التاريخ: تشرين الأول ٣, ٢٠١٨
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
مقالات انفتاح خليجي على الأسد...ما ثمنه؟ - موناليزا فريحة
كان حاراً بلا شك لقاء وزير الخارجية السوري وليد المعلم ونظيره البحريني خالد بن أحمد آل خليفة على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وسط قطيعة خليجية معلنة مع النظام السوري. وبقدر حرارة اللقاء، نشطت التكهنات عن عودة الدفء إلى العلاقات بين دمشق ومحيطها العربي.

وزاد التشويق اقرار الوزير البحريني بأن لقاءه وليد المعلم الذي لم يرتب سلفاً، ليس الأول لهما، وأنه يتزامن مع وجود تحرك جاد لاستعادة الدور العربي في الأزمة السورية. الا أن خالد بن أحمد آل خليفة حاول تقليل تداعيات اللقاء، بقوله إنه لم يتضمن جديداً أكثر من المواقف المعلنة. ومع ذلك، تمسكت صحيفة "الوطن" السورية بوصف المصافحة بأنها "تاريخية"، مع اشارتها الى أن الوزير البحريني هو الذي بادر اليها. وهي ذهبت أبعد باثارتها تساؤلات عن الرسائل السعودية وراءها، وربطتها بتبدل في الموقف السعودي حيال سوريا وترحيب دمشق بذلك.

وفي خضم أزمة خليجية، كان بديهياً أن يستغل بعض الاعلام المصافحة ضد السعودية التي وقفت منذ اللحظة الاولى في صف المعارضة للنظام، ومحاولة الايحاء بأنه لا يمكن المنامة أن تتخذ خطوة كهذه، وإن تكن مجرد مصافحة، من دون ضوء أخضر من الرياض خصوصاً.

لم يخطئ الوزير البحريني عندما قال إن النظام السوري هو الحاكم في سوريا، بمعنى أنه تمكن من استعادة السيطرة على الجزء الاكبر من المناطق التي كان خسرها لمصلحة المعارضة. وإذا كانت إدلب المحافظة الوحيدة التي لا تزال تشكل تهديداً له، فلن يمضي وقت طويل قبل أن يجدد محاولاته لاستعادتها.

لكن هذا الوضع الجديد لن يكون وحده كافياً لإعادة العلاقات بين دمشق ومحيطها العربي. مشكلة دول الخليج تحديداً لم تعد مع النظام السوري ولا مع بشار الاسد. مشكلتها الكبرى هي مع ايران المتمددة سياسياً وعسكرياً في كل شبر من سوريا، والتي تتحكم بالنظام وسياساته، لذا، فإن اي تقارب خليجي مع النظام السوري هو عملياً تقارب مع ايران وانفتاح عليها.

تتحمل دول الخليج تمنيناً دورياً فظاً من الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي يذكرها على نحو يومي تقريباً "بسخاء" بلاده، ويطالبها بدفع ثمن الحماية، في ما يشكل سابقة في تاريخ العلاقات بين واشنطن والمملكة. وتضغط السعودية حالياً لخفض اسعار النفط تلبية لرغبة سيد البيت الابيض. كل ذلك ليس إلا طمعاً بدعمه في مواجهة ايران ووضع حد لنفوذها في المنطقة وتطلعاتها النووية التي تعتبرها دول الخليج تهديداً لها.

في مواجهة كهذه، من الصعب أن تبادر دول الخليج الى الانفتاح على النظام السوري، الحليف الاول لايران، والذي بات يشكل قاعدة اساسية لنفوذها في المنطقة. انفتاح كهذا لن يكون ممكناً من الخليج الا إذا كان الثمن هو رأس ايران.