شكّل التعيين السلس والسريع للجنة الرقابة على المصارف أمس في جلسة مجلس الوزراء اختباراً ايجابياً للحكومة بعد شروعها في تنفيذ الآلية التي اتفق عليها اخيراً، اذ نجحت في تجاوز العقد التي كانت تهدد بارجاء اقرار التعيينات وعدم اقرارها قبل الموعد القانوني لانتهاء ولاية اللجنة. لكن ذلك لم يحجب تطوراً سلبياً برز مع معلومات بثتها ليلا "المؤسسة اللبنانية للارسال" عن ترحيل دولة الامارات العربية المتحدة 70 لبنانياً غالبيتهم من الطائفة الشيعية وامهالهم 24 ساعة بمغادرة البلاد. وأكد مصدر ديبلوماسي معني لـ"النهار" ان قراراً صدر أمس فعلا عن دولة الامارات في هذا الصدد ولكن لم تعرف اسبابه بعد، كما فهم ان ليس صحيحا ان جميع اللبنانيين الذين يشملهم القرار هم من الطائفة الشيعية وحدها اذ ان هناك لبنانيين من طوائف اخرى. وأشار المصدر الى سوابق حصلت في هذا المجال وتجري اتصالات لمحاولة معالجة الامر. أما في ما يتعلق بجلسة مجلس الوزراء، فلم تشهد نقاشاً للتطورات العامة في ما عدا مداخلة رئيس الوزراء تمام سلام التي ركزت على استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية. ثم نوقش موضوع تعيين أعضاء لجنة الرقابة على المصارف التي تستمر ولايتها خمس سنوات، فانتهى البحث الى تعيين كل من سمير حمود رئيساً للجنة ممثلا لتيار "المستقبل"، والاعضاء احمد صفا ("حزب الله" و"أمل")، وسامي عازار ومنير إليان (الكتائب و14 آذار) وجوزف سركيس (التيار الوطني الحر).
وبعد ذلك انصرف المجلس الى دراسة جدول الاعمال الكثيف فصادق على معظم بنوده وعدّل ما طلبته وزارة الاشغال، فوافق على تخصيص مليار ليرة لتنفيذ أشغال صيانة شبكة الطرق، على ان تقدم لائحة بالمشاريع المبنية على الانماء المتوازن. وطلب وزير التربية الياس بوصعب إرجاء مناقشة بند إجراء مباراة لتثبيت المدرسين المتعاقدين نظرا الى عدم وجود توافق عليه. وقد رفعت الجلسة بعد مرور ثلاث ساعات على بدئها وفقا للاجراءات الجديدة المعتمدة.
وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" انه لو استمرت آلية مجلس الوزراء كما كانت قبل الازمة الحكومية الأخيرة لما مرّ تعيين لجنة الرقابة على المصارف قبل انتهاء ولايتها في 17 آذار الجاري، علما انه تمّ التمديد لثلاثة من أعضاء اللجنة، فيما استبدل رئيسها السني بالتوافق، والعضو الماروني بالخلاف. وأثار استبدال أمين عوّاد بمرشح التيّار جوزف سركيس اعتراض وزيري الكتائب، وتحفّظ عنه ستة وزراء هم: وزيرا الاشتراكي وائل بو فاعور وأكرم شهيّب، وميشال فرعون، وسمير مقبل وأليس شبطيني وعبدالمطلب حناوي.
كما أثار تعيين اللجنة الجديدة اعتراضاً مبدئياً عابراً للكتل والاصطفافات، لأنه يفترض في أعضائها أن يقسموا اليمين أمام رئيس الجمهورية غير الموجود. ولكن رئيس الوزراء أفتى بأن يتابع هؤلاء اعمالهم، على أن يقسموا اليمين أمام رئيس الجمهورية بعد انتخابه، وقد جرى التعيين على رغم ان هذا المخرج القانوني لم يقتنع به عدد من الوزراء، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الوزير رشيد درباس والوزير روني عريجي والوزراء المحسوبون على رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان.
وأبلغ الرئيس سلام مجلس الوزراء انه سيغادر بيروت اليوم الى شرم الشيخ على رأس وفد وزاري واقتصادي للمشاركة في أعمال القمة الاقتصادية التي دعت اليها المملكة العربية السعودية دعماً لمصر. ويرافق الرئيس سلام الى القمة التي تستمر 48 ساعة الوزراء ألان حكيم وعلي حسن خليل وميشال فرعون ووفد موسع من الفاعليات الاقتصادية يرأسه الوزير السابق عدنان القصار. وسيلقي الرئيس سلام كلمة يؤكد فيها الوقوف الى جانب مصر التي تعيد التوازن الى المنطقة، مشدداً على أهمية التضامن العربي لمواجهة التحديات.
ورحب رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زواره أمس "باستعادة الحكومة نشاطها وهو ما تمثل في جلستها الاخيرة الامر الذي يشجع على مزيد من الانتاجية المطلوبة في مجلس الوزراء". وأشار بري الى تحفظات ابداها بعض الوزراء، "ولكن في الحصيلة أقرت لجنة الرقابة على المصارف وبنود اخرى جرى التحفظ عنها وصدرت في النهاية عن كل الحكومة التي بدأت تعمل في انطلاقة جديدة". وكان بري ورئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون قد اتفقا في اجتماعهما الاخير في عين التينة على تسهيل الاتفاق على اعضاء اللجنة.
الى ذلك، علم أمس ان قائد الجيش العماد جان قهوجي سيقوم الاحد المقبل بزيارة لعمّان يلتقي خلالها العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين ويبحث معه في ملف مكافحة الارهاب وتسليح الجيش اللبناني، في ظل المساهمة التي يقدمها الاردن في هذا المجال، وكان آخرها قبل اسبوعين تلقي الجيش دفعة من مدفعية الميدان الثقيلة وآليات مختلفة.
في سياق آخر، أولت رئاسة الوزراء اهتماماً عاجلا الكارثة الطبيعية التي اصابت أمس بلدة حصرون في بشري حيث جرفت شوارعها ومنازلها بشبه طوفان تسبب به انهيار بركة كبيرة لتخزين مياه الامطار مما فجر سيولا جارفة.
الادّعاء فنَّد مضمون تسجيل الاجتماع الأخير للحريري بغزالي يوسف: المسؤول السوري أراد استشفاف الحريري لانتخابات 2005
كلوديت سركيس فند ممثل الادعاء غرايم كامرون امام غرفة البداية في المحكمة الخاصة بلبنان برئاسة القاضي دايفد راي، مضمون مقتطفات التسجيلات التي بثت أول من أمس عن الاجتماع الأخير بين الرئيس رفيق الحريري ورئيس جهاز الامن السوري في لبنان رستم غزالي في حضور صاحب جريدة" الديار" شارل ايوب في قصر قريطم قبل نحو شهر من جريمة الاغتيال. التفنيد المسهب كان من خلال اسئلة طرحها كامرون على الشاهد النائب في كتلة"المستقبل" غازي يوسف الذي شرح مضمون ما عناه الحريري في كلامه خلال الاجتماع الثلاثي، والذي بدا الحريري واضحاً فيه في توجهه الى خوض انتخابات 2005 مع حليفه النائب وليد جنبلاط والمعارضة المتمثلة بـ"لقاء البريستول".
واعتبر يوسف ان وجود شارل أيوب وسيطاً في الاجتماع يعود الى كونه قريباً من النظام السوري ولديه حرية الانتقاد لهذا ولغيره. وبعدما شعر بمشكلة عميقة بين الحريري والنظام السوري حاول تقريب وجهات النظر واعادة الثقة بين الطرفين، واثر حملة تخوين تعرض لها الحريري الذي عاتب غزالي على اقصاء قريبين منه من بعض المراكز. وقوَّم الشاهد قول غزالي للحريري "نحن نحبك وسوريا تحبك" بانه "كلام يقال ولا يدل على حقيقة الاحساس الذي يكنه النظام السوري للحريري".
وتوقف كامرون عند طلب الحريري الى غزالي خلال الاجتماع "التكلم على الهاتف الآن مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لاحالة قضية محاولة اغتيال النائب مروان حماده على المجلس العدلي"، من دون جواب من غزالي في مرحلة أولى، وتكراره الطلب الى غزالي الاتصال برئيس الحكومة ووزير العدل وقتذاك عدنان عضوم بهدف احالة القضية على المجلس العدلي. ولم يتصل غزالي انما وعده بالاتصال بعضوم لهذا الغرض.
وعن نبرة صوت الحريري عندما قال للمسؤول الامني السوري إن لبنان لا يحكم بدون سوريا او غصباً عنها، اجاب الشاهد انه عبر عن "قناعة متزايدة لديه"، وعنى بالقول لغزالي إن الحاكم في لبنان يجب ان تكون عنده قدرة واستقلالية اكثر في الحكم أي بتدخل اقل من سوريا. وجاءت "نعم" غزالي اعتراضية لانه وضع ماء في فم غزالي، وفي الوقت نفسه شدد على ان لا يكون الحكم على عداوة مع سوريا.
وتدخل القاضي راي سائلاً: "بسيناريو افتراضي ألم يكن في مقدور الحريري القول ان لبنان يجب ان يحكم بلبنان ولا دخل لسوريا؟". اجابه يوسف: "يكون كمن يوقع على شهادة قتله فوراً او كمن ينتحر".
وسأله كامرون: "وهل كل كلمة قيلت في الاجتماع كانت ستنقل الى الرئيس السوري بشار الاسد"؟ فاجاب بالايجاب مشيرا الى انتفاء النزعة التصادمية والمواجهة في طبع الحريري الذي يلجأ الى الاقناع. وكان على اقتناع بان الاجتماع لن يفضي الى اي نتيجة وانه مهما حصل سيخوض الانتخابات لانه يريد بعدها سلطة تشريعية لها قدرات اكبر في حكم لبنان، وكان متجهاً في هذا المسار. وهذا ما اراد ان يوصله الى الوصي السوري. ولاحظ الشاهد ان الحريري لم يتطرق في الاجتماع الى القرار 1559، مذكراً محدثه غزالي باتفاق الطائف، فأجابه الاخير "وبالاتفاقات المعقودة بين البلدين". وابدى الحريري اصراره على الطائف الذي يعتمد المحافظة في الانتخابات النيابية، مشيراً الى ان الرئيس نبيه بري وامين عام حزب الله حسن نصرالله يؤيدانه، وفي الوقت نفسه لا يمانع من اعتماد القضاء لئلا يصور ضد توجه المسيحيين. واعتبر يوسف "ان غزالي اراد من طرحه ان يستشف رأي الحريري لمعرفة ما ينويه وكذلك موقفه من لقاء قرنة شهوان ومدى تقارب الحريري مع المعارضة".
وفسر الشاهد سبب تناول الحريري الانسحاب السوري في تلك المرحلة بانه اشارة منه الى ما هو في صدد القيام به والتذكير باتفاق الطائف. اما سبب طلب الحريري احالة قضية حماده على المجلس العدلي فيعود الى اقتناعه بان الحكومة لن تتحرك الا بايعاز سوري، ولان السوريين كانوا يمنعون احالتها على المجلس العدلي.
كما استفسر غزالي من الحريري إن زاره النائب جبران تويني محاولا معرفة وجهة الحريري في خوض الانتخابات بحسب الشاهد الذي سئل عن وجهة نظر تويني السياسية فأجاب: "قبل اغتياله عام 2005، كان نائبا وصحافيا في "النهار" ورجلاً حراً بقلمه وعقله وقوله وكان له العديد من المقالات التي تتضمن الانتقاد اللاذع للوجود السوري في لبنان وموقعه ينم عن معرفة عميقة، وهو من الرموز الشبابية المعارضة للوجود السوري".
وختم الحريري الاجتماع، وفق تفسير يوسف، بقوله لغزالي إنه وجنبلاط واحد، مفصحا للضابط السوري عن وجود تحالف بينهما لا يمكن احداً ان يفكه مع التقدير والاحترام للعلاقة بسوريا. وغادر غزالي باقتناع ان الحريري سيخوض معركة انتخابية تسفر عن اكثرية وانه حدد مساره".
|