لن يميز الجلسة العاشرة التي دعي مجلس النواب الى عقدها اليوم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية سوى انها ستكون الاولى في ظل عودة أحد الاقطاب السياسيين الرئيس سعد الحريري الى لبنان والذي لم يعرف ما اذا كان سيحضر الى ساحة النجمة ويشارك نواب "كتلة المستقبل" وقوى 14 اذار و"اللقاء الديموقراطي" وبعض نواب آخرين في محاولة تأمين نصاب لا يزال هائما ومفتقدا بفعل قرار تعطيل الانتخابات الثابت والمحصن حتى اشعار آخر.
وعلمت "النهار" ان الاسبوع الجاري سيشهد لقاءات لاقطاب وقيادات داخليين كبار لكنها لن تخرق جدار فقدان نصاب جلسة الانتخاب. وهذه الاجواء غير المشجعة عكس جانباً منها رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط الذي كانت له جملة لقاءات شملت الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ورئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون والرئيس سعد الحريري أمس. وكشفت مصادر مواكبة ان اطرافا داخليين وخارجيين توسطوا لدى النائب عون لكي يخرج من السباق الرئاسي لكنهم لم يفلحوا في مسعاهم، كما ان "حزب الله" رفض من جهته ان يقوم بجهد في هذا المجال.
وعشية الجلسة النيابية نقل وزير العمل سجعان قزي عن رئيس مجلس النواب نبيه بري تشديده على اجراء الانتخابات الرئاسية قبل النيابية. وقال لـ"النهار" في هذا الصدد: "ان الرئيس بري، حرصاً منه على دور رئيس الجمهورية، اعتذر عن الدعوة الى هيئة حوار جديدة لئلا يقال إنه اغتاب الرئاسة الاولى على رغم حاجة البلاد الى الحوار أكثر من أي وقت مضى سواء لانتخاب رئيس جديد للبلاد أو للحفاظ على الامن والاستقرار".
في غضون ذلك، تواصلت الحركة الكثيفة في بيت الوسط أمس لليوم الرابع منذ عودة الحريري وتركزت بشقيها الديبلوماسي والرسمي على استكمال الاستعدادات لاحتواء تداعيات احداث عرسال وتنفيذ الهبة السعودية. واعلن الرئيس الحريري لدى استقباله وفداً من عرسال انه سيتبرع بمبلغ 15 مليون دولار للبلدة تخصص لبناء المدارس والمستشفى ومشاريع ضرورية، وشدد على ان "المخطط المرسوم لعرسال انكشف وعلينا ان نحمي البلدة بكل ما أوتينا من امكانات ونحن نعرف أنكم جميعاً مع الدولة والجيش". مجلس الوزراء وعلمت "النهار" ان عدداً من الوزراء سيطرح في جلسة مجلس الوزراء بعد غد الخميس مواقف من هبة المليار دولار التي قررتها المملكة العربية السعودية لتلبية حاجات الجيش وقوى الأمن، مع العلم ان جدول أعمال الجلسة الذي يتضمن 130 بندا ليس بينها موضوع الهبة، منها بنود مؤجلة من الجلسة السابقة ولا سيما منها ما يتعلق بانشاء جامعات وكليات جديدة. وتغلب على معظم البنود الصفة العادية.
على صعيد آخر، يقيم رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ظهر اليوم مأدبة غداء في السرايا على شرف سفير المملكة العربية السعودية علي عواض عسيري في مناسبة انتهاء مهمته في لبنان. وقد وجهت الدعوة لحضورها الى عشرات الشخصيات الرسمية والنيابية والسياسية والديبلوماسية. الصدام التربوي الى ذلك، بلغت ازمة تصحيح المسابقات الرسمية ذروتها أمس في الصدام العلني بين وزير التربية الياس بو صعب وهيئة التنسيق النقابية التي مضت في قرار الامتناع عن تصحيح المسابقات، فيما دعا الوزير لجان التصحيح الى الشروع اليوم في التصحيح كفرصة اخيرة قبل ان يطلق اشارة اصدار الافادات بناء على نتائج الامتحانات المدرسية. وتحول الكباش بين الوزير والهيئة مبارزة مكشوفة عقب تمرد مندوبي عدد من الاحزاب على قرارات احزابهم بالعودة عن الاضراب في تصحيح المسابقات. وفشل اجتماع بين بو صعب والهيئة في اقناع الهيئة بالموافقة على التصحيح فأعلن كل من الفريقين قراره.
الحريري تبرّع لعرسال بـ 15 مليون دولار جنبلاط: العودة ترسّخ الإسلام المعتدل
استقبل الرئيس سعد الحريري في "بيت الوسط" رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط على رأس وفد ضم الوزيرين وائل أبو فاعور وأكرم شهيب والنواب: مروان حماده، غازي العريضي، فؤاد السعد، علاء الدين ترو، أنطوان سعد ونعمة طعمة، وأمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر، في حضور النواب: زياد القادري، جمال الجراح، عمار حوري، عاطف مجدلاني، سمير الجسر، باسم الشاب، سيرج طورسركيسيان وغازي يوسف والنائب السابق غطاس خوري. بعد اللقاء، قال جنبلاط: "عاد الشيخ سعد في ظروف بالغة التعقيد، ولكن في الوقت نفسه، فإن وجوده معنا اليوم في لبنان يشكل عاملا أساسيا ورادعا لحل مشاكل كبيرة ولتأكيد الخط الذي بناه والده الشهيد رفيق الحريري، والذي أرسى نهجه وثبته الشيخ سعد الحريري، وهو الإسلام المعتدل الوطني اللبناني العربي".
ولفت الى انه " بعد امتحان عرسال قد تأتي علينا امتحانات أخرى غير عرسال، لكن بوجوده معنا وبتفعيل الحكومة، وبعد أن نجد صيغة إن شاء الله ننتخب رئيساً للجمهورية، لأنه لا يجوز أن يبقى لبنان دون انتخاب رئيس، فنواجه الاستحقاقات الاقتصادية والسياسية والمعيشية، آخذين في الاعتبار أن المحيط العربي كله مهدد وتسوده الفوضى العامة، لكن أعتقد أنه حتى الآن، بجهود الشيخ سعد وغيره من الخيرين، ولا سيما المملكة العربية السعودية، يبقى هناك حتى هذه اللحظة، التي نأمل أن تستمر، مظلة تحمي لبنان".
سئل: هل تعتقد أن وجود الحريري في بيروت يسهّل انتخاب رئيس؟، أجاب: "أعتقد أن الشيخ سعد وكلنا نحرص على انتخاب رئيس. وأذكر أن مرشحنا كلقاء ديموقراطي هو النائب هنري حلو، وهو مرشح ثابت ومبدئي، فقط كي لا يقال إننا على استعداد للتسوية. لكن مبدأ الانتخاب ضروري جدا من أجل ضمان لبنان وإعطاء مسيحيي الشرق الأمل. فهناك مصيبة حلت بمسيحيي الشرق من خلال هذا الوحش الكاسر المسمى "داعش"، وهذه المصيبة حلت أيضا بالأقليات التي عاشت في هذا الشرق على مدى قرون وسبقت الإسلام".
وسئل: الرئيس نبيه بري يقول إنه لن يقبل بالتمديد لمجلس النواب والرئيس الحريري يدعو الى انتخابات رئاسية قبل النيابية، فهل نحن ذاهبون إلى فراغ في مجلس النواب أيضا؟، أجاب: الفراغ في مجلس النواب يضرب كل مؤسسات الدولة، فلا يجوز أن نذهب إلى حالة شبيهة بالحالة العراقية، ولا أتصور أن أحدا يرغب في الفراغ.
وردا على سؤال، قال: "لأكن واضحا حتى اللحظة الأخيرة، مرشحنا هو هنري حلو، ففي اللحظة التي نتخلى فيها عن هنري حلو بتسوية يفقد وليد جنبلاط واللقاء الديموقراطي أي صدقية تجاه الخط الذي بنيناه مع الغير، والقائم على الاعتدال والوسطية. لتكن مشكلة أصوات، نحن لدينا 16 صوتا، ونأمل أن تزيدو. أتمنى على بعض الافرقاء الذين لم يعطونا أصواتهم في المرة الماضية أن يصوتوا لهنري حلو هذه المرة".
وكان الحريري عرض المستجدات المحلية والاقليمية مع السفير البريطاني طوم فليتشر ورئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي السفيرة أنجلينا أيخهورست. وابلغ الى وفد من عرسال تبرعه بمبلغ 15 مليون دولارا لبناء المدارس والمستشفى في البلدة.
وقال فليتشر بعد اللقاء : "أردت المجيء للترحيب بقرار الرئيس سعد الحريري العودة إلى لبنان في هذا الوقت، وخصوصا اننا امام لحظة صعبة يمر فيها لبنان والمنطقة حيث تتصاعد الاخطار التي تهدد البلاد والشعب. لذلك من المهم اكثر من أي وقت مضى أن يجتمع زعماء لبنان معا بروح من التوافق والاعتدال والتسامح، وان يتحلوا بالحكمة والشجاعة اللازمتين لنواجه معا هذه التهديدات". وأمل أن يتحدث "في الأيام المقبلة عن السبل التي ستتمكن عبرها بريطانيا من ان تبقى الى جانب لبنان في المراحل الصعبة".
من جهتها، قالت إيخهورست ان عودة الحريري "مؤشر إيجابي للبنان، في وقت يتعين فيه على جميع الأطراف أن يتحدوا ويعملوا معاً لمعالجة كل التحديات. وناقشنا الأوضاع السياسية والأمنية العامة في البلاد وخصوصاً الانتخابات الرئاسية والتطورات الأمنية وأزمة اللاجئين والوضع الاقتصادي". واضافت: "بالنسبة إلى الحوادث الأخيرة في عرسال، جددت إدانة الاتحاد الأوروبي للهجمات على الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. واتفقنا على أهمية الحفاظ على استقرار لبنان، وشددنا على ضرورة أن يسود صوت الاعتدال".
ثم استقبل رئيس حزب الوطنيين الاحرار النائب دوري شمعون الذي أثنى على عودة الحريري في هذه المرحلة بالذات. والتقى كلا من السفير القطري علي بن حمد المري، المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم، المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابرهيم بصبوص، والمدير العام لامن الدولة اللواء جورج قرعة. كذلك استقبل رئيس اساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر موفدا من البطريرك الماروني، والنائب ميشال المر.
والتقى مساء وفدا من فاعليات بلدة عرسال ومخاتيرها برئاسة رئيس البلدية علي الحجيري وفي حضور النواب عاصم عراجي وجمال الجراح وزياد القادري وأمين وهبي والأمين العام ل "تيار المستقبل" احمد الحريري.
وقال: "لا شك ان ما حصل في عرسال نبّه الناس لمأساة البلدة المزمنة، عرسال البلدة التي رفدت الجيش والوطن بخيرة الرجال والابطال، كم هي مظلومة، البلدة التي واجهت محنة كبيرة وخرجت منها بحمد الله. لا شك ان ما تعرضت له بلدتكم من خسائر بالأرواح والممتلكات كبير جدا، ولكن نحمد الله ان المخطط المرسوم لضرب عرسال انكشف وعلينا ان نحمي البلدة ". واضاف "أود ان ابلغكم انني سأتبرع لعرسال بمبلغ 15 مليون دولار تخصص لبناء المدارس والمستشفى وما تحتاج اليه البلدة. وأريد التأكيد أننا سنكون حرصاء على ألا يتكرر ما حصل لعرسال في المستقبل، وأعدكم بأنني سأبذل كل الجهود الممكنة لايفاء البلدة حقها الطبيعي من مشاريع حيوية وخدماتية من خلال الدولة". كلنا يعرف لماذا استهدفت عرسال، لأنها وفية لمسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وانتم أهل عرسال بوقفتكم القوية وجهودكم استطعتم فضح المخطط الخبيث وإجهاضه".
|