ظهر الرئيس بشار الأسد أمس، وسط دمشق لرفع معنويات أنصاره والجيش النظامي، وتجاوز «روح الإحباط واليأس» بعد إقراره بـ «نكسات» تعرضت لها قواته في شمال سورية وجنوبها، بالتزامن مع «انهيار» جديد، مع استعادة مقاتلي المعارضة نقطة استراتيجية شرق دمشق. وربطت واشنطن هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في سورية والمنطقة برحيل الأسد عن الحكم. ورحب «الائتلاف الوطني السوري» بدعم القمة الخليجية عقد مؤتمر للمعارضة السورية في الرياض «يساهم بعملية انتقالية».
وقال الأسد خلال زيارة إلى «هيئة مدارس أبناء وبنات الشهداء» في دمشق لمناسبة «عيد الشهداء» أمس: «نخوض حرباً لا معركة، والحرب مجموعة من المعارك الكثيرة. وعندما تحصل نكسات يجب أن نقوم بواجبنا كمجتمع، أن نعطي الجيش المعنويات ولا ننتظر منه دائماً أن يعطينا»، مندداً بـ «ما يفعل البعض اليوم» من «تعميم روح الإحباط وروح اليأس بخسارة هنا أو خسارة هناك»، في إشارة الى خسارة قوات النظام مدينتي إدلب وجسر الشغور ومعسكر معمل القرميد في شمال غربي البلاد ومدينة بصرى الشام ومعبر نصيب على حدود الأردن جنوب سورية، التي ساهمت في خفض سعر الليرة السورية مقابل الدولار الى مستويات قياسية.
من جهة أخرى، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سامنثا باور في مقابلة أجرتها معها شبكة «بي بي أس» التلفزيونية العامة، إن «الرئيس (باراك) أوباما على قناعة راسخة بأنه لا تمكن معالجة مشكلة (تنظيم) الدولة الإسلامية في شكل دائم طالما أن مشكلة الأسد لم تلقَ حلاً».
وقال «الائتلاف» في بيانه إنه «يرحب بالدعوة الموجهة من دول مجلس التعاون الخليجي لعقد مؤتمر للمعارضة السورية في الرياض ونؤكد على الدور الفعال للمجلس، وعلى رأسه السعودية في دعم الشعب السوري حتى تحقيق مطالبه لنيل الحرية والكرامة، كما نؤكد على دورهم في المساهمة بعملية انتقالية لمرحلة ما بعد سقوط الأسد بناء على قواسم مشتركة من أجل بناء سورية المستقبل»، مشدداً على «أولويات الثورة في إسقاط نظام الأسد وزمرته الحاكمة في أي مفاوضات أو مبادرات».
ميدانياً، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «الفصائل المقاتلة والإسلامية استعادت المناطق التي تقدمت إليها قوات النظام في بلدة ميدعا شرق دمشق، عقب انهيار قوات النظام فيها وإجبارها على الانسحاب من المنطقة التي تعتبر خط إمداد للمعارضة وسيطرت عليها قوات النظام قبل يومين.
وفي نيويورك، انطلقت في مجلس الأمن بدفع أميركي مشاورات تهدف الى تحديد المسؤولية عن استخدام غاز الكلورين كسلاح في سورية من خلال إنشاء هيئة تحقيق دولية جديدة مشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية.
وتوقع ديبلوماسي غربي أن «تطرح الولايات المتحدة في مجلس الأمن خلال أيام قليلة» مشروع قرار ينص على إنشاء هيئة التحقيق الجديدة التي يفترض أن تكون مهمتها تحديد الجهة التي استخدمت الكلورين».
وقال ديبلوماسي في مجلس الأمن إن البحث مع روسيا «جار» في شأن مشروع القرار، وإن طرحه في مجلس الأمن «بات قريباً».
وفي المقابل، قال مصدر آخر إن «الحكومة السورية كانت طلبت أيضاً من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التحقيق في استخدام جبهة النصرة وتنظيم داعش الكلورين في مواقع محددة» في سورية، وإن «المفاوضات لا تزال جارية بين دمشق والمنظمة في هذا الشأن». واعتبر أن «طلب تحديد المسؤولية عن استخدام الكلورين يجب أن يشمل هذه الاعتداءات في حال التوصل الى اتفاق في شأنه في مجلس الأمن».
ويتوقع أن تقدم مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون نزع الأسلحة في اجتماع مجلس الأمن اليوم «تصور الأمانة العامة حول إمكان التحرك قدماً في هذا الإطار»، لا سيما أن «اقتراح تشكيل هيئة التحقيق الجديدة يفترض أن يأتي من جانب الأمين العام بان كي مون»، وفق ديبلوماسي غربي في مجلس الأمن.
المعارضة تباغت النظام قرب دمشق وتصد هجوماً في إدلب
استعاد مقاتلو المعارضة السورية نقطة استراتيجية شرق دمشق كانت قوات النظام سيطرت عليها قبل يومين، في وقت استمرت المواجهات بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة في ريف إدلب شمال غربي البلاد، تحت قصف عنيف تشنه مقاتلات النظام ومروحياته.
ونقلت شبكة «الدرر الشامية» المعارضة عن «جيش الإسلام» تأكيده «تحريره مناطق جديدة في محيط بلدة ميدعا، بعدما شن هجوماً مباغتاً على قوات الأسد في تلك المناطق، وقَتَل العديد من جنود الأسد ودمر آليات عديدة». وأكد المكتب الإعلامي لـ «الجيش» السيطرة على معامل «السبيداج» الواقعة بين بلدة ميدعا ومدينة عدرا، إضافة إلى منطقة تل أصفر، الواقعة بين مدينة عدرا الصناعية والغوطة الشرقية.
وتأتي هذه السيطرة عقب عملية تسلل قامت بها قوات الأسد إلى بلدة ميدعا منذ أيام. وأكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ومصدر ميداني سوري أن المعارضة وبينهم «جيش الإسلام» استعادوا المواقع التي كانت تقدمت إليها قوات النظام في الثالث من أيار (مايو) في بلدة ميدعا الواقعة شمال شرق دمشق.
وسعت قوات النظام عبر هجومها على ميدعا إلى تضييق الخناق على المعارضة المسلحة في منطقة الغوطة الشرقية وذلك بقطع أحد آخر طرق الإمداد إليها. وتحاصر القوات النظامية الغوطة الشرقية منذ أكثر من سنتين. وتعاني المنطقة من نقص فادح في المواد الطبية والغذائية ما تسبب بعشرات الوفيات.
في القنيطرة بين دمشق والجولان المحتل، نجح مقاتلو المعارضة في طرد «جيش الجهاد» المؤيد لتنظيم الدولة الإسلامية من كل المنطقة المحيطة بمعبر القنيطرة بعد تسعة أيام من المعارك. ووثق «المرصد» مقتل 78 مقاتلاً على الأقل من الطرفين منذ بداية المعركة. والقتلى هم 46 من «جبهة النصرة» وفصائل مقاتلة أبرزها «جيش الإسلام» و «حركة أحرار الشام الإسلامية» و «ألوية الفرقان» و «فرقة فلوجة حوران» و «جيش اليرموك»، و32 من «جيش الجهاد».
وأشار إلى انتهاء المعارك بـ «سيطرة تحالف جبهة النصرة والفصائل على منطقة القحطانية ومقار جيش الجهاد في ريف القنيطرة»، مشيراً إلى استمرار مطاردة بعض العناصر المنسحبين من «جيش الجهاد».
وكانت الاشتباكات اندلعت في 27 الشهر الماضي إثر كمين نصبه «جيش الجهاد» لمقاتلين في الطرف الآخر تسبب بمقتل ستة منهم. وكشف هذا الحادث، وفق ما يقول ناشطون، عن تأييد «جيش الجهاد» لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) قبل تشكيل «جيش الجهاد».
وقبل أسابيع قليلة، كانت المجموعات المنضوية في إطاره تقاتل إلى جانب «النصرة» ومقاتلي المعارضة في منطقة القنيطرة الحدودية مع الجزء المحتل من إسرائيل في هضبة الجولان والتي طردت منها قوات النظام.
في وسط البلاد، أعلنت فصائل معارضة مقاتلة في ريف حمص الشمالي تشكيل «جيش التوحيد» بهدف توحيد العمل العسكري في المنطقة. وفي شريط مصور نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، تم الإعلان عن ولادة «جيش التوحيد»، المكون من مجموعة فصائل قالت إنها حلَّت نفسَها وانصهرت في هذا المكون الجديد، وأبرزها: «تجمع ألوية الإيمان بالله- لواء حماة العقيدة- لواء تلبيسة- لواء 313 جند بدر- لواء أسود الإسلام- كتائب سيف الإسلام خطاب- لواء صقور تلبيسة- لواء معاوية بن أبي سفيان- كتائب سيوف الحق- كتائب مستقلة تابعة لغرفة العمليات»، وفق «الدرر الشامية».
وبدا «جيش التوحيد» أول أعماله العسكرية غرب مدينة تلبيسة، حيث عمل على «تحرير» كل من قرية حوش والزبالة وحاجز زكبو وحاجز الديك وحاجز القرميد، بالتعاون مع غرفة عمليات «نصرة المستضعفين» ضمن معركة «وكان حقًّا علينا نصر المؤمنين».
من جهته، قال «المرصد» إن مواجهات دارت «بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف وعناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» من طرف آخر قرب مطار تدمر العسكري بريف حمص الشرقي إثر هجوم الأخير على المطار وأنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين» إضافة إلى «اشتباكات بين عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» من جهة، وقوات النظام والمسلحين الموالين من جهة أخرى، في منطقتي جزل وشاعر بريف حمص الشرقي».
وأضاف: «ارتفع إلى 14 عدد الشهداء الذين قضوا أمس في محافظة حمص بينهم 13 مقاتلاً من الفصائل الإسلامية والمقاتلة من ضمنهم قيادي في فصيل مقاتل وقيادي شرعي في كتيبة إسلامية استشهد 12 منهم خلال اشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين لها في ريف حمص الشمالي»، لافتاً إلى مقتل «13 على الأقل في محافظة حماة المجاورة بينهم مقاتل من الفصائل الإسلامية استشهد خلال اشتباكات مع قوات النظام والمسلحين الموالين في ريف إدلب، ومقاتلان اثنان و3 من عائلتهم، إضافة إلى أربعة آخرين ومن ضمن الشهداء 4 مواطنات استشهدوا جميعهم جراء قصفٍ بالبراميل المتفجرة على مناطق في قرية الشركة بجبل شحشبو بريف حماة الغربي».
في شمال غربي البلاد، قالت «الدرر الشامية» إن «اشتباكات عنيفة اندلعت في محيط مدينة جسر الشغور بريف إدلب بين الثوار وقوات النظام»، مشيرة إلى أن «قوات الأسد حاولت التسلل من قرية القرقور وفريكة وإحراز تقدُّم في أطراف المدينة قبل أن يتصدى الثوار للمحاولة». ولا تزال «غرفة عمليات النصر» تحاصر المستشفى الوطني في المدينة الذي تتحصن فيه قوات النظام.
وأشار نشطاء معارضون إلى أن مقاتلي المعارضة صدوا هجوماً لقوات النظام قرب معسكر المصطومة المعقل العسكري الأخير للنظام في ريف إدلب، مشيرين إلى أن المعارضة صدت أيضاً هجوماً آخر لاستعادة السيطرة على تلة معرطبعي الاستراتيجية في جبل الأربعين قرب أريحا.
وقال «المرصد» إن «الطيران الحربي شن غارات على مناطق في قرية البريصة بريف معرة النعمان الشرقي، في حين دارت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف، ومقاتلي الكتائب الإسلامية والمقاتلة وجبهة النصرة من طرف آخر في محيط حواجز لقوات النظام على طريق جسر الشغور- أريحا بالقرب من قرية فريكة بريف جسر الشغور، إثر هجوم عنيف لقوات النظام والمسلحين الموالين على المنطقة في محاولة للتقدم، وترافقت الاشتباكات مع تنفيذ الطيران الحربي ما لا يقل عن 30 غارة على مناطق في مدينة جسر الشغور وريفها ومحيطها، وأنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين».
|