| | التاريخ: نيسان ٢٦, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة النهار اللبنانية | | اللجنة الأوروبية إذا شاءت، لا الدولة، هي مرجعية الانتخابات - جهاد الزين | مع أنني عضو مؤسس في جمعية مراقبة ديموقراطية الانتخابات أي أن إسمي موجود إلى جانب أسماء أخرى على طلب "العلم والخبر" الذي أنشأ هذه الجمعية في أواخر التسعينات...
ومع احترامي لكل الهيئات الرسمية وغير الرسمية التي تعتبر نفسها معنيةً برصد ومراقبة الانتخابات النيابية اللبنانية ومع تقديري لجهودها... فإن جهة واحدة، أعني وحيدة، يمكنها لو اتخذت قرارها السياسي بالتقييم الكامل الصريح لمجرى الانتخابات مرورا بيوم الاقتراع، تستطيع أن تصنع فرقا تاريخيا من حيث إحداثها لصدمة ديموقراطية ضد أداء النظام السياسي اللبناني...
هذه الجهة هي لجنة المراقبة التي أرسلها الاتحاد الأوروبي لمتابعة العمليات الانتخابية.
لا أقلِّل من جهود المؤسسات اللبنانية ولكني بت مقتنعاً، مثل كثيرين، بمحدودية الدور الرقابي الذي تستطيع أن تؤدّيه. المسألة تتعلق بالامكانات لا بالنوايا بينما في حالة لجنة المراقبين الأوروبيين فالمسألة تتعلق بالنوايا لا بالإمكانات... التي هي متوفرة قطعا.
لماذا القرار السياسي مهم في المراقبة الأوروبية؟
1- بدايةً لأن المرجعية التي تنتمي إليها هي الاتحاد الأوروبي ونفوذه الكبير على المستوى الدولي.
2- لأن لدى الدول الكبيرة داخل هذا الاتحاد وخصوصا المعنية بالشأن اللبناني وتحديدا فرنسا مصادر معلومات نافذة ومطلعة قادرة على رفد المراقبين الأوروبيين في كل المناطق بما يمكن أن لا يتمكنوا من الإطلاع عليه وحدهم إما بسبب العدد أو بسبب التعقيدات الإدارية والجغرافية والمالية.
3- لأن المراقبين الأوروبيين وحدهم قادرون على الرصد التقني الدقيق ومن الداخل لمحتويات الصناديق وعمليات الفرز وانتقالاتها بين منطقة وأخرى، خصوصا أن هذا الجانب رغم وضوح آليّاته نظرياً، إلا أنه يبقى مفتوحا على احتمالات غامضة لا يستطيع مراقبو الهيئات غير الحكومية اللبنانية التحقق منها.
لا شك أن رئاسة لجنة المراقبة الأوروبية باتت تعرف أن اللغط اللبناني في هذه الانتخابات بلغ حداً تشكيكيّاً عاما وعلى أكثر من مستوى وفي أكثر من منطقة يجوز معه، بل من الواجب فيه، على اللجنة الأوروبية أن تسأل ما إذا كانت مصداقية العملية الانتخابية بكاملها هي موضع بحث؟
لكن ودون الوصول إلى هذه النقطة التي لا يمكن أن يصبح صدور التقييم النهائي فيها ممكنا إلا بعد انتهاء العملية الانتخابية بكاملها، فإن على اللجنة الأوروبية أن تعرف أنها محط رهان واسع، على الأقل لدى النخب اللبنانية، على إمكان كشف عميق وحقيقي لتلاعبات جوهرية في كل مراحل العملية الانتخابية ولاسيما المتعلقة بصناديق الاقتراع.
.. ولاستدراك دور الهيئات اللبنانية غير الحكومية ربما يكون على هذه الهيئات أن تتعامل عمليا مع اللجنة الأوروبية باعتبارها الهيئة الواقعية العليا للإشراف على الانتخابات أمام التعطيل الكامل التقليدي والمتوقع دائما للهيئة اللبنانية الرسمية للإشراف والتي لم يكن أحد لينتظر، سلفا، منها أي دور جدي لإن هذا لا يتعلق بأعضائها المحترمين ولكن بالنظام السياسي نفسه. وقد قالها رئيس الهيئة بنزاهة وطرافة: القانون لا يسمح لها بمراقبة السياسيين!
تتعدد الدوائر المقفلة في الانتخابات اللبنانية وهي نوعان: غرف مغلقة ومناطق مغلقة. الأولى استخبارية والثانية ميليشياوية. وعندما يختلط التقني بالأمني بـ"الشعبي" ليس لنا من هيئة واقعية عليا للإشراف على الانتخابات إلا "مرجعيتنا" الأوروبية إذا شاءت أن تكون كذلك ضمن منظومة القيم التي يُفتَرَض أنها تدافع عنها.
فهل تعطينا اللجنة الأوروبية هذه الفرصة؟ التجارب السابقة لها في لبنان غير كافية بل غير مشجعة. | |
|