أفرجت السلطات البحرينية أمس عن نحو 300 ناشط سياسي بينهم 23 شيعيا دينوا سابقا بنشاطات تتعلق بالإرهاب، فيما يواصل المعتصمون في "دوار اللؤلؤة" بوسط العاصمة المنامة اعتصامهم لليوم الخامس توالياً، ويتأخر انطلاق الحوار الوطني المنتظر نتيجة تمسك المعارضة بشرط اسقاط الحكومة وفي ظل ارتباك في مطالب المحتجين: الاصلاح أم اسقاط النظام؟ وقال مسؤول بحريني طلب عدم ذكر اسمه إن الحوار الذي دعا اليه ولي العهد الامير سلمان بن حمد آل خليفة "مرهون بموافقة المعارضة على الدخول فيه من دون شروط مسبقة". واضاف ان الحوار "سيبدأ مع المعارضة فور موافقتها على الدخول فيه"، مؤكدا "ان وضع شروط مسبقة للدخول في حوار امر غير مقبول لا في البحرين ولا في اي مكان".
وكان هذا المسؤول يشير الى مطالبة قوى المعارضة التي تمثل جمعية الوفاق الوطني الاسلامية (التيار الشيعي الرئيسي) مركز الثقل الاساسي فيها باستقالة الحكومة الحالية وتأليف حكومة انقاذ وطني قبل الدخول في الحوار. واوضح ان "الحوار جار ومستمر مع قوى المجتمع المدني الفاعلة وهي كثيرة، لكن جمعيات المعارضة السبع وضعت شروطا للدخول في الحوار". وكان عشرات الآلاف تظاهروا الثلثاء في المنامة مطالبين بالتغيير، وقدمت المعارضة مطالبها الرئيسية وهي استقالة الحكومة وقيام ملكية دستورية تضمن وصول حكومة منتخبة. لكن الجمهور رد بالهتاف "الشعب يريد اسقاط النظام". وأتت تظاهرة المعارضة غداة تظاهرة اخرى نظمها مؤيدو الحكومة، فيما يتوقع ان ينظم مؤيدو الحكومة والاسرة الحاكمة تظاهرة اخرى. كذلك دعا رجال دين شيعة الى تظاهرة "وفاء للشهداء" الجمعة.
لكن الجمعيات المعارضة السبع أبدت استعدادها للقاء تجمع الوحدة الوطنية الذي يضم شخصيات سنية موالية للحكم وتطالب باصلاحات سياسية. وقالت في بيان: "اعربت الجمعيات عن استعدادها للقاء مع جميع القوى السياسية الشعبية التي خرجت منها دعوات لاصلاحات جوهرية في النظام السياسي مثل تلك التي جاءت في خطبة فضيلة الشيخ عبداللطيف المحمود في التجمع الجماهيري الكبير بمسجد الفاتح".
وقال الشاب ابرهيم (28 سنة)، وهو احد الناشطين الاساسيين في الاحتجاجات التي انطلقت في البحرين في 14 شباط، ان "مجزرة الخميس" حين اغارت السلطات على المعتصمين في "دوار اللؤلؤة" وفرقتهم بالقوة مما اسفر عن سقوط اربعة قتلى "دفعت قطاعا كبيرا من المحتجين الى تصعيد لهجتهم... كانت المطالب هي اصلاحات سياسية، لكن الهجوم وسقوط الضحايا صدما المحتجين ودفعاهم الى ترديد شعارات مثل اسقاط النظام " وشعارات اخرى مناهضة للاسرة الحاكمة السنية. لكن الهتافات ما انفكت تتشدد في الدوار على رغم ان جمعيات المعارضة نأت بنفسها منذ اليوم الاول عن شعارات "اسقاط النظام"، مشددة على ان مطلبها الاساسي هو "الملكية الدستورية".
الافراج لكن الاعتصام يستمر من دون اختراقات حتى الآن على ما يبدو، على رغم تنازلات عدة قدمتها السلطات، بدءا من سحب الجيش وسحب قوى الامن من مناطق التظاهر، وصولا الى الافراج عن ناشطين شيعة استجابة لمطلب اساسي من مطالب المحتجين.
ونقلت وكالة انباء البحرين عن مسؤول في وزارة الداخلية ان "مجموع الذين اطلق سراحهم من المشمولين بقرار العفو في قضايا جنائية 308 اشخاص". وعن الاعتصام، قال المسؤول: "ليستمر الاعتصام في دوار اللؤلؤة لكن تبعات الاعتصام اقتصاديا بدأت تظهر وهي في غير مصلحة الجميع... القطاع الخاص بدأ يشكو من توقف الاعمال والحياة التجارية... ان الحكومة يمكنها تحمل رواتب موظفيها، لكن القطاع الخاص سيلجأ في النهاية الى تدابير اخرى لتلافي الخسارة مثل تسريح الموظفين والعمال ... ليس من مصلحة احد مواجهة مثل هذا الاحتمال". واعتبر ان "تظاهرات المعارضين والمؤيدين للحكومة تشق البلد وتعطل المصالح الاقتصادية والحياة التجارية".
وكان العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، الذي وصل الى الرياض أمس مع العودة المرتقبة لنظيره السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، أكد الثلثاء ان الشارع ليس المكان المناسب للحوار. الا ان النائب عن كتلة الوفاق خليل مرزوق رأى ان بقاء الحكومة مشكلة كبيرة بالنسبة الى المعارضة، ويشكل عائقا امام بدء الحوار. وقال: "ما جرى من صدامات وقتل للمتظاهرين تتحمل مسؤوليته هذه الحكومة اضافة الى اخفاقاتها السابقة تنمويا ومعيشيا... حتى قبل الازمة الحالية، اخفقت الحكومة في اداء مهمتها تنمويا ومعيشيا والمشكلات التي يعانيها المواطنون باقية". وأضاف: "اذا كانت هناك جدية للحوار، فان من المفترض ان تتغير هذه الحكومة".
واشنطن والبحرين هي دولة حليفة لواشنطن تستضيف الاسطول الاميركي الخامس في منطقة تسيطر عليها مخاوف من طموحات ايران النووية. وتسير الولايات المتحدة في ما يتعلق بسياستها في البحرين ومصر وتونس على حبل مشدود وتتعامل مع احتجاجات شعبية ضد حكام عرب شموليين تحالفوا طويلا معها. وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان الأسرة المالكة في البحرين بدأت تسير في طريق بناء لفتح حوار سياسي بعد الاحتجاجات العنيفة ولكن يجب ان تحرص على ان تدعم أقوالها بأفعال. واشادت بملك البحرين وولي عهده لافراجهما عن السجناء السياسيين والسماح بالتظاهرات السلمية وعرض اجراء حوار مع جماعات المعارضة، قائلة: "هذه الخطوات ينبغي ان تتبعها أفعال وإصلاحات ملموسة". و ص ف، رويترز، أ ب
|