أُعلن أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي سيزور برلين مطلع الشهر المقبل، فيما تعهد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير الذي التقاه في القاهرة أمس، «تقوية الحوار» بين بلاده ومصر.
واستقبل السيسي الوزير الألماني في حضور وزير الخارجية المصري سامح شكري والسفير الألماني لدى القاهرة هانس يورغ هابر. وقال شكري إن الزيارة «تهدف إلى عرض أوجه التعاون بين البلدين وتدعيم تلك الأواصر وتنمية قدرات المجتمع المصري».
وأوضح شكري خلال مؤتمر صحافي مشترك مع شتاينماير أن «اللقاء تناول التحديات الإقليمية التي تواجه مصر وألمانيا، ومنها ظاهرة الإرهاب والملف النووي وأمن الخليج ومصر والأمن العربي عموماً». ولفت إلى أن السيسي سيزور ألمانيا مطلع حزيران (يونيو) المقبل «للاستفادة من خبراتها ولتبادل الخبرات بين البلدين».
وقال شتاينماير إن «ألمانيا راغبة في تقوية الحوار مع مصر، باعتبارها صمام الأمان في المنطقة، والتطور في مصر يعني الكثير في المنطقة». وكشف أنه بحث مع السيسي في «التعاون الثنائي ومكافحة الإرهاب». وأضاف: «نحن على قناعة بأن التطرف لا يمكن مواجهته بالحلول العسكرية فقط، وهذا ما اتفقت عليه مع الرئيس».
وأوضح أنهما بحثا في «كيفية مساعدة ألمانيا لمصر اقتصادياً»، مشيراً إلى اهتمام بلاده بمؤسسات المجتمع المدني، وأن «الرئيس وعد بحل المشكلات العالقة كافة خلال الأسابيع المقبلة، وألمانيا حريصة على تعزيز التعاون مع مصر».
وفي ما يخص ليبيا، رأى أن «الصراع بين معسكرين يفتح الباب للتطرف»، مشيراً إلى أن مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا برناردينو ليون يسعى إلى تكوين حكومة وحدة وطنية.
ولفت إلى «وجود أمور كثيرة يمكن التعاون فيها بين مصر وألمانيا لمواجهة ظاهرة الهجرة غير المشروعة وتجارة البشر»، موضحاً أن «ألمانيا تستطيع استيعاب عددٍ كبير من اللاجئين المقيمين في مصر وسنستقبل في ألمانيا 600 من اللاجئين هنا».
واعتبرت مصادر مصرية تحدثت إلى «الحياة» أن «ألمانيا تخلت عن موقفها المتحفظ إزاء القاهرة بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي. وفي حين كانت لها تساؤلات كثيرة، إلا أنها لم تصنف ما جرى باعتباره انقلاباً».
وأوضحت أن «ألمانيا وقفت على مسافة من السيسي، إلا أنها بعد انفتاح عواصم أوروبية عدة على القاهرة ونجاح المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ والذي تم خلاله إسناد مشاريع إلى شركات كبرى ألمانية، فإن ضغوط رجال أعمال ومستثمرين ألمان أفضت إلى تخلي الحكومة عن تحفظاتها ووجهت الدعوة إلى الرئيس لزيارة برلين عبر وزير التجارة الذي ترأس وفد بلاده إلى مؤتمر شرم الشيخ».
وكان شكري وشتاينماير عقدا جلسة محادثات في حضور وفدين وتناولت العلاقات الثنائية وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم البلدين. واستقبل شيخ الأزهر أحمد الطيب أمس الوزير الألماني في مقر مشيخة الأزهر.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبدالعاطي إن الوزيرين تناولا خلال اللقاء «مسار العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها في مختلف مجالات التعاون السياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية بما يحقق مصالح البلدين وشعبيهما، خصوصاً بعد نجاح مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي ووجود فرص جاذبة للاستثمار في مصر، فضلاً عن الجوانب المرتبطة بعمل المنظمات والمؤسسات الوطنية المختلفة». وأضاف أن شكري «تناول في شكل مفصل الوضع في منطقة الشرق الأوسط في ظل التطورات الراهنة، خصوصاً استشراء التنظيمات الإرهابية باعتبار أنها تمثل تهديداً للعالم بأسره وليس لدول الشرق الأوسط فقط، وضرورة تكثيف التحرك الثنائي والإقليمي والدولي للقضاء عليها». وأكد «الترابط القائم بين التنظيمات الإرهابية سواء على المستوى الفكري أو الايديولوجي أو العملياتي، ما يتطلب التعامل معها من دون استثناء ووفق منهج يتسم بالشمول».
وناقش الوزيران الأوضاع في ليبيا «في ظل التطورات السياسية والأمنية الجارية وما وصلت إليه جهود المبعوث الأممي من نتائج للتوصل إلى حل سياسي توافقي بين الأطراف المعنية». وأشار شكري إلى «ما سبق أن حذرت منه مصر مراراً من ضرورة التعامل مع الإرهاب والتنظيمات الإرهابية في ليبيا بكل حزم بالتوازي مع دفع الحل السياسي إلى الإمام، خصوصاً بعد الحادث الإرهابي البشع الذي استهدف المواطنين المصريين الأبرياء في ليبيا، وما أدى إليه هذا التعامل غير الحازم من تكرار لهذا الحادث الإرهابي مع مواطنين إثيوبيين أبرياء». وعقب الوزير الألماني بـ «ضرورة محاربة تنظيم داعش الإرهابي وسرعة تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الأطراف الليبية المختلفة».
وقال عبدالعاطي إن «اللقاء ناقش الوضع في اليمن من مختلف جوانبه، وعرض الوزير الرؤية المصرية لمختلف جوانب الوضع الداخلي هناك والجوانب الإقليمية والدولية المرتبطة به، بما في ذلك تعيين مبعوث أممي جديد لليمن وجهود التحالف العربي في هذا الشأن، كما تناول الوزير الفرص القائمة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة في اليمن». وبحث الجانبان في الأوضاع في العراق «وسبل الحفاظ على وحدته وما يتطلبه ذلك من إشراك جميع القوى العراقية في العملية السياسية من دون استثناء وبغض النظر عن أي اعتبارات دينية أو طائفية».
وأوضح أن الوزيرين بحثا أيضاً خلال لقائهما في «مسار الأزمة السورية وأهمية التوصل إلى حل سياسي، وسبل منع وصول المقاتلين الأجانب إلى هناك ودور بعض الأطراف الإقليمية في هذا الشأن». وشدد شكري على «ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ووقف سفك الدماء اليومي لأبناء الشعب السوري الشقيق وتحقيق تطلعاته المشروعة». وعرض الجهود والاتصالات المكثفة التي تجريها مصر مع أطراف المعارضة السورية الوطنية والأطراف الإقليمية والدولية المعنية للعمل على تنفيذ مقررات مؤتمر «جنيف 1».
وأشار إلى أن الوزيرين تناولا «ملف الأمن الإقليمي وتطورات الملف النووي الإيراني في ضوء اتفاق الإطار الذي تم التوصل إليه بين إيران والدول الكبرى الست وفرص التوصل إلى اتفاق نهائي قبل نهاية الشهر المقبل وانعكاسات ذلك المحتملة على الوضع الإقليمي في شكل عام». وأكد «تطلعنا إلى أن يكون هذا الاتفاق خطوة في اتجاه تنفيذ قرار إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط».
|