حذر الامين العام للامم المتحدة بان كي من مون من حصول «مجزرة» في مخيم اليرموك جنوب دمشق، وسط ظهور انقساك بين السلطة الفلسطينية وحركة «حماس» إزاء مطلب النظام السوري توفير غطاء فلسطيني لاقتحام المخيم وطرد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). وسعت فصائل سورية معارضة، بينها «جبهة النصرة»، الى تكرار سيناريو إدلب في شمال غربي البلاد، بالتوحد وقتال قوات النظام في ريف دمشق، في حين رفض وفد النظام في موسكو تسلم قائمة ضمت أسماء تسعة آلاف معتقل.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إلى العمل على تفادي «مجزرة» في المخيم الذي أصبح سكانه بين فكي كماشة «داعش» والنظام، وقال: «حان الوقت للقيام بعمل ملموس لإنقاذ الأرواح ولا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي والسماح بحدوث مجزرة، لا يجب التخلي عن سكان اليرموك». واضاف: «سمعنا عن تقارير مقلقة ازاء هجوم واسع على المخيم والمدنيين فيه. هذا سيكون جريمة حرب فظيعة يجب ان يحاسب عليها المسؤولون عنها».
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» قال إن «داعش» سيطر على 90 في المئة من اليرموك، في وقت أفاد مجدلاني بأن ثلث المخيم فقط وقع تحت سيطرة التنظيم المتطرف. لكنه قال إن دخول التنظيم «أطاح بالحل السياسي ووضعنا أمام خيارات أخرى لحل أمني». وكان مجدلاني يتحدث بعد اجتماع عقد مساء الأربعاء بحضور ممثلي فصائل فلسطينية وغابت عنه «كتائب أكناف بيت المقدس»، الحركة التي نشأت أخيراً في مخيم اليرموك التي تعتبر قريبة من حركة «حماس» ومعارضة للنظام. وأضاف أنه ستشكل «غرفة عمليات مشتركة من القوات السورية والفصائل الفلسطينية التي ترغب التي لها تواجد ملموس داخل المخيم أو في محيطه لاستكمال هذه العملية النظيفة عسكرياً».
في المقابل، ظهر احد قياديي «الأكناف» في فيديو متعهداً باستمرار القتال وعدم الانسحاب من المخيم. وقال ممثل حركة «حماس» في لبنان أسامة حمدان لـ «فرانس برس»، إن الحركة لم تطلع على تفاصيل ما اتفق عليه في اجتماع الفصائل في دمشق، رافضاً في الوقت ذاته «مسألة التورط الفلسطيني العسكري في المخيم بالكامل».
وعلى صعيد القتال بين مقاتلي المعارضة وقوات النظام، قالت اللجنة الشرعية في «جبهة النصرة» في بيان: «ندعو جميع الفصائل إلى رصّ الصفوف وجمع الكلمة وحشد الطاقات في نحر العدو الصائل لفكّ الحصار (عن غوطة دمشق) وتحرير الأسرى ورفع المعاناة عن أهلنا. ولكم في إخوانكم في إدلب (شمال غرب) ودرعا (جنوب) وما أكرمهم الله به من نصر وفتوحات بعدما رصوا الصفوف ونبذوا الفرقة والاختلاف».
تزامن ذلك مع إعلان «جيش تحرير الشام»، وهو تحالف من فصائل عدة، أنه سيطر على الطريق الدولية بين دمشق وبغداد، لافتاً في بيان الى أنه استطاع «تحرير نقاط في جبال القلمون الشرقي (قرب حدود لبنان)، وطرد عناصر حزب الله المتمركزين فيها».
وفي وسط البلاد، قتل 17 عنصراً على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها في هجوم شنه «داعش» على حاجزين في ريف حمص في وسط البلاد، وفق «المرصد» الذي أشار إلى أن عناصر التنظيم «فصلوا رؤوس ثلاثة منهم عن أجسادهم».
سياسياً، قررت الأطراف السورية المشاركة في «منتدى موسكو» تمديد عمل جلسات الحوار يوماً إضافياً على أمل التوصل إلى ورقة عمل مشتركة بين شخصيات معارضة ووفد النظام، في وقت رفض رئيس وفد الحكومة السفير بشار الجعفري تسلم قائمة ضمت أسماء حوالى تسعة آلاف معتقل في سجون النظام.
دعم فلسطيني لاقتحام مخيم اليرموك ... و «حماس» تحذر من التورط
اعلن عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، توافق أبرز الفصائل الفلسطينية على القيام بعملية عسكرية بالتنسيق مع النظام السوري لإخراج تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش)، على وقع استمرار الغارات وإلقاء البراميل المتفجرة على المخيم المحاصرة، فيما حذرت «حماس» من «مسألة التورط الفلسطيني العسكري في المخيم بالكامل».
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الطيران ألقى أمس «على مناطق في مخيم اليرموك ما لا يقل عن 11 برميلاً متفجراً، ليرتفع إلى 36 على الأقل عدد البراميل المتفجرة التي ألقاها الطيران المروحي منذ الرابع من الشهر الجاري، تاريخ بدء الطيران المروحي قصفه بالبراميل المتفجرة على مخيم اليرموك، منذ بدء الاشتباكات المستمرة في الأول من نيسان الجاري، بين «أكناف بيت المقدس» ومقاتلين داعمين له من فصائل إسلامية من جهة، وتنظيم «الدولة الإسلامية» من جهة أخرى»، لافتاً إلى سقوط صواريخ أرض- ارض على المخيم.
وكان «داعش» اقتحم مخيم اليرموك وسيطر على 90 في المئة من أحيائه، حيث أدت «الاشتباكات بين مقاتلي الفصائل والتنظيم والقصف من الطيران الحربي والمروحي والاشتباكات بين الفصائل الإسلامية وقوات النظام والمسلحين الموالين لها، إلى مصرع واستشهاد ومقتل 47 شخصاً على الأقل، هم 8 مواطنين بينهم طفلة استشهدوا بالقصف الذي استهدف المخيم وبرصاص قناصة، ورجل وسيدة فارقوا الحياة جراء سوء الأوضاع الصحية والمعيشية ونقص الأدوية والأغذية والعلاج اللازم، و32 مقاتلاً من أكناف بيت المقدس ومقاتلي الفصائل الداعمة لها وتنظيم «الدولة الإسلامية»، بينهم 7 أعدمهم التنظيم و5 عناصر من التنظيم أعدمتهم فصائل إسلامية، و5 عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها قتلوا خلال الاشتباكات مع مقاتلي الفصائل الإسلامية في أطراف مخيم اليرموك».
من جهته، قال مجدلاني في مؤتمر صحافي عقده في دمشق، إن دخول التنظيم المتطرف أطاح بالحل السياسي، و «وضعنا أمام خيارات أخرى لحل أمني نراعي فيه الشراكة مع الدولة السورية صاحبة القرار الأول والأخير في الحفاظ على أمن المواطنين»، مشيراً إلى أن «الجهد الفلسطيني هو جهد تكاملي مع دور الدولة السورية في تطهير المخيم من الإرهاب».
وكان مجدلاني يتحدث بعد اجتماع عقد مساء الأربعاء وشارك فيه ممثلون عن 14 فصيلاً فلسطينياً في سورية، وغابت عنه «كتائب أكناف بيت المقدس»، الحركة التي نشأت أخيراً في مخيم اليرموك والتي تعتبر قريبة من حركة «حماس» ومعارضة للنظام السوري. ومنذ دخول «داعش» مخيم اليرموك في الأول من الشهر الجاري، تقاتل «كتائب أكناف بيت المقدس» التنظيم المتطرف.
وقال المسؤول الفلسطيني القادم من رام الله الذي شارك في اجتماع الفصائل: «اتفقنا على أن يبقى (الاجتماع) مفتوحاً للتنسيق الدائم مع القيادة السورية، وأن تُشكل غرفة عمليات مشتركة من القوات السورية والفصائل الفلسطينية التي ترغب والتي لها تواجد ملموس داخل المخيم أو في محيطه لاستكمال هذه العملية النظيفة عسكرياً».
وأوضح أن «أي عمل (عسكري) يجب أن يراعي حياة المدنيين السوريين والفلسطينيين في اليرموك، وألا تكون هناك حالة من التدمير الشامل للمخيم، وأن تتم العملية بشكل تدريجي في الأحياء».
وأكد ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في دمشق أنور عبد الهادي لوكالة «فرانس برس»، أن الفصائل الفلسطينية توافقت في الاجتماع «على دعم الحل العسكري لإخراج داعش من المخيم».
وفيما لم يكن في الإمكان الاتصال بممثلين عن «كتائب أكناف بيت المقدس» لتبين موقفها من العملية العسكرية، قال عبد الهادي إن «تسعين مقاتلاً من أكناف بيت المقدس باتوا ينسقون مع غرفة العمليات المشتركة ويقاتلون إلى جانب النظام».
وظهر احد قياديي «الأكناف» في فيديو متعهداً باستمرار القتال وعدم الانسحاب من المخيم. من جهته، أشار مجدلاني إلى أن «جزءاً من مقاتلي أكناف بيت المقدس انشقوا عنه وباتوا يقاتلون إلى جانب تنظيمي داعش والنصرة».
وتنفي حركة «حماس» أي علاقة لها بـ «كتائب أكناف بيت المقدس» التي تقدم نفسها على أنها مؤلفة من «أبناء المخيم». وقال ممثل حركة «حماس» في لبنان أسامة حمدان لـ «فرانس برس»، أن الحركة لم تطلع على تفاصيل ما اتفق عليه في اجتماع الفصائل في دمشق، رافضاً في الوقت ذاته «مسألة التورط الفلسطيني العسكري في المخيم بالكامل».
وكانت قيادة حركة «حماس» موجودة في دمشق قبل بدء النزاع السوري في منتصف آذار (مارس) 2011، إلا أنها اضطرت للانتقال الى الدوحة بعد أن اعتمدت موقفاً مناهضاً للنظام ومتعاطفاً مع المعارضة السورية.
ويؤوي المخيم حالياً -وفق مجدلاني- قرابة عشرة آلاف فلسطيني وخمسة آلاف سوري، بعد أن نزح منه أكثر من ألفي شخص إثر دخول تنظيم «الدولة الإسلامية».
واندلعت المعارك في مخيم اليرموك في أيلول (سبتمبر) 2012، وتمكنت مجموعات من المعارضة المسلحة من السيطرة عليه، بينما انقسمت المجموعات الفلسطينية المقاتلة مع النظام وضده. وبعد أشهر من المعارك، أحكمت قوات النظام حصارها على المخيم الذي بات يعاني من أزمة إنسانية قاسية في ظل نقص فادح في المواد الغذائية والأدوية، ما تسبب بوفاة نحو مئتي شخص، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان». |