير الذي يزور لبنان منتصف ايار الجاري سيعرض استضافة بلاده عشرات الالوف من اللاجئين السوريين في لبنان شرط أن يكونوا من النخب المتعلمة.
|