|
التاريخ: شباط ٧, ٢٠١٩ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | | | الملف: انتخابات |
|
"هيئة الإشراف" تُعاين في تقريرها "جروح" الانتخابات - رضوان عقيل |
سلطت الأضواء على "هيئة الاشراف على الانتخابات" إبان الاستحقاق الذي شغل اللبنانيين، وكان محل متابعة يومياتهم، الى أن توجهوا الى صناديق الاقتراع واختاروا نوابهم الـ128 متسلحين في دورة 2018 بالصوت التفضيلي الذي كان محل ترحيب عند الكثيرين، إلا أنه سقط مثل الكابوس على رؤوس بعض القوى والشخصيات التي لم تلتقِ مع النسبية. وتلقت الهيئة الكثير من الملاحظات جراء عدد من التجاوزات حيال إنفاق اللوائح ومرشحين في عدادها عملوا على استعمال الاسلحة كافة للفوز بالصوت التفضيلي وحصول تنافس حتى بين اعضاء اللائحة الواحدة. وعلى الرغم من الامكانات المتواضعة والصلاحيات التي تملكها الهيئة، قامت بالواجبات المطلوبة منها وهي برئاسة نديم عبد الملك، فيما أمين سرها عطاالله غشام. واستطاعت الهيئة العمل، رغم سلسلة من الاخطاء والتناقضات في بعض مواد قانون الانتخاب، الامر الذي أدى الى صعوبات اضافية وإشكالات في تطبيقها.
وجاءت عصارة أعمالها في تقرير يتناول تفاصيل المهمات التي قامت بها، وعرجت على الصعوبات التي اعترضتها وركزت عليها، وهي تأمل عدم الوقوع بها في الانتخابات النيابية المقبلة. في اختصار، وضعت الاصبع على "جروح" الانتخابات تفاديا لها في الانتخابات المقبلة.
يتألف التقرير من 359 صفحة في كتاب من الحجم الكبير. وقدمت الهيئة نسخاً منه الى رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري والوزير السابق نهاد المشنوق وبرنامج الامم المتحدة الانمائي وبعثة الاتحاد الاوروبي، واستمعت الى ملاحظاتهم. ولم تلتق رئيس الحكومة سعد الحريري بعد. ويحتوي التقرير على ستة أبواب.
وتناولت الهيئة في البداية تشكيلها وأعمالها والصعوبات التي اعترضتها. واوضحت كيف اعتمدت تأمين قاعدة معلومات عن مختلف وسائل الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة. واصدرت لائحة بالمؤسسات التي يحق لها المشاركة: 11 صحيفة، 10 محطات تلفزيونية و12 محطة اذاعية، مجلتان، وكالة أنباء و20 موقعا إلكترونياً.
وبعد الاطلاع على جملة من المراسلات بين الهيئة ووزارة الداخلية، تبين ان الاولى عانت الكثير في تنفيذ المهمات المطلوبة منها، جراء عدم توافر الاعتمادات المالية المطلوبة في الاشهر الاولى. وتعرضت الهيئة بالفعل لجملة من الصعوبات والعراقيل، أبرزها تأمين الاعتمادات الخاصة بها، والتي لم تتأمن إلا في 22 آذار 2018 بعد ستة أشهر من تعيينها ومباشرة أعمالها.
وأفرد التقرير مساحة من صفحاته لموضوع الشكاوى التي تلقتها الهيئة من المرشحين واللوائح الانتخابية، علما أنها لم تتلقَّ إلا عددا قليلا منها لم تتجاوز الـ50. وتفيد الهيئة انها عملت على دراستها والتدقيق في مضمونها واتخذت في شأنها القرارات المناسبة وأحالت بعضها على القضاء المختص (النيابات العامة)، إضافة الى جملة من التدابير بإحالة بعض وسائل الاعلام المخالفة على محكمة المطبوعات نتيجة أعمال الرصد والمراقبة للهيئة التي تعاملت مع 45 إحالة. ووضعت جدولا مفصلاً في كل شكاوى اللوائح والمرشحين والنتائج التي تلقتها من الجهات المختصة، وتم توجيه هذه الشكاوى ضد احزاب ومرشحين ووسائل اعلامية ومجهولين، ولم تسلم الاجهزة الامنية من بعضها. وتناول التقرير باسهاب في بابه الثالث سلوك وسائل الاعلام في تغطية الانتخابات النيابية والمخالفات التي وقعت في هذا الحقل.
وعملت الهيئة عبر فريق على متابعة تفاصيل هذه التغطية ورصد محتوى وسائل الاعلام ومراقبتها وتعاملها مع المرشحين، وخصوصا قبيل يوم الانتخاب. واعتمدت منهجية التحليل والتغطية الاعلامية وتوزيعها على الدوائر الـ15. وتبين الجداول أن دائرة بيروت الثانية أخذت الحيز الاكبر من ساعات التغطية والنسب المئوية في المحطات التلفزيونية والاذاعية. واحتلت الدائرة نفسها المساحة الاولى بالسنتيمتر المربع والنسب المئوية في الصحافة الورقية.
وجاء في التقرير الاعلامي ايضا ما نالته كل لائحة من ساعات في التلفزيونات والاذاعات، اضافة الى ما حصلته في الاعلام المكتوب. وثمة جداول ايضا تظهر الساعات التي نالها كل حزب في المحطات المرئية والمسموعة وتحديد التغطية التي حظيت بها هذه الاحزاب في المكتوب. وقد حلّ "تيار المستقبل" في صدارة اهتمامات وسائل الاعلام، يليه "التيار الوطني الحر". كذلك يتناول التقرير تخصيص المحطات التلفزيونية والاذاعية بالنسب المئوية لكل حزب، حيث يتبين ان كل محطة وخصوصا الحزبية منها اعطت المساحة الاكبر من التغطية والمتابعة لفريقها السياسي، ولم تمنح منافسيها إلا نسبا قليلة، والامر نفسه انطبق على المستقلّين.
من جهة أخرى، ركزت الهيئة على المخالفات المرتبطة باستخدام خطاب الكراهية والاعلام الانتخابي المستتر ووضعت رسوما بيانية عن هذه المخالفات في وسائل الاعلام. كذلك أورد التقرير عدد الاستضافات الانتخابية التي تخفي دعاية انتخابية غير مصرح عنها، وثمة مرشحون صاروا نوابا. ولم تقم الهيئة هنا بإحالة اي وسيلة مرتكبة على الجهات القضائية، بل اكتفت بتوجيه تنبيهات الى المسؤولين عن هذه الوسائل. وتم توجيه أكثر من رسالة تنبيه ايضا الى مراكز إحصائية وعاملين فيها كانوا يطلون على الشاشات ويتوقعون صدور نتائج قبل الانتخابات. وتم ايضا تحديد مساحة لمخالفات القدح والذم عند كل وسيلة عبر رسوم بيانية.
وفي معاينة لكل ما انتجته الهيئة، تفيد مصادرها انها عملت بكل شفافية وحياد ولم تميز بين جهة وأخرى رغم سيل الصعوبات التي واجهتها. وتعاونت مع المجلس الدستوري في كل ما طلبه منها من تأمين وثائق وبيانات ليستفيد منها في النظر بالطعون الانتخابية. ووضعت مجموعة من التوصيات لإطلاق الهيئة المقبلة بصلاحيات أكبر، على أن تكون دائمة ومستقلة وتتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلالين المالي والاداري.
ويتبين في خلاصة تقرير الهيئة أنه إذا لم تتبنّ الجهات المعنية هذه التوصيات لسلوك طريق الاصلاحات، فإن الدولة ستقع في الاخطاء نفسها في انتخابات 2022. وقد درج المسؤولون عندنا على معالجة الداء عند استفحاله وليس عند وقوعه! |
|
الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
| |
|