الثالثة فجر الخميس، فض رجال شرطة مكافحة الشغب اعتصام المعارضة في "دوار اللؤلؤة" بوسط المنامة، في هجوم مفاجئ سقط فيه ثلاثة قتلى وبرره وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة بأنه كان ضرورياً لمنع انزلاق البلاد إلى "هاوية الطائفية". غير أن هذا الإجراء يواجه اختباراً جديداً اليوم وغداً مع دعوات الى التظاهر. كما أنه لم يوقف الأزمة السياسية، إذ عززت المعارضة التي استقال ممثلوها من مجلس النواب، مطالبها إلى التمسك باستقالة الحكومة. وأثار اللجوء إلى العنف قلقاً دولياً وخصوصاً لدى الادارة الاميركية التي شددت على ضرورة "تغيير حقيقي وملموس" في البحرين. وتزامن ذلك مع توجس إقليمي تمثل في اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي في المملكة دعماً لها. وتحدث النائب الشيعي المعارض ابرهيم مطر من جمعية "الوفاق الإسلامي" عن فقدان 60 شخصاً في الهجوم على المعتصمين. وقال إن كتلة الجمعية التي تضم 18 نائباً من 40 في مجلس النواب، ستستقيل، وان القرار اتخذ فعلاً.
وفي وقت لاحق، أكد زعيم الجمعية الشيخ علي سلمان الانسحاب "الكلي والنهائي" من المجلس، وذلك احتجاجاً على "الاعتداء الوحشي وغير المبرر على معتصمين مسالمين". وقال: "استُخدمت كميات كبيرة من القنابل المسيلة للدموع ومن الرصاص المطاط والانشطاري، وقد تم الهجوم من جهات عدة في وقت واحد، مما جعل المغادرة صعبة على المعتصمين. وهذا يشكل بلطجة رسمية في التعامل مع الاعتصام... أصدرنا كجمعيات سياسية، بما فيها الوفاق، بياناً طالبنا فيه باستقالة الحكومة وتأليف حكومة جديدة للنظر في هذه الجريمة ولتقديم اصلاحات سياسية". وأكد ان "المسيرة التي تعتزم حركات المعارضة تنظيمها السبت تضامناً مع المحتجين ستستمر كما هو مقرر لها"، مع العلم ان ثمة دعوات الى التظاهر اليوم الجمعة ايضاً. وعقد مجلس النواب جلسة طارئة غاب عنها الأعضاء الـ18.
الموقف الرسمي وكان الناطق باسم وزارة الداخلية العميد طارق الحسن أعلن سقوط ثلاثة قتلى خلال فض الاعتصام. وقال إنه عثر في خيام المحتجين على أربعة أسلحة نارية وذخيرة وسيوف وسكاكين وأعلام لـ"حزب الله". وأضاف أن 50 رجلاً من قوى الأمن أصيبوا بجروح، بينهم اثنان اصاباتهما خطرة بعد تعرضهما "للطعن بالسيوف". وقال وزير الصحة فيصل بن يعقوب الحمر الذي نفى انباء استقالته، إن ثلاثة قتلى سقطوا في صفوف المتظاهرين وجرح 231 شخصاً، بقي منهم 34 فقط في المستشفى، بينهم واحد في حال حرجة. وبمقتل الثلاثة، يرتفع عدد ضحايا الاحتجاجات إلى خمسة في أربعة أيام، مع العلم ان مصادر طبية تحدثت عن مقتل أربعة أشخاص امس. وصرح وزير الخارجية في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان بأنه تم "إرسال الشرطة لمنع الانزلاق إلى هاوية الطائفية" و"شل البلاد"، غير ان سقوط القتلى "مؤسف".
وسئل عن قدوم "جيوش" من الدول المجاورة، فأجاب ان "أي جيوش لم تأت من أي بلد خليجي"، ذلك ان "جيش البلد يحمي البلد ويحمي الدماء ولم يوجه سلاحه إلى المواطنين". وشدد على ان "شيعة البحرين ولاؤهم للبحرين. شيعة، سنّة، كلنا مسلمون"، و"اليوم هو أهم يوم نؤكد فيه هذه اللحمة". وتمنّى عدم استباق نتائج لجنة التحقيق التي يرأسها نائب رئيس الوزراء جواد سالم العريض. ونفى وجود أزمة ثقة بين الحكم والشعب، مبرزاً ضرورة عدم تعطيل الاقتصاد. وأضاف: "أنا لا أستصغر الحدث ولكن أنا واثق من أننا قادرون على تجاوز هذه الأزمة".
"البيان رقم 1" وسارع الجيش البحريني إلى إصدار "البيان رقم 1". وشدد "على اتخاذ كل التدابير الصارمة والرادعة لبسط الأمن والنظام العام". وناشد "المواطنين والمقيمين الابتعاد عن التجمهر في المناطق الحيوية في وسط العاصمة حيث ان ذلك يسبب تأثيراً بالغاً على حركة السير وإثارة الخوف والفزع بين مرتادي المنطقة ويؤدي الى حدوث أزمات مرورية، مما يترتب عليه تعريض حياة المواطنين والمقيمين للخطر والاضرار بمصالحهم".
وأفاد ناطق رسمي باسم القيادة العامة لقوة دفاع البحرين ان "قوات عسكرية من قوة دفاع البحرين أخذت في الانفتاح في محافظة العاصمة بدواعي اتخاذ الاجراءات اللازمة للحفاظ على أمن وسلامة المواطنين والمقيمين وتأمين حرياتهم وممتلكاتهم من أعمال العنف". ودعا إلى عدم التجمع في الساحات. وصدر تحذير مماثل عن وزارة الداخلية. وفي حين لم تفتح المصارف والمؤسسات الكبرى أبوابها، أقام الجيش نقاط تفتيش عدة ونشر آلياته على المفترقات. ونصبت أسلاك شائكة حول "دوار اللؤلؤة".
دعم خليجي ومساء أوردت وكالة أنباء البحرين "بنا" ان المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي أكد في دورته الاستثنائية الـ30 في المنامة "وقوف دوله صفاً واحداً في مواجهة أي خطر تتعرض له أي من دوله". وشدد الوزراء على "دعمهم الكامل للبحرين سياسياً واقتصادياً وأمنياً ودفاعياً، وأن المسؤولية في المحافظة على الأمن والاستقرار هي مسؤولية جماعية بناء على مبدأ الأمن الجماعي المتكامل والمتكافل"، وعلى "اعتبار أمن دول المجلس واستقرارها كلاً لا يتجزأ، التزاماً للعهود والاتفاقات الأمنية والدفاعية المشتركة". ورفضوا "تدخل أي طرف خارجي في شؤون البحرين"، ذلك أن الإخلال بأمنها واستقرارها يعد "انتهاكاً خطيراً لأمن دول مجلس التعاون واستقرارها كافة". وكانت المؤسسة العامة لجسر الملك فهد في المنطقة الشرقية نفت، اقفال الجسر الذي يربط السعودية بالبحرين.
استنفار أميركي وواحداً تلو الآخر، بادر المسؤولون الأميركيون إلى إبداء القلق مما يجري في البحرين. وصرح الناطق باسم البيت الابيض جاي كارني بان الرئيس الأميركي باراك اوباما يقول "إننا نعارض استخدام الحكومة البحرينية العنف"، ويعارض كذلك قمع التظاهرات "السلمية".
وقبله قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن الولايات المتحدة تدعم إجراء تغيير "حقيقي وملموس للناس هناك". ووصفت البحرين بأنها بلد "صديق وحليف". وأشارت إلى انها أبلغت نظيرها البحريني "مدى أهمية ألا يشوب ذلك أعمال عنف، آخذين في الاعتبار انه ستكون هناك جنازات وصلاة (الجمعة) غداً (اليوم)". وصرّح الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" جيف موريل بان وزير الدفاع روبرت غيتس اتصل بولي العهد البحريني سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، نائب القائد الأعلى لقوة دفاع البحرين، وناقشا "الوضع الامني".
مواقف دولية وفي لندن قال وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا أليستير بيرت إن بلاده ستراجع رسمياً قراراتها في شأن تراخيص تصدير أسلحة إلى البحرين تشمل قنابل الغاز المسيل للدموع وعتاداً يمكن استخدامه في السيطرة على اعمال العنف. وأبدى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي-مون الأمين العام "انزعاجه من الأساليب العنيفة".
وتجددت وزيرة الخارجية الفرنسية ميشيل أليو-ماري عن "قلق" بلادها مما يجري في البحرين. ودعت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية كاثرين آشتون إلى "الهدوء وضبط النفس". و"احترام حقوق المواطنين الأساسية بما فيها حق التجمع السلمي". ونقلت وكالة الجمهوية الإسلامية الايرانية للانباء "إرنا" عن مصدر لم تحدده في وزارة الخارجية ان طهران تحض البحرين على "عدم اللجوء الى العنف". وقال إنه على رغم ان التظاهرات هي "شأن داخلي"، فإن على المنامة "تلبية مطالب الشعب". و ص ف، رويترز، ي ب أ، أ ش أ، أب
|