التاريخ: نيسان ١٢, ٢٠١١
الكاتب:
المصدر: nowlebanon.com
في ذكرى الحرب

يحلّ علينا تاريخ 13 نيسان هذا العام، وبلدنا يتخبّط في أزمات تتداخل فيها، على ما صارت العادة منذ زمن، العوامل الإقليمية والداخلية، وتجد لها في الاصطفافات الطائفية والسياسية من جهة، وفي الخلل المؤسساتي من جهة ثانية، مواضع تُقيم فيها، وتُديم بواسطتها حالات التوتر في البلاد.
ولعلّه يمكننا اليوم بعد 21 عاماً على انتهاء الحرب، وبغير عناء، أن نعدّد أزمات وعلامات احتقان ليست جميعها مقطوعة عن إرث الحرب ونتائجها.


- فالسلاح ما زال موجوداً، ولو أنه يتركّز لدى طرف وحيد. والطرف هذا طرف أهلي-طائفي، يستقوي بنيرانه الافتراضية كل ما أراد تعديل توازن قوى أو التأثير في خيارات سياسية أو مجرّد التخويف من تبعات نقده أو هجائه، فيعزّز بالتالي المنطق الذي يعتبر العنف أو التلويح به أمراً مشروعاً في بلاد لا قدرة للدولة على احتكار استخدام القوة فيها.

 

- والاحتقان الطائفي يحوّل على الدوام النزاع السياسي الى حال من التعبئة تضيق معها التمايزات ومحاولات الوصول الى أرضيات مشتركة تسهّل من إدارة النزاع داخل المؤسسات وتمنع تصديره للشارع.

- وخطاب التخوين مُستسهل يُرجم به المختلف بالسياسة أو المعارض لموقف ولنهج.

- والصراعات الخارجية ما زالت تبعث الانقسام بين اللبنانيين فيتمترسون تجاهها ويختلفون حولها بحدّة ونزق.


وإذا أضفنا الى ذلك أن واحداً من أكثر ملفّات الحرب مأساوية، وهو ملف المفقودين والمخطوفين، لا يزال مفتوحاً من دون أن يقدّم أحد الى ذويهم اعتذاراً أو توضيحاً أو أن يُجري محاكمة أخلاقية ومراجعة صريحة لممارسات الصراع المسلّح وإجرامه، وإذا أضفنا أيضاً أن الانجذاب الى منطق التمرّد على الدولة بحجة "ظلمها" وهشاشتها ما زال حيًّا في نفوس أطراف عديدين، وصلنا الى استنتاج مفاده أن ما أحدثته الحرب من أضرار بنيوية في المجتمع السياسي اللبناني لم يتعاف منه اللبنانيون بعد، ولم يتمكّنوا من الشفاء من آثاره.


وهكذا استنتاج هو بالطبع مقلق. ولولا بعض المساحات الثقافية والمواطنية التي ما زالت تبعث الأمل وتعين على تخطّي التردّي المسيطر، لكان يمكن للعديد من أحداث السنوات الماضية أن تحوّل القلق المذكور الى كوابيس تشبه ذكريات 13 نيسان 1975، وتبقينا باستمرار في دوّامة الخوف منها.