أولا: مقدمات الثورة:
الثورة لم تكن مفاجئة بل كانت هناك تدريبات ميدانية وتراكم فى الوعي والخبرات المرتبطة بالنضال الديمقراطي السلمي على مدى خمس سنوات،كانت أهم مظاهره :
- تصاعد حركة الإضرابات والاعتصام والتظاهرات التى شاركت فيها كل القوى الاجتماعية تقريبا وشاركت فيها الجماهير الواسعة من الطبقات الفقيرة.
- بروز الحركات الاحتجاجية ذات الطابع السياسى والتي واصلت أنشطتها (كفاية 2004 وكافة المجموعات المنبثقة عنها /الجمعية الوطنية للتغيير /شباب 6ابريل / عايز حقي، ...الخ)
- تصاعد التحركات المطلبية للمهنيين (الطبقة الوسطى)وتنامي الأشكال التنظيمية المستقلة عن الهياكل النقابية الرسمية (أطباء بلا حقوق/اتحاد المعاشات/الحق فى الصحة / حركة 9 مارس /محامون ضد الفساد/معلمون بلا نقابة ...الخ)
- تنامي تأثير المدونات وتزايد أعداها ( وبروز المواطن الصحفي (نموذج مدونة الوعي المصري ودورها فى نشر أفلام فضائح الشرطة (التدريب فى قضية عماد الكبير)
- بروز دور الفيس بوك كأداة للتواصل بين قطاعات الشباب ونجاحهم فى تحويله من وسيلة للتواصل على الشبكة الافتراضية إلى وسيلة تعبئة واحتجاج وتضامن ساهمت فى نقل مشاركة قطاعات واسعة منعم من المجال الافتراضي إلى المجال (نموذج لهذا تنظيم إضراب 6ابريل 2008/ حملة خالد سعيد التي تجسدت في الواقع عبر صفحة "كلنا خالد سعيد"/ تنظيم استقبال البر ادعى،التعبئة للتجمعات المصاحبة للبر ادعى، حملة التوقيع على وثيقة التغيير التى وضعها البر ادعى ، حملة طرق الأبواب.
- التزايد غير المقصود لتأثير الفضائيات خاصة برامج التوك شو رغم انخفاض سقفها ، والتي تناولت عشرات القضايا أبرزها تلك المرتبطة بالفساد/التعذيب/الاحتجاجات المطلبية والتي ساهمت بشكل غير باشر فى رفع سقف الوعي والتذمر (نموذج برنامج العاشرة مساء / بلدنا بالمصري/الحقيقة/48ساعة )
- تزايد وتنامي تأثير الصحافة المستقلة والتي قدمت إلى حد كبير خطابا مختلفا عن خطاب الصحف القومية، بل وكانت أحيانا ما تفضحه جنبا إلى جنب مع قضايا الفساد الهيكلي (البديل/الدستور/الشروق/المصري اليوم).
ثانيا : نقاط قوة الثورة التى برزت ونضجت ميدانيا على الأرض فى ميدان التحرير وساهمت فى نجاحها:
• غياب الإيديولوجيا – ليس تماما- جعل إمكانية الاتفاق أيسر والالتفاف الجماهيري أوسع لغياب التمترس الايدلوجى حول قضايا البرنامج والمهام العاجلة وطبيعة النظام السياسى والمرجعية السياسية للحركة ... كان الاتفاق ميسورا على شعارات عامة لا خلاف عليها استقطبت كافة الشرائح. حرية...حرية ..عدالة اجتماعية /الشعب يريد إسقاط النظام/حرية..حرية /كفاية..كفاية /ارحل /باطل) وهو ما يرتبط بكون الجسم الاساسى لشباب الحركة فى التحرير أو للجمهور الذي تضامن معهم كان من خارج القوى السياسية التقليدية .
• غياب القيادة الموحدة بمعنى القيادة التي تسعى لفرض السيطرة، بل كان هناك بؤر قيادية صغيرة تعمل في تناسق انطلاقا من التوافق وليس الفرقة. وهو ما شل يد النظامبكرا. عن تحديد رأس الثورة وعقلها كي يصوب عليه أسلحته.للقضاء على الحركة مبكرا .
• عدم اقتصار الحركة على القاهرة أو الإسكندرية بل انتشارها فى كل محافظات مصر وهو ما ساهم فى إنهاك قوى النظام الأمنية من جهة وساهم فى مزيد من تشجيع القوى الاجتماعية على المشاركة
• انضمام شباب الالتراس /مليشيا شباب الإخوان فى الريف، الإخوان.الحرفيين وغير المتعلمين الحاصلين على تعليم متوسط ويعانون البطالة و معظمها كانت قوى فاعلة ميدانية شاركت لأول مرة فى فعل سياسي عام.
• ا لتفاعل وانهيار الصور الذهنية النمطية بين الشباب المرتبطين بمرجعيات سياسية وفكرية مختلفة .
• تحويل النضال السلمي إلى احتفال كرنفالى يومي(غناء/رقص/باعة جائلين/خيام مبيت/زيارات أسرية/بالونات/أعلام/باعة حلوى/ومياه غازية /اغانى شادية وعبد الحليم الوطنية/ أطفال تهتف/خلق حيز عام آمن يستوعب الجميع )ساهم فى استجابة واسعة من الطبقة الوسطى وكافة الشرائح الاجتماعية الأخرى.
• ممارسة السلطة على الأرض"اللجان الشعبية" (داخل الميدان/خارجه).
• الإبداع والخيال الادبى واستخدام التراث والثقافة الدينية (جمعة الغضب/ا لرحيل/النهاية /التطهير/الحساب/الغضب/الاحتفال بالنصر، والاغانى الشعبية)
• تصاعد أخطاء النظام في مواجهة الغضب: الضرب بالرصاص الحي / قيام نواب مجلس الشعب ورجال الأعمال إلى استئجار مؤيدين يعمدون إلى العنف والترويع (موقعة الجمل)/خطة الترويع واستخدام المجرمين الجنائيين بعد إخراجهم من السجون/صلف مبارك خاصة خطابه الأخير/ الإعلام الرسمي وتعامله مع احتجاجات الجماهير فى التحرير .
ثالثا : المستقبل والتحديات التى تواجه الثورة :
• غياب قيادة/رؤية موحدة تدير عملية التحول أو الفترة الانتقالية ميدانيا( خاصة ما يتعلق بحزمة القوانين التى تنظم شكل النظام السياسى والحياة والحريات السياسية (الدستور/قانون الاحزاب/قانون الانتخاب.. الخ).
• تنامي دور الاسلام السياسى( الإخوان/السلفيين /التيارات الجهادية ) والتي احتفى بها الإعلام بشكل فج بل ووجود شكل من العلاقات الخفية بينها وبين المجلس العسكري.
• إدارة العلاقة مع الدولة (الحكومة الانتقالية )والجيش(المجلس العسكري).
• ادارة العلاقة مع القوى السياسية الأخرى(التقليدية )، فهناك تفتت كامل لقوى اليسار والقوى الليبرالية وان كانت أوضاعها أفضل من قوى اليسار.
• تحول قوى الشباب (على وجه الخصوص)من حركة احتجاجية إلى حركة سياسية منظمة .
• تنظيم القطاعات الواسعة من الجماهير (العمال/المهنيين/الفلاحين).
|