بغداد – مشرق عباس ربح المرجع الشيعي علي السيستاني معركة تنحية رئيس الحكومة السابق نوري المالكي الذي تحاشى خلال إعلان تنازله منتصف ليلة أول من أمس، الإشارة الى المرجع، فيما شكره رئيس الحكومة المكلف حيدر العبادي، مشيراً إلى دعوته الكتل السياسية إلى التعاون لتشكيل الحكومة الجديدة. وبدأت القوى السياسية والعشائرية وضع شروطها، ومنها: التعهد بإنشاء الأقاليم، وتشكيل قوات من أبناء المحافظات السنية المنتفضة، وإقرار حصة الأكراد من الموازنة الاتحادية. ووافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أمس على تسليح الأكراد لمواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية».
وعلمت «الحياة» من مصادر مطلعة على محادثات القوى الشيعية، أن مسؤولين رئيسيين في حزب «الدعوة» أبلغوا المالكي أن طعنه بتكليف العبادي سيقود الى تقسيم الحزب وكتلة «دولة القانون».
وأشارت المصادر إلى أن المالكي استمر في رفضه التنازل عن مقاضاة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، وعدم تسليم رئاسة الوزراء الى العبادي، حتى قبل ساعات من إعلان تنحيه «حقناً لدماء العراقيين»، مستعرضاً إنجازات حكومته خلال السنوات الماضية، ومجدداً تأكيد تعرضه وحكومته لمؤامرات داخلية وخارجية.
لكن المصادر أكدت أن رسائل اللحظات الأخيرة التي سبقت التنحي، كان مصدرها السيستاني نفسه، وأبلغ عدد من قادة «حزب الدعوة» ومسؤولون أمنيون في المنطقة الخضراء إلى المالكي أن «خطبة الجمعة ستتضمن تصعيداً كبيراً ضده قد يؤدي إلى اضطراب داخل حلقات الحماية الخاصة به».
وقال السيستاني عبر ممثله في كربلاء أحمد الصافي أمس، إن «اكتمال الاستحقاقات الدستورية للرئاسات الثلاث في مواعيدها المحددة والتوافق الوطني عليها والترحيب الدولي والإقليمي، فرصة إيجابية نادرة لا بد من استثمارها لفتح آفاق جديدة تكون باكورة خير لحل المشاكل الأمنية والسياسية». وأضاف أن «التدهور في الحياة السياسية بين الساسة العراقيين في الداخل ومع الدول الأخرى جعل الحاجة ماسة الى تغيير في المواقع والمناصب في الدولة واعتماد رؤية مختلفة لإنقاذ البلاد من مخاطر الإرهاب والتقسيم».
ودعا إلى «ضرورة أن يكون العلم العراقي هو الراية التي يرفعها المتطوعون في قطاعاتهم ووحداتهم، وان يتجنبوا رفع أي صورة أو رمز آخر»، وفهمت هذه الدعوى باعتبارها رفضاً لتغول المليشيات في الدولة، خصوصاً في الشهور الأخيرة من حكم المالكي.
من جهة أخرى، اندلعت اشتباكات في أحد أحياء بغداد الشمالية بين قوات الجيش ومليشيا «عصائب أهل الحق»، إثر اعتقال الجيش عدداً من قادة المليشيا.
وأعرب شيخ عشائر الدليم علي الحاتم، خلال مؤتمر صحافي أمس، عن استعداد العشائر السنية للتعاون مع العبادي، شرط أن يحقق مطالب المحافظات السنية، ومنها حقها بالتحول الى أقاليم، بالإضافة الى حل المليشيات، وأكد أن السنة على استعداد لمقاتلة «داعش» في مدنهم.
ويواجه العبادي مطالب مشابهة من القوى السنية في البرلمان، التي أعدت قائمة مطالب تتضمن إصدار عفو عام وتشكيل قوات سنية خاصة بكل محافظة، وفتح مشاريع الأقاليم، فيما يشترط الأكراد الاتفاق على تصدير النفط وحصتهم من الموازنة.
وعلى رغم التأييد المحلي والإقليمي والدولي الذي تلقاه العبادي منذ تكليفه، فإنه يواجه ارتباكاً في تنظيم عمله، نظراً إلى امتناع مؤسسة رئاسة الوزراء التي ما زال يشغلها المالكي عن توفير متطلباته. وقال أحد المقربين منه إنه يشتكى من عدم توافر الحماية اللازمة له، وإن بعض أعضاء «حزب الدعوة» أمنوا له حراساً.
وأكد العبادي في سلسلة بيانات أصدرها أمس، التزامه توجيهات المرجعية الدينية ووصفها بأنها «ضمان وحدة العراق والعراقيين». وتعهد «محاربة الفساد واستئصاله، بالإضافة الى القضاء على السلبيات، وقيادة البلد الى بر الأمان» وشدد على «استيعاب أطياف الشعب العراقي وتوحيد العراقيين للقضاء على الإرهاب وبناء وطنهم»، و «معالجة ملفات الأمن والسياسة والاقتصاد والعلاقات الخارجية، فضلاً عن الملفات الأخرى».
ويتوقع أن تشهد الأيام المقبلة لقاءات بين زعماء القوى السياسية الرئيسية في البرلمان لتوزيع الحقائب والمناصب الرئيسية، وقد تثير المفاوضات خلافات جديدة، حتى داخل «ائتلاف دولة القانون».
ويقول بعض المصادر إن العرض الذي قدم في وقت سابق إلى المالكي بتسلم منصب نائب رئيس الجمهورية وحمايته من الملاحقات القانونية، لم يعد سارياً، على رغم حرص العبادي على طمأنته إلى مستقبله السياسي والشخصي.
وقال أحد قادة حزب «الدعوة» لـ «الحياة» مساء أمس، إن «مراجعة شاملة سيجريها الحزب و «دولة القانون» ستؤدي إلى إبعاد أو تجميد عدد من المسؤولين»، في إشارة الى الشخصيات والنواب المرتبطين بالمالكي، والذين قادوا حتى اللحظات الأخيرة حملات إعلامية واتهموا العبادي وأطرافاً شيعية وسنية وكردية بالخيانة.
السيستاني
دعا المرجع الديني الأعلى علي السيستاني إلى «استثمار الترحيب الدولي والاقليمي بتكليف حيدر العبادي تشكيل الحكومة العراقية لمعالجة مشاكل البلاد الامنية والسياسية»، فيما طالب خطيب الفلوجة بمحاكمة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
وقال ممثل المرجعية في كربلاء أحمد الصافي خلال خطبة الجمعة امس إن «على المتطوعين عدم إلحاق الأذى بالمواطنين الأبرياء مهما كانت توجهاتهم»، وأكد «ضرورة أن يكون العلم العراقي هو الراية التي يرفعونها في قطاعاتهم ووحداتهم، وان يتجنبوا رفع أي صورة أو رمز آخر». وأضاف أن «اكتمال الاستحقاقات الدستورية في مواعديها المحددة والاتفاق الوطني عليها والترحيب الدولي والإقليمي فرصة إيجابية نادرة، لا بد من استثمارها من أجل فتح أفاق جديدة تكون باكورة خير لحل المشاكل سيما الأمنية والسياسية».
ولفت إلى ان «التدهور في الحياة السياسية بين الساسة العراقيين في الداخل ومع الدول الأخرى جعل الحاجة ماسة الى تغيير في المواقع والمناصب في الدولة، واعتماد رؤية مختلفة لإنقاذ البلاد من مخاطر الإرهاب والتقسيم».
وطالب «البرلمان والحكومة بالإسراع في وضع وتنفيذ خطط شاملة لمعالجة ملف النازحين وإنهاء معاناتهم»، وزاد إن «مكافحة الفساد الإداري والمالي في المؤسسات يجب ان يكون من أولويات الحكومة الجديدة».
في النجف، أعرب إمام وخطيب جامع الكوفة ناصر الساعدي عن «أمله بتحمل رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي المسؤولية، وان يضع أخطاء الماضي نصب عينه وأن لا تتكرر تلك الأخطاء». وأضاف: «هناك رسالة نوجهها الى رئيس الجمهورية الجديد فؤاد معصوم: نتمنى أن تكون بيضة القبان وسياسياً محنكاً ووطنياً، وأن تنسى أنك تنتمي إلى الطائفة الفلانية أو القومية الفلانية، لأنك اليوم أب لكل العراقيين ونأمل منك كل خير».
ووصف معصوم «بالشجاع عندما كلف العبادي»، وتابع: «نرجو منك ان تنظر الى العراقيين جميعاً نظرة واحدة متساوية وأن تعود الى هويتك الأصلية وهي العراقية».
وحذر الساعدي «الأجهزة الأمنية من المندسين مع المهجرين، وان تكون معسكراتهم منضبطة، فضلاً عن تحذرينا للحكومة من البعثيين، الذين يجب إبعادهم عن المناصب المهمة وسلطة القرار».
الى ذلك، قال خطيب جمعة الفلوجة في الانبار الشيخ عبدالله المحمدي امس ان «المالكي دخل مزبلة التاريخ بعد سنوات من الظلم والقتل والارهاب لشعبه، ومشروعه الذي كان يستهدف ابادة اهل السنّة والجماعة في الانبار والعراق وتهجير الآلاف من ديارهم يجب محاكمته وفق القانون على كل جريمة ارتكبها».
وأضاف ان «حكم المالكي لسنوات خلّف دماراً وتخريباً للبلاد ومعاناة لآلاف العائلات التي هجرت من الفلوجة والرمادي وتكريت والموصل وسامراء وحزام بغداد ومن ديالى جراء القصف العشوائي وبراميل الموت والمجازر التي ترتكبها الميليشيات».
وأشار الى ان «العائلات المهجرة من منازلها من اهل الانبار والمحافظات الأخرى حالها يقول اين حكام العدل والانسانية اين ساسة البرلمان؟».
وزاد أن «اعضاء البرلمان الذين كثروا ولم نشاهدهم الا قبل الانتخابات وقد نسينا وجوههم التي كانت تظهر في اعلاناتهم الانتخابية، اين صوتكم اين ذهبت حناجركم هل مرضتم ام اصابكم داء السكوت اين موقفكم من محاسبة من يقتل ابناء عشائركم من المليشيات وعصابات القتل وسفك الدماء؟». |