الأحد ٢٤ - ١١ - ٢٠٢٤
 
التاريخ: كانون ثاني ٢٥, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الحياة
خمسة «خيارات» أمام البشير- فارس بن حزام
لوهلة يشعر سودانيون أن أيام رئيسهم في الحكم باتت قليلة، لكن احتجاجات السودان ليست جديدة. العاصمة عاشتها مراراً، بعضها استمر لفترة أطول بلا نتيجة، وبعضها كان أعنف وبلا نتيجة أيضاً. احتجاجات أيلول (سبتمبر) 2013 كانت أقسى، والمعارضة قالت إن 200 سقطوا قتلى. وفي 2011 استمرت الاحتجاجات 10 أسابيع بأسلوب آخر، ولم يتغير شيء. وفي كل مرة يخرج الرئيس البشير بوعود تمحى في العام التالي. في 2011 قدم إعلانين؛ عدم الترشح لانتخابات الرئاسة، وإنشاء لجنة مكافحة الفساد، والهدف إرساء الديموقراطية. جاء 2015، وترشح البشير، وفاز طبعاً، واختفت لجنة مكافحة الفساد، وعاد الناس إلى بيوتهم انتظاراً لجولة أخرى.

وجميع جولات الغاضبين السابقة خاسرة، أوجعتهم قسوة الأمن، وهدأتهم الوعود، وخذلتهم الأحزاب بتقلب المواقف. واليوم، نحن أمام جولة دموية مستمرة، تشبه جولة 2013، فالدماء ترسم الطرقات، والجغرافيا واسعة بلا بوصلة واضحة، ولا قائد تتفاوض معه الرئاسة. في الشارع يريدون الرئاسة، والرئيس يرمي الكرة على الحكومة، وهو الرئيس وهو الحكومة، فالمحتجون تجاوزوا الوقود والخبز والعملة، والبشير يعيدهم إلى المطالب الأولى.

تحدث البشير كثيراً منذ بدء الاحتجاجات، وتنوع في لغة خطابه، هدد مرة ووعد مرة واتهم مرات كثيرة، وبقي مستوى الاحتجاج ثابتاً لأسبوع سادس. والرئيس يعرف جيداً خياراته المطروحة حالياً، فقد خبرها طوال ثلاثة عقود من الحكم المتلون في تحالفاته. أولها التنحي عن الحكم، وثانيها تسليم الحكومة للمعارضة، وبقاؤه رئيساً إلى انتخابات العام المقبل، وثالثها التنازل قليلاً لأحزاب المعارضة السلمية في الخرطوم، والحركات المتمردة في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، ورابعها الدعوة لانتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، وخامسها الانحناء للعاصفة، لتمضي مثل العواصف السابقة، والأخيرة أجادها مراراً ونجح في تفريغ شحنات الغاضبين وأعادهم إلى البيوت أو السجون.

من قصره الكبير وبيوته السرية الصغيرة، يعرف الرئيس البشير أن الاحتجاجات في بلاده صارت عادة، ويطمئن إلى أن المطلب الأول بعيد المنال، لأنه أحكم قبضته الشديدة على مفاصل الدولة، وأوصد كل نافذة أمام أي تسلل عسكري أو سياسي يغير المشهد، ويعتقد عميقاً أن حاضنته الشعبية ما زالت تحميه، وقد أقنعها بسوء البدائل، ولذا لا يجد نفسه في حالة تنازل أمام الشارع، ولا في وضع تفاوض مع الأحزاب المتوثبة للقفز إلى السلطة، لكي يبحث معها الخيارات الأخرى، إلا إذا انتقلت الاحتجاجات إلى مستوى جديد يعطل حياة الدولة، فعندها سيخرج الحاوي من كيسه بعض الحيل. وحينها ستكون حلول الرئاسة وحيل الرئيس محدودة أمام أقل مطالب الغاضبين. فما الوعد الذي سيقدمه البشير لشعبه هذه المرة؟ ألا يترشح لانتخابات 2020!


الآراء والمقالات المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الشبكة العربية لدراسة الديمقراطية
 
تعليقات القراء (0)
اضف تعليقك

اطبع الكود:

 لا تستطيع ان تقرأه؟ جرب واحدا آخر
 
أخبار ذات صلة
رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي يبحث «الانتقال الديمقراطي» في الخرطوم
ملاحظات سودانية على مسودة الحلو في مفاوضات جوبا
«الجنائية الدولية» تتعهد مواصلة مطالبة السودان بتسليم البشير
تعيين مناوي حاكماً لدارفور قبل اعتماد نظام الحكم الإقليمي
مقتل سيدة وإصابة 8 أشخاص في فض اعتصام جنوب دارفور
مقالات ذات صلة
وزير داخلية السودان يتوعد «المخربين» بـ«عقوبات رادعة»
تلخيص السودان في لاءات ثلاث! - حازم صاغية
"ربيع السودان".. قراءة سياسية مقارنة - عادل يازجي
"سَودَنة" السودان - محمد سيد رصاص
تعقيدات الأزمة السودانية - محمد سيد رصاص
حقوق النشر ٢٠٢٤ . جميع الحقوق محفوظة