شنت طائرات النظام السوري ومروحياته عشرات الغارات أمس على مناطق سيطرة المعارضة في أنحاء البلاد، موقعة قتلى وجرحى، فيما استقدمت القوات الحكومية تعزيزات إلى ريف حمص الشرقي الذي يشهد هجمات متكررة يشنها تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) وتستهدف خصوصاً منشآت حيوية لإنتاج الطاقة. كما تمكّن تنظيم «الدولة» من قطع طريق إمداد النظام بين محافظتَي حماة (وسط) وحلب (شمال)، بعد سيطرته على مواقع للقوات النظامية في ريف حماة الشرقي.
وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في تقرير أمس أنه «وثّق 10263 غارة نفذتها طائرات النظام الحربية وبرميلاً ألقته طائرات النظام المروحية على مناطق في قرى وبلدات ومدن سورية خلال 5 أشهر، منذ فجر 20 تشرين الأول (أكتوبر) من العام 2014، وحتى فجر 20 آذار (مارس) من العام 2015».
وأوضح أن «طائرات النظام المروحية قصفت بـ 5335 برميلاً متفجراً مناطق في محافظات ريف دمشق، حلب، حمص، حماة، الحسكة، القنيطرة، دير الزور، إدلب، درعا واللاذقية، في حين نفذت طائرات النظام الحربية ما لا يقل عن 4928 غارة استهدفت مناطق في محافظات دمشق، ريف دمشق، دير الزور، حمص، اللاذقية، القنيطرة، حماة، حلب، إدلب، درعا، الحسكة والرقة».
وأشار «المرصد» إلى أنه «وثّق استشهاد 2172 مواطناً مدنياً، هم 436 طفلاً دون سن الثامنة عشرة، و355 مواطنة فوق سن الـ 18، و1381 رجلاً، نتيجة القصف من الطائرات الحربية والمروحية، بالإضافة إلى إصابة نحو 10000 آخرين من المدنيين بجروح، وتشريد عشرات آلاف المواطنين».
وأضاف أن الغارات والبراميل أدت أيضاً إلى مقتل «ما لا يقل عن 584 مقاتلاً من الفصائل المقاتلة والإسلامية و»جبهة النصرة» (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) وتنظيم «الدولة الإسلامية»، وإصابة مئات آخرين بجروح في مناطق سورية عدة».
ميدانياً، أشارت وكالة «مسار برس» المعارضة إلى «تجدد الاشتباكات بين تنظيم «الدولة الإسلامية» وقوات الأسد في محيط جبل الشاعر ومنطقة جزل في ريف حمص الشرقي، ما أسفر عن مقتل عنصر من قوات الأسد» التي قصفت المنطقة بالمدفعية. وتابعت «أن قوات الأسد استقدمت اليوم الجمعة (أمس) تعزيزات عسكرية جديدة إلى محيط جبل الشاعر ومنطقة جزل وقرية الفرقلس عبر طريق حمص - تدمر»، ولفتت إلى أن ثلاثة من جنود النظام قتلوا الخميس في مكمن نصبه لهم تنظيم «الدولة الإسلامية» في منطقة جزل. وتابعت أن مقاتلي المعارضة تصدوا مساء الخميس لقوات النظام و «الشبيحة» خلال «محاولة تقدم في مزارع مدينة الرستن» في ريف حمص الشمالي.
وأورد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، من جهته، أن تنظيم «الدولة الإسلامية» أعدم رجلين إثنين بإطلاق النار عليهما في ريف حمص الشرقي، أحدهما بتهمة «التجسس لمصلحة النظام النصيري» والآخر بتهمة «سب الذات الإلهية». ولفت إلى أن إعدامهما جاء بعدما كان التنظيم قد قام بفصل رؤوس خمسة أشخاص عن أجسادهم قرب منطقة السخنة بالريف الشرقي لحمص، متهماً إياهم بأنهم «مرتدون من أعوان النصيرية».
وفي محافظة حماة المجاورة، ذكر «المرصد» أن الطيران الحربي قصف قرية قنبر في ناحية عقيربات ومحيط منطقة السعن في ريف حماة الشرقي، بينما «تدور اشتباكات بين تنظيم «الدولة الإسلامية» من طرف، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من طرف آخر، قرب قرية الشيخ هلال بريف السعن الواقعة بالريف الشرقي لحماة، وسط قصف جوي على منطقة الاشتباك، وقصف لقوات النظام على مناطق الاشتباك وأنباء عن تقدم للتنظيم في المنطقة». أما وكالة «مسار برس» فذكرت من جانبها أن «تنظيم الدولة سيطر اليوم الجمعة (أمس) على منطقة الشيخ هلال بناحية السعن بريف حماة الشرقي، وذلك بعد تمكنه من نسف حاجزي المجبل والحنيطة الواقعين على طريق سلمية - خناصر، ما أدى إلى سقوط 20 عنصراً من قوات الأسد بين قتيل وجريح». ونقلت الوكالة عن مراسلها في حماة إن تنظيم «الدولة» بسيطرته على الشيخ هلال «يكون قد قطع طريق الإمداد العسكري لقوات الأسد من حماة إلى مدينة حلب وريفها».
وفي محافظة إدلب بشمال غربي سورية، أفاد «المرصد» بأنه «قُتل 6 عناصر على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها خلال هجوم لمقاتلي فصائل مقاتلة وإسلامية بالقرب من منطقة القبب على الطريق الواصل بين مدينة إدلب ومنطقة المسطومة»، مشيراً إلى تعرض قرية فليون وبلدة معرة مصرين بريف إدلب لقصف من قوات النظام، بينما قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مناطق في بلدة التمانعة بريف إدلب الجنوبي.
وفي ريف دمشق، ذكر «المرصد» أن رجلاً من الجنسية الفلسطينية من مخيم خان الشيح مات «تحت التعذيب داخل المعتقلات الأمنية السورية»، مشيراً إلى أن قوات النظام قصفت مناطق في المخيم كما سقطت صواريخ يُعتقد أنها من نوع أرض - أرض في مزارع محيطة ببلدة خان الشيح. وأكد أيضاً سقوط قتيل جراء إصابته في غارة سابقة شنتها طائرات النظام على مدينة دوما بالغوطة الشرقية، بينما قصفت القوات الحكومية «مناطق بالقرب من مسجد بلدة أوتايا في بلدة أوتايا بالغوطة الشرقية، ما أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن مواطن إضافة إلى سقوط عدد من الجرحى بينهم أطفال». وأضاف أن هناك أنباء عن «شهداء آخرين» سقطوا في أوتايا.
أما «مسار برس» فأشارت، من جهتها، إلى وقوع اشتباكات في الغوطة الشرقية «بين الثوار وقوات الأسد بالأسلحة المتوسطة في بلدة بالا ومزارع بلدة حتيتة التركمان وعلى أطراف المتحلق الجنوبي من جهة بلدة عربين، تزامن ذلك مع قصف جوي ومدفعي على مدينة دوما وبلدة زملكا».
وفي هذا الإطار، ذكرت وكالة «مسار برس» أن «جبهة النصرة سيطرت اليوم الجمعة (أمس) على 5 نقاط في جرود فليطة بالقلمون في ريف دمشق، وذلك بعد هجوم شنته على مواقع لميليشيا حزب الله اللبنانية أسفر عن مقتل 12 عنصراً من الميليشيا وجرح آخرين، بالإضافة إلى تدمير دبابة ومدفع و3 رشاشات».
وفي محافظة حلب في شمال البلاد، أشار «المرصد» إلى سقوط قذيفة هاون أطلقتها كتائب مقاتلة على مناطق في حي الراشدين بمدينة حلب، ما أدى إلى إصابة عنصر من المسلحين الموالين للنظام بجروح. وأضاف أنه «دارت بعد منتصف ليلة (أول من) أمس اشتباكات بين قوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني من طرف، والكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة من طرف آخر في حي صلاح الدين جنوب غربي حلب، في حين دارت اشتباكات بين الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) وجبهة أنصار الدين من جهة، وقوات النظام مدعمة بمسلحين موالين لها من جنسيات سورية وعربية وآسيوية من جهة أخرى، في محيط قرية حندرات بريف حلب الشمالي، ترافق مع قصف صاروخي من قبل قوات النظام على مناطق الاشتباك». وتابع أن «كتائب إسلامية استهدفت بصاروخ آلية لقوات النظام في محيط قرية باشكوي بريف حلب الشمالي، ما أدى إلى تدميرها». وأضاف أن اشتباكات وقعت أيضاً بين النظام والمعارضة في حي السبع بحرات بحلب القديمة.
تواصل المعارك بين الأكراد و «الدولة» في ريف الحسكة
فيما تواصلت المعارك بين القوات الكردية ومقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في ريف الحسكة، وجهت الكنيسة الآشورية نداء إلى هذا التنظيم لإطلاق عشرات من المسيحيين الذين خطفهم في المنطقة قبل أسابيع، معلنة تبرؤها من مجموعات مسيحية تقاتل إلى جانب الأكراد ضد تنظيم «الدولة» في شمال شرقي سورية قرب الحدود مع تركيا.
وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في تقرير من الحسكة إلى «تجدد الاشتباكات في ريف بلدة تل تمر بين مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي مدعمة بقوات حرس الخابور والمجلس العسكري السرياني من جهة، وتنظيم «الدولة الإسلامية» من جهة أخرى، وسط استهداف الوحدات الكردية آلية للتنظيم، ومعلومات أولية عن خسائر بشرية في صفوف عناصره».
كما وزع «المرصد» بياناً لمطرانية كنيسة المشرق الآشورية في الحسكة دعت فيه «دولة الخلافة الإسلامية على نهج النبوة» (وهو الوصف الذي يطلقه تنظيم «الدولة» على «الخلافة» التي أعلنها في سورية والعراق العام الماضي) إلى الإفراج عن الآشوريين «المحتجزين». وجاء في البيان «عاش الآشوريون منذ آلاف السنين بسلام وأمان في المناطق التي يقطنونها وضمن محيطهم الملون بالأديان والطوائف ولم يعانوا يوماً ما في التعامل مع أي منهم كما لم يعانِ منهم أحد، بل كانت همومهم مشتركة مع شركائهم في الأرض والحياة وأفراح الجميع تعنيهم كما أتراحهم. ولأننا جزء من هذا المجتمع بغض النظر عن اختلافنا في الانتماء اعتمدنا نحن الآشوريين في سورية سياسة النأي بالنفس ضمن الصراع القائم، وهذا لا يعني أن الأزمة لا تعنينا بل لأننا بعيدون كل البعد من ثقافة التسلح في حياتنا اليومية أو المستقبلية».
وتابع البيان كما وزعه «المرصد»: «هناك العديد من أبناء طائفتنا مع عوائلهم محتجزون نتيجة الاشتباكات التي دارت في قراهم ومناطق سكنهم في بلدة تل تمر والقرى المحيطة بها، ولأن البعض ممن ادعوا بأنهم أوصياء على هؤلاء الناس عبر البيانات التي انتشرت بوسائل اعلام مختلفة، كان لا بد من التأكيد لدولة الخلافة الإسلامية على نهج النبوة التالي: أولاً- الكنيسة الآشورية لا تمثل إلا نفسها والرعايا التابعين لها ومن ضمنهم المحتجزون، وهي مستقلة في قرارها ولا سلطة لها على بقية الكنائس الموجودة في المنطقة. ثانياً- نحن والابرياء العزّل ومنهم المحتجزون ليس لدينا أي جهة مسلحة تمثلنا. ثالثاً- التأكيد أن الكنيسة الآشورية ورعاياها لم ولن تعقد أي اتفاق أو تحالف مسلح أو عسكري مع حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) أو أي فصيل كردي أو عربي أو مع أي جهة أجنبية أو غربية بتاتاً. رابعاً- نصرح بأننا نتبرأ من أي تحالف مع أي جهة مسلحة تدعي بأنها تمثلنا وتخالف ثقافتنا المسالمة».
ومعلوم أن تنظيم «الدولة الإسلامية» لا يزال يحتجز منذ 26 يوماً نحو 200 مواطن آشوري اختطفهم من 11 قرية بريف بلدة تل تمر في محافظة الحسكة التي تشهد مواجهات واسعة بين التنظيم ومقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية.
الأسد يقيل رئيسي أكبر جهازين أمنيين وغزالي في «وضع صحي حرج»
أقال الرئيس السوري بشار الأسد رئيسي شعبة الأمن العسكري اللواء رفيق شحادة وشعبة الأمن السياسي اللواء رستم غزالي أحد المتهمين بجريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، في وقت تأكد تدهور كبير في صحة غزالي ووجوده في غرفة العناية الفائقة في مستشفى الشامي في دمaشق وسط أنباء عن وفاته. وبهذا التغيير يكون الأسد قد غيّر ثلاثة مسؤولين عن أجهزة الامن خلال أشهر قليلة، وكان أقال في وقت سابق ابن خاله العميد حافظ مخلوف المسؤول عن أمن دمشق في جهاز إدارة أمن الدولة.
واوضحت مصادر مطلعة ان الاسد عيّن نائب رفيق شحادة اللواء محمد محلا الذي كان يعمل في الحرس الجمهوري رئيساً لشعبة الامن العسكري التابعة ادارياً لهيئة الاركان، كما عيّن معاون رستم غزالي اللواء نزيه حسون الذي كان يعمل سابقاً في شعبة الامن العسكري، رئيساً لشعبة الامن السياسي التابعة لوزارة الداخلية.
وكان غزالي تعرض قبل حوالي اسبوعين لضرب مبرح لدى قدومه الى مقر جهاز الامن العسكري في وسط دمشق، ما ادى الى نقله الى مستشفى الشامي. واشارت معلومات الى انه «يعاني ارتفاعاً كبيراً في ضغط الدم وضعفاً في مناعة جهازه العصبي وانه بقي في غرفة العناية الفائقة في الايام الاخيرة ويعيش على التنفس الاصطناعي». وزادت انه بمثابة «المتوفى طبياً».
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر قوله ان الخلاف بين شحادة وغزالي «كان على خلفية اعتراض غزالي على تحجيم دوره مع رجاله في معركة درعا التي يتحدر منها في جنوب سورية. الا ان شحادة عارض بشدة مشاركة غزالي في هذه المعركة» التي تتواجه فيها قوات النظام بدعم كبير وفاعل من «حزب الله» اللبناني مع مقاتلي المعارضة. وروى المصدر ان غزالي «توجه قبل اسبوعين، وإثر شجار وتبادل شتائم بينه وبين شحادة، الى مقر هذا الاخير في العاصمة السورية لتصفية حسابه، لكنه تعرض مع مرافقيه لضرب مبرح على ايدي رجال شحادة». واضاف المصدر: «أدخل غزالي الى المستشفى لبضعة ايام قبل استئناف عمله. لكنه نقل قبل 48 ساعة الى مستشفى في دمشق في وضع حرج».
وظهر غزالي في الاسابيع الاخيرة في شريط فيديو خلال زيارته قرية قرفا مسقط رأسه في ريف درعا يحض مقاتليه على مواجهة مقاتلي المعارضة، متوعداً بعدم السماح بسقوطها، وذلك بعد فترة من بث فيديو آخر، اظهر قيام عناصر من جهاز الامن السياسي بتفجير قصره «كي لا يستولي عليه المعارضون».
وكان شحادة عمل في الحرس الجمهوري ثم انتقل الى فرع دمشق في الامن السياسي قبل تسلمه ادارة شؤون الضباط في الامن العسكري وصولاً الى رئاسة الجهاز بعد تفجير خلية الازمة في تموز (يوليو) 2012. أما غزالي فكان لفترة طويلة رجل سورية القوي في لبنان. اذ عيّنه الاسد في العام 2002 رئيساً للإستخبارات العسكرية السورية خلفاً للواء غازي كنعان الذي اعلنت الحكومة السورية انه «انتحر» في تشرين الاول (اكتوبر) 2005. وبقي غزالي في هذا المنصب حتى اغتيال الحريري في 2005 وانسحاب الجيش السوري من لبنان بعد توجيه اصابع الاتهام الى دمشق في الاغتيال. وعُيّن غزالي رئيساً لشعبة الامن السياسي في 2012 بعد انفجار دمشق، بعدما كان مسؤول أمن ريف دمشق في الامن العسكري. والى اللواء كنعان، افيد العام الماضي باغتيال اللواء جامع جامع الذي عمل في لبنان مع غزالي، اضافة الى وفاة العماد آصف شوكت بتفجير حصل في تموز 2012.
من جهة اخرى ذكر «المرصد السوري لحقوق الانسان» مساء امس ان ما لا يقل عن مئة شخص قتلوا او جرحوا نتيجة اقدام مقاتل من تنظيم «داعش» على تفجير نفسه في احتفال للاكراد عشية عيد النوروز في حي المفتي بمدينة الحسكة، كما انفجرت عبوة ناسفة في تجمع آخر للاحتفال في المدينة نفسها. |