صنعاء - من أبو بكر عبدالله
خلط الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الأوراق عندما أعلن أمس تجميد مشروع لتعديل الدستور كان أثار موجة احتجاجات واسعة، ونفى أمام جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشورى ضمت أعضاء الحكومة والقيادات العسكرية سعيه إلى تمديد فترة ولايته الرئاسية التي تنتهي في 2013 أو توريث الحكم لنجله الأكبر العميد أحمد الذي يقود قوات الحرس الجمهوري، استنادا إلى مشروع تعديل للدستور تبناه حزبه المؤتمر الحاكم وتضمن توجهات تتيح له الترشح للرئاسة مدى الحياة .
وأكد علي صالح الذي تحدث عن " تنازلات للمصلحة الوطنية " تأجيل الانتخابات النيابية، التي كان مقررا تنظيمها في نيسان المقبل وشدد على معاودة الحوار مع أحزاب المعارضة في إطار اللجنة الرباعية في مقابل وقف التظاهرات التي تنظمها في المحافظات، احتجاجا على تفرد الحزب الحاكم بتعديل قانون الانتخابات والدستور وما اعتبرته انقلابا على الشرعية والحوار الوطني في شأن الانتخابات والإصلاحات وتعديل الدستور .
وخاطب الحضور قائلا: "لا تمديد ولا توريث ولا تصفير للعداد كما جاء في الاسطوانة المشروخة... هناك اجتهادات من أشخاص مخلصين، ولكن الأمر محدد في برنامجي الانتخابي أن مدة الرئاسة دورتان فقط من خمس سنوات والشعب يتداول السلطة سلمياً دون الإثارة ودون تحريك الشارع ".
وجاء في اعلان الرئيس اليمني عشية تظاهرات احتجاج "مليونية" دعت اليها أحزاب المعارضة في تكتل اللقاء المشترك (ستة أحزاب سياسية من اليسار والاسلاميين)، غير ان علي صالح عزا هذه الخطوات الى حرصه على المصلحة الوطنية العليا، في ما اعتبرتها دوائر سياسية محاولة متأخرة لتخفيف الاحتقان على الساحة اليمنية نتيجة التظاهرات الغاضبة التي رفعت اخيرا شعار تغيير النظام وطالبت الرئيس بالتنحي عن الحكم.
وأفصح علي صالح للمرة الاولى عن مخاوف من تداعيات على خطى انتفاضة التغيير في مصر وتونس نتيجة ما سماه "زوابع". وقال: "الجميع يتابعون عبر القنوات الفضائية ووسائل الاعلام، وكل واحد له تحليلاته وفلسفته، فالعقلاء يتفهمون والعامة تقودهم قوى أخرى لا يعرفون الى أين يذهبون، مثلما هو حادث في مصر وما حدث في تونس، فالغوغاء والفوضى اذا هبتا من الصعب على العقلاء السيطرة عليهما، ونحن حرصاء كل الحرص وما زال زمام الامور في أيدي الجميع للسيطرة على هذه الزوابع والتي ستلحق ضررا بالامن والسلم الاجتماعي في الوطن الذي هو ملك للجميع".
وبدا مثقلا بالازمات العاصفة بالساحة اليمنية شمالا وجنوبا، إذ قال: "لا نريد أحدا ان يصب الزيت على النار، فأربع سنوات من الاحتقان والتعبئة الخاطئة في نهاية المطاف ستفضي الى فوضى". وتعهد "اجراء اصلاحات شاملة في الحكم المحلي، بما في ذلك انتخاب المحافظين ومديري المديريات انتخابا مباشراً واعطاء صلاحيات واسعة للمحافظين، مما سيسحب البساط على دعاة الفيديرالية والمرتدين عن الوحدة".
ودعا المعارضة الى المشاركة "في حكومة وحدة وطنية لتحقيق مبدأ الشركة في السراء والضراء"، قائلا: "ليست محتكرا للسلطة، ولا يجوز الانفراد بالسلطة حتى في ظل وجود الغالبية المريحة. جمدنا الغالبية المريحة ولا نريد الزوابع والمشاكل... نحن من الشعب ومن المؤسسة العسكرية ولن نسمح بتدمير ما أنجزته الثورة وأنا أدعو الشعب وكل مواطن اذا احدث البعض الفوضى والغوغائية فمن حق كل مواطن ان يدافع عن ماله وعرضه لكني ما زلت آمل في ان المعارضة تستجيب لهذه المبادرة للخروج من هذه الازمة".
تظاهرات تأييد وشهد ميدان التحرير في وسط صنعاء تظاهرت مؤيدة للرئيس اليمني شارك فيها المئات الذين حملوا لافتات ورددوا هتافات تؤكد تأييدهم لمبادرته وتطالب المعارضة بالاستجابة للمبادرة الرئاسية وتجنيب البلاد الفوضى، في اشارة الى امكان ان تتطور تظاهرات الاحتجاج الى اعمال فوضى وعنف.
واكدت مصادر سياسية يمنية ان حزب المؤتمر الحاكم دعا اعضاء الى تنظيم تظاهرات بالتزامن مع التظاهرات التي تنظمها احزاب المعارضة، وان اوامر صدرت الى مختلف مؤسسات القطاع العام والخاص بتعزيز اجراءاتها الامنية، تحسبا لحصول فوضى واعمال شغب خلال تظاهرات المعارضة.
ودعا قياديون في المعارضة الحزب الحاكم الى الكف عن ترويع المتظاهرين، وحملوا السلطة مسؤولية اي اعمال منافية للقانون، مشيرين الى ان المعارضة تدرس حاليا مبادرة الرئيس علي صالح التي وصفوها بانها "تطور ايجابي بانتظار الخطوات المقبلة". وعشية تظاهرات المدن، نشرت السلطات اليمنية قوات معززة بالسلاح الثقيل في صنعاء ومراكز المحافظات.
|