السبت ٢٣ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: شباط ٢٢, ٢٠١١
المصدر : جريدة الحياة
فلسطين
قصة منع رجال صالونات غزة... من تصفيف شعر السيدات

الثلاثاء, 22 فبراير 2011
غزة - فتحي صبّاح


دخل رمزي قشطة الى غرفة فوجد رجلاً يرتدي ملابس مدنية يجلس خلف مكتب، وفي زاويتها رجل آخر عاري الصدر، معصوب العينين، مربوط اليدين الى أعلى بـ «شال» مطرز بألوان العلم الفلسطيني الأربعة الأبيض والأحمر والأسود والأخضر.


شعر رمزي بصدمة قوية اقشعر معها بدنه عندما شاهد الرجل «مشبوحاً» الى أعلى وساق واحدة تحمله، والأخرى مربوطة الى أعلى وترتفع عن الأرض، كما روى لـ «الحياة» الحكاية.
طلب منه المحقق الجلوس على مقعد أمام المكتب، فاعترض على هذا المشهد المرعب اللاإنساني، فأعلن رجل السلطة بلهجة صارمة: لا دخل لك بهذا.
وكان رمزي وصل الى مقر شرطة العباس غرب مدينة غزة مع ثلاثة مواطنين آخرين بعدما وصلهم، مع زميل خامس، بلاغات بالحضور فوراً صباح السبت. الرجال الخمسة يمتهنون المهنة نفسها ويملكون صالونات لتصفيف شعر للسيدات.
قرأ المحقق من ورقة أمامه طُبع نصفها الأعلى على حاسوب: «أتعهد التزام الأخلاق الحميدة وحسن السير والسلوك والبعد عن الرذيلة».


وواصل القراءة من نصفها الأسفل الذي كُتب بخط اليد: «أنا رمزي قشطة أقر وأعترف بأن أمتنع عن ممارسة مهنتي (كوافير سيدات) والتزام هذا، وإلا ستكون هناك مساءلة قانونية وغرامة مالية قدرها 20 ألف شيكل (الدولار يعادل 3.6 شيكل) في حال تم تواجدي في المكان»، أي الصالون، وطلب منه التوقيع على التعهد.
سأل رمزي: «من المسؤول عن هذا الكلام»، فأجاب المحقق: «وزارة الداخلية» التابعة للحكومة المقالة التي تقودها حركة «حماس» في قطاع غزة.
سأل مرة أخرى: «كيف سأتأكد من ذلك ما دمت كتبته بخط يدك؟».
وجاء الرد: «أنت أمام خيارين: إما أن توقع، أو تفتح باب الزنزانة بيدك وتحبس نفسك وتبقى فيها!».
فقال رمزي: «أنتم تقولون أنكم تعرفون الله، ألم تسمع بالمثل القائل قطع الأرزاق من قطع الأعناق؟».
فرد المحقق: «تحول الى حلاق للرجال».


فأجاب رمزي: «بإمكانك أن تمنعني من مزاولة مهنتي، لكن ليس بإمكانك أن تفرض علي أن أزاول عملاً آخر». وأضاف: «أنا لا أفرض على أي امرأة أن تأتي لتصفيف شعرها، من ترغب في ذلك تأتي برغبة منها وبمحض إرادتها، ومن لا ترغب لدي قسم للمحجبات تعمل فيه نساء وله إدارة مستقلة ودخل منفصل، وأنا لا أرى أي زبونة منهن».
وزاد رمزي: «المرأة غير المحجبة تمشي في الشارع وتستقل سيارة وتذهب للعمل، فلا ضير إن جاءت الى الصالون».
فقال: «نحن نريد أن نعفي المرأة المتبرجة من أحد أثمين: أثم لمس شعرها من قبل رجل، وأثم المشي في الشارع كاسية عارية».
لم يجد رمزي فائدة من تذكير المحقق بأن القانون لا يمنع رجلاً من تصفيف شعر امرأة، فأكد الأخير أنه لا يحتكم الى القانون «فنحن نطبق قانون الله».
وقع رمزي التعهد ولم يدخل صالونه منذ السبت الماضي حتى الآن.


الأمر نفسه حصل مع ثلاثة آخرين من زملائه في المهنة هم نائل الريس وحاتم الغول وعدنان بركات، كما روى الأول والثاني لـ «الحياة».
أما الخامس محمد البلتاجي فكان مريضاً ولم يتوجه الى قسم الشرطة حسب البلاغ.
وقال الريس والغول أنهما تلقيا تهديدات عبر الهاتف الخليوي خلال السنوات الماضية بإشعال النار في صالونيهما، نجا صالون الأول أما صالون الغول فتم تفجير عبوتين ناسفتين في مرتين منفصلتين عامي 2007 و 2008.


ويعتبر التضييق على مالكي الصالونات واحداً من سلسلة من القرارات والإجراءات التي اتخذها وزير الداخلية في الحكومة المقالة فتحي حماد منذ تولى منصبه قبل أكثر من عامين في أعقاب اغتيال سلفه سعيد صيام إبان العدوان الإسرائيلي على القطاع الذي دام 22 يوماً وانتهى في 18 كانون الثاني (يناير) 2009 وأسفر عن استشهاد نحو 1500 فلسطيني.
واعتبر حقوقيون وصحافيون وناشطون في المجتمع المدني أن هذه القرارات والإجراءات، ومن بينها فرض الحجاب على المحاميات وطالبات المدارس ومنع النساء من تدخين النارجيلة، ومنع عرض الملابس الداخلية على واجهات محال بيع الملابس النسائية، ومنع الاختلاط بين الجنسين في الأماكن العامة ما لم تربطهما علافة شرعية، تهدف الى «أسلمة المجتمع».



 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
وقف نار غير مشروط في غزة بوساطة مصرية
تل أبيب ترفض التهدئة وتستدعي قوات الاحتياط
مصير الانتخابات الفلسطينية يحسم اليوم
استطلاع: «فتح» تتفوق على «حماس» والبرغوثي يفوز بالرئاسة
المقدسيون مدعوون للانتخابات عبر مراكز البريد
مقالات ذات صلة
أيضاً وأيضاً: هل يتوقّف هذا الكذب على الفلسطينيّين؟ - حازم صاغية
حرب غزة وأسئلة النصر والهزيمة! - أكرم البني
إعادة اختراع الإسرائيليّة والفلسطينيّة؟! - حازم صاغية
لا قيامة قريبة لـ«معسكر السلام» - حسام عيتاني
... عن مواجهات القدس وآفاقها المتعارضة - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة