| | التاريخ: أيلول ٢٠, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | الفساد في العراق شامل و"خلفاء" صدّام لم يعملوا له ولشعبه - سركيس نعوم | ظنّ العراقيّون بعد انتصارهم على "دولة داعش" التي أسّسها أبو بكر البغدادي على قسم واسع من أرض بلادهم، بمساعدة مُهمّة من العدوّتَيْن اللدودتَيْن أميركا والتحالف العسكري الدولي الذي تقود والجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، ظنّوا أنّ دولتهم ستقوم وستُعالج كل المشكلات التي يُعانون من اقتصاديّة وأمنيّة وخدماتيّة وإعادة بناء ومُحاربة الفساد... لكنّ ظنّهم خاب. فلا إعادة بناء ما هدّمه "داعش" تمّت ولا العراقيّون الذين هجّرهم مباشرة والآخرون الذين هجّرتهم الاشتباكات معه والحروب عادوا إلى مُدُنهم وبلداتهم وقراهم لعدم مباشرة إعادة البناء، ولأسباب أخرى لها علاقة بالخلافات الجذريّة بين مكوّنات الشعب العراقي. لكنّهم بقوا متأمّلين في مرحلة جديدة تُريحهم من مشكلاتهم تبدأ بعد الانتخابات العامّة في العراق. إذ أن مجلساً نيابيّاً جديداً سيُنتخب وسيسعون كي يكون أكثر اهتماماً بهم وأقلّ فساداً من المجالس التي سبقته، كما أنّ حكومة جديدة ستُؤلّف يُفترض أن تكون أفضل أداء وأقلّ فساداً من سابقاتها. فضلاً عن أنّ رئيساً جديداً للجمهوريّة سيُنتخب وهو يستطيع أن يقوم بدور توفيقي بين الحكومات وداخل كلّ منها، باعتبار أن الخلافات تنخرها كلّها ليس بسبب الحرص على المصلحة العامّة ومصالح النّاس بل بسبب التنافس على المناصب والمكاسب السياسيّة وغير السياسيّة. إلّا أنّ أمل العراقيّين هذا خاب حتّى الآن على الأقلّ رغم انقضاء أشهر على انتهاء الانتخابات النيابيّة. فالشكوك في نزاهتها وفي الأخطاء التي ارتُكبت في أثنائها واعتراضات الذين لم يُحقّقوا نتائج مُهمّة فيها فرضت إعادة الفرز أو العدّ وإن بنسبة معيّنة من أصوات الناخبين. وحتّى ذلك لم يمر في سلاسة ونزاهة إذ تعرّض مركز مُهمّ لـ"الصناديق" المُقرّر فرزها من جديد إلى "الحريق" الذي يظنّ كثيرون أنّه كان مُفتعلاً. وخيبة أملهم لا تزال مستمرّة فالنزاع على رئاسة مجلس النوّاب أخذ وقتاً أطول ممّا ينبغي، واختيار رئيس حكومة لا يزال موضع شدٍّ وجذب بين الناخبين العراقيّين والناخبين الخارجيّين الكبار من عرب وعجم وأجانب. ويسري هذا الأمر على رئاسة الجمهوريّة التي لا تزال شاغرة رغم أن بعض العراقيّين يتصرّفون على الطريقة اللبنانيّة بالقول أن الرئيس المُنتهية ولايته يستمرّ فيها بعد انتهائها إلى أن يُنتخب خلف له. ويرى عراقيّون كثيرون في ذلك بدعة. في النهاية لا بُدّ من اكتمال تركيب هيكل الدولة العراقيّة أي مؤسّساتها الدستوريّة. لكن لا يستطيع أحد أن يؤكّد أن هذا الهيكل لن يبقى "عظميّاً" أي من دون لحم، وأن المؤسّسات لن تبقى شكليّة وخاضعة لأجندة زعماء الطوائف والأديان والمذاهب والإتنيات والقوميّات ومصالحهم، كما مصالح "حلفائهم" غير العراقيّين من الدول الكبرى والمتوسّطة في العالم. وغنيّ عن القول أنها كانت دائماً متناقضة.
ما هي أسباب تعاسة الوضع العراقي في رأي مُتابعين من قرب لتطوّراته ولحركة الأطراف المحليّين الفاعلين فيه وكذلك الجهات الإقليميّة والدوليّة؟
يُجيب هؤلاء بالقول: "أن الفساد في العراق شامل، فـ"حزب الدعوة" الذي كان الأكثر نزاهة والأكثر قوّة والأكثر صلابة صار مجموعة من سياسيّين محترفين وانتهازيّين وفاسدين. الطبقة السياسيّة التي حكمت بعد رحيل صدّام حسن ونظامه لم تعمل من أجل العراق والعراقيّين، ومنها نوري المالكي رئيس الوزراء الأسبق وهناك كثيرون غيره. والسيد مقتدى الصدر الذي كان مع إيران الإسلاميّة مئة في المئة أظهرت ممارسته والزمن زئبقيّته. وهو الآن مُنفتح على المملكة العربيّة السعوديّة، وساعدها في فتح قنصليّة لها في النجف. والسيد عمّار الحكيم مؤسّس "حزب الحكمة" الحديث بعد انفصاله عن المجلس الأعلى للثورة الإسلاميّة له توجّه قريب من الصدر. والرئيس الأسبق للحكومة إيّاد علّاوي قريب من السعوديّة ومحسوب عليها. في أي حال إيران لم تتسبّب بالاحتجاجات الشعبيّة التي قام بها العراقيّون في البصرة وولايات ومدن جنوبيّة أخرى، والتي وصلت إلى بغداد. هذه الاحتجاجات التي تمثّلت بتظاهرات جريئة والتي وُوجهت بالعنف فردّت عليه قام بها الشعب بسبب طغيان الفساد وتلوّث المياه وانقطاع الكهرباء. والمناطق المذكورة تبلغ الحرارة فيها صيفاً نحو 60 درجة مئويّة.
طبعاً حمّل البعض إيران مسؤوليّة الاحتجاجات والعنف الذي واجهها وربّما رافقها إذ مارسه المُحتجّون على الدولة وعلى حليفتها إيران وممثّليهم العراقيّين، واتّهموها بقطع الكهرباء عن بعض الجنوب وبالمسؤوليّة عن النقص في حصّة العراق من المياه. لكن الإيرانيّون ردّوا بالقول أنّهم يحتاجون أيضاً إلى الكهرباء، إذ تتعرّض بعض مناطقهم إلى تقنين وإن غير قاسٍ (3 ساعات انقطاع يوميّاً). رغم ذلك فإن دولتهم لا تزال تمدّ بعض المناطق الحدوديّة في البصرة بالكهرباء.
في اختصار تشعر إيران أنّها مُستهدفة في العراق. لكنّها لن تتخلّى عنه، فهو مداها الحيوي الذي تقاتل مباشرة من أجل المحافظة عليه إذا اضطرّت في ذلك. وإذا عجزت عن السيطرة عليه كلّه فإنها ستفعل المستحيل من أجل بقاء نفوذها السياسي والأمني والاجتماعي والديني في منطقتي الوسط والجنوب أي العاصمة بغداد إلى البصرة. علماً أن لها علاقات جيّدة وقديمة مع أكراد إربيل والسليمانيّة وهي لا تزال مستمرّة. وقد تمّ التعبير عنها مرّات قديماً وحديثاً بمساعدات متنوّعة للمحافظة على الخطّ السياسي – العشائري في هذه المنطقة الكرديّة ودوره".
تردّدت قبل أسبوعين معلومات موثوقة عن زيارة قام بها السيد مقتدى الصدر إلى لبنان. هل لا يزال في لبنان؟ وهل حصل لقاء بينه وبين الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله؟ | |
|