الخميس ٢٨ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: شباط ١٩, ٢٠١١
المصدر : جريدة الراي الكويتية
لبنان
لبنان: ميقاتي يصارع لتفادي «ابتزازه» من الداخل... و«استفزازه» للخارج
الحريري ودّع «تدوير الزوايا» في الموقف من سلاح «حزب الله»

| بيروت - من وسام أبو حرفوش |

 

هل ينجح الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، وبعد ثلاثة اسابيع من المشاورات الماراثونية، في إنجاز مهمته بـ «نقل السلطة» الى حكومة جديدة، ام ان عملية قلب المعادلة السياسية من ضفة الى ضفة تصطدم بوقائع اقليمية ودولية تحول دون ترجمة مفاعيلها على نحو سريع؟


هذا السؤال يخيم على بيروت، المعلقة بين حكومتين، واحدة تصرف الاعمال بعدما تم إسقاطها، وثانية لم يكتب النجاح بعد لإخراجها الى دائرة الضوء، وسط كر وفر بين الدعوات لاستعجال تشكيل الحكومة نظراً للمتغيرات العاصفة في المنطقة، والكلام عن صعوبات داخلية وخارجية تضع ميقاتي امام خيارات اصعب.


فالرئيس المكلف تشكيل الحكومة، والذي يحلو للبعض وصفه بـ «الاسفنجة» لقدرته على امتصاص «الصدمات» بدا محاصراً بثلاثة انواع من المصاعب التي تستعصي حتى الآن على الحلول، وهي:
* القرار الضمني لحركة «14 آذار» المعارضة بعدم المشاركة في حكومة «الانقلاب السياسي»، الامر الذي يجعل ميقاتي اسير الموالاة الجديدة وخيارتها وشروطها، وهو ما يرميه في «أحضانها» ويفقده حياده الايجابي وقدرته على الحركة.


* جنوح قوى «الأكثرية الجديدة» الى إحكام قبضتها على الحكومة الموعودة، من خلال تهميش دور «الحصة الوسطية» العائدة لرئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة ميقاتي، والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وهو ما يترجم بالتشدد الذي يمارسه زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون، بالنيابة عن الآخرين.


* المؤشرات الدولية المتزايدة لإمكان الذهاب بعيداً في سياسة التشدد حيال لبنان في حال اعتماده خيارات تناقض التزاماته تجاه المجتمع الدولي، وهو الامر الذي بدأ يترك اصداء قوية في بيروت التي فهمت جيداً معنى اجراءات وزارة الخزانة الاميركية ضد احد المصارف اللبنانية كـ «أول غيث» لتدابير من غير المستبعد ان تكر سبحتها في اكثر من اتجاه.
هذه اللوحة المعقدة بدأت تحاصر ميقاتي غير القادر على التسليم بشروط من جاؤوا به الى رئاسة الحكومة بعد «الاقصاء الخشن» لزعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري، وغير المستعد لـ «استفزاز» المجتمع الدولي عبر حكومة احادية تحكم فيها قوى «8 آذار» السيطرة على الوزارات الرئيسية.


وثمة من يعتقد في بيروت، أن انصياع ميقاتي لشروط «8 آذار» سيجعله هدفاً سهلاً لـ «نيران» المعارضة التي تعد لتحرك مناوئ للحكومة العتيدة قد تكون ابرز محطاته في 14 مارس المقبل، وسيتيح للعواصم الدولية «ذات الصلة» اتخاذ مواقف اكثر صرامة ضد حكومة تعتقد ان لـ «حزب الله» كلمة الفصل فيها، وهو ما بدأت ملامحه تهب من واشنطن.
واللافت انه رغم تراجع مرتبة الاهتمام الاقليمي والدولي بما يجري في بيروت، في اللحظة التي تتصدر عواصم التحولات اللاهبة في المنطقة المشهد السياسي، فإن حركة السفراء الاجانب، لا سيما الاميركي والفرنسي «لا تكل ولا تمل» مع بيانات مكتوبة بـ «الخط الأحمر» عن ضرورة تأكيد الحكومة العتيدة الوفاء بالتزاماتها الدولية، وفي مقدمها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
وكانت الاتصالات لتشكيل الحكومة تواصلت امس ورست على «الخريطة» الآتية:


* استمرار 14 آذار في سياسة «عدم القطع» مع ميقاتي وتفادي اعلان رفض المشاركة في الحكومة وترك باب التفاوض مفتوحاً وإن من باب انتظار جواب الرئيس المكلف الواضح في شأن الثوابت التي طرحتها في مذكرتها حول المحكمة الدولية والسلاح غير الشرعي، في مقابل انتظار الرئيس المكلف «آخر كلام» من هذا الفريق تحت وطأة ضغط من قوى 8 آذار بعدم جواز منح المعارضة الجديدة «مهلة مفتوحة».


علماً ان مرحة «الانتظار» تملأها 14 آذار بمواصلة رفعها سقف الاعتراض السياسي من موقعها في «المعارضة» وهو ما عبّر عنه مجدداً الحريري الذي يبدو «رأس الحربة» في التموْضع الجديد لقوى 14 آذار، اذ شدد على انه «من الآن فصاعداً سأتحدث بصراحة ووضوح عن كل الأمور، لأنه ليس من المصلحة الوطنية بشيء العودة إلى سياسة تدوير الزوايا في موضوع السلاح»، مؤكداً «علينا الا نخفي رؤوسنا في الرمال عندما يصبح السلاح وسيلة للضغط على الحياة السياسية، وهذا الموضوع غير مقبول ولا يمكننا ان نبني وطناً على هذا النحو»، ومعلناً في رد ضمني على الكلمة الاخيرة للامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي اتهم قوى 14 آذار باستهداف المقاومة عبر اثارة موضوع السلاح، «لا يصح بعد كل التجارب المريرة التي مرّ بها لبنان ان يعمل البعض على تصنيف هذا الامر بانه محاولة للالتفاف على سلاح المقاومة لان الحقيقة غير ذلك على الاطلاق وما يعنينا ويبقى في اولوياتنا ألا يكون اي سلاح من اي جهة وسيلة للانقضاض على السلم الاهلي والنظام الديموقراطي».


* تكثيف المشاورات داخل «بيت 8 آذار» وبينه وبين الرئيس المكلف الذي التقى امس رئيس مجلس النواب نبيه بري وعرض معه الاوضاع وسير عملية تشكيل الحكومة.
علماً ان ميقاتي كان اجتمع ليل اول من امس بكلّ من المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله الحاج حسين خليل والوزير جبران باسيل، حيث جرى البحث المعمّق بمطالب زعيم «التيار الحر» لجهة التمسك بحقيبة الداخلية السيادية التي كانت من حصة رئيس الجمهورية وبالحصول على نحو 80 في المئة من المقاعد المسيحية الوزارية لتكتله، وبهامش قدرة الرئيس المكلّف على تلبيتها.


وفيما اشارت المعلومات الى اقتراح بمنح «الخارجية» كوزارة سيادية، للعماد عون، مقابل ابقاء وزارة الداخلية في عهدة الوزير زياد بارود المحسوب على سليمان، على أن يعطى الرئيس بري بدل الخارجية حقيبة الدفاع، اكدت مصادر في «التيار الحر» لـ «الراي» تمسُّكها بالداخلية.
في موازاة ذلك، ووسط معلومات عن محاولات لتشكيل الحكومة قبل سفر رئيس الجمهورية في 22 الجاري الى الفاتيكان ليقوم بالتوقيع على مراسيمها، وهو ما كان حتى ساعات بعد ظهر امس يبدو «شبه مستحيل»، لفت موقفان:


* الأول نُقل عن مصادر ميقاتي من انه «يحق للعماد عون أن يقول ما يشاء ويطالب بما يشاء، ولكن في نهاية المطاف من حق الرئيس المكلف أن يقرر ما يراه مناسبا حيال تشكيلة حكومته»، موضحة ان ميقاتي أبلغ الى المعنيين رفضه إسناد حقيبة الداخلية إلى أي شخص ينتمي إلى حزب سياسي «كي لا يشكل ذلك استفزازا لأي فريق لبناني، كما لضمان حياد الداخلية في الانتخابات النيابية المقبلة لو قُدّر للحكومة المزمع تشكيلها أن يطول عمرها حتى سنة 2013».


* ما نقلته صحف قريبة من 8 اذار عن مصادر «رفيعة المستوى» في «الأكثرية الجديدة» من أن أطرافها الذين يؤيدون عون في معظم مطالبه الوزاريّة «انزعجوا من تصعيده في وجه رئيس الجمهوريّة».


وكان الحريري استقبل مساء اول من امس مجالس منسقية مدينة بيروت في «تيار المستقبل»، وقال في ردّ على نصر الله من دون تسميته: «مررنا في مرحلة ضبابية، لكن هذه المرحلة لم تغيرنا، بل كنا نعمل بكل صدق وحسن نية من أجل إيصال لبنان إلى بر الأمان. لكن لسوء الحظ كان التفاوض صادقا من جانبنا، فيما الآخرون يستعملون الخديعة. وحين نواجههم بمواقف واضحة كتلك التي أطلقناها الاثنين الفائت يقابلوننا مباشرة بالتخوين. نحن لسنا ضعفاء بل أقوياء بكلمتنا وصمودنا وتضامننا».
وكرر مضمون مسعى «السين سين»، وقال: «الحقيقة أنها مصالحة وطنية، يجتمع من خلالها اللبنانيون في المملكة العربية السعودية تحت رعاية الملك عبد الله بن عبد العزيز وفي حضور عدد من رؤساء الدول من أجل التصالح والتسامح عن كل ماضيهم».


واذ طمأن الجميع «لا سيما الذين يريدون الاصطياد في المناسبات، أن العلاقة مع السعودية أقوى من أن تعصف في جذورها أي رياح»، اكد «ان 14 مارس 2011 يوم مفصلي في تاريخ لبنان ونريده أن يشكل رصيداً في حياة لبنان الديموقراطية والوطنية».



 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
ماكرون يتوقع الأسوأ... والحريري يدرس الاعتذار
الفاتيكان يدعو البطاركة إلى «لقاء تاريخي» لحماية لبنان
البنك الدولي: لبنان يشهد إحدى أسوأ الأزمات الاقتصادية العالمية منذ منتصف القرن 19
عون: الحريري عاجز عن تأليف حكومة
اشتباكات متنقلة في لبنان على خلفيّة رفع صور وشعارات مؤيدة للأسد
مقالات ذات صلة
حروب فلسطين في... لبنان - حازم صاغية
نوّاف سلام في «لبنان بين الأمس والغد»: عن سُبل الإصلاح وبعض قضاياه
حين يردّ الممانعون على البطريركيّة المارونيّة...- حازم صاغية
عن الحياد وتاريخه وأفقه لبنانياً
جمهوريّة مزارع شبعا! - حازم صاغية
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة