حضّ مجلس الأمن المشاركين في المفاوضات حول ليبيا على «الاتفاق على حكومة وحدة وطنية من أجل إنهاء الأزمة» وهدد بفرض عقوبات على مثيري الاضطرابات، فيما أعلن المتحاورون الليبيون في الجزائر توافقهم على مبدأ تشكيل تلك الحكومة لكن خلافهم ما زال قائماً حول مصير السلطة التشريعية وهي النقطة التي ستُناقش في جولة حوار جديدة في المغرب غداً.
وفي بيان تبنوه بالإجماع أول من أمس، أخذ أعضاء مجلس الأمن الـ15 علماً بالحوار في العاصمة الجزائرية، وقالوا انهم «ينتظرون بفارغ الصبر الجولة المقبلة من الحوار الليبي المقررة في المغرب في 15 نيسان/ أبريل». وأعربوا عن «قلقهم الشديد حيال استمرار العنف» في ليبيا وطلبوا من جميع المتحاربين وضع حد للأعمال العدائية.
وذكروا أن مجلس الأمن «مستعد لفرض عقوبات على الذين يهددون السلام والاستقرار والأمن في ليبيا أو الذين يقفون عقبة أمام المرحلة الانتقالية».
ميدانياً، قُتل 5 من المقاتلين الموالين للسلطات الحاكمة في طرابلس وأُصيب آخران في هجوم شنّه مسلحون مجهولون على نقطة تفتيش جنوب شرق العاصمة الليبية قبيل منتصف ليل الإثنين الثلثاء.
من جهة أخرى، شهدت مدينة بنغازي مساء الإثنين قصفاً عشوائياً على أغلب المحاور والمناطقة الآهلة بالسكن تسببت في أضرار بشرية ومادية. وقال آمر التحريات الخاصة في القوات الخاصة التابعة لحكومة عبد الله الثني المعترف بها دولياً، فضل الحاسي، إن 3 من عناصره ومدني أُصيبوا جراء القصف العشوائي على محور شارع الحجاز.
وقال إن «الميليشيات الإرهابية قصفت مراكز الجيش على محور شارع الحجاز بـ6 قذائف هاون نوع 120، سقطت ثلاثة منها في وسط شارع الحجاز».
كما أعلن مصدر في «كتيبة شهداء الزاوية» أن أحد أفرادها قُتل جراء سقوط قذيفة هاون على مقر الكتيبة في منطقة طابلينوا غرب بنغازي.
الثني إلى روسيا
وفي سياق متصل، أعلن رئيس الحكومة الليبية الموقتة عبد الله الثني عزمه الطلب إلى روسيا «مساعدة ليبيا في إعادة بناء قواتها المسلحة التي تخوض حرباً شرسة ضد الإرهاب».
وأضاف في تصريح لوكالة أنباء سبوتنك الروسية عشية زيارته المرتقبة إلى موسكو: «نريد من روسيا كدولة عظمى أن تساعدنا في بناء الجيش وإعادة الاستقرار إلى ليبيا». وأوضح أن الحكومة الليبية تخطط لتفعيل تنفيذ عقود لشراء أسلحة موقعة بين نظام العقيد معمر القذافي السابق وروسيا في عام 2008.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية في كوريا الجنوبية أمس، أنها سحبت ديبلوماسييها من العاصمة الليبية طرابلس عقب هجوم دام على مجمَّع سفارتها أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عنه.
وأفادت الوزارة في بيان بأن العمل توقف في السفارة أمس، وأنها نقلت دبلوماسييها إلى مكتب موقت في تونس.
على صعيد آخر، تعقد أطراف النزاع الليبي غداً في منتجع الصخيرات قرب العاصمة المغربية الرباط، جولة حوار جديدة برعاية الأمم المتحدة لإتمام الاتفاق حول حكومة وحدة وطنية.
وقال مدير مكتب محمد صالح المخزوم عضو المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته: «يصل وفدنا غداً (الأربعاء) إلى المغرب والأكيد أننا سنستأنف جولة جديدة من المشاورات التي بدأناها قبل أسابيع». وأضاف: «أعضاء البرلمان مجتمعون الآن لتدارس التطورات الأخيرة وتحديد النقاط التي سيتم التطرق إليها في جولة الحوار الجديدة».
وكانت العاصمة الجزائرية شهدت أمس، اختتام أعمال الجولة الثانية من الحوار الليبي. وذكر رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا برناردينو ليون أن حلاً سياسياً للازمة الليبية «ليس ببعيد»، داعياً أطراف النزاع إلى تجسيد حوارهم من خلال «اتفاق مكتوب».
وقال نائب رئيس المجلس الوطني الليبي السابق عبد الحفيظ غوقة، إن «اجتماع الجزائر هو الأهم إلى حد الآن للاقتراب من حل الأزمة الليبية، وذلك لأن القوى السياسية الحاضرة والمتمثلة في الأحزاب الرئيسية الخمسة، 3 منها لها علاقة مباشرة في المشهد وفي الأزمة الحاصلة».
أما رئيس «حزب الوطن الليبي» عبد الحكيم بلحاج فقال إن حزبه أشار للبعثة بأن يتم توسيع دائرة الذين سيقدمون الدعم و المساندة لفريقي الحوار والمتمثلة في المجالس البلدية والمرأة والقادة الميدانيين لما لهم من تأثير مباشر على مجريات الأحداث. وأمل أن تتوج الجهود بالوصول إلى اتفاق لتشكيل حكومة توافق وطني والنظر في حل لأزمة التشريع في البلاد.
جولة ثانية من الحوار الليبي في الجزائر
الجزائر - عاطف قدادرة تمنى رئيس تحالف القوى الوطنية الليبية أحمد جبريل خلال جولة الحوار الثانية التي عُقدت في العاصمة الجزائرية أمس، التوصل بسرعة إلى «توافق عام لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية ووضع برنامج عمل للمرحلة القادمة» في ليبيا. وهذه هي المشاركة الأولى لجبريل في حوار الجزائر على رأس وفد من التحالف الذي يتزعمه، كان حضر الجولة الأولى التي جرت مطلع آذار (مارس) الماضي.
وانطلقت أمس، الجولة الثانية من الحوار الليبي تحت إشراف الأمم المتحدة لمناقشة «التقرير النهائي للوصول إلى حل سياسي سلمي لهذه الأزمة» وفق تعبير بيان رسمي جزائري. وسمحت الخارجية الجزائرية للصحافة بحضور كلمات الافتتاح لممثل الجزائر ثم الأمم المتحدة وبعدها جبريل، قبل مواصلة الحوار في جلسة مغلقة.
وقال جبريل في كلمته: «إننا واثقون بأن الجزائر حريصة على حل الأزمة الليبية وإنهاء حالة الانقسام وتحقيق الأمن والاستقرار، والتوصل إلى توافق عام لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية ووضع برنامج عمل للمرحلة القادمة».
وحضر الجولة الثانية من الحوار قادة أحزاب وناشطون سياسيون من ليبيا أبرزهم أحمد جبريل والزهراء لنقي وتركية الواعر وعاطف الحاسية وأحمد البكاي والمهدي الوردامي الأمين وجمال جرناز ومحمد سوالم وعثمان الريشي ومحمد بن غشير وعبدالهادي شماطة، وكل مَن شارك في الجولة الأولى، إضافة إلى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا برناردينيو ليون، وسفراء دول الجوار المعتمدين لدى الجزائر.
من جهته، أشاد ليون بـ «الدور الخاص الذي تلعبه الجزائر لحل الأزمة في ليبيا»، مشيراً إلى أن «أفضل دور للجزائر هو اجتماع اليوم الذي يحضره ممثلون هامون لمناقشة التقرير النهائي لإيجاد حل سياسي سلمي في ليبيا».
وقال ليون: «نحن قريبون جداً من الحل السياسي في ليبيا لكن ما زالت أمامنا تحديات كثيرة». وأضاف: «نحن هنا اليوم لتوجيه رسالة قوية بأنه لا يجب أن يفقد أي ليبي حياته، لأن الليبيين يمكن أن يعيشوا سوياً» والحوار مفتوح للجميع «ما عدا أولئك الذين أبعدوا أنفسهم عن الديموقراطية ويدعمون الارهاب والتطرف».
وتابع ليون: «إنها المرة الأولى التي يجتمع فيها ممثلون مهمون لأهم المجموعات السياسية لمناقشة المشروع النهائي للاتفاق السياسي وجهاً لوجه. ليبيا ما زالت تشهد المعارك وعلينا أن نوجه رسالة إلى هؤلاء المتقاتلين أن عليهم أن يعطونا فرصة. عليهم أن يعطوا فرصة لاولئك الذين يحاولون إيجاد حل سياسي».
واعتبر الوزير الجزائري المنتدب المكلَّف بالشؤون المغاربية والأفريقية، عبدالقادر مساهل، أن «عدو ليبيا ليس الفرد الليبي، بل عدوه هو الإرهاب وعدم الاستقرار والفوضى»، مشيراً إلى أن «هذه المعضلات يستوجب التصدي لها بالوحدة والعزيمة».
وأكد مساهل في هذا الإطار، أن الجزائر «متيقنة بأن الأشقاء الليبيين على اختلاف توجهاتهم، لهم من الحكمة والوطنية والشجاعة والرصيد التاريخي ما يجعلهم يعون كل الوعي بأنهم على موعد متجدد مع التاريخ لتقرير مصيرهم»، ومن ثم «وجب علينا أن نشجعهم على اتخاذ تدابير جريئة من شأنها أن تساعد على التهدئة وتمهد الطريق للحل السلمي».
|