الخرطوم ـ من نبيل سليم: رغم حصولها في انتخابات الرئاسة بالسودان عام 2010 على 30 ألف صوت فقط من جملة أصوات الناخبين البالغ أكثر من 13 مليون شخص، تخوض فاطمة عبد المحمود للمرة الثانية غمار سباق الانتخابات الرئاسية المقررة يوم غد الاثنين، في مواجهة 15 مرشحاً، أبرزهم الرئيس الحالي عمر البشير.
وقالت فاطمة عقب سقوطها في الانتخابات الماضية: «إن هدفها من الترشح للرئاسة، كان دفع المرأة للأمام وليس الفوز بالضرورة»، واعتبرت نفسها فائزة بهذا المعنى رغم نتيجتها المتواضعة.
وتدخل فاطمة الانتخابات، عن حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي أسسه الرئيس السوداني السابق جعفر النميري، ويعد من الأحزاب الصغيرة وغير المؤثرة بالسودان. وفاطمة، هي المرأة الوحيدة وسط مرشحي الرئاسة البالغ عددهم 16، أبرزهم الرئيس الحالي عمر البشير.
وتبدأ عملية الاقتراع، حسب مفوضية الانتخابات، الإثنين المقبل وتستمر ثلاثة أيام، على أن تبدأ في ختام اليوم الثالث عملية فرز وعد الأصوات في كل مركز انتخابي على حدة من جملة 10742 مركزا انتخابيا في كل أنحاء البلاد.
أما إعلان النتائج فمقرر يوم 27 أبريل/ نيسان الجاري، على أن تعتمد النتائج النهائية بعد انقضاء فترة الأسبوعين للطعن عليها أمام القضاء، وفقا لقانون الانتخابات.
فاطمة (71 عاماً)، المولودة بأمدرمان غربي العاصمة الخرطوم عام 1944، كانت أول سودانية تشغل منصب وزير، حيث تقلدت وزارة الرعاية الاجتماعية إبان حكم النميري في الفترة بين عامي (1970 – 1973).
وقالت فاطمة في تصريحات سابقة: «أتطلع لأن أصبح رئيسة للسودان، لأؤكد أن الرئاسة ليست محصورة على الرجال»، مشيرة للتجارب النسائية في الرئاسة حول العالم. وأشارت في حديثها، إلى ثقتها في قدراتها، كونها «امرأة متعلمة» ولديها خبرة فاقت الأربعين عاما في المجال السياسي. وتابعت: «أعتقد أنني أدخل هذه الانتخابات وأنا لست يائسة.. حيث أنني في المرة الأولى دخلت الانتخابات وكنت مقتنعة بأن الهدف هو أن افتح الباب للنساء، لأن هذه التجربة لم تدخلها النساء من قبل، واعتبرت نفسي ناجحة بمجرد قبول هذا الأمر». ولفتت فاطمة إلى أنها في انتخابات 2010، حصلت على 30 ألف صوت، وأنها في هذه المرة ستحصد أصواتا أكثر، وبعدها ربما ستفوز، مشيرة إلى أنها لن تتوقف عن الترشح إلى أن تترشح سيدة أخرى.
وفاطمة، هي أول طالبة سودانية تتلقى تعليمها في دولة شرقية، حيث حصلت على بكالوريوس الطب من جامعة موسكو للصداقة 1967، كما نالت ماجستير صحة عامة وإدارة مستشفيات من موسكو في 1971. حصلت على ماجستير طب الأطفال وصحة الأسرة وتنمية المرأة من جامعة كولومبيا الأمريكية عام 1984، ثم حصلت على الدكتوراة من ذات الجامعة عام 1986، كما حازت على زمالة تخصص طب الأطفال في أكاديمية العلوم الطبية العليا من بودابست في المجر عام 1991.
عملت فاطمة أستاذة في عدد من جامعات الخليج والجامعات العالمية وفي مقدمتها جامعة كولومبيا الأمريكية، وأسست شركة الخليج للاستشارات البترولية والتجارية في إمارة أبوظبي عام 1987 .
تقلدت فاطمة مناصب حكومية عدة منذ عهد الرئيس جعفر النميري، وكانت أول وزيرة سودانية في الفترة من عام 1970 وحتى 1973، حيث تولت وزارة الرعاية الاجتماعية وهي في العشرينات من عمرها. بعد ذلك تولت وزارة الصحة، وكانت أول من ترشح لمنصب والي الولاية الوسطى التي تضم (سنار والنيل الأبيض والنيل الأزرق).
وعلى الصعيد الحزبي، شغلت منصب أمينة المرأة في تنظيم الاتحاد الاشتراكي، وسكرتيرة اتحاد نساء السودان في ذلك العهد. وتترأس حاليا، حزب الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي، وهي بذلك أول امرأة سودانية تقود حزبا، كما أنها عضو مجلس شورى اتحاد المرأة السودانية.
تنوعت نشاطات فاطمة خلال مسيرتها المهنية والسياسية، فهي مشارك أساسي في لجنة الاستثمار الأمريكية السودانية بالخرطوم عام 1982، وترأست الوفد السوداني في أول مؤتمر للأمم المتحدة في نيويورك في مجال تنمية المرأة والسكان 1974.
لها عدد من الكتب، منها: «المرأة وأرض البطولات»، و»المرأة والتنمية الاقتصادية»، و»المرأة من خلال خطب السيد الرئيس نميري 1974»، و»المرأة والتنمية الريفي»، و»المرأة ومنظمات المجتمع المدني».
عام 2007، اختارتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونسكو» ضمن 60 سيدة الأكثر تميزًا في العمل العام ببلادهن.
وحازت على ميدالية «سيرز الذهبية» للأمم المتحدة عام 1975، بوصفها من أميز ثلاث نساء في العالم، إلى جانب رئيسة وزراء الهند الراحلة «أنديرا غاندي»، ورئيسة سريلانكا السابقة «شاندريكا باندارانايكا».
تخوض فاطمة، التي اختارت الحمامة رمزاً لها، غمار السباق الرئاسي للمرة الثانية على التوالي دون اكتراث لأي معيقات اجتماعية أو مالية أو سياسية.
ورغم أن حظوظ الرئيس عمر البشير، الذي وصل السلطة عبر انقلاب عسكري في عام 1989، تبدو الأكبر، كون منافسيه الـ 15 ليسوا شخصيات سياسية معروفة، أو مرشحي أحزاب كبيرة، عقب إعلان أحزاب المعارضة الرئيسية مقاطعتها للانتخابات، إلا أن فاطمة تصر على أن خبرتها الممتدة لأربعين عاما في العمل السياسي تؤهلها لكسب الجولة. (الأناضول) |