الأثنين ٢٥ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: شباط ٢٤, ٢٠١١
المصدر : جريدة النهار اللبنانية
ليبيا
نظام القذافي يُكافح للاحتفاظ بطرابلس بعد سقوط الشرق في يد المحتجين
مالطا رفضت استقبال طائرة على متنها ابنة الزعيم الليبي وفراتيني يتحدث عن ألف قتيل وحركة الانشقاقات متواصلة

تكافح الميليشيات الموالية للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي للمحافظة على طرابلس ومناطق في غرب البلاد، بعدما عزز المعارضون سيطرتهم على اقسام واسعة من الشرق الغني بالنفط، وتوسعوا الى مناطق قريبة من العاصمة، معمِّقين الصدع في نظام اعتمد على التباينات القبلية والسياسية لاحكام قبضته على البلاد طوال 42 سنة. ومع اتساع الانتفاضة الشعبية، يتوالى انهيار هياكل السلطة وتتواصل الاستقالات والانشقاقات، وصولاً الى ترك طيارين طائرتهما التابعة للقوات الجوية الليبية تتحطم في الصحراء قرب بنغازي، بعدما قفزا منها بمظلتين بدل قصف المدينة التي سيطرت عليها المعارضة.


وفي مؤشر لمحاولة مقربين من القذافي ترك البلاد، أفادت مصادر في مطار فاليتا، ان طائرة تابعة للخطوط الجوية الليبية كانت تنقل 14 شخصاً يعتقد أن بينهم عائشة ابنة القذافي، طلبت الهبوط في مطار مالطا الدولي، لكن سلطات المطار رفضت استجابة طلبها وأعادتها أدراجها.


وقالت المصادر ان الطائرة، وهي من طراز "اي تي ار 42"، توجهت الى مالطا من دون اعلان مسبق، وعندما طلبت الاذن بالهبوط أعطى الطيار تفاصيل رحلة كان يفترض أن تهبط في مالطا الثلثاء، فرفض طلبه. وبعد تحليقه 20 دقيقة في محاولة لاقناع السلطات المالطية بتغيير رأيها، قرر الطيار العودة إلى ليبيا. واشارت الى انه لم تتضح هويات ركاب الطائرة، لكن قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية أفادت من مالطا ان طائرة مدنية رفض هبوطها في مطار مالطا الدولي كانت تنقل عائشة القذافي.


وفي نيويورك، انهت الامم المتحدة مهمات عائشة سفيرة للنيات الحسنة بسبب الاحداث الدامية في ليبيا. وصرح الناطق باسم المنظمة الدولية مارتن نسيركي في نيويورك بان عائشة القذافي اختيرت لهذه المهمة في اطار برنامج الامم المتحدة للتنمية للحديث عن العنف ضد النساء وعن مرض العوز المناعي المكتسب "الايدز" في ليبيا. واضاف: "اثر الاحداث الاخيرة، أنهى برنامج الامم المتحدة للتنمية الاتفاق مع السيدة القذافي بموجب المادة 30 من لوائح الامم المتحدة في شأن تعيين سفراء النيات الحسنة ورسل السلام".

 

الشرق سقط
ويوماً بعد يوم، تتسع المناطق التي تخضع لسيطرة معارضي نظام القذافي الذين بدا أنهم أحكموا قبضتهم أمس على قسم كبير من شرق البلاد المحاذي للحدود مع مصر حتى أجدابيا غرباً مرورا بطبرق وبنغازي، استناداً الى شهود.
وشوهد مسلحون الى جانب جنود انقلبوا على القذافي على الطريق الممتدة حتى طبرق.
وصرح وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني في روما بان "اقليم برقة لم يعد خاضعاً لسيطرة الحكومة الليبية وتشهد انحاء البلاد كلها مواجهات وأعمال عنف".
وعمت أمس الاحتفالات مدينة بنغازي، مهد الانتفاضة الشعبية في شرق ليبيا حيث خرج الآلاف إلى الشوارع وأطلقوا المفرقعات ووزعوا المواد الغذائية.
وقال مدير المركز الصحي في المدينة حسام ابرهيم شريف، إن نحو 320 شخصاً قتلوا في بنغازي.
واحتشد المحتجون في الشوارع ولوحوا بالأعلام الحمر والخضر والسود التي تعود إلى عهد الملكية، ووزعوا الحلوى والعصير على السيارات التي أطلقت أبواقها ابتهاجاً أيضا. ورقص الناس وهللوا وعزفوا الموسيقى.


وإلى جانب مبنى بدت عليه آثار أعمال العنف، رفع رجل صورة لرأس القذافي على جسد خنزير، وجابت شاحنات الشوارع تنقل معارضي الزعيم الليبي وهم يهللون.
وكتب على لوحة إرشادية للمدينة: "بن علي.. حسني .. معمر".
 وأحرق سجن وحطمت أبوابه ونوافذه في ضواحي بنغازي وكتب باللون الأحمر: "لا للتدمير.. نعم للحرية".
وبثت قناة "سكاي نيوز" البريطانية للتلفزيون لقطة لصواريخ مضادة للطائرات في ما قالت إنها قاعدة عسكرية مهجورة قرب مدينة طبرق.  وعاود رعاة الاغنام في المناطق الرعوية الواقعة على الطريق شرق المرج عملهم، مع تراجع مظاهر الاحتجاج التي شهدتها المنطقة والتي توعّد القذافي بالقضاء عليها.
وقال ضباط جيش في طبرق أعلنوا انشقاقهم عن النظام إن المنطقة الشرقية لم تعد تحت سيطرة الزعيم الليبي. وقلصت هذه الانتصارات سلطة القذافي وحصرتها في طرابلس ومحيطها، وأقصى الغرب، وبعض المناطق في وسط البلاد، غير أن قبضة النظام على هذه المناطق بدأت تتراجع نسبياً.

الغرب يترنح
وقال المحتجون إنهم سيطروا على مصراتة في غرب البلاد والتي يمكن أن تكون كبرى المدن في غرب البلاد تخرج من سيطرة النظام. وشهدت المدينة في اليومين الاخيرين اشتباكات، وحاول الجيش ورجال الميليشيات قمع المتظاهرين الذين أوردت مواقع على الانترنت موالية للحكومة أنهم هاجموا مراكز قوى الامن ومباني حكومية.
وأطلق السكان العنان لأبواق سياراتهم ابتهاجاً ورفعوا اعلام الملكية الليبية.
وقال الطبيب فرج المصراتي إن ستة أشخاص قتلوا و200 جرحوا في المدينة. وأضاف أن السكان ألفوا لجاناً لتنظيف الشوارع وحماية المدينة ومعالجة الجرحى، في تضامن مذهل في ما بينهم.
وفي بيان صوتي بثه بعض مواقع الانترنت، قال ضباط من القوات المسلحة في مصراتة إنهم يعلنون "تأييدهم الكامل" للمحتجين.
كذلك، أظهرت أشرطة فيديو على موقع "فايسبوك" مئات من المتظاهرين يرفعون علم الملكية على مبنى في الزاوية على مسافة 50 كيلومتراً غرب طرابلس، فيما عرضت أخرى محتجين يضرمون النار في اطارات في ساحة بطرابلس.


وفي عمق الغرب، انتشرت قوات مسلحة في صبراتة الشهيرة بقربها من معالم رومانية، لاستعادة سيطرتها على المدينة بعدما أضرم المحتجون النار في مبان حكومية ومراكز للشرطة.
كذلك، ادعت المعارضة انها سيطرت على الزوارة، على مسافة 50 كيلومتراً من الحدود التونسية، بعدما وقفت وحدات من الجيش الى جانب المحتجين وفر رجال الشرطة.
وأثار انقسام البلاد معسكرين وانشقاق بعض وحدات الجيش احتمال شن المعارضين هجوماً على العاصمة. وعلى الانترنت، وجه محتجون نداءات الى رجال الشرطة والقوات المسلحة والشباب للمشاركة في مسيرة الى طرابلس غداً.

طرابلس
وفي طرابلس، التي دعا القذافي منها انصاره الى النزول الى الشارع مساء الثلثاء لقمع المعارضة، لم يشاهد في الشوارع سوى مجموعات صغيرة تضم عشرات الاشخاص، الى سيارات كانت تحمل صور القذافي والاعلام الخضر  وتجول في الشوارع مطلقة العنان لابواقها.
وظلّ أكثر المحال التجارية مقفلاً وشوهدت صفوف طويلة امام الافران ومحطات البنزين.
وفي المطار، كان الوضع فوضوياً حيث كان المسافرون يتدافعون للحصول على مقعد لمغادرة البلاد.
وتخوف الهلال الاحمر في تونس من تداعيات "كارثية" لنزوح كثيف محتمل من ليبيا المجاورة لتونس.
واعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر من جنيف انها تستعد لارسال اطباء وممرضات الى الدول المجاورة لليبيا. وصرح الناطق باسم اللجنة ستيفن اندرسون: "نأمل في التمكن الخميس من ارسال ثلاث فرق طبية الى البلدان المجاورة لليبيا"، موضحاً ان "كلاً من هذه الفرق تتالف من طبيب وممرضتين وخبير تخدير".

قتلى بالمئات
واذا كان المجتمع الدولي قد اغدق الكثير من الاوصاف على ما يحصل في ليبيا مثل "حمام دم" و"مجزرة" و"جرائم ضد الانسانية"، فانه في المقابل يبقى عاجزا عن ايجاد الوسيلة القادرة على وقف الزعيم الليبي عند حده ومنعه من مواصلة القمع الدامي الذي ينتهجه.
واستناداً الى الحصيلة التي أدلت بها السلطات الليبية، قتل 300 شخص في هذه الانتفاضة منذ 15 شباط، سقط أكثرهم في بنغازي المدينة الثانية في البلاد والواقعة على مسافة نحو الف كيلومتر شرق العاصمة.
وفي المقابل، أعلن الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الانسان ان اعمال العنف المرتبطة بالاحتجاجات ضد النظام الليبي اسفرت عن سقوط 640 قتيلاً على الاقل، بينهم 275 في طرابلس و230 في بنغازي.
وقال طبيب فرنسي عاد لتوه من بنغازي الى باريس إن المواجهات في هذه المدينة أوقعت "اكثر من الفي قتيل"، فيما اعلنت احدى زميلاته استقبال عشرات الجرحى في مستشفاهما بين الخميس والاحد.
وأكد فراتيني ان المحاولات  المستميتة للقذافي لسحق الانتفاضة ضد حكمه أسفرت عن مقتل ما يصل إلى 1000 شخص.

انشقاقات
وتواصلت حركة انفضاض  بعض من اركان النظام عن زعيمهم. فبعد أمين اللجنة الشعبية للداخلية عبد الفتاح يونس  وقبله أمين اللجنة الشعبية للعدل مصطفى عبد الجليل، وكثيرون من الديبلوماسيين الليبيين المعتمدين في الخارج، بثت قناة "الجزيرة" أن  كتائب الجيش الليبي في منطقة الجبل الأخضر انضمت إلى ما سمتها ثورة الشعب الليبي.
 ونقلت صحيفة "قورينا" الليبية في موقعها على الانترنت ان طائرة حربية ليبية تحطمت غرب بنغازي بعد قفز قائدها ومعاونه منها بمظلتيهما رافضين اوامر عسكرية لقصف المدينة.
ونقلت عن مصدر عسكري في غرفة عمليات قاعدة بنينا الجوية، ان الطائرة الحربية من نوع "سوخوي 22" روسية الصنع تحطمت غرب مدينة اجدابيا الواقعة على مسافة 160 كيلومتراً جنوب غرب بنغازي. وقالت ان "الطائرة وقعت بعدما رفض قائدها عبدالسلام عطية العبدلي ومعاونه علي عمر القذافي تنفيذ أمر بقصف مدينة بنغازي".

إمارة اسلامية
وأعلن وكيل اللجنة الشعبية للمكتب الشعبي للاتصال الخارجي والتعاون الدولي خالد الكعيم ان الصحافيين الذين دخلوا ليبيا بطريقة غير شرعية هم "خارجون على القانون".
وقال لصحافيين: "هناك صحافيون دخلوا ليبيا بطريقة غير شرعية ونعتبر كأنهم يتعاونون مع القاعدة وانهم خارجون على القانون ولسنا مسؤولين عن امنهم. واذا لم يسلموا أنفسهم الى السلطات سيعتقلون".
وقبل ذلك، أكد  ان تنظيم "القاعدة" أقام امارة اسلامية في درنة بشرق ليبيا بقيادة معتقل سابق في غوانتنامو، وانه يستعد لاقامة نظام على "طريقة طالبان".
و ص ف، رويترز، أ ب، أ ش أ،ي ب أ، "الجزيرة" 



 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
سيف الإسلام القذافي يخطط للترشح لرئاسة ليبيا
اشتباكات غرب طرابلس... وحكومة «الوحدة» تلتزم الصمت
رئيس مفوضية الانتخابات الليبية: الخلافات قد تؤخر الاقتراع
خلافات برلمانية تسبق جلسة «النواب» الليبي لتمرير الميزانية
جدل ليبي حول صلاحيات الرئيس القادم وطريقة انتخابه
مقالات ذات صلة
دبيبة يواصل مشاورات تشكيل الحكومة الليبية الجديدة
كيف تتحول الإشاعات السياسية إلى «أسلحة موازية» في حرب ليبيا؟
لقاء مع غسان سلامة - سمير عطا الله
المسارات الجديدة للإرهاب في ليبيا - منير أديب
ليبيا من حالة الأزمة إلى حالة الحرب - محمد بدر الدين زايد
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة