| | التاريخ: تموز ١٠, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | «راكاح» من حل الدولتين إلى الدولة الديموقراطية... وحق اللاجئين في العودة - علي بدوان | تطورت مواقف الحزب الشيوعي الإسرائيلي (راكاح)، وهو الحزب الموحّد للعرب واليهود في الداخل عام 1948، في جوانبها المُختلفة خاصة في المواضيع السياسية، مع تطور دور ونضال ووعي أبناء الداخل في فلسطين، الذين بقوا على أرضها بعد النكبة، خاصة من أعضاء الحزب الذين أصبحوا أغلبية في صفوفه في السنوات الطويلة التي تلت نكبة فلسطين، وبعد مسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني المُعاصر، والحقائق التي أفرزتها تلك المسيرة.
بدأ حزب «راكاح» منذ العام 1971 يَطرح وفق برنامجه السياسي، حلاً للصراع يقوم على أساس إقامة دولة فلسطينية على كامل الأرض المحتلة عام 1967 إلى جانب إسرائيل، وحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة، وبدأ يَشُق محاولاته للاتصال بمنظمة التحرير الفلسطينية بعد قرار المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثانية عشرة، وهي الدورة التي أطلقت البرنامج المرحلي (برنامج النقاط العشر)، والتي عُقِدَت في القاهرة في أيار(مايو) 1977، وكان من قراراتها الدعوة لـ «الحوار مع القوى التقدمية وقوى السلام في إسرائيل». وعليه، وفي ربيع العام 1977، عُقِدَ في العاصمة التشيكية براغ اللقاء الرسمي الأول والعلني بين وفد يُمثّل منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ماجد أبو شرار أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، وعضوية عربي عواد، وعصام عبد اللطيف، وعبد الله الحوراني، ونعيم الأشهب، ووفد من الحزب الشيوعي الإسرائيلي برئاسة ماير فلنر الأمين العام لحزب «راكاح» في حينه، وعضوية أميل حبيبي، وتوفيق طوبي، وعلي عاشور، وعوزي بورنشتاين. وفيه تم الحديث والتوافق في شأن تبني قيام دولة فلسطينية فوق الأرض المحتلة عام 1967 (حل الدولتين) قبل أن تَظهَر تلك المقولة في أعمال المجلس الوطني الفلسطيني، في دورة عام 1989 التي عقدت بالجزائر العاصمة، وعشية مؤتمر مدريد للتسوية عام 1991.
في هذا السياق، لا يخفى على أحد أن هناك أعداداً مُتزايدة من المنتسبين إلى حزب «راكاح» من جيل الشباب، من الأعضاء العرب على وجه الخصوص، باتت تتبنى بقوة مسألة الدعوة إلى إعادة كتابة تجربة الحركة الشيوعية في فلسطين قبل النكبة وبعدها بأسلوبٍ ومنهج علميين وتاريخيين، بحلوها ومرها، وبروحٍ نقدية واضحة وغير خجولة. بل ودعا بعضها إلى الاعتراف بفشل الطرح الداعي إلى دولتين لشعبين، وبالتالي العودة للحل الأصلي الذي كانت دَعَت اليه عصبة التحرر الوطني في فلسطين عام 1943، وهي المجموعة الفلسطينية التي كانت انشقت عن الحزب الشيوعي قبل النكبة، وهو الحل الداعي لبناء دولة ديمقراطية واحدة موحدة على كامل أرض فلسطين التاريخية. وقد بان هذا الموضوع واضحاً في أعمال المؤتمر العام السابع للحزب الشيوعي الإسرائيلي (راكاح) الذي عُقِدَ نهاية العام العام 2014، حيث ترافقت أعمال المؤتمر مع دعوات إلى تبني الحل الديموقراطي (الدولة الديموقراطية الواحدة)، تلك الدعوة تتزايد الآن في إسرائيل في صفوف عددٍ من المجموعات اليسارية الصغيرة، إلى جانب أعدادٍ متزايدة من أفراد الجيل الجديد من الشباب من أعضاء حزب «راكاح». ومَرَدّ تصاعدها بروز العقبات الكبرى على طريق التسوية ومشروع حل الدولتين، واستفحال نزعات اليمين الفاشي في إسرائيل، وتصاعد القناعة عند قطاعات تتزايد يوماً بعد يوم بعجز حل الدولتين عن إرساء تسوية مقبولة تحت سقف قرارات الشرعية الدولية.
ولكن، إذا كان صوت الشباب في مؤتمر «راكاح» في شأن تبني حل الدولة الديموقراطية الواحدة على أرض فلسطين التاريخية، لم يصل صداه إلى جميع أعضاء المؤتمر، فإن الظرف الذاتي داخل الحزب وحتى الموضوعي المحيط بـإسرائيل ما زال غير ناضج لتقبل تلك الأطروحة من جانب حزبٍ مُشارك في الحياة السياسية والبرلمانية في إسرائيل منذ قيامها في أيار(مايو) 1948. لذلك، تمت إعادة التشديد في مؤتمر الحزب اياه على حل الدولتين، دون أن يعني ذلك أن الغليان الأولي توقف، بل مازال يتواصل داخل مرجل التغيير في القاعدة العربية العريضة من تنظيم حزب «راكاح» ذي الغالبية العربية.
* كاتب فلسطيني | |
|