كشفت الحكومة المحلية في الأنبار عن تحفُّظ الحكومة العراقية على عرض قدمه الأردن لتدريب عشائر الأنبار وتسليحها، فيما اضطربت مجدداً العلاقة بين بغداد وإقليم كردستان، بالتزامن مع مطالبات كردية بإلغاء الاتفاق النفطي بين الطرفين.
وقال عضو مجلس محافظة الأنبار مزهر الملا لـ «الحياة» أمس: «الأردن أبدى استعداده لتدريب متطوعي الأنبار وتسليحهم، وواشنطن أبلغتنا موافقتها على توليه هذه المهمة وهناك خطة للتنفيذ، وكذلك بعض التحفظات لدى الحكومة الاتحادية» في بغداد.
وأشار إلى أن: «عمليات التسليح والتطويع تسير ببطء، وعلى الحكومة الإسراع في تسليح الأنبار، وتزويد قوات الجيش والشرطة وأفواج الطوارئ أسلحة ثقيلة». وزاد أن مؤتمرات ستجمع مسؤولي وشيوخ عشائر ووجهاء المدن الواقعة تحت سيطرة تنظيم «داعش»، لافتاً إلى أن «الولايات المتحدة والعديد من الأطراف الإقليمية تربط مساعدة السنّة في العراق بتوحُّدهم».
الى ذلك، التقى وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي ممثل المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني في محافظة النجف، وسلّمه رسالة طلب فيها من المرجعية دعم القوات المسلحة، كما زار العبيدي المرجع محمد إسحاق الفيّاض، ثم المرجع السيد محمد سعيد الحكيم، والمرجع بشير النجفي.
وأوضح بيان لوزارة الدفاع أن «العبيدي طلب دعم القوات المسلحة العراقية في حربها ضد التنظيمات الإرهابية التي تحاول شق وحدة الصف العراقي».
وتتزامن هذه التحركات مع معلومات عن خلافات بين مجموعات «الحشد الشعبي» والحكومة ووزارة الدفاع، حول عدد من المسائل أبرزها رغبة الحكومة في أن تتحرك هذه المجموعات وفقاً لتعليماتها. وفي هذا السياق، دعا مقتدى الصدر لقوى الشيعية العراقية الى إنهاء خلافاتها داخل «الحشد الشعبي»، وتقريب هذه القوات الى الحكومة ورفض التدخلات الخارجية. وقال الصدر رداً على تساؤلات لأتباعه حول ما يشهده العراق ومحيطه الإقليمي: «تجب تقوية الحكومة وجيشها من خلال تحرير الأراضي من قبلنا، وهذا ما لم يتم العمل عليه بعد، مع الأسف الشديد». ورأى أن «الحوزة (المرجعيات الشيعية) والاستعمار ضرتان لا تجتمعان، لذا أوقفنا العمليات العسكرية في بعض المناطق لئلا نكون شركاء مع الإرهاب الدولي، ورعاة الإرهاب».
على صعيد آخر، تجدّدت أجواء التوتر بين أربيل وبغداد منذ زيارة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لواشنطن، ورفض بغداد تسليح الولايات المتحدة العشائر السنّية و «البيشمركة» بمعزل عنها. وطالب عدد من المسؤولين الأكراد بإلغاء الاتفاق النفطي مع بغداد، واتهموا الحكومة العراقية بعدم التزام تعهّداتها.
وقال رئيس لجنة «الطاقة» في برلمان الإقليم شيركو جودت لـ «الحياة»، إن «هناك تعثُّراً في تنفيذ الاتفاق النفطي بسبب الخلافات على آلية احتساب معدّل التصدير، وبغداد تصرف الآن ضمن مستحقات الإقليم ما هو أقل بكثير من حجم صادراته النفطية». لكنّ رئيس كتلة «التغيير» في البرلمان العراقي هوشيار عبدالله اعتبر في بيان أمس أن الأكراد «يُدرِكون حجم الضغوط التي تتعرض لها حكومة حيدر العبادي، خصوصاً من التحالف الوطني، وهناك جهات لا يروق لها التقارب بين أربيل وبغداد».
عمليّة تسليح العشائر وتطويعها تسير ببطء وسلسلة مؤتمرات لتوحيد القوى السنيّة
تعقد المحافظات العراقية الواقعة تحت سيطرة تنظيم «داعش» (الأنبار، الموصل، صلاح الدين)، سلسلة مؤتمرات منفصلة خلال أيام في أربيل، عاصمة إقليم كردستان، لتوحيد صفوفها، على أن يُعقد مؤتمر شامل لممثلي هذه المحافظات، من المفترض أن يعطي رسالة إلى الجميع بتوحّد السنّة العراقيين إزاء ما يحصل في البلاد.
وشنّ «داعش» أمس، هجومين على الرمادي مركز الأنبار، وآخر على ثكنات الجيش جنوب الفلوجة، في وقت تشكو الأنبار من بطء سير عملية تطويع أبنائها وتسليحهم في المحافظة. وقال عضو مجلس محافظة الأنبار مزهر الملا، في تصريح إلى «الحياة»، إن سلسلة مؤتمرات يتمّ التحضير لها لمسؤولي وشيوخ عشائر ووجهاء المدن الواقعة تحت سيطرة «داعش». وأضاف أن محافظات الأنبار والموصل وصلاح الدين، ستعقد مؤتمرات داخلية منفصلة في أربيل خلال أيام، على أن يعقبها مؤتمر موسّع يجمع ممثلي جميع هذه المحافظات، والغرض منه «إعطاء رسالة إلى الجميع بأن السنّة موحّدون».
وأشار الملا إلى أن «اللجان التحضيرية تواصل عملها، وسيتم تحديد مواعيد المؤتمرات والحضور خلال أيام»، متوقعاً حضور «غالبية الشخصيات المعارضة باستثناء بعض المتّهمين والمعروفين لدينا بتأثيرهم السلبي في المشهد».
وزاد أن «الولايات المتحدة والعديد من الأطراف الإقليمية، تتّهم السنة في العراق بعدم التوحّد، وتربط مساعدتنا بأن نكون موحدين، ومن المؤمل أن تؤكد المؤتمرات التي ستُعقد مدى توحدنا».
وفي شأن تسليح الأنبار، لفت الملا إلى أن «عمليات التسليح والتطويع تسير ببطء، وندعو الحكومة إلى الإسراع في تسليح الأنبار وبأسلحة فاعلة ثقيلة ومتوسطة للقوات الأمنية الرسمية من الجيش والشرطة وأفواج الطوارئ، لأنه من غير الممكن تسليح العشائر بأسلحة ثقيلة، وهو أمر لا نطالب به البتة». وأضاف أن «المملكة الأردنية أبدت استعداداها لتدريب متطوعي الأنبار وتسليحهم، وواشنطن أبلغتنا بموافقتها على أن يقوم الأردن بهذه المهمة، وهناك خطة لتنفيذ ذلك، ولكن هناك بعض التحفظات لدى الحكومة الاتحادية». ولم تتّضح ما هي التحفظات التي تبديها الحكومة العراقية على موضوع تدريب العشائر في الأردن.
ميدانياً، قال ضابط في «قيادة عمليات الأنبار» لـ «الحياة» أمس، إن تنظيم «داعش» شنّ هجومين على مدينة الرمادي، الأول من الشمال والثاني من الغرب، مؤكداً أن القوات الأمنية تمكنت من صدّ الهجومين. وأضاف أن اشتباكات عنيفة جرت بين قوات الجيش والفرقة الذهبية، من جهة، وبين القوة المهاجمة، من جهة ثانية، ما أسفر عن مقتل عدد من عناصر التنظيم، وتدمير عدد من الآليات التي كان يستقلّها».
وقالت مصادر أمنية في قطاع الفلوجة، إن «داعش» شن هجوماً على ثكنات الجيش جنوب شرقي المدينة لليوم الثاني على التوالي، مشيرةً إلى أن التنظيم يسعى إلى السيطرة على منطقة «الهياكل» الاستراتيجية الواقعة قرب الخط السريع، بهدف فك الحصار المفروض عليه في ناحية «الكرمة» شمال الفلوجة.
وأوضحت المصادر أن هجوم أمس نُفّذ بواسطة سيارة مفخخة انفجرت بالقرب من أحد المباني القريبة من موقع للجيش في منطقة «الهياكل»، أعقبه هجوم مسلّح شنّه عناصر «داعش».
في غضون ذلك، أكدت وزارة الدفاع العراقية ضرورة التعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة لمواجهة التحديات التي تؤخر تحرير محافظتي الأنبار ونينوى من سيطرة «داعش». وذكر بيان صدر عن وزارة الدفاع، أن «معاون رئيس أركان الجيش للميرة الفريق الركن مرضي مشحن رافع، عقد في مقر رئاسة أركان الجيش اجتماعاً مع مدير مكتب التعاون الأمني الأميركي في العراق، الفريق مايكل بدناريك». وأضاف أنه «جرى خلال الاجتماع مناقشة آلية تجهيز الجيش العراقي بالمعدات والآليات العسكرية التي تحتاجها الوحدات القتالية في الجيش، والتي تساهم في إدامة زخم المعركة وتقليل الخسائر وإدامة المستودعات العسكرية، بما يؤمن متطلبات المعركة الضرورية من السلاح».
وتابع البيان أن «الفريق الركن معاون رئيس أركان الجيش للميرة، أكد أهمية التنسيق والتعاون مع الجانب الأميركي في هذا المجال، لمواجهة التحديات التي من شأنها أن تؤخر معارك التحرير في الأنبار والموصل، وتحقيق النصر ضد عصابات داعش الإرهابية».
|