التاريخ: نيسان ١٣, ٢٠١١
الكاتب:
المصدر: the network
لحظة التحول التاريخي والأخوان المسلمين

إن اللحظة التاريخية التي يمر بها الوطن العربي والتي يمكن وصفها بالموجة الرابعة للديمقراطية، لا تقل أهمية وعمقا عن الموجات التي اجتاحت الاتحاد السوفياتي و دول أوروبا الشرقية، والتي أطاحت بالأنظمة الشمولية، وانبثق عنها مجتمعات ديمقراطية تعددية وأحزابا وطنية ديمقراطية كذلك.


وفي الدول العربية التي شهدت التغيير الكلي كمصر وتونس، وفي الدول التي انطلقت بها عملية الإصلاح كالمغرب والأردن، لم تكن الحركات الإسلامية هي البادئة بهذه الثوارت والحركات، ولكنها لم تتردد بالالتحاق بها ولعب دور فاعل بها، ومحاولة  ترسيخ و أحيانا فرض أجندتها على هذه الثورات أو الحركات وعلى طبيعة الدولة المنتظرة نتيجة لهذه التحولات، وهي المحرك الأساسي لهذه الحركات ولكنه في الغالب دون استفراد واضح .


لقد كان الشباب والنساء وفئات واسعة من الطبقة الوسطى والتي تتلخص مطالبها بالحرية والديمقراطية  والتعددية السياسية كبديل للاضطهاد والدكتاتورية أو التسلطية والتفرد بالحكم من خلال حزب حاكم أو طبقة سياسية بعينها. ولكن بعد أن أنجزت هذه الحركات مهمتها، وبدأت عملية البناء كان واضحا أن أكثر الفئات تنظيما واستعدادا للحراك السياسي هي الحركات الإسلامية، وخاصة جماعة الأخوان المسلمين، وبات في حكم المؤكد أن الحركات الإسلامية هي من أكثر المستفيدين من هذه التغييرات. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ويضع الحركات الاسلامية على مفترق طرق، هو ما إذا كانت الحركات الاسلامية على استعداد لتقبل نظاما تعدديا يقوم على الحرية و المواطنة والدولة المدنية أم لا. وهل ستبقي على سعارها التقليدي بأن" الإسلام هو الحل"، أم أنها ستنسخ النموذجي التركي و تنشىء أحزابا سياسية محترفة، يكون الإسلام مرجعيتها الأخلاقية و القيمية، ولكنها تتخلى عن مشروع إقامة الدولة الدينية.

 

إن الإجابة على هذا السؤال غير مكتملة بعد، فباستثناء حركة النهضة التونسية التي أعلنت التزامها بالمنجزات الخاصة بالمرأة من خلال إعلانها عن قبول مدونة الأحوال الشخصية والطابع المدني للدولة التونسية ومنجزات حقوق الإنسان، والإعلان عن نيتها التحول إلى حزب شبيه بالنموذج التركي الذي يحكم تركيا منذ سنوات دون أن يمس بجوهر النظام السياسي العلماني. وباستثناء ذلك، فلا يبدو أن الأخوان المسلمين في مصر  والأردن على وشك إعادة النظر بطروحاتهم السياسية والتي لا زالت أقرب إلى النموذج " الشمولي " والذي لا مكان فيه للدولة المدنية. وهذا الذي يثير مخاوف فئات عريضة غير منظمة سياسيا، ولكنها تخشى التحول من حكم دكتاتوري أو تسلطي إلى حكم شمولي آخر، يكون أساسه ديني، يقوم على إقصاء الحركات اللبيرالية والمرأة واتباع الديانات الأخرى.


حتى هذه اللحظة، لم تتعدى مطالب الأخوان المسلمين بالإصلاح أكثر من تغيير قوانين الانتخابات والأحزاب أي الهياكل الديمقراطية دون أن تقول شيئا عن مدنية الدولة الحديثة، والذي يعتبره الكثيرون أشبه بانقلاب أبيض سلمي على الدولة القائمة، ولا يعدو كونه استراتيجية جديدة للوصول للسلطة و تطبيق برنامجها الشمولي.


إن نقطة البداية في ضمان عدم تحول الدول التي تمر ومرت بثورات أو بإصلاحات سياسية إلى أنظمة شمولية، هي ضرورة تحول الحركات الاسلامية إلى أحزاب سياسية محترفة لا تستند في تنظيمها أو برامجها على أسس دينية، والفصل التام بين العمل الدعوي الذي اساسه ديني والعمل السياسي الذي اساسه دنيوي.