التاريخ: تشرين الأول ١٥, ٢٠١٨ المصدر: جريدة النهار اللبنانية "تسوية إدلب": الأسد غير مبسوط وإيران غير متحمّسة وروسيا لا تُمانع - سركيس نعوم "قد لا يكون الرئيس بشّار الأسد مبسوطاً كثيراً بالحل أو بالأحرى التسوية للوضع في إدلب عاصمة ومحافظة وجواراً التي توصّل إليها حليفه رئيس روسيا فلاديمير بوتين وخصمه بل عدوُّه رئيس تركيا رجب طيّب أردوغان، التي تتضمّن تخليّاً عن العمل العسكري لتحريرها من الإرهابيّين الذين يُقدّر عددهم بعشرات الآلاف، وإقامة منطقة عازلة فارغة من المسلّحين وأسلحتهم الثقيلة والخفيفة، ودوراً لأنقرة من خلال ذلك في الحل السياسي للأزمة السوريّة أو في سوريا نفسها في حال تعذّره أو تعثّره". هذا ما يقوله القريبون أنفسهم من "الممانعين المقاومين" المُتابعين بجديّة حركة هؤلاء وتقويمهم المستمرّ للأوضاع في المنطقة. ويضيفون: "قد لا تكون الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة مُتحمّسة للتسوية نفسها للسبب السوري نفسه المذكور أعلاه، ولانعكاسها على مصالحها في سوريا وربّما على طموحاتها الواسعة. لكنّها والرئيس الأسد لن يُعرقلا هذا الحل التسووي في النهاية إذا نُفِّذ بعدل وحُسن نيّة بعيداً من أي خلفيّات أو أجندات مخبّأة يعتبران أنّها تسيء إليهما كما إلى بلديهما. أمّا إذا فشل تطبيق التسوية"، يستدرك هؤلاء، "فإن الحرب العسكريّة لتحرير إدلب ستندلع لأنّها ستكون الخيار الوحيد السليم، إذ أن الخيار الآخر سيكون ترك هذه المنطقة تحت سيطرة تركيا المُعادية. وفي ذلك مسّ بسلامة اراضي سوريا واستمرار للتهديدات الإرهابيّة والإقليميّة لاستقرارها، ولما حقّقته من انتصارات استعادت بواسطتها مساحات كبيرة جدّاً من أراضيها من الاحتلال الإرهابي. علماً أن المعلومات المتوافرة تشير إلى أن "جبهة النصرة" صاحبة الوجود القتالي والعسكري الأكبر في إدلب لا تُمانع في التسوية التركيّة – الروسيّة المُشار إليها أعلاه. لكنّها تلفت إلى ضرورة "موافقتنا كلّنا"، أي التنظيمات الإسلاميّة المسلّحة والموجودة معها في إدلب، على التسوية وتنفيذها معاً. ودافعها إلى ذلك رفضها أن تتعرّض إلى "حفلة" أو حملة مزايدات عليها. فهل تفرط التسوية جرّاء عدم موافقة بعض التنظيمات الأخرى على التسوية؟ ربّما نعم لأن الرافضين يدرسون الوضع من جوانبه المختلفة وذلك لمعرفة إذا كان هناك إمكان لاستمرار حصولها على دعم مالي وغير مالي من المملكة العربيّة السعوديّة أو أميركا أو غيرهما من أجل متابعة "الجهاد". فإذا تأكّدوا من استمرار الدعم والتأييد فإنّهم لن يشاركوا في تنفيذ التسوية، وإذا تأكّدوا من قطعهما يُقرّرون المشاركة. علماً أن التنفيذ قد بدأ مرحلته الأولى". ماذا عن الموقف الفعلي لروسيا الشريكة في التسوية بل راعيتها من تنفيذها؟ يُجيب القريبون أنفسهم من "الممانعين المقاومين": "كانت روسيا تُفضِّل حسماً عسكريّاً على الأرجح في إدلب عاصمة ومحافظة وجواراً. لكنّها لا تُمانع في تنفيذ خطّتها وأردوغان لأنّها لا تريد خسارة تركيا التي "مالت" إليها بعد إسقاطها المُتعمّد لطائرة حربيّة روسيّة ادّعت أنّها خرقت مجالها الجوّي أو حدوده، والتي تردّت علاقتها التحالفيّة الجيّدة جدّاً مع أميركا، ولم تنجح بعد في إعادتها إلى ما كانت عليه من حميميّة رغم استمرارها عضواً مُهمّاً في "حلف شمال الأطلسي" الذي تتزعّمه الدولة الأعظم في العالم حتّى الآن. طبعاً" يُضيف هؤلاء "القوّات العسكريّة الأميركيّة الموجودة في مناطق سوريّة مُحدّدة أكّدت مرّات عدّة استعدادها لضرب سوريا الأسد إذا استعملت "السلاح الكيماوي"، في أثناء تحرير إدلب عسكريّاً إذا قرّرته ونفّذته. علماً أن كلّاً من دمشق وموسكو وطهران تعتقد أن "حلفاء" أميركا من الإرهابيّين في إدلب هم الذين يمتلكون "الكيماوي" وسيستعملونه بموافقتها أو حتّى من دونها لدفعها إلى ضرب سوريا. هذا فضلاً عن أن المعركة العسكريّة ضد هؤلاء، وإن خاضتها قوّات سوريّة وإيران عبر حلفائها، لن تكون سهلة في ظل موقف تركي وأميركي وأوروبي مُعارض لها خوفاً من المجازر التي ستتسبّب بها، ولا سيّما في أوساط المدنيّين الذين يراوح عددهم بين مليونين ونصف وثلاث ملايين سوري إدلبي ونازحين سوريّين. ولا يُستبعد أن يُعيد ذلك حلقة توسيع الحرب في سوريا". ومن شأن ذلك في رأي البعض من معارضي "محور الممانعة والمقاومة" أن يتسبّب بخسارة نظام الأسد العاصمة الاقتصاديّة الأولى والعاصمة الثانية حلب. وهم ينطلقون في توقّعهم هذا أو تمنّيهم من إقتناع بأن تحريرها تمّ جرّاء القوّة العسكريّة الكبيرة للنظام وحلفائه إيران ("حزب الله") وروسيا. لكنّه تحقّق أيضاً جرّاء قرار غير مُعلن اتّخذه أردوغان ووافق بموجبه على تسليم المدينة للنظام من خلال عدم الإشتراك جديّاً مباشرة أو عبر حلفائه من "الجهاديّين" في الدفاع عنها". هل يؤثّر ما يبدو أنه بداية نهاية التأزّم بين تركيا أردوغان وأميركا ترامب، أو ربّما بداية عودة التفاهم بينهما مع عودة الأولى إلى التلويح بـ"أطلسيّتها"، فضلاً عن حادثة اختفاء المعارض السعودي الإعلامي جمال خاشقجي في قنصليّة بلاده فيها، والمضاعفات التي قد تتركها على العلاقات بين دول عدّة في المنطقة وخارجها كما على تطوّر الأوضاع الإقليميّة، هل يؤثّر ذلك كلّه على "تسوية إدلب"؟ وهل يكون التأثير سلباً أو إيجاباً؟ لا أحد يمتلك جواباً عن ذلك حتّى الآن بمن فيهم القريبون أنفسهم من "الممانعين المقاومين". ولذلك قد يكون الانتظار المتنوّع الدوافع هو الموقف الأفضل اليوم. ماذا عن العراق في ضوء التطوّرات السلبيّة التي شهدها بعد الانتخابات النيابيّة من تظاهرات احتجاجيّة شعبيّة ضدّ الحكّام وعلى رأسهم "حزب الدعوة" العريق وضد الفاسدين من الوزراء والموظّفين وجماعة الأمن والعسكر، كما ضد إيران دولة ودوراً عراقيّين وحلفاء، كان أبرزهم وأكثرهم قوّة "الحشد الشعبي" العسكري بأجنحته السياسيّة الذي شكّلته إيران لمواجهة "داعش" وخصوصاً في حرب القضاء على دولته العراقيّة التي أبلى فيها بلاء حسناً؟