| | التاريخ: آذار ٣١, ٢٠١٨ | المصدر: جريدة الحياة | | ترك الرد على انتهاك «الخط الأحمر» شقِّ الأطلسي وأطلق يد موسكو في القرم وشرق أوكرانيا - فرنسوا هولاند | أدى الكرد دوراً حاسماً في وقت عسير جداً، وأتاحوا للتحالف (الدولي) طرد «داعش» من الرقة، ومن أراضٍ أخرى تتجاوز الرقة. فلا يجوز الاحتفال بتحرير جزء من سورية آن يترك شطر من السكان بأكمله يموت، والعالم على بينة من أن هؤلاء اضطلعوا بدور راجح في بلوغ هذه النتيجة.
ولكنني أشعر، كذلك، بالمسؤولية عن الغوطة. ولست أنا صاحب «الخطر الأحمر» العتيد والشهير، إنه باراك أوباما. فهو من تولى تحديد هذا الخط في شأن استعمال الأسلحة الكيماوية. وفي آب(أغسطس) 2013، بعد قصف دمشق الغوطة الشرقية بغاز السارين، عوض قيام الولايات المتحدة بضربات عسكرية، فضلت مفاوضة الروس والمجتمع الدولي على تدمير خزين النظام الكيماوي. ونحن تبعناهم. ولكن بشار الأسد احتفظ بهذه الأسلحة، ولا يتردد في المضي في استعمالها (...). وروسيا تتولى على الدوام قطع الطريق على اضطلاع الأمم المتحدة بتقصيات قد تؤدي إلى عقوبات. وهي تقوم على الدوام بالحؤول دون اقتراع مجلس الأمن على القرارات أو تعمل على إبقائها حرفاً ميتاً.
(...) وليس من باب الاتفاق أو المصادفة أن تحصل محنتا الغوطة وعفرين في وقت واحد. فروسيا تركت أنقرة تصنع ما يحلو لها في عفرين لقاء سحب تركيا جزءاً من المقاتلين المعارضين الذين تساندهم في الغوطة، فيسعهم تقديم الدعم إلى الهجوم على عفرين. (...) ولا يجوز أن تتناول الخطوط الحمر الأسلحة الكيماوية وحدها. فذلك يفترض إقامة الدليل، في كل مرة، على استعمالها، وتعيين الطرف الذي استعملها، بينما يبرع النظام، ومن ورائه راعيه الروسي، في زرع الشكوك من طريق افتراض الاستفزاز والتلويح به.
وإذا اقتصر الخط الأحمر على غاز السارين، حظّرنا على أنفسنا التدخل حين ترتكب المجازر بسلاح غير السلاح الكيماوي. والحق يقال إن قصف المدنيين قصفاً متعمداً، أياً كانت طبيعته، يؤدي إلى أوضاع إنسانية وسياسية غير جائزة ولا مقبولة.
وأنا لم أتكلم على خط أحمر، لا في 2013 ولا بعدها. وإذا حدد خطر أحمر، وانتهك من غير أن يستتبع انتهاكه رد جواب، أجاز لمن انتهكه فعل ما يشاء. وبعد رفض التدخل في2013، لم يكن النظام السوري وحده من أجاز لنفسه فعل ما شاء. فأدرك فلادمير بوتين أن في وسعه ضم القرم، والإخلال باستقرار شرق أوكرانيا، من غير التعرض إلى تحميله المسؤولية، إلا من طريق عقوبات (...).
(...) وعلينا، إلزاماً، الإعلان عن أن التحليق في سماء الغوطة وفي سماء عفرين على الخصوص، غير جائز. ففي عفرين، يستعمل بلد أجنبي طيرانه. وهذا البلد عضو في حلف الأطلسي. وفرنسا جزء من الحلف هذا، مع تركيا. فمن يكون هذا الحليف، وكيف يكون حليفاً وهو يستعمل طائراته في قصف السكان المدنيين، وفي قصف حلفائنا بينما تسانده، على الأرض، جماعات جهادية؟ (...). ولو انطلقت جماعات كردية من عفرين أو غيرها، وهاجمت تركيا، لحق لأنقرة تبرير عملها الحربي بالدفاع المشروع عن النفس. ولكن كرد سورية لم يهاجموا تركيا. فشاغلهم، حين باشرت تركيا عمليتها على عفرين، كان الفراغ من ذيول مهاجمتهم الأراضي التي انكفأ إليها تنظيم «الدولة الإسلامية»، بين سورية والعراق.
(...) وروسيا هي القوة البارزة، وخطر التصعيد إذا لم يرسم (لروسيا) خط عليها ألا تتجاوزه، داهم وجدي. (...) وعلى الغرب أن يدرك ماهية الخطر. وعلينا التوجه بالكلام إلى فلاديمير بوتين، ويمكن التنويه بالعلاقات التاريخية التي تربط روسيا وفرنسا. ولكن هذا لا يسوغ الإحجام عن الرد حين يحرك بوتين بيادقه. وموقف ترامب غامض ولا يمكن توقعه. فعلى فرنسا وأوروبا والأطلسي التحرك. وروسيا تستأنف تسلحها منذ أعوام، وإذا رأينا أنها مصدر تهديد، فينبغي أن تهدَّد.
وحين تبيح موسكو لأنقرة قصف حلفائنا الكرد في سورية، فهي تحرّض على بث الشقاق في حلف الأطلسي. وقبل سنة واحدة، كان فلادمير بوتين ينحي بلائمة لا تفي الكلمات بقساوتها على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ومذ ذاك اتفق البلدان على اقتسام سورية(...).
* رئيس الجهورية الفرنسية السابق، عن «لوموند» الفرنسية، 12/3/2018، إعداد منال نحاس
الأربعاء، ٢١ مارس/ آذار ٢٠١٨ | |
|