لليوم الرابع اليوم تستمر الأنظار مشدودة الى شهادة الرئيس فؤاد السنيورة امام المحكمة الخاصة بلبنان حيث يواصل الإجابة على أسئلة تميزت في اليومين الاخيرين بإغراق في تفاصيل مثيرة الامر الذي ضاعف الطابع المثير للاهتمام بهذه الشهادة . وفيما يجري رصد ردود الفعل الاولية الداخلية على الشهادة وتلك التي يمكن ان تصدر لاحقا خصوصا عن حزب الله وفريق ٨ آذار برز امس رفض الرئيس السنيورة ما وصفه بتسديد اي اتهام غير مسند الى قرار المحكمة وحكمها في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري وذلك غداة نقله عن الرئيس الحريري ان محاولات عدة لاغتياله جرت من جانب حزب الله . في اي حال يبدو ان الجانب التفصيلي من شهادة السنيورة قد شارف النهاية فيما ترصد الاوساط الداخلية أصداء الشهادة وتردداتها لا سيما على مستوى الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله . وتقول اوساط مواكبة ل" النهار' ان الحوار سيمضي قدما على الارجح لان المعطيات التي سبقت شهادة السنيورة وأعقبتها لم تبدل في مسار الحوار ولو سعى بعض أطراف ٨ آذار التشويش على هذا الامر في اطار الحملة التي تصاعدت على الرئيس السنيورة لاهداف معروفة . ذلك ان المحتوى الموضوعي للشهادة اثبت ان السنيورة حرص على ان يكون دقيقا للغاية حتى في الجانب المفاجئ المتصل بما كشفه عما سمعه من الرئيس رفيق الحريري في شان محاولات لاغتياله . وهو لم يستطرد ولم يجتهد ولم يفسر هذا الذي سمعه بل افاد وكرر إفادته امس بان نقل ما سمع فقط لأمانة الشهادة . اما حين حاولت أسئلة فريق الدفاع حشره في خانة الاجتهاد فانه رفض اي تفسير كما رفض اي اتهام لحزب الله كما رفض اي تلميح الى نيات لدى الرئيس السابق أميل لحود مع ان السنيورة أسهب في شرح ممارسات النظام الأمني السوري اللبناني المشترك ايام لحود . وتعتقد الاوساط ان لا مجال هنا لاتهام السنيورة بافتعال مناخ تصعيدي للإطاحة بالحوار الا اذا كان البعض يظنون ان السنيورة كان يفترض ان يخضع وقائع تتعلق بكونه شاهدا أساسيا ومن حافظي اسرار الرئيس الحريري للطمس والكتمان حتى على المحكمة .
وفي هذا السياق تشير الاوساط الى ان الحوار انطلق اساسا على قاعدة تحييد كل الامور والملفات الخلافية الكبيرة بين الفريقين والتركيز فقط على بندين هما تنفيس الاحتقان السني الشيعي والملف الرئاسي ، وكان ملف المحكمة ولا يزال وسيظل اكبر الملفات الخلافية بين المستقبل وحزب الله ، ولا داعي تاليا لأي تذرع او تحجج بشهادة السنيورة سواء صح انها تؤثر على الحوار ام لم يصح علما ان شهودا اخرين سيمثلون تباعا امام المحكمة . وتشير الاوساط الى ان الايام القليلة المقبلة ستكون كفيلة بإيضاح المنحى المقبل للحوار مع ترجيح استمراره بطبيعة الحال .
الرفض العوني للتمديد قد يعرقل العمل الحكومي 8 آذار تخيّر شركاءها بين مرشّحها و"التأسيسي"
عباس الصباغ ليس جديداً موقف "التيار الوطني الحر" الرافض للتمديد، وسبق أن عارض التمديد للبرلمان ولقادة أمنيين بينهم قائد الجيش العماد جان قهوجي. الاعتراض العوني هذه المرة، وان يكن لا يختلف عن السابق، الا انه قد يعرقل العمل الحكومي الذي استعاد عافيته بعد ترنح كاد يطيح حكومة المصلحة الوطنية.
يكشف عالمون بطريقة خوض "التيار الوطني" معاركه السياسية ان الاعتراض على التمديد لقهوجي وغيره لن يتوقف عند حدود تسجيل الموقف، فالتيار لا تجمعه علاقة ود مع قائد الجيش، وليس اعتصام ساحة الشهداء اخيرا لأهالي شهداء الجيش الا رسالة متعددة الاتجاه، وان كان ظاهرها قطع الطريق على تسوية أوضاع بعض المتهمين بقتل عناصر وضباط من الجيش، الا ان سهام الاعتصام اصابت ابعد من الهدف المعلن. وان جولات عون السابقة والتي سيستكملها تباعا تهدف الى شرح وجهة نظره المعارضة للتمديد، وان يكن موقف من التقاهم او من سيلتقيهم لا يتطابق مع موقفه.
الفرصة الأخيرة لعون يعلم "التيار الوطني الحر" من خلال حركة رئيسه ان فرصة الوصول الى الرئاسة الأولى ربما لن تتكرر بعد الآن، وبالتالي يخوض المواجهة متكئا على دعم حليفه "حزب الله" الذي لم يترك مناسبة إلا أعلن فيها "ان طريق الرئاسة تمر من الرابية". وفي هذا السياق يكشف مصدر في 8 آذار لـ"النهار" ان عرضاً رئاسياً تلقاه، مفاده تسمية اي مرشح غير العماد عون، وان الفريق الوازن والمقرر في 14 آذار سيتبنى هذا المرشح من دون تردد، وان كان العرض لا يضع مواصفات محددة للمرشح الرئاسي. ويضيف ان الرد كان سلبيا لأن قوى 8 آذار ليس لديها مرشح آخر غير عون، وان تجربة الدوحة لن تتكرر، وهو ما اعلنه عون صراحة في احتفال الذكرى الـ26 لـ14 آذار". (14 آذار 1989 عندما أعلن حرب التحرير).
وبناء عليه، يبقى الفراغ في سدة الرئاسة ما دامت قوى 8 آذار تملك الثلث المعطل وهي غير مستعدة لتقديم تنازلات، وخصوصا انها تعتبر ان انتخاب الرئيس التوافقي بعد تسوية الدوحة لم يكن خيارا صائبا ولا داعي لتكراره.
ولكن الى اين تسير الامور؟ وهل يستمر الفراغ الى ما شاء الله؟ وما مصير الحكومة؟ يجيب المصدر بأنه حتى الآن ليس في الافق ما يشي بتغيير المعادلة الحالية، وفي حال وصول فريق 8 آذار الى اللحظة التي يتخلى فيها عن ترشيح عون، فإن المقابل هو مؤتمر تأسيسي، او بالحد الأدنى "تجميل الطائف".
اما "التيار الوطني الحر" فبات قاب قوسين من اعادة النظر في مستقبل مشاركته في الحكومة السلامية ما لم يكن هناك موقف واضح يرفض التمديد. لكن هذا لا يعني الاستقالة، وإنما هو أقرب الى اعتكاف بعض الوزراء، الامر الذي يدفع اكثر في اتجاه المؤتمر التأسيسي، وفي السياق الحكومي، وان كان لأسباب اخرى فإن الجلسة الماضية شهدت سجالاً افتتحه وزراء 8 آذار حول المواقف الاخيرة لقادة بارزين في 14 آذار، واللافت ان الاعتراض لم يكن مصدره الرابية او حارة حريك.
هيئة المجلس حسمت "تشريع الضرورة" وجدول الأعمال رهن اتفاق الكتل النيابية
لم تبت هيئة مكتب مجلس النواب أمس أمر "تشريع الضرورة"، وان كانت اتفقت على المبدأ، الا انها اعادت المسألة الى الكتل النيابية للتشاور والاتفاق وتحديد ما هو ضروري لها. اذ يبدو ان رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ترأس اجتماع الهيئة في عين التينة، اراد ان يضمن انعقاد الجلسة الاشتراعية العامة المتوقعة مطلع الشهر المقبل، بمعنى ان تعقد بالاتفاق وبالاتجاهات السياسية كلها، افضل من ان تعقد بنصاب وانما بغياب البعض. حضر اجتماع الهيئة النواب مروان حماده وميشال موسى وانطوان زهرا واحمد فتفت وسيرج طورسركيسيان، والامين العام للمجلس عدنان ضاهر والمدير العام للادارة المشتركة محمد موسى، وغاب نائب رئيس المجلس فريد مكاري.
وبعد الاجتماع، صرّح حماده: "انطلاقاً من مبدأ تشريع الضرورة الذي ساد منذ اليوم الاول الذي بدأنا نشكو فيه غياب رئيس الجمهورية، قرر الرئيس بري توزيع مشروع جدول الاعمال على اعضاء مكتب المجلس ليراجعوا فيه كتلهم والكتل الاخرى غير الممثلة في مكتب المجلس، ليصار على اساسه الى عقد جلسة اخرى يدعو اليها الرئيس بري لاعتماد القرار النهائي".
وعلمت "النهار" ان الجدول الذي وزّع يضم 33 بندا، هي كل الاقتراحات ومشاريع القوانين التي أنجزتها حتى الآن اللجان النيابية واللجان المشتركة، ليصار من بينها الى تحديد ما هو ضروري، في رأي كل كتلة نيابية، ولا سيما بالنسبة الى الكتل غير الممثلة في هيئة المجلس، ومنها كتلة الكتائب التي كانت أول من عارضت التشريع في غياب رئيس الجمهورية، الا للامور الضرورية فقط.
وخلال الاجتماع ايضا، جدّد كل عضو موقف كتلته من الجلسة الاشتراعية العامة، وسط الفراغ الرئاسي، اذ اكد عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب انطوان زهرا ان "القوات توافق فقط على تشريع الضرورة".
وعلم ان الحلفاء سيتشاورون مع الكتل غير الممثلة في الهيئة، على ان تعرض وجهة نظر هذه الكتل خلال اجتماع الهيئة المقبل. الا ان بري لم يحدد بعد الاجتماع المقبل للهيئة، كما انه لم يدع الى جلسة عامة في انتظار ما ستؤول اليه الاتصالات بين الكتل للاتفاق على جدول الاعمال.
ووفق معلومات "النهار"، فإن الاجتماع كان ايجابيا ولم يلحظ اي تشنج، وان بري بدا متفهما بدليل انه لم يحدد موعداً للجلسة، علما ان هذا الامر من صلاحياته. هكذا، تكون الهيئة قد حسمت "تشريع الضرورة" لكنها تركت جدول الاعمال رهن الكتل النيابية، فهل سيجمع رأي كل الكتل على ما هو ضروري؟ وكان بري استقبل الوزير وائل ابو فاعور الذي وضعه في اجواء لقاء رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.
السنيورة نقل عن الحريري في اليوم الثاني لشهادته: كشفنا كذا محاولة لاغتيالي من "حزب الله"
كلوديت سركيس وصف رئيس تكتل"المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة الرئيس رفيق الحريري امام غرفة الدرجة الاولى في المحكمة الخاصة بلبنان برئاسة القاضي دايفد راي، بالشخصية الكاريزماتية النفاذة الى الناس والمسؤولين في الخارج. وذلك خلال رده على ممثل الادعاء غرايم كامرون. أضاف: "عند تحقيق الحريري انجازا في اسفاره الخارجية كان يثير حفيظة البعض ويقول لي: "الله يسترنا شو بدن يعملو بعودتنا الى بيروت" قاصدا الجهاز الامني اللبناني والسوري، واسقاط اناس التهم عليه من التخوين الى العمل ضدهم رغبة منهم في ابقاء لبنان ملجوما تحت سلطة الجهاز الامني، وخاضعا للاستتباع للنظام السوري. وتناول غداء الحريري على يخت نائب رئيس الوزراء سابقا عصام فارس في الثالث من شباط 2005 في المارينا، والبحث خلاله في شؤون عامة وقانون الانتخاب و"بقي الاجتماع بلا قرارات".
وردا على كامرون: "هل ابدى الحريري امام السنيورة مخاوف في شأن سلامته الشخصية؟" اجاب السنيورة: "نعم في كثير من الاحيان واثناء اصطحابه لي معه في سيارته وكنا منفردين في سيارته. وذكر لي مرة واحدة لا اذكر تاريخها ربما نهاية 2003 او مطلع 2004، التفت الي فجأة وقال: "بتعرف يا فؤاد صرنا مكتشفين كذا محاولة لاغتيالي من حزب الله". وساد صمت بعد كلامه. ولم يعلق. وانا كذلك. كما سمعته يقول لأشخاص عندما يعربون عن مخاوفهم عليه: "ما بيسترجو يعملوها. هيدي قصة كبيرة". هو تسلح بالقدر وردد ان مسألة اغتياله كبيرة جدا لا يستطيع البعض تحمل عواقبها والاقدام عليها".
وتناول آخر لقاء والحريري قبل يومين من اغتياله مساء في دارته. وقال: "كان متجهّما غاضبا تنتابه حالة من الامتعاض الشديد الى حد القرف من موضوع توزيع الزيت وعاقد الحاجبين ووجهه اسود. وقصدوا من هذا التصرف مضايقة الحريري وتهشيم صورته"، متابعا: "فجأة دخل يحيى العرب وابلغ الحريري: "شفت ابو عبدو (غزالي) وسلمتو الغرض". واستنتجت ان ابا طارق سلم غزالي مبلغا. وكنت اسمع عن مساعدات يعطيها الحريري لغزالي بين حين وآخر".
وردا على المستشارين القاضيين ميشلين بريدي ووليد عاكوم: "هل كانت مساعدات او خوات لغزالي؟" قال: "اعتقد ان الحريري حاول ان يتقي العسف والاساءة التي يمكن ان تقوم بها تلك المجموعة من النظام الامني السوري. اضطر الى هذا الاسلوب لخفض مستوى الاحقاد التي كانت يفجرها ضده هؤلاء الاشخاص".
وردا على الممثل القانوني للمتضررين المحامي بيتر هاينز قال: "ان لبنان شهد اغتيالات كثيرة لمسؤولين سياسيين وروحيين وصحافيين، ولم يتم كشف مرتكبيها. ولو لم تنشأ هذه المحكمة لكان سيل الجرائم استمر. صحيح ان جرائم حصلت بعدها، ولكن نعتقد ان كشف قضية الحريري سيعتبر خطا فاصلا أساسيا بين مرحلة واخرى ويكون مانعا لارتكاب اي جرائم مماثلة مستقبلا". واضاف: "كنت لحظة الجريمة في مكتبي غير البعيد من موقع الانفجار. واصبت باغماء ما استدعى دعوة احد الاطباء الى مكتبي"، مشيرا الى ان المجتمعين في دارة قريطم تلك الليلة قر رأيهم على ان ثمة من يحاول ازالة الحريري المدافع عن الحرية والديموقراطية والعيش المشترك والرغبة في اجراء انتخابات حرة في لبنان. وثمة من قال ان الناس سيعبرون باغتياله عن غضبهم عشرة ايام، ثم تنسى الامور وتحال القضية على المجلس العدلي خصوصاً اننا من الايام الاولى اكتشفنا تلاعبا في مسرح الجريمة كسابقاتها من الجرائم مما اثار الشكوك". وتطرق الى موضوع عرقلة انشاء المحكمة واعتكاف اعضاء في الحكومة اثر اغتيال النائب والصحافي جبران تويني في سياقها. وقال ان الرئيس اميل لحود تمنع عن الحضور الى جلسة الحكومة عام 2006 المخصصة للتوقيع على انشاء المحكمة. وعرج الشاهد على عقد طاولة الحوار الوطني بدعوة من الرئيس نبيه بري وحضوره واتخاذ قرار بالاجماع بالموافقة على انشائها. واشار الى ان الغالبية الساحقة من الشعب،بالاستناد الى التظاهرة المليونية، تريد كشف الحقيقة ووقف الهرب من العدالة والحد من ارتكاب الجرائم".
وفي الاستجواب المضاد من المحامي فيليب لاروشيل عن مصالح المتهم حسين حسن عنيسي قال السنيورة: "ليس في استطاعتي ان احدد فلانا بانه ارتكب جريمة اغتيال الحريري. فهي غير شخصية وتتعدى اطار من كبسوا على الزر"، مشيرا الى "ضغوط مورست أحدها عام 1998 بتلفيق تهمة محرقة برج حمود للزج بي في السجن من النظام الامني اللبناني وبدعم من النظام الامني السوري". ونفى علمه بدفع الحريري مبالغ لغازي كنعان او آخرين. وذكر ان نائب الرئيس السوري سابقا عبد الحليم خدام واللواء حكمت الشهابي كانا الاقرب الى الحريري في الجهاز الامني السوري. ورد سرية لقاءات الحريري بالسيد حسن نصراالله الى اسباب امنية، مؤكدا ان "هذه اللقاءات، والتي حظيت باحترام متبادل وثقة، لم تكن تشعر السعودية بعدم الرضى. وتمت في التسعينات ومطلع الألفين".
|