بغداد – فاضل النشمي تسود الشارع العراقي حال من الغضب الشديد، حيال المجزرة التي ارتكبها تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) في حق مجموعة من ضباط وجنود الفرقة الاولى الموجودين في "ناظم التقسيم" في سد الثرثار بالانبار، إذ تؤكد غالبية المصادر مقتل ما لا يقل عن 150 عسكرياً هناك، الامر الذي دفع كثيرين الى تشبيه الامر بـ"مجزرة سبايكر" في حزيران 2014 بمحافظة صلاح الدين، والتي قتل خلالها 1700 جندي على أيدي عناصر التنظيم المتطرف، بعدما قبض عليهم وهم مجردون من أسلحتهم.
وعلى رغم ان عدد جنود "ناظم التقسيم" ليسوا في عدد ضحايا "سبايكر"، فإن الطريقة التي قتلوا فيها دفعت كثيرين الى مقارنة بين الجريمتين وخصوصاً بعدما تأخّرت وزارة الدفاع في اغاثة المنتسبين اليها وتقديم الدعم اللازم لهم، الامر الذي مكّن "داعش" منهم. ولعل اغرب ما صدر عن وزير الدفاع خالد العبيدي عن حادث الثرثار، قوله في معرض نفيه مقتل الجنود الـ150 خلال مؤتمر صحافي: "وردنا عن شهود عيان مقتل 13 جنديا فقط!".
احدى روايات الحادث المتعددة تفيد ان آمر الفرقة الاولى العميد حسن عباس طوفان وآمر اللواء الآلي العقيد الركن هلال مطر توجها من مقر اقامتهما في" ناظم الثرثار" الى جنودهما الموجودين في "ناظم التقسيم" الذي يبعد نحو 28 كيلومتراً، واثناء سيرهم في الطريق اعترضتهم أربع عربات "هامر" مفخخة لـ"داعش" فقتلت رتل الآمر ومساعديه وسائر الجنود المرافقين لهم.
وعقب الحادث، شن مسلحو "داعش" هجوماً على من بقي من الجنود في "ناظم التقسيم" فقتلت مجموعة منهم واقتادت مجموعة أخرى يناهز عددها الـ50 رجلاً الى قضاء الفلوجة القريب واعدمتهم هناك علناً.
وقد أصدر "داعش" بياناً يتبنى العملية، وأظهر فيلماً يصور جزءاً منها، كما اكدت مصادر عسكرية ومدنية عدة حصولها، الا ان الحكومة تمارس ما يمكن ان يسمّى "لعبة النفي". لكنها تبدو لعبة غير متقنة لافتقارها الى وقائع تعززها. اعلام رئاسة الوزراء ويتقاطع نفي وزير الدفاع حادث الثرثار، واعتباره الامر مجرد "شائعات"، مع المعطيات التي أوردها مدير اعلام مجلس الوزراء عبر صفحته الشخصية في موقع "فايسبوك" للتواصل الاجتماعي، الامر الذي يكشف حجم الاضطراب وتضارب المعلومات في الحرب ضد "داعش". فقد اكد مدير مكتب اعلام رئاسة الوزراء قاسم محمد جبار حادث الثرثار وقال في صفحته إن "انفجار" العربات المفخخة الذي سبق اقتحام عناصر الجيش في "ناظم التقسيم" أدى الى "استشهاد 13 عنصراً ضمنهم قائد الفرقة وآمر لواء آلي 38 وجرح 23 وفقد 8".
كذلك أكدت لجنة الامن في مجلس النواب الحادث، معتبرة أن مقتل قائد الفرقة الأولى وآمر أحد ألويتها، ناجم عن "خطأ" الاستراتيجية المعتمدة في انتشار القطعات العسكرية طوال السنتين الاخيرتين وحتى الآن. وقالت إنها طالبت مراراً بوجوب وجود القوات في نقاط حيوية، محصنة ومسلحة جيداً، لئلا تكون "لقمة سائغة" للعدو. مناشدات عبر وسائل الإعلام ولعل اغرب ما يحصل في حرب الانبار عموماً، هي المناشدات عبر "وسائل الاعلام" التي تطلقها بعض القطعات العسكرية هناك لإنقاذها إذا حاصرتها عناصر "داعش". وقد درج موقع "القرطاس نيوز" الالكتروني المحلي منذ فترة طويلة على نشر مناشدات الضباط والجنود المحاصرين في مناطق القتال.
وقال رئيس تحرير الموقع أحمد عبد الحسين لـ"النهار" بمرارة: "ليست مهمتنا نشر مناشدات عناصر الجيش، ولكن ماذا نفعل حين يتصل الجنود بنا؟ يقولون لنا مراجعنا العسكرية لا تستجيب لاغاثتنا في حال تطويقنا من داعش ونفاد الذخيرة والغذاء لدينا، ادارة الحرب ضعيفة وفوضوية، والجنود يتركون لشأنهم في أوقات غير قليلة".
|