الثلثاء ٢٦ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: شباط ٢٥, ٢٠١١
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
ليبيا
القذافي يتهم المعارضين بخدمة "القاعدة" وقذاف الدم يتخلّى عنه و"يلجأ" إلى مصر
ميليشيات النظام تشنّ هجوماً مضاداً مع تضييق الثوار الخناق على طرابلس

ضيقت المعارضة الليبية الخناق على نظام الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، وزادت الضغط عليه ، بعدما باتت  تسيطر فعلاً على مراكز رئيسية في الشرق، بينها مدينة بنغازي، العاصمة الاقليمية، والمرافئ الليبية الرئيسية لتصدير النفط ومنتجاته، وسط انباء عن سيطرتها على مصراتة وزوارة في الغرب، بينما تمضي في تعبئة  الثوار واستقطاب مزيد من أركان النظام الى صفوفها. ومع تمدد الاحتجاجات في كل الاتجاهات، واقترابها من مركز سلطة القذافي في طرابلس وبعض مناطق وسط البلاد، شنت  ميليشيات هجوما مضاداً على الثوار أمس وخاضت معارك ضارية في مناطق قرب العاصمة، فاقتحمت مسجداً في الزاوية على مسافة  50 كيلومتراً غرب طرابلس، كان يعتصم فيه معارضون، واشتبكت مع آخرين سيطروا على مطار، فقتلت عشرة  وجرحت عشرات آخرين.  
وفي نداء مشتت الى الهدوء، اتهم القذافي المحتجين بانهم يخدمون مصالح تنظيم "القاعدة"، وقال إنهم تحت تأثير "حبوب الهلوسة". 


وفي رسالة صوتية بثها التلفزيون الليبي، هي تصريحه الثاني خلال 48 ساعة، خاطب اهالي الزاوية، قائلاً إن  "هؤلاء لا مطالب عندهم، مطلبهم ليس عندهم بل عند بن لادن...من يعطي الحبوب لاولادكم هو المجرم والمسؤول عن القتل او حرب اهلية او مصيبة". وكرر ان سلطته في ليبيا "مجرد سلطة ادبية ومرجعية". واتهم  "القاعدة" وبن لادن "بالتغرير بأبناء الزاوية الذين يقل عمرهم عن 20 سنة لاعاثة الفوضى والدمار" في المدينة. واضاف: "اقبضوا على اتباع بن لادن وقدموهم الى المحكمة لانهم مسؤولون عن الجرائم".وطالب الاباء والامهات بان ينزلوا الى الشوارع ويمسكوا اولادهم الصغار "الذين غرر بهم عناصر القاعدة الهاربون من غوانتانامو... عالجوا ابناءكم من حبوب الهلوسة الموضوعة في القهوة والحليب كي يسيطروا بها عليهم". ووصف ما يحصل في الزاوية بانه "مهزلة"، و"اذا اردتم العيش مع هذه الفوضى فأنتم احرار". وفي اشارة الى اللجان الشعبية، قال: "منذ 1977 تركت لكم السلطة... السلطة في ايدي الشعب، انتم تقررون كل شيء". ودعا الى الحفاظ على الهدوء في البلاد، متحدثا عن "مؤامرة" على الليبيين. وقدم "التعزية" الى عائلات أربعة رجال أمن قتلوا في الزاوية.
وكان القذافي تحدث مرة اولى مساء الثلثاء في خطاب ناري توعد فيه بقمع دام للمتظاهرين ضد نظامه.
وترمي خطب القذافي على ما يبدو الى ترهيب انتفاضة تقترب من معقله طرابلس، بعدما "تحرر" شرق البلاد وتفكك بعض أساسات النظام.

الزاوية ومصراتة وزوارة
وكان مسلحون هاجموا مسجد السوق في الزاوية حيث اعتصم محتجون منذ أيام مطالبين بتنحي القذافي، وفتحوا النار من أسلحتهم النارية، وأصابوا المئذنة، وذلك بعد اتهام السلطات الليبية من سمتهم ارهابيي القاعدة" بـ"ذبح ثلاثة جنود" في المدينة.


وأوردت صحيفة "قورينا" الليبية في موقعها على الانترنت أن عشرة أشخاص على الاقل قتلوا، ونحو 150  أصيبوا بجروح. وقالت ان المصابين "لا يستطيعون الوصول إلى المستشفيات نظرا الى اطلاق النار الكثيف في كل اتجاه.
وبعد الهجوم، تجمع الالاف في ساحة الشهداء بالمدينة وراحوا يهتفون: "ارحل ارحل" في اشارة الى القذافي.
الى ذلك، شنت ميليشيات موالية للقذافي هجوماً على مطار صغير خارج مصراتة، ثالثة كبرى مدن البلاد، الواقعة على مسافة 150 كيلومتراً شرق طرابلس والتي ادعى المحتجون انهم سيطروا عليها.
وقال محامون وقضاة في بيان ورد على الانترنت انهم يسيطرون على مصراتة.


وأوضح مسؤول طبي في قاعدة جوية في المطار: "نحن قلقون لاننا صرنا محاصرين بين سرت وطرابلس، معقلي القذافي".
وانسحبت ميليشيات القذافي من المدينة قبل ظهر أمس. وحضت الاذاعة المحلية التي سيطرت عليها المعارضة السكان على الخروج في تظاهرة الى مطار المدينة لحمايته.
وفي أقصى الغرب، روى شهود وصلوا الى تونس المجاورة براً ان مدينة زوارة "خلت من الشرطة والجيش" و"الشعب يسيطر على المدينة".

الشرق المحرر
وبات شرق البلاد من الحدود المصرية الى بلدة اجدابيا غرباً مرورا بطبرق ودرنة وبنغازي التي شكلت مركز الاحتجاجات والتي تقع على مسافة 1000 كيلومتر شرق طرابلس، في ايدي المعارضين.


وروى سكان في بنغازي أن  المرافئ الليبية الرئيسية لتصدير النفط ومنتجاته في راس لانوف ومرسى البريقة باتت في أيدي المحتجين.
وقال سليمان كريم، أحد السكان الذين يساعدون في إدارة شؤون بنغازي  إن صادرات النفط، وهي مصدر مهم للعائدات في ليبيا، مستمرة، بينما يقول آخرون إن التدفقات قد تكون تأثرت بالاحتجاجات.
الى ذلك، قالت "قورينا" ان مدينة الكفرة في جنوب شرق البلاد سقطت في أيدي المتظاهرين، بعدما أحرق سكانها مقرات اللجان الثورية وأمانة مؤتمر اللجان ومراكز الشرطة ومبنيي الأمن الداخلي والخارجي في المدينة.


وتشهد الجدران المليئة باثار الرصاص في البيضاء على عنف المعارك بين المعارضين و"المرتزقة" الذين استخدمهم النظام الليبي، الا أن المدينة بدأت تدير شؤونها في ظل لجان شعبية.  
وشاهد مراسل "رويترز" نحو 12 شخصاً محتجزين في مبنى محكمة روى سكان أنهم "مرتزقة" يدعمون القذافي. وقيل إن بعضهم أفارقة وآخرين من جنوب ليبيا.
ودمر محتجون غاضبون مجمعاً قالوا إن المرتزقة كانوا يستخدمونه.
وبثت شبكة "سي أن أن" الاميركية للتلفزيون مشاهد لتظاهرات خرجت في بنغازي احتفالاً بتطهيرها من فلول النظام الليبي. وقال مراسل الشبكة إنه شعر بأنه جندي أميركي يدخل باريس بعد الحرب العالمية الثانية.

طرابلس
أما طرابلس التي لا تزال في قبضة القذافي، فكانت شوارعها شبه مقفرة صباح أمس، بعد ليلة تخللها اطلاق رصاص كثيف، وخصوصاً في الضاحية الشرقية.
وفيما لا تزال المدينة مغلقة إلى حد كبير أمام وسائل الإعلام الأجنبية، قال سكان إنهم يخشون الخروج إلى الشارع لئلا تطلق القوات الموالية للحكومة النار عليهم. وقال أحدهم: "بدأ الناس العمل اليوم. لكن هذا لا يعني أنهم غير خائفين. حتى الآن، يتحرك الناس في الشارع".


وأفادت مصادر ان انصار الزعيم الليبي يتمركزون في العاصمة حيث تضم كتيبة خميس القذافي خصوصاً تسعة الاف مقاتل، اضافة الى مدرعات وطائرات واسلحة ثقيلة.
وهكذا بدت ليبيا في اليوم العاشر من الانتفاضة التي سقط فيها مئات القتلى مقسمة ومهددة بحرب أهلية، مع مهاجمة سكان مقرات حكومية وثكناً للجيش في الشرق، تساعدهم وحدات للجيش انشقت عن قواعدها، وتكوين زعماء قبائل وسكان وضباط ادارات محلية، وسط توزيع للاسلحة التي نهبت من القواعد العسكرية.


وقد اعترفت السلطات الليبية حتى الآن، بمقتل 300 شخص منذ انطلاق الاحتجاجات، لكن الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الانسان تحدث عن مقتل 640 شخصا على الاقل بينهم 275 في طرابلس و230 في بنغازي. واشار الطبيب الفرنسي جيرار بوفيه العائد للتو من بنغازي الى "اكثر من الفي قتيل" في المدينة وحدها.

انشقاقات
في غضون ذلك، تتواصل الانشقاقات التي تنهك أسس النظام الليبي.
ففي ضربة هي الاخيرة للقذافي، أعلن ابن عمه أحمد قذاف الدم الذي يعتبر أحد أقرب مساعديه انشقاقه عنه وطلبه اللجوء السياسي في مصر احتجاجاً على القمع الدامي للاحتجاجات، مندداً بـ"الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان والقوانين الانسانية والدولية".
وفي سبحة الانشقاقات العشائرية والسياسية والامنية،  انضم مدير أمن شعبة بنغازي العميد علي محمود هويدي إلى قائمة المسؤولين الأمنيين الذين تخلوا عن القذافي، قائلاً إن ما رآه من استعمال مفرط للقوة وفتك بالأرواح هو السبب وراء قراره.


كذلك، رفض قائد سفينة حربية ليبية أوامر من القذافي بقصف مدينة بنغازي، ووصل بها إلى مالطا لينضم إلى طيارَيْن رفضا أوامر عسكرية باستخدام سلاح الطيران، ولجآ في وقت سابق إلى مالطا.
وفي معسكر القبائل، دعت عشائر الشرق في اجتماع حاشد لها في مدينة البيضاء الدول الأوروبية الى اتخاذ موقف جريء من الأحداث التي تشهدها بلادهم.
وقال أمين اللجنة الشعبية للعدل المستقيل مصطفى عبد الجليل الذي حضر الاجتماع إن القذافي أرسل وفدا للتفاوض مع العشائر، لكنها رفضت وتمسكت بمطلب الشعب برحيل "الطاغية". ورجح أن يلجأ القذافي الى استخدام كل الأسلحة للفتك بالثورة الشعبية، وأبدى تخوفه على طرابلس التي قال إن المعلومات الواردة منها تشير إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى، واصفا الأمر بأنه كارثي. وتوقع أن ينتحر القذافي"على ما فعل هتلر".


وكان كبار مشايخ مدينة الزنتان الليبية أكدوا فقدانهم الثقة بالقذافي بعد كلمته التي ألقاها الثلثاء، ولوحوا  بقطع إمدادات النفط والغاز عن أوروبا والعالم في حال عدم تنحيه  ونظامه "الفاسد" وتسليم ليبيا الى الشعب.
وعلى الجبهة الديبلوماسية، افادت وكالة "بترا" الاردنية الرسمية ان السفير الليبي في الاردن محمد حسن البرغثي قدم استقالته.

زيارات ميدانية
ومع بدء الحديث في الغرب عن احتمال قطع العلاقات الاقتصادية مع ليبيا أو حظر الطيران فوق البلاد لمنع النظام من استخدام الطائرات لقصف شعبه، أعلن سيف الإسلام نجل الزعيم الليبي أن بلاده ستكون "اعتبارا من أمس  مفتوحة أمام جميع الصحافيين من كل أنحاء العالم لنقل مجريات الأوضاع وتوضيح الحقائق". وقال إن التقارير عن حصيلة القتلى مبالغ فيها، وأن الحديث عن "مئات أو آلاف القتلى هو مزحة".
وكانت السلطات الليبية أعلنت أنها ستنظم زيارات ميدانية للبعثات السياسية والمراسلين الأجانب للأحياء والمناطق السكنية.
و ص ف، رويترز، أ ب، أ ش أ، ي ب أ، "الجزيرة"، "سي أن أن" 

 

ليبيا أودعت مليارات الدولارات في أميركا


وقت تبحث الولايات المتحدة وحكومات أوروبية في إمكان تجميد أصول للحكومة الليبية، أظهرت برقية ديبلوماسية نشرها موقع "ويكيليكس" مؤرخة كانون الثاني 2010 أن صندوق الثروة السيادية الليبي يملك 32 مليار دولار نقداً في مصارف أميركية يدير كل منها ما بين 300 و500 مليون دولار، ولديه أيضا استثمارات مهمة في لندن.
وتتحدث البرقية عن اجتماع بين الرئيس التنفيذي للمؤسسة الليبية للاستثمار محمد لياس والسفير الأميركي في طرابلس ناقشا فيه الفرص المحتملة للاستثمارات الاميركية في ليبيا، اضافة الى الوضع المالي للجماهيرية.


 ويعتقد أن المؤسسة الليبية للاستثمار التي تضم الصناديق السيادية الليبية التي تدير عائدات النفط الضخمة تدير أصولاً بنحو 70 مليار دولار، إذ تمتلك حصصاً في شركات أوروبية قيادية، مثل "بنك أوني كريديت" الايطالي ودار النشر البريطانية "بيرسون".
وأبلغ الى السفير الاميركي في الاجتماع أن ليبيا "تجاوزت عاصفة" الازمة الاقتصادية، وأن الصندوق يعمل بسيولة عالية وليس قلقا من تقلبات سوق النفط.


ونقلت البرقية عن لياس قوله خلال الاجتماع الذي انعقد في مقر المؤسسة الذي يطل على البحر المتوسط: "لدينا سيولة قيمتها 32 مليار دولار، أكثرها ودائع مصرفية ستوفر لنا عائدات جيدة على المدى الطويل... أن كل مصرف من مصارف أميركية عدة يدير 300 إلى 500 مليون دولار من أموال المؤسسة". وأشار الى أن مؤسسته عالقة في خلاف قانوني مع المصرف الاستثماري "ليمان براذرز" بسبب استثمار كبير "أسيئت ادارته". وأفاد أن المؤسسة تملك مكتباً في لندن، وتفضل الاستثمار في المملكة المتحدة أكثر منها في الولايات المتحدة نظرا الى سهولة إجراء الأعمال والنظام الضريبي المبسط نسبياً هناك، موضحاً أن أبرز استثمارات المؤسسة في لندن تتركز في نشاطات مصرفية وعقارات سكنية وتجارية.


والمؤسسة الليبية للاستثمار التي أفادت البرقية أنها تسيطر على سبع شركات على الأقل، هي أحد أكثر صناديق الثروة السيادية تكتماً في العالم ولها صلات قوية بالحكومة. وهي قالت في تقرير سنوي نادر عام 2009 إن أكثر من 78 في المئة من أموالها مستثمر في "أدوات مالية قصيرة الأجل في الخارج".
وقال لياس إن المؤسسة مهتمة باجتذاب مزيد من الاستثمارات الأميركية إلى ليبيا، وهي تعتقد أن الولايات المتحدة يمكن أن تضطلع بدور رئيسي في تنمية البلاد. ونفى أن تكون لمؤسسته استثمارات في برامج أدارها المصرفي المسجون حاليا الن ستانفورد وبرنارد مادوف المدان بالاحتيال.
رويترز، "فورين بوليسي"

 



 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
سيف الإسلام القذافي يخطط للترشح لرئاسة ليبيا
اشتباكات غرب طرابلس... وحكومة «الوحدة» تلتزم الصمت
رئيس مفوضية الانتخابات الليبية: الخلافات قد تؤخر الاقتراع
خلافات برلمانية تسبق جلسة «النواب» الليبي لتمرير الميزانية
جدل ليبي حول صلاحيات الرئيس القادم وطريقة انتخابه
مقالات ذات صلة
دبيبة يواصل مشاورات تشكيل الحكومة الليبية الجديدة
كيف تتحول الإشاعات السياسية إلى «أسلحة موازية» في حرب ليبيا؟
لقاء مع غسان سلامة - سمير عطا الله
المسارات الجديدة للإرهاب في ليبيا - منير أديب
ليبيا من حالة الأزمة إلى حالة الحرب - محمد بدر الدين زايد
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة