الخميس ٢١ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: كانون ثاني ٨, ٢٠١١
 
مسالك النقاش وعنف التأويل ...صورة المرأة من الخطاب إلى الحجاب

السبت, 08 يناير 2011
هيثم سرحان *


تسعى هذه المقالة إلى مقاربة رؤيتين متابينتين من جهة ومركزيتين من جهة أخرى هما: السفور والحجاب. فأما تباينهما فيكمن في أن كل رؤية منهما تعارض الأخرى في الموقف الثقافي من جهة سفور المرأة المفضي إلى حضورها وفعاليتها وخطابها، ومن جهة حجابها المفضي إلى الإقصاء والعزل. وأما مركزيتهما فتتمثل في أنهما رؤيتان تشكلان جدلاً عميقاً وخصومة كبرى بين اتجاهين معرفيين أسهما في إنتاج ركام تأويلي أدى إلى تأطير المرأة بتخييلات وإحاطتها بعلامات ثقافية عاظمت من تلقي حضورها الثقافي وبالغت في إخضاعها للرقابة.


ويمثل رؤية السفور موقف الجاحظ العقلاني (ت 255 هـ) في كتاب القيان خاصة، ويقوم هذا الموقف على الدفاع عن حضور المرأة في النظام الثقافي العام واختلاطها بالرجال ومحادثتهم ومجالستهم من دون تأثيم أو تحريم. ويمثل رؤية الحجب موقف السيوطي النقلي (ت 911 هـ) الوارد في كتابه الموسوم بـ «إسبال الكساء على النساء»، وهو موقف يستند الى متن فقهي وأخباري يشدد على حجاب المرأة وعزلها عن الفضاءات التي يهيمن عليها الرجال صيانة لها وحفظاً لعفتها وطهارتها. وضمن هذا السياق فإن السيوطي يسوغ الحجاب بمماهاة الأنوثة والرق إذ يرى «أن الرق يزول بالموت، وأما الأنوثة المقتضية للستر فمستمرة». وهذا يعني أن استبعاد المرأة من خطاب رؤية الله يندرج في إطار تنزيه الله وتعظيمه عن أن يرى من قبل النساء، ذلك أن الأنوثة تقترن بالحجاب.

رؤية السفور


يرى الجاحظ أن المنطلق الرئيسي في الحكم على المسائل نصوص القرآن والسنة النبوية وليس التحسين والتقبيح الخاضعين إلى الأقيسة إلا إذا تعززت الأدلة العقلية في التحسين والتقبيح. ويقول: «وكل شيءٍ لم يوجد محرماً في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمباح مطلق. وليس على استقباح الناس واستحسانهم قياس ما لم نخرج من التحريم دليلاً على حسنه، وداعياً إلى حلاله».
وبموجب هذا المبدأ فإن حضور المرأة واختلاطها بالرجال ليس من المحرمات الدينية، ويستدل الجاحظ على موقفه بأن العرب أقرت بتواصل الرجال والنساء من دون حجاب ولم تنتج خطاباً مانعاً يحول من تحقيق ذلك. يقول الجاحظ: «فلم يكن بين رجال العرب ونسائها حجاب، ولا كانوا يرضون مع سقوط الحجاب بنظرة الفلتة ولا لحظة الخلسة، دون أن يجتمعوا على الحديث والمسامرة، ويزدوجوا في المناسمة والمثافنة (المجالسة والمحادثة)، ويسمى المولع بذلك من الرجال الزير، المشتق من الزيارة. وكل ذلك بأعين الأولياء وحضور الأزواج، لا ينكرون ما ليس بمنكر إذا أمنوا المنكر».


ويتضمن هذا الحكم موقفاً معرفياً مفاده أن التحقق من وقوع المنكر هو المانع الوحيد من اختلاط النساء بالرجال من دون أن يعني ذلك تسويغ حجب النساء، ذلك أن الاستثناء لا يبطل الأصل ويلغي الحكم الأساسي المتمثل في التواصل الإنساني الذي حظي بموافقة النظام الأبوي ورقابته على أشكال التواصل المباحة.


أما خطاب الحجاب فيرى الجاحظ أن المخصوص به أزواج النبي دون سائر النساء تكريماً للنبي محمد وتمييزاً لنسائه عن النساء الأخريات اللواتي لم يشملهن النص القرآني بخطاب الحجاب، يقول الجاحظ: «فلم يزل الرجال يتحدثون مع النساء، في الجاهلية والإسلام، حتى ضرب الحجاب على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة».


لقد عرفت الثقافة العربية وأقرت بالمحادثة والنظر بين الرجال والنساء ونزهت هذا التواصل عن العار والخزي والمنكر. ويسوق الجاحظ أدلة حجاجيةً معروفة فيقول إن «تلك المحادثة كانت سبب الوصلة بين جميلٍ وبثينة، وعفراء وعروة، وكثير وعزة، وقيسٍ ولبنى، وأسماء ومرقش، وعبد الله بن عجلان وهند»، وإن «الشرائف من النساء يقعدن للرجال للحديث، ولم يكن النظر من بعضهم إلى بعض عاراً في الجاهلية، ولا حراماً في الإسلام». ولم يقتصر أمر سفور المرأة وظهورها على عامة النساء بل شمل الخواص. يقول الجاحظ: «ثم إن النساء إلى اليوم من بنات الخلفاء وأمهاتهن، فمن دونهن يطفن بالبيت مكشفات الوجوه، ونحو ذلك لا يكمل حج إلا به».


ويعرض الجاحظ، في خطابه، سلسلة من الشواهد التي تجسد هذه التصورات وهي شواهد وأخبار دالة على هامش الحرية ومساحة العقلانية اللتين أحاطتا في موضوع محادثة النساء والنظر إليهن وتدوالهن وانتقالهن عند أكثر من زوج. ومن أبرز الحكايات التي يوردها الجاحظ حكاية الحسن بن علي عليهما السلام عندما تزوج حفصة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وأنه قام بتطليقها عندما علم أن المنذر بن الزبير يهواها، وأنها أبت أن تتزوجه، بعد أن طلقها الحسن، لأنه «شهرها»، ثم خطبها عاصم بن عمر بن الخطاب وتزوجها لكنه سرعان ما طلقها بعد أن سمع كلاماً على لسان المنذر بن الزبير ثم عادت وتزوجت المنذر بن الزبير. وكانت حفصة تجتمع بالحسن وعاصم في بيتها بحضور زوجها المنذر بن الزبير الذي كان يستشير أخاه عبد الله بن الزبير في شأن هذا الاجتماع من دون أن يشكل الأمر حرجاً لأي واحدٍ منهم. ويعلق الجاحظ على ذلك قائلاً: «وكان الحسن في ذلك العصر أفضل أهل دهره. فلو كان محادثة النساء والنظر إليهن حراماً وعاراً لم يفعله ولم يأذن فيه المنذر بن الزبير، ولم يشر به عبد الله بن الزبير. وهذا الحديث وما قبله يبطلان ما روت الحشوية من أن النظر الأول حرام والثاني حرام؛ لأنه لا تكون محادثة إلا ومعها ما لا يحصى عدده من النظر. إلا أن يكون عني بالنظرة المحرمة النظر إلى الشعر والمجاسد، وما تخفيه الجلابيب مما يحل للزوج والولي ويحرم على غيرهما». وتسند المرويات التي يوردها الجاحظ إلى هشام بن المغيرة المخزومي وعبد الله بن جدعان وعمر بن الخطاب وأبي بكر والحسن بن علي بن أبي طالب وعبد الله بن الزبير ومعاوية بن أبي سفيان وعبد الملك بن مروان وصولاً إلى خلفاء بني العباس. ويبدو أن الجاحظ يهدف بذلك إلى إضفاء الشرعية الثقافية على سلوك نساء بني العباس وجواريهم؛ لأنه يورد بعد هذا الاستقراء أحوال نساء بني العباس إذ يقول: «ثم لم يزل للملوك والأشراف إماء يختلفن في الحوائج، ويدخلن في الدواوين، ونساء يجلسن للناس، مثل خالصة جارية الخيزران، وعتبة جارية ريطة ابنة أبي العباس، وسكر وتركية جاريتي أم جعفر، ودقاق جارية العباسة، وظلوم وقسطنطينة جاريتي أم حبيب، وامرأة هارون بن جعبويه، وحمدونة أمة نصر بن السندي بن شاهك ثم كن يبرزن للناس أحسن ما كن وأشبه ما يتزين به، فما أنكر ذلك منكر ولا عابه عائب».

رؤية الحجاب


يعرض الإمام جلال الدين السيوطي موقف أهل السنة الذين يشددون على حجب المرأة وعزل مستندين في ذلك على فقه يقوم على مبدأ المقايسة ومفاده أن المرأة المسلمة من الفئات المستبعدة من رؤية الله يوم القيامة.
وتتسع دائرة الخلاف بين علماء أهل السنة على الفئات المستبعدة من رؤية الله، يقول السيوطي: «ووراء ذلك أربع فرقٍ جرى فيها الخلاف، وهم الملائكة عليهم السلام، والمؤمنون من الجن، والمؤمنات من نساء هذه الأمة، والمؤمنون من رجال الأمم السابقة». إن إقامة نساء الأمة المحمدية خارج توافقات أهل السنة التأويلية يعني حكماً إقامتهن في دائرة الكفر؛ ذلك أن حجبهن وعدم رؤيتهن الله لا يتضمن تذكير عوالم الجنة فحسب وإنما إدراجهن في حكم الكفار.


ويروي السيوطي أن دافعه في تأليف كتاب «إسبال الكساء على النساء» أنه كان قد وقف على آراء بعض أهل السنة ومفادها أن النساء من المؤمنات من الأمة المحمدية «لا يرين ربهن ولا يحضرن الزيارة ستراً لهن في الآخرة كما أمرن بالستر في الدنيا». بيد أن السيوطي يستبعد هذا الرأي مستنداً إلى ظاهر الآيات القرآنية الذي ينص على أنهن يرين ربهن.


وقد قاد الرأي الذي يرى بعدم رؤية نساء الأمة المحمدية ربهن السيوطي إلى معاودة استقراء الأحاديث النبوية المرتبطة بالرؤية ودفعه استقراؤه إلى تأليف كتاب «البعث» فكانت خلاصة استقرائه أنه لم يجد «تصريحاً بأنهن يرين ربهن» بل وجد أنهن غير حاضرات في الرؤية. يقول السيوطي: «ووجدت أحاديث الزيارة يوم الجمعة التي تقع فيها الرؤية دالة على أنهن لا يحضرن مجلس الزيارة ولا يرين ربهن مع من يرى يرى في ذلك المجلس، فقوي عندي رجحان تلك المقالة».


أما تفصيل مقالة الزيارة فيستحضر السيوطي لبيانه سلسلة من الأحاديث المرتبطة بيوم الجمعة الذي تعقد فيه زيارة الله وهي زيارة دورية يتجلى الله فيها على كرسيه وتحيط به منابر من نورٍ يجلس عليها الأنبياء الذين تحفهم كراسي من ذهب يجلس عليها الصديقون والشهداء. ويتحقق هذا الطقس في كل يوم جمعة في فضاء مكاني معدٍ لهذه الغاية وهو «وادٍ أفيح» أي واد فسيح من مسك أبيض. وفي هذا اليوم ينادي منادٍ: «يا أهل الجنة اخرجوا إلى دار المزيد. فيخرجون في كثبانٍ من مسكٍ، فتخرج غلمان الأنبياء على منابر من نور، وتخرج غلمان المؤمنين على كراس من ياقوت. فإذا قعدوا وأخذ القوم مجالسهم يقول الله تبارك وتعالى: «أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب، وصدقوا رسولي؟ فهذا يوم المزيد فاسألوني». فيجتمعون على كلمة واحدةٍ: «أرنا وجهك الكريم ننظر إليه». فيكشف الله تعالى عنهم الحجب ويتجلى لهم، فيغشاهم من نوره، ثم يقال لهم: (ارجعوا إلى منازلكم)، فيرجعون وقد خفوا على أزواجهم. فيقول لهم أزواجهم: «لقد خرجتم من عندنا بصورةٍ ورجعتم إلينا بغيرها! فيقولون: «تجلى لنا ربنا عز وجل فنظرنا إلى ما خفينا به عليكن». فهم يتقلبون في نعيم مسك الجنة ونعيمها في كل سبعة أيامٍ».


ويشير السيوطي إلى إشكالية لسانية تتعلق بخطاب الرؤية في الأحاديث النبوية ترتبط بضمائر الخطاب التي تحيل إلى جماعة الذكور، وهو خطاب تخرج منه النساء إلا إذا كان هناك دليل يتضمن إدراجهن في الخطاب. يقول السيوطي معلقاً على ذلك: «فهذا الحديث ظاهر في اختصاص ذلك بالرجال كما ترى، وبقية الأحاديث الواردة في الرؤية كلها خطاب للرجال كقوله (ص): (إنكم سترون ربكم). فهذه صيغة خطاب الذكور، وإنما دخلن في خطابات الصلاة والزكاة ونحو ذلك لدليلٍ من خارجٍ دل على الشمول». كما يرى السيوطي «أن الرؤية في يوم الجمعة جعلت كالجزاء لصلاة الجمعة بدليل ... أن الناس في القرب من الله عز وجل على مقدار سبقهم إلى الجمعة». وبموجب هذا التصور تستبعد النساء، ذلك أنه «قد تقرر أن النساء لا جمعة عليهن فلا يبعد أن لا يكون لهن نصيب في الرؤية».


ويوظف السيوطي خبراته النحوية في حل الإشكالية اللسانية المرتبطة بالضمير الدال على الجماعة (الواو)، ويرى السيوطي أن الضمير، في هذا السياق، يقتصر على جماعة الذكور دون الإناث خلافاً لكثير من الآيات التي خوطبت فيها النساء بضمائر جماعة الذكور مثل: «وأقيموا الصلاة...»، إذ إن النساء مندرجات في الخطاب على التغليب والعموم. بيد أن سياق رؤية الله لا يقاس على السياقات الأخرى المرتبطة بالعبادات والفروض، ويرى السيوطي أنه لا يمكن إعمال مبدأ التغليب، في سياق خطاب الرؤية، ذلك «أنه مجاز وخلاف للأصل ويحتاج إلى دليل عليه».


ويشدد السيوطي على مبدأ ذكورية الضمير في خطاب رؤية الله يوم الآخرة وقد أفضى به التشديد إلى إجراء مراجعة لقواعد اللسان التي أقرت في مباحث الأصوليين وعلم أصول الفقه تلك التي قامت باستثمار قواعد اللسان في سبيل إنتاج معرفة علمية أفاد منها علم الفقه في إنتاج خطاباته. يقول السيوطي مقرراً موقف السنة: «لم يقع في القرآن العظيم كلم تتعلق بصيغ الذكور وأريد اشتراك النساء معهم إلا صرح في آية ما أو حديث بذلك الاشتراك. وكذلك ما وقع من الوعد بالمغفرة ودخول الجنة كقوله تعالى: «ومن يعمل من الصالحات من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن». وقوله تعالى: «إن المسلمين والمسلمات...». فهذه الآية ونحوها صرحت بإلحاق النساء بالرجال فيما خوطب به الرجال، ولما ذكرت آية النظر إلى وجه الله تعالى الكريم وهي قوله تعالى للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ذكرت بصيغة جمع الذكور ولم يقع في آية أخرى ما ضم الإناث إليهم ولا صرح في شيءٍ من الأحاديث بذلك فكان ذلك دليلاً على عدم دخولهن فيها».

رؤية الصديقات ربهن


على رغم عنف التأويل الذي أنجزه السيوطي في إثبات عدم رؤية النساء ربهن يوم الآخرة إلا أنه عاد ليستحضر سياقاً معرفياً آخر يدفعه إلى مراجعة فرضيته ليستثني طائفة من النسوة. ويفتتح السيوطي الباب بمناظرة مفترضة تتم بينه وبين سائل ينكر عليها استبعاد النساء الصديقات من خطاب الرؤية.


يقول السيوطي على لسان السائل: «فإن قلت كيف تسمح نفس بأن مثل مريم، وفاطمة الزهراء عليهما السلام وأزواج النبي (ص) رضي عنهن لا يكون لهن في الرؤية نصيب؟!».
فيرد السيوطي مجيباً: «يا مسكين ذلك من غباوتك. أونسيت ما ثبت لهؤلاء المذكورات وما جرى مجراهن من بنات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأزواجهم من الخصائص؟ أفما كان عندك من الفقه ما يرشدك إلى أن تقول هؤلاء ونحوهن لا يبعد اختصاصهن بالرؤية خصوصية لهن من دون سائر النساء؟!».


إن السيوطي يمارس قراءة تمحيصية تمنح نساء النبي تفضيلاً على عامة نساء، وبمعنى آخر فإن نساء النبي سيرين الله يوم الآخرة، دون سائر النساء، تقديراً للنبي محمد وما حظين به من قرابته.

تسويغ الحجاب


يعرض السيوطي استدراك من يحاجج بأن القول بعدم رؤية النساء ربهن يوم الآخرة يتضمن مساواة المرأة بالكافرين استناداً إلى قوله تعالى في حق الكافرين: «كلا إنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون». وللإجابة على هذه المسألة يسوق السيوطي دليلين رئيسيين:


¬الأول: أن الملائكة الذي هم أشرف من النساء المؤمنات لا يرون ربهم فكيف للنساء المؤمنات أن يرين ربهن علماً أن الملائكة أشرف منهن وأفضل وأجل وأعلا مقاماً وأطوع لله عز وجل وأعبد. ويتضمن هذا الدليل إحالة إلى قصة الخلق وسجود الملائكة لآدم، وهي إحالة تؤثم المرأة وتقرنها بالغواية. كما أن إخراج الملائكة من خطاب الرؤية يتضمن توكيداً على مركزية آدم وتفضيله على سائر العالمين.


¬الثاني: أن هناك تفرقة بين حجب الكفار وحجب النساء المؤمنات؛ «فإن حجب الكفار حجب حرمانٍ، وحجب النساء حجب سترٍ وصيانةٍ».
ويندرج في خطاب الرؤية رد السيوطي على حديثين نبويين أحدهما موقوف والآخر مقطوع يتضمنان توكيداً على أن رؤية الله سينالها كل من يدخل الجنة. إذ يرى السيوطي أن إسناد الحديثين لعالمين واحد من المتكلمين وواحد من المعتزلة يجعل من الأحاديث عرضة للرد؛ لأن المتكلمين والمعتزلة غير مرضيين عند أهل الحديث.


ويفرق السيوطي بين زمنين في خطاب الرؤية؛ زمن الموقف الواقع قبل دخول الجنة، والزمن الواقع في الجنة كل جمعة بكرةً وعشياً، وهوى يرى أن النساء المؤمنات يرين الله في زمن الموقف، كما يراه كل الخلق مؤمنهم وكافرهم، في حين أن رؤية الله يوم الجمعة تقتصر على الرجال من الأمة المحمدية.


بيد أن انحياز السيوطي إلى فقه أهل السنة وعقائدهم وتبنيه أنظارهم لم يمنعه من إظهار التردد في ما ذهب إليه من آراء. لذلك يقول: «جميع هذا التقرير الذي قررته هو مقتضى النظر وما دلت عليه الأدلة، وقد قررته وأنا غير منشرح الصدر بذلك، فإن الذي كان يتبادر إلى الأذهان إنما هو خلافه وكنت أود لو وجدت حديثاً مصرحاً برؤية النساء ربهن فكنت أسارع إلى القول به ولو كان ضعيف الإسناد فكنت أستأنس به، ولكن لم أقف إلى الآن على حديث مصرحٍ بذلك والمقام مقام توقفٍ والإقدام فيه ليس بالهين والسكوت لا يكتفى به في مثل ذلك إثباتاً».


إن محنة التأويل التي يندرج فيها اعتراف السيوطي لم تمنعه من إنتاج رؤىً تقول بحجب المرأة المؤمنة وعدم رؤيتها الله، فهو يعرف أن خطابه الحجاجي لا يستند إلى أدلة كافية لكنه رغم ذلك انساق في إجماع أهل السنة وجير خطابه لإنتاج خطاب يؤثم المرأة ويحجبها.
* باحث في السيميائيات وتحليل الخطابات - جامعة فيلادلفيا - الأردن.

 



الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
الملف:
لئلا تذهب الثورة هباءً: تغيير طبيعة النظام أهم من تنحية الرئيس - بقلم سامر القرنشاوي
بعد تونس ومصر: هل انحسر دور الأحزاب السياسية؟ - بقلم أكرم البني
أيّ ضغط؟ - بقلم حازم صاغية
حراك الشارع العربي يفتح عصر التغيير - بقلم علي حمادة
تظاهرات لا تكره الغرب - بقلم جان دانيال
نهاية السلطوية التي بدأت عام 1952؟ - بقلم السيد يسين
عمر أميرالاي - بقلم زياد ماجد
أكتب إليكم من ميدان التحرير – بقلم فاطمة ناعوت
كرامة الشباب - بقلم حازم صاغية
غسان سلامة: إيران ليست استثناء ودور الغرب هامشي في بقاء السلطات أو زعزعتها وفي بناء التركيبة الجديدة
أسئلة التحوّلات المقبلة - بقلم زياد ماجد
النواطير مستيقظون - بقلم عقل العويط
عندما يتحرر "الرجل الصغير" فينا - بقلم منى فياض
رفـــض الفـــجــــــــور – بقلم غسان سلامة
من أجل الخبز والحرية - بقلم خالد غزال
انهيار جدار برلين العربي؟ - بقلم محمد أبي سمرا
من كراهية الأميركان إلى إسقاط الطغيان؟ - بقلم وضاح شرارة
لا بد من رحيل العسكر – بقلم داود الشريان
محنة التحول الديموقراطي العربي – بقلم السيد يسين
الثورتان التونسية والمصرية وولادة فاعل تاريخي اسمه الشعب – حسن الشامي
حركات التحرر المواطني – بقلم ياسين الحاج صالح
مبارك والأسد:هل يعني تشابه المخاوف اختلاف المآلات؟ - بقلم خالد الدخيل
غياب القيادة قد يتحوّل عائقاً أمام حركة الشارع في مصر
جون كيري: فلنتحالف مع مصر المقبلة
بعد تونس ومصر وعود الإصلاح الاستلحاقي تملأ فضاء المنطقة !
انتفاضة النيل ضد دكتاتورية الحزب الواحد
طغاة أم ملائكة ؟
مصر في همهمة السجال
شرعية شبابية تولد في مصر؟
الاحتجاجات الشعبية في مصر تطغى على «الانقلاب السياسي» في لبنان
شباب مصر مسؤولون عن حماية ثورتهم من المتسلّقين
«صنع في الشرق الأوسط»
مصر: مقدمات الزلزال العربي
قراءة في ظاهرة الغضب الاجتماعي العربي
الخبـــث الرئاســـي
سقطت «الدولة الأمنية» ويبقى الإجهاز عليها!
أول الطريق إلى الحرية..أول الطريق إلى التغيير
اليوم مصر، وغداً... لناظره قريب
حرية..ومعايير مزدوجة
حرية المعتقد والحقوق الأساسية في لبنان والعالم العربي
تونس ومصر: هل من تمايزات؟
الانتفاضات الشعبية والمصالحة بين الديموقراطية والوطنية
مصر وأزمة التغيير العربي
إعادة فرز التحالفات والقوى السياسية في مصر
سمير قصير كان على حق
اكتشاف الشعوب
"الناس دي يمكن يكون عندها حق"
درس لسائر الشعوب في المنطقة
أكلاف الحنين
نهاية "الى الأبد"؟
اللبناني "شاهداً" و"مشاهداً" !
الإنتفاضات.. ومعانيها
سقوط مقولة «الاستثناء العربي»: العرب يثورون للحرية
لبنان تحت حكم الحزب الواحد؟
«محنة» الجمهوريات العربية!
مصر وانتفاضة تونس... الاستلهام في اتجاهات أربعة
على هامش الانتفاضات
نعم ستتغير مصر
التغيير في تونس وأسئلة الخبز والحرية حين تطرح في غير بلد عربي
معضلة الاندماج في المجتمعات العربية
الانتفاضة التونسية والحالة المصرية: نقاط لقاء وافتراق
«يوم الغضب» نقلة نوعية في المشهد الاحتجاجي المصري
رهاب الأجانب مرضٌ تعاني منه القارة الأوروبية
تونس - لبنان: في تضاد المتشابه
لبنان على الطريقة العراقية
نصف مليون سعودي يبحثون عن «أمل»
شباب الجزائر يموتون «حرقة» واحتراقاً!
لبنان أعقد...
مهمتان عاجلتان : جبهة شعبية تونسية متحدة وجبهة عربية شعبية مساندة لها
لبنان في العالم العربي: الخصوصيات ثقافية
دخول المجتمعات المشرقية عصر الدولة الوطنية والكيانات السياسية من باب "الثورة السلبية"
تونس ولبنان: فائض السياسة مقابل فائض القوة والخوف
إقصاء الحريري: تبديد مبكر لفرصة دمشق اللبنانية
بناء الأمة والانقسامات الإثنية الدينية
تونس: الأكثر أقلّ
إحياء "البورقيبية" في تونس لإخماد "ثورة الياسمين"؟
الحركات الاحتجاجية في العالم العربي ما بين السياسي والاجتماعي
لبنان بين الشراكة والأحادية
بين انتفاضة تونس ومحكمة لبنان
لا تناقض بين روح الحرية ومنع التكفيريين
الحديث عن الحرية عبث ما لم يقم على أساس الفردية والتفرد
تسرعت الليبرالية العربية في الدفاع عن الفرد في وجه الدولة
«كوتا» لا بدّ أن يلحظها الدستور كما قرّر للمرأة والفلاحين
هل اخطأ بن علي اختيار الشركاء؟
تونس تَقلِبُ المشهد السياسي العربي
"ثورة الياسمين" ليس لها تأثير الدومينو!
حزب «الوفد» يوحّد المجتمع المصري وثورة تموز تقسّمه بتوسّلها تأييد الاتجاه الديني
الانتفاضات الشبابية: سيناريو 1988 يتكرر وشباب الجزائر من «مغرر بهم» إلى «منحرفين ولصوص»
ثماني عِبر من تونس
رياء
العرب والحاجة إلى الواقعية السياسية
مفترق تونس
عن ثقافة الاحتجاج في الأردن... وحكومة وبرلمان اضطرا للاستجابة
نظرية المؤامرة والهرب من المسؤولية
الانتفاضات الشبابية: سيناريو 1988 يتكرر وشباب الجزائر من «مغرر بهم» إلى «منحرفين ولصوص»
حركة شعبية بلا أحزاب أسقطت الحكم التونسي
مثقفون جزائريون يقرأون الانتفاضة التي شهدتها مدنهم
المسؤولية عن اضطهاد أقباط مصر... هل إنها فعلاً شديدة الغموض؟
نحن نقبلهم فهل يقبلوننا؟
درس تونس: الانسداد السياسي يولّد الانفجارات
السعودية ليست دولة دينية
من نزاعات الهوية إلى الاحتجاج الاجتماعي
تقرير لمرصد الإصلاح العربي يركز على حال التعليم
على هامش جدل الرمز الديني
معضلة الحرية في مصر: الانتخابات مخرجاً من نسق الإكراه
قبط مصر: من الوداعة الى التوتر اللبناني ؟
المشهد العربي بعد انفصال جنوب السودان
المعارضة اللبنانية تطوّق نفسها دولياً
الاحتجاجات التونسية: انتفاضة عابرة أم نقطة منعطف؟
حدود مسؤولية المجتمع المصري ؟
مسؤوليتنا عن تحوّل الأقباط الى مواطنين من الدرجة الثانية
تونس ما بعد سيدي بوزيد: بداية مرحلة جديدة
التسوية في لبنان هل تطيح الحقيقة والعدالة؟
كأنّها مرحلة جديدة؟
موت يلخّص واقعاً
تونس: من أجل خروج سلمي من الأزمة
انتفاضة على الليبرالية في الجزائر!
السعودية: المرأة في ظل الخطاب «الصحوي»
الاستخدام الفصائلي لمصطلح "الجمعيات الأهلية" و"هيئات المجتمع المدني"
مركز دراسات الوحدة العربية على مشارف مرحلة جديدة
في عصر حروب دينية مرة أخرى؟
قوانين المواطنة المصرية وتداعيات العمل الإرهابي
العنف الطائفي والركود السياسي في مصر!
ماذا يحدث في الكويت؟
مسلمون ومسيحيّون و... خرافات
قوميات أحادية وحروب عدة
حقوق الإنسان أمام مرحلة جديدة
تشويه الليبرالية... بالتحريض على مثقفين أحرار
بكاء على أطلال الأقليّات
لطيفة والأخريات
فتاوى قتل المعارضين والعلاقة الملتبسة بين الدولة والإسلاميين
«ذئب وحيد»... أم صهر العشيرة وابنها؟
حالة ارتباك بين الحداثة والليبرالية
سمير قصير ونصر حامد أبو زيد طيفهما إذ يجوب المُدن والأمكنة
أحداث العالم العربي - الانتخابات العربية 2010: تأكيد الاستعصاء الديموقراطي ؟
عودة المسألة الاجتماعية إلى تونس
الأحزاب المصرية: الكل في الأخطاء سواء
مصر والبعث الجديد لظاهرة البرادعي
حال الطوارئ الحقيقية في مصر هي ديموقراطيتها المقموعة
المشايخ إذ يسيطرون على الرأي العام
مصر: مسؤوليات الرئيس والمعارضة
أشباح ساحة الشهداء
تقدم العالم العربي نحو... الأسوأ
أبعد من المحكمة الخاصة بلبنان
الإخوان المسلمون بين ملء الفراغ وإنتاجه
الليبرالية في السعودية - ردّ على الغذامي
الناقد «الموشوم» ومعركة الليبرالية – - ردّ على الغذامي
في إمكان التفاؤل بمستقبلنا
خــــــاووس
قراءة في التقرير العربي الثالث للتنمية الثقافية
الانفتاح: أهميته وضروراته للعالم العربي
بؤس السياسة وأزمة الحرية في مصر!
المشهد الانتخابي العربي خلال عام 2010: سقوط الموالين وخسارة المعارضين
بداية مضطربة للعقد الثاني من القرن الحادي والعشرين
تهجير المسيحيين العرب
سباق في لبنان بين التسوية والفتنة
الانتخابات المصرية ومأزق النظام [1]
مجتمعات عربية تحاول التهام دولها
«النظام الأساسي» هو دستور المملكة؟
الأمة والقومية والدولة في تجربتنا التاريخية
في لبنان التسوية أو البربريّة
«الإخوان المسلمون» المصريون ومسارات التحول نحو السلفية
الديموقراطيّة ... معركتها لم تبدأ عندنا بعد
60% من اللبنانيين و40% من الشيعة مع خيار العدالة
العنف ضد المرأة .. حان الوقت لكسر جدار الصمت
في تشريح أزمة الدولة الوطنية:ملاحظات على النقاش العالمي
كيف ابتلعت الانتخابات المصرية مقاعد "الاخوان"؟
الديموقراطية العربية: سلعة لا تزال قليلة العرض
هل أُسقطت "أضربوهنّ" على كل المجتمع العربي؟
عن حقوق الإنسان في المشهد العربي الراهن
الدستور بين الدولة والمؤسسة الدينية في السعودية
مصر والأردن: انتخابات تعددية نعم، لكن دون جوهر ديموقراطي أو إصلاحية !
الشيخ عبدالله المطلق والمرأة السعودية
حقوق الإنسان: ثلاث أولويات للبنان
مأزق نموذج الديموقراطية المصرية المحدودة
تراجع "الإخوان" من تراجع التيارات الإسلامية العربية
مصر: انتخابات نزع الشرعيات الثلاث
النتائج الفعلية للانتخابات البرلمانية المصرية... خسارة للجميع
مطلوب عشرون فكرة لإنقاذ العالم العربي
أميركا أميركا ... أيضاً وأيضاً
الهويات «المركبة» في الانتخابات الأردنية تبدّد أوهام صانعي قانونها
ملاحظات من وحي الانتخابات المصرية
ابن رشد ومارتن لوثر و«حوار التمدن»
العالم المفتوح... مصر المغلقة
الإخوان المسلمون خسروا غطاءً سياسياً مهماً في صراعهم مع النظام
برلمان 2010 يرسم خريطة لانتخابات الرئاسة ... لا فرص للمستقلين
فاز الحزب الوطني في مصر ... لكن البرلمان الجديد يفقد صدقية محلية ودولية
هل حقّق الحزب الوطني أهدافه في الانتخابات المصرية؟
الأدوار «الافتراضية» في الانتخابات المصرية
انتخابات» الأنظمة العربية إلى أين؟
فرسان الديموقراطية في العالم العربي ... تنقصهم الخيول
أردن ما بعد الانتخابات
ثقافة الانشقاق وأزمة الحياة الحزبية في مصر
في عجز الدولة العربية عن إنجاز تسويتها الداخلية
عن التجلّيات المتعدّدة للإسلام التاريخيّ
الإخوان المسلمون والإرهاب والإسلام السياسي
عصر ما بعد الديموقراطية: تضاؤل دور الاحزاب السياسية
العصبيات القبلية فى مصر القديمة
لمحة عن التاريخ السياسي لدائرة مصر القديمة
الملامح النهائية للمشهد الانتخابي في مصر
ما الذي تغـير هذه المرة في الانتخابات المصرية ؟
عـن مـصـر الـتـي سـتـنـتـخـب ... ومـصـر التـي لا تـكـتـرث
الدول العربية والمثقفون: أسئلة الحريات!
أزمة التعددية الإعلامية في العالم العربي
«الحزب المهيمن» في مصر والانتخابات النيابية
نعم ... الصحافة الاستقصائية ممكنة في العالم العربي
«الإخوان المسلمون» والانتخابات النيابية: أسئلة المشاركة أمام امتحان تداول افتراضي للسلطة
التطرف والإرهاب على أنقاض الدولة الوطنية
العلمانيـة وحقـوق النسـاء
في سبيـل علمانيــة لبـنانيـــة هنيّــة !
الديموقراطية معضلة عربية؟
انتخابات مجلس الشعب المصري... رصيد بلا نفاد وقعر بلا قاع
مصر: تشوهات الحياة السياسية كما تظهرها البرامج الانتخابية
في تفسير الانتخابات العربية
مصر: كيف نقاطع بإيجابية أو نشارك بحذر ؟
كيف نفهم حقوق المرأة وكرامتها؟
مشاهدات سريعة على أبواب المحاكم الشرعية اللبنانية
عن كتيّبات القضايا العامة
دور المحرّك/ الميسّر ومهامه
استراتيجيات عمل حركة
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة