تستعيد القاهرة اليوم بعضاً من مشاهد الثورة التي أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك (28 سنة)، في المسيرة المليونية التي دعا اليها زعماء شبان لإحياء "جمعة النصر" في مرور أسبوع على اطاحة النظام السابق، وربما لتذكير لواءات الجيش بقوة الشارع ودفعهم في اتجاه ديموقراطية حقيقية ربما كانوا يشعرون بأنها لم تتحقق بعد. هذا فيما تتسارع الخطى الضرورية للانتقال بالبلاد الى مرحلة جديدة، ويسعى شباب الثورة إلى تأسيس حزب سياسي جديد، فيما تنكبّ لجنة تعديل الدستور على تحديد التعديلات اللازمة للاستعداد لانتخابات وعد الجيش بإجرائها في غضون ستة أشهر. ولا يمكن القول إن الحياة عادت الى طبيعتها في مصر بعد ستة أيام من تنحي مبارك، إذ لا تزال الدبابات في شوارع القاهرة، كما لا تزال المصارف والمدارس مقفلة، فيما تنظم إضرابات واعتصامات فئوية.
وصرح الناطق باسم الجيش اللواء محسن إسماعيل عثمان، بأن مصر في حال اختبار لم ينته بعد. وسأل المصريين: هل تعجبكم الاضرابات والاعتصامات والمصانع المغلقة والبنوك التي لا تعمل؟ وأضاف أن المجلس الاعلى للقوات المسلحة سيعيد الامور إلى طبيعتها، ولكن على الناس مساعدته. وأفاد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي، أن الاضطرابات السياسية كلفت قطاعات السياحة والبناء والتصنيع عشرة مليارات جنيه مصري (1،7 مليار دولار) على الأقل. وعاودت المصارف عملها الأسبوع الماضي بعد اقفال استمر أسبوعا بسبب الاحتجاجات، ثم اقفلت مجددا مطلع هذا الأسبوع، بعدما نفذ العاملون فيها اضرابات، مما ترك مجتمع الأعمال عاجزاً عن إجراء تحويلات نقدية لإتمام الصفقات.
وتمددت الاضرابات الى هيئة قناة السويس حيث نفذ نحو 1500 عامل فيها اضرابات في ثلاث مدن للمطالبة بتحسين ظروف عملهم. الا أن الهيئة أكدت أن الملاحة لم تتأثر في القناة. ويعد قطاع المنسوجات الحكومي أكثر القطاعات تضررا من الإضرابات. الى ذلك، نفذ سائقو القطارات اضراباً أمس مطالبين بحوافز، قبل أن يعودوا الى العمل بعد الظهر. واقر المجلس الاعلى للقوات المسلحة زيادة في رواتب الموظفين وفي المعاشات بنسبة 15 في المئة اعتباراً من نيسان المقبل، وكانت حكومة تسيير الاعمال أقرتها قبل أيام من تنحي مبارك.
اتهامات بالتعذيب وغير الاضرابات والاحتجاجات العمالية، واجه الجيش مشاكل أخرى تتمثل في اتهامات من منظمة العفو الدولية بممارسة التعذيب في حق أشخاص اعتقلوا خلال التظاهرات. وقالت في بيان ان على الجيش "اتخاذ اجراءات لوقف استخدام التعذيب وغيره من ضروب اساءة المعاملة في حق المعتقلين، وسط ظهور ادلة جديدة على اساءة المعاملة". ونقل عن طالب في الثامنة عشرة قوله: "لقد ربطوا رجلي بسلسلة او بحبل ورفعوني الى اعلى، بحيث كان رأسي متدليا الى اسفل، وكانوا ينزلونني في دلو مليء بالماء من حين الى آخر، وطلبوا مني أن اعترف انني تلقيت تدريباً في اسرائيل وايران". وفي المقابل، لا يزال التشكك يخيم على مدى النفوذ الذي يسعى الجيش الى ممارسته في إعادة رسم نظام قمعي حكم البلاد ستة عقود. وظهر أعضاء مجلس أمناء الثورة في مؤتمر صحافي مساء الاربعاء، وقالوا إن هدفهم هو توحيد الصفوف وحماية الثورة وفتح حوار مع الجيش. وفي ما بدا رداً على هؤلاء، أبلغ مساعد وزير الدفاع المصري اللواء مختار الملا الصحافيين ان الجيش لن يقدم مرشحاً للانتخابات الرئاسية المقبلة بعد تنحي مبارك. وبعد تعطيله العمل بأحكام الدستور، يضع الجيش المصري في أولوياته إعادة القانون والنظام وإنعاش الاقتصاد الذي تضرر بسبب الثورة التي استمرت 18 يوماً. وهو يتعرض لضغوط من ناشطين يطالبون بالافراج الفوري عن المعتقلين السياسيين وإلغاء قانون الطوارئ. وأعلن المجلس الاعلى أمس انشاءه صفحة رسمية في موقع "فايسبوك" للتواصل الاجتماعي من اجل "التعاون المثمر مع أبناء مصر الشرفاء".
تعديل الدستور واجتمعت لجنة تعديل الدستور التي تضم صبحي صالح، العضو في جماعة "الاخوان المسلمين" إلى جانب خبراء قانونيين ودستوريين، بعدما عطل الجيش الدستور الذي ضمن لمبارك سلطات واسعة النطاق. وتعهد رئيس اللجنة طارق البشري ان تضمن التعديلات نزاهة العملية الانتخابية الرئاسية والنيابية، بما يضمن تحقيق حكم ديموقراطي سليم. وقال ان اللجنة لم تنته من حصر المواد المكملة للدستور التي ستعدل، وأنها اتفقت على أن تكون كل مناقشاتها سرية الى ان تستقر على التعديلات. وكان المجلس كلف اللجنة تعديل خمس مواد من الدستور والمواد المكملة لها، مع النظر في امكان الغاء مادة تفرض قيودا على الحريات المدنية. واتفقت اللجنة مبدئياً خلال اجتماعها الأول الاربعاء على المواد الدستورية الست المطروحة للتعديل وهي 76 و77 و88 و93 و189 إلى جانب المادة 179 المقترح إلغاؤها من مواد الدستور، والبحث أيضا فى تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية وكذلك قانوني مجلسي الشعب والشورى في ما يتعلق بالعملية الانتخابية. ولا تحدد المادة 77 من الدستور الحالي فترة ولاية الرئيس. كما لا تحدد المادة 88 اشراف القضاء على العملية الانتخابية. وتمنح المادة 93 البرلمان السلطة في الفصل في صحة عضوية أعضائه، وتحصر المادة 189 حق تعديل الدستور برئيس الجمهورية ومجلس الشعب.
العادلي وجرانة والمغربي وعز قضائياً، أمرت النيابة العامة المصرية باحتجاز وزير السياحة السابق زهير جرانة ووزير الاسكان السابق احمد المغربي ورجل الاعمال امين التنظيم السابق في الحزب الوطني الحاكم احمد عز مدة 15 يوماً لدواعي التحقيق. والثلاثة متهمون باختلاس اموال عامة وتحظر عليهم مغادرة الاراضي المصرية. كذلك، وضع وزير الداخلية المصري السابق حبيب العادلي الخميس قيد التوقيف الاحتياطي بتهمة تبييض اموال. وكانت محكمة الجنايات أيدت قرار النائب العام التحفظ على اموال العادلي وأسرته وممتلكاتهم. وجاء في بيان للمحكمة انه "تم إخطار البورصة والبنوك بالقرار". وكان النائب العام قرر منع عدد من مسؤولي النظام السابق من السفر، اضافة الى التحفظ على اموالهم، بينهم العادلي. وأكد ان هناك بلاغات ضد وزير الداخلية السابق في شأن "قيامه بتحويل ما يزيد على اربعة ملايين جنيه الى حسابه الشخصي من احدى شركات المقاولات". وقدم المحامي القبطي ممدوح رمزي بلاغاً ضد العادلي بـ"بتدبير وتخطيط الاعتداء على كنيسة القديسين في الاسكندرية" الذي أوقع اكثر من 20 قتيلا قبطيا ليلة الاول من كانون الثاني 2011.
الملك أخناتون على صعيد آخر، صرح وزير الدولة لشؤون الآثار المصرية زاهي حواس بان احد المتظاهرين الشباب عثر على تمثال الملك اخناتون والد الملك الذهبي توت عنخ امون، وان ذويه اعادوه الى المتحف المصري مساء الاربعاء. ويعد هذا التمثال الثالث من حيث القيمة بعد تمثالين لتوت عنخ امون. وهو رابع قطعة يعثر عليها من أصل 18 قطعة سرقت من المتحف، بعدما عثر على أحد تماثيل توت عنخ أمون مكسورا وعثر على جعران على شكل قلب يعود الى يويا جد أخناتون، وأحد تماثيل الاوشابتي (تماثيل صغيرة توضع مع الميت لخدمته في العالم الآخر بحسب المعتقدات المصرية القديمة). ولا يزال البحث مستمراً عن القطع الـ 14 الاخرى. و ص ف، رويترز، أ ب، أ ش أ، ي ب أ
|