| | التاريخ: حزيران ١٣, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | مؤشر "المركز العربي": بلاد الرغبة بالهجرة | خالد كموني
قبل ظهر الإثنين 28 أيار الجاري، نظم "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات - فرع بيروت" حلقة نقاشية لنتائج "المؤشر العربي 2017 - 2018" الذي يعدّه دوريًا المركز العربي الرئيسي في الدوحة بإشراف الدكتور محمد المصري الذي حضر إلى بيروت وعرض في مستهل الحلقة النقاشية نتائج المؤشر المبنية على استطلاعات مسح ميداني واسع وشامل في البلدان العربية، والمستمدة منه النتائج بعد تحليل معطياته تحليلًا علميًا. وقد جرى العرض في حضور جمع من باحثين وأكاديميين جامعيين ومدراء مراكز البحوث واستطلاعات وإحصاء واستقصاء.
وثيقة عن 11 بلدًا عربيًا
"المؤشر العربي" في نسخته الدورية السادسة هذه نُفذ ميدانيًا بين كانون الأول / ديسمبر 2017 ونيسان/ أبريل 2018، في 11 بلدًا عربيًّا: السعودية، والكويت، والعراق، والأردن، وفلسطين، ولبنان، ومصر، والسودان، وتونس، والمغرب، وموريتانيا. واستخدام فيه أسلوب المعاينة الطبقية العنقودية، متعددة المراحل والمتوازنة تناسبيًا مع أحجام هذه البلدان. ونُفّذ الاستطلاع عبر مقابلات وجاهية على عينة من 18830 مستجيبًا ومستجيبة موزعين على تلك البلدان، ما يجعل المشروع أضخم مشروعٍ مسحيّ في المنطقة العربيّة. واستغرق هذا الاستطلاع أكثر من 45 ألف ساعة، وشارك في تنفيذه 865 شخصًا (نصفهم من النساء)، وقطع الباحثون الميدانيون ما مجموعه أكثر من 700 ألف كيلومترٍ. لذا يعتبر المؤشر بمعطياته الموسّعة والتفصيلية وكذلك بنتائجه المكثفة، وثيقة تحوي معلومات علمية تقدم صورة واضحة، متشعبة ومركبة، عن أحوال المجتمعات العربية واتجاهات الرأي العام وخياراته المتنوعة فيها حول معظم المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة الساخنة. وهذا ما يجعل هذه الوثيقة مفيدة، بل ضرورية للباحثين والاختصاصيين، كما للطلاب الجامعيين والقارئ اليومي، ولمراكز البحث والدراسات على أنواعها، لا سيما الاستطلاعية والإحصائية، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني والدوائر الخلفية لصنع السياسات واتخاذ القرارات.
أوضاع المواطن العربي العامة وأولوياته
خلصت نتائج المؤشر إلى أن أولويات مواطني المنطقة العربية منوعة:
¶ الكتلة الأكبر (33 في المئة) قالت إن أولوياتها اقتصادية. وذكر ثلث المواطنين أن ارتفاع الأسعار والبطالة والفقر هي أهم تحديات تواجه بلدانهم.
¶ 21 في المئة أوردوا أولويات متعلقة بأداء الحكومات وسياساتها، والتحول الديمقراطي، وضعف الخدمات العامة، والفساد المالي والإداري.
¶ 10 في المئة أفادوا أن أولوياتهم مرتبطة بقضايا متعلقة بالأمن والأمان والاستقرار السياسي.
¶ 59 في المئة قوّموا الوضع الاقتصادي لبلدانهم بأنه سيّئ مقابل 39 في المئة وصفوا الوضع الاقتصادي لبلدانهم بأنه جيّد.
¶ الرأي العامّ العربيّ شبه مجمعٍ على أنّ الفساد الماليّ والإداريّ منتشرٌ في بلدانه: أفاد 91 في المئة أنّ الفساد منتشر بدرجات متفاوتة، مقابل 6 في المئة قالوا إنه غير منتشرٍ على الإطلاق.
¶ 55 في المئة قيّموا الوضع السياسي لبلدانهم بأنه سلبيّ مقابل 39 في المئة قوّموا بأنه إيجابيّ.
رغبة متزايدة في الهجرة
¶ 26 في المئة من مواطني المنطقة العربية يرغبون في الهجرة، ودافع أكثريتهم هو تحسين أوضاعهم الاقتصادية. لكن نحو خُمس المستجيبين الراغبين في الهجرة قالوا إنّ دافعهم هو عدم الاستقرار الأمني والسياسي.
كيف يفهم الرأي العام الديمقراطية؟
¶ تؤيد أغلبيةُ الرأي العامّ العربي النظام الديمقراطي بنسبة 74 في المئة، مقابل 17في المئة تعارضه.
¶ 89 في المئة قادرون على تقديم تعريفٍ ذي محتوى محدد للديمقراطية: 33 في المئة عرّفوها بأنّها ضمان الحريات السياسيّة والمدنيّة. وأفاد 21 في المئة أنّها ضمان المساواة والعدل بين المواطنين. و14 في المئة ركزوا على مبادئ إنشاء نظام ديمقراطي (تداول السلطة والفصل والرقابة بين السلطات. وعرّف 9 في المئة الديمقراطية بأنها ضمان الأمن والاستقرار، واعتبرها 7 في المئة تحسينًا للأوضاع الاقتصاديّة.
¶ 57 في المئة من المستجيبين يقبلون وصول حزبٍ سياسيّ لا يتّفقون معه إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، مقابل 35 في المئة لا يقبلون ذلك.
¶ يرى المواطنون العرب أن مستوى الديمقراطية في بلدانهم ما زال في منتصف الطريق. فقدراتهم على انتقاد حكومات بلدانهم محدودة، إذ منحوها علامة 5.6 درجات من أصل 10 درجات على مقياس من 1 إلى 10.
الرأي العام العربي وثورات العام 2011
¶ جرى التعرّف إلى آراء المواطنين في الثورات العربية وحركات الاحتجاج الشعبي التي شهدتها المنطقة في عام 2011 بالتحديد، والتي كان مطلبها الأساسي إنهاء الاستبداد. وذلك في محاولة لتقويم وجهة نظر المواطنين في الثورات بمعزل عن التطورات اللاحقة.
¶ أكثرية الرأي العامّ، أي 49 في المئة تعُدّها إيجابيةً، مقابل 39 في المئة عدّتها سلبيةً.
¶ أفاد31 في المئة أن دوافع الثورات كانت الوقوف ضد الاستبداد والظلم، ومن أجل الديمقراطية والمساواة. 21 في المئة اعتبروا الفساد هو الدافع. أمّا الذين جاء موقفهم معادٍ للثورات فكانوا 3 في المئة فقط.
¶ 45 في المئة أفادوا أن الثورات تمرّ بمرحلة تعثّر، وستحقق أهدافها في نهاية المطاف، مقابل 34 في المئة يرون أنّ الربيع العربي انتهى والأنظمة السابقة عادت إلى الحكم.
متابعة الأخبار السياسية والأحزاب والنشاط المدني
¶ الرأي العامّ العربيّ منقسم على صعيد اهتمامه بالشؤون السياسيّة في بلدانه. واهتمامه هذا تراجع مقارنة بالاستطلاعات السابقة.
¶ 57 في المئة يعتمدون على المحطات التلفزيونيّة في متابعة الأخبار السياسيّة، و 22 في المئة على شبكة الإنترنت، وحلّ الراديو في المرتبة الثالثة بنسبة 8 في المئة، أما الصحف اليومية فتدنت نسبتها إلى 5 في المئة.
¶ سجل الاعتماد على الإنترنت لمتابعة الأخبار السياسية أعلى نسبة منذ عام 2011، فيما قلت نسبة الاعتماد على القنوات التلفزيونية. ونسبة الاعتماد على شبكات الإنترنت للحصول على أخبار سياسية في ازدياد سنة بعد سنة.
¶ أظهرت النتائج أن 72 في المئة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يستخدمونها للحصول على أخبار ومعلومات سياسية. وهناك 57 في المئة يستخدمونها للتعبير عن آرائهم في أحداث سياسية.
¶ منخفضة هي نسب انضمام المواطنين في المنطقة العربيّة إلى منظّمات مدنيّة وأهلية طوعيّة، ولا تتجاوز 16 في المئة. وتتدنى النسب إذا أخذنا في الاعتبار مدى مشاركة المستجيبين في الهيئات التي أفادوا أنهم منتسبون إليها.
¶ على الرغم من تأييد المواطنين في المنطقة العربية النظامَ الديمقراطي، فإن مشاركتهم السياسية والمدنية محدودة. فأكثريّتهم (52 في المئة) غير منتسبة إلى أحزابٍ سياسيّة، وليس من حزب سياسيّ يمثّلها.
¶ تعكس النتائج تناقض الاهتمام بمتابعة الشؤون السياسية في بلدانهم (انخفضت نسبة المهتمين لتصل إلى 31 في المئة، مقابل ارتفاع نسبة غير المهتمين إلى 69 في المئة).
¶ انقسم الرأي العام العربي نحو نيته المشاركة في الانتخابات القادمة. نسبة الذين أفادوا بعدم رغبتهم في المشاركة في الانتخابات تصل إلى 46 في المئة، بعدما كانت 27 في المئة في استطلاعات المؤشر 2011 - 2013.
¶ على الرغم من أن الرأي العام العربي يؤيد الديمقراطية ويفضلها ويقوّم مستوى الديمقراطية في البلدان العربية تقويمًا غير إيجابي؛ فمن الواضح أن العزوف عن الانخراط السياسي أو "اللامبالاة السياسية" هو السائد. وقد يكون هذا متوقعًا إذا أخذنا في الاعتبار قدرة المواطن المتدنية على انتقاد الحكومات بحرية. هذا فيما الثقة بالأحزاب السياسية محدودة وتتراجع سنة بعد سنة.
دور الدين في الحياة العامّة والسياسيّة
¶ ينقسم مواطنو المنطقة العربيّة إلى ثلاث كتل: أفادت أكبرها ( 65 في المئة) أنّها متديّنة إلى حدٍ ما. 21 في المئة أفادوا أنهم متديّنون جدًّا، و11 في المئة قالوا إنهم غير متديّنين.
¶ تنحاز أغلبية الرأي العام (65 في المئة) إلى التركيز على سماتٍ أخلاقية وقيمية للدين، بوصفها أهم شرطٍ يجب توافره في شخصٍ ما كي يعدّ متديّنًا، ولم يشهد الرأي العام تغيرًا على هذا الصعيد عبر السنوات الست الماضية. وترفض أغلبية الرأي العام مقولة أنّ كلّ شخص غير متديّن هو شخص سيئ. وأغلبية الرأي العامّ ترفض تكفير الذين ينتمون إلى أديانٍ أخرى، أو الذين لديهم وجهات نظرٍ مختلفة في تفسير الدين.
¶ أغلبيّة الرأي العامّ ترفض أن يؤثّر رجال/ شيوخ الدين في قرارات الحكومة أو في تصويت الناخبين، وترفض أيضًا استخدام الدولة الدين للحصول على تأييد الناس لسياساتها، وكذلك استخدام المرشَّحين في الانتخابات الدينَ لكسب أصوات الناخبين.
¶ تنحاز الأكثرية إلى فصل الدين عن السياسة. ذلك إن 52 في المئة مع الفصل، مقابل 42 في المئة يعارضوه. وتزداد نسبة المنحازين إلى الفصل عبر السنوات.
ما هي تصورات المواطنين حول العالم العربي؟
¶ ترى نسبة 77 في المئة من الرأي العامّ العربيّ أنّ شعوب المنطقة تشكل أمّةً واحدة، على الرغم من تمايز الشعوب في ما بينها، مقابل 19 في المئة يعتقدون أنّها تمثِّل أممًا وشعوبًا مختلفة وروابطها ضعيفة.
ما الدول السياسات الأكثر تهديدًا لأمن الوطن العربي؟
¶ أظهرت النتائج أنّ الرأي العامّ متوافق بما يقارب الإجماع وبنسبة 90 في المئة على أن سياسات إسرائيل تهدّد أمن المنطقة العربية واستقرارها. كما توافق 48 في المئة على أن السياسات الأميركية تهدّد أمن المنطقة واستقرارها.
¶ عبّر 66 في المئة عن اعتقادهم بأن السياسات الإيرانية تهدّد أمن المنطقة واستقرارها، بينما كانت النسبة 57 في المئة في ما يتعلق بالسياسات الروسية.
¶ يوافق 67 في المئة من الرأي العامّ العربيّ على أنّ إسرائيل والولايات المتّحدة مجتمعتين هما الدولتان الأكثر تهديدًا لأمن الوطن العربيّ، فيما جاءت إيران في المرتبة الثالثة بنسبة 10 في المئة.
¶ يلاحظ ارتفاع نسبة الذين قوّموا السياسات الأميركية بالسلبية مقارنة بنتائج الاستطلاعات السابقة. ولعل مرد ذلك تقويم موضوعي لهذه السياسات وأثر تولي ترامب الرئاسة.
النظرة إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)
¶ أفاد 98 في المئة أنّ لديهم معرفة بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
¶ أغلبية الرأي العامّ العربي لديها نظرة سلبية تجاه داعش بنسبة 92 في المئة، مقابل 2 في المئة فقط أفادوا أنّ لديهم نظرةً إيجابيةً جدًا، و3 في المئة لديهم نظرة إيجابية إلى حدّ ما.
¶ 42 في المئة فسّروا دوافع انضمام مقاتلين عرب إلى تنظيم داعش بأسباب داخلية متعلقة بالبلدان التي جاؤوا منها، وهي عوامل اقتصادية (فقر، وبطالة... إلخ). و24 في المئة ردوا الأسباب إلى السياسات الحكومية السائدة (غياب الحريات، والفساد، وعدم تطبيق القانون) في بلدانهم.
¶ 29 في المئة يرون أنّ تنظيم داعش نتاج المنطقة ومجتمعاتها وصراعاتها، و59 في المئة يرون أنّه صناعة خارجية. | |
|