التاريخ: كانون الأول ١٧, ٢٠١٠
 
العنف ضد المرأة .. حان الوقت لكسر جدار الصمت

الجمعة 17 كانون الأول 2010

عبير شبارو


المرأة في العالم في وضع لا تحسد عليه بسبب التمييز الذي تعاني منه على المستويات كافة الحقوقية والإقتصادية والاجتماعية. فمن قوانين الأحوال الشخصية (تعدد الزوجات، الميراث، الوصاية على الاولاد، الاكراه على الزواج...) الى تفاوت الفرص والأجور والتمثيل السياسي والاقتصادي، يظهر جليا ان الواقع يخالف المساواة الظاهرية بين الجنسين في مجتمعنا. وتبقى النساء اهدافا لعنف مركز موجه ضدهن تحت اسماء ومبررات لا انسانية (تأديب، جرائم الشرف...). فقد أشارت العديد من الدراسات الميدانية لمنظمات إنسانية غير حكومية أن امرأة واحدة على الأقل من كل ثلاث، تتعرض للضرب أو للإكراه والإهانة في كل يوم من أيام حياتها. ووفق تقرير لمنظمة الصحة العالمية، يعد العنف ضد المرأة الإنتهاك الأكثر حدوثا من بين إنتهاكات حقوق الإنسان في العالم.
ويستمر العنف الأسري بالتزايد من دون تمييز جغرافي او عرقي او ديني او اجتماعي او عمري. فهو منتشر بين كل الطبقات والمجتمعات.


في 17 كانون الأول 1999، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 25 تشرين الثاني "اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة"، وهو من ضمن سلسلة الأيام الستة عشر المخصصة لحقوق الإنسان ومكافحة التمييز ضد الجنس.


تعرف الوثيقة الصادرة عن المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين 1995 CEDAW العنف ضد النساء بأنه: "كل عنف مرتبط بنوع الجنس، يؤدي على الأرجح إلى وقوع ضرر جسدي أو جنسي أو نفسي أو معاناة للمرأة، بما في ذلك التهديد بمثل تلك الأفعال، والحرمان من الحرية قسراً أو تعسفاً، سواء حدث ذلك في مكان عام أو في الحياة الخاصة".


وبسبب حدوث معظم جرائم العنف ضد المرأة ضمن الأماكن المغلقة وفي غياب الشهود، فهي تبقى طي الكتمان. وتقدّم بعض العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية تبريرا للعنف ضد المرأة. كما تساهم الثقافة الذكورية التي تعلي من شأن الرجل وتعامل المرأة بدونية واحتقار وتضعها في الدرجة الثانية من السلم الإنساني في استمرار تبرير هذا العنف وهي مدعومة ببعض النصوص الدينية التي تفسر في الكثير من الأحيان بطرق مغلوطة لصالح الرجل سالبة المرأة حقوقها ودورها في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.


إن الأوان قد آن لاتخاذ خطوات من أجل إنهاء العنف القائم على الجنس، وللاعتراف بأن مثل ذلك العنف "إجرامي". على الدولة ان تعمل انطلاقا من حماية حقوق الإنسان للقضاء على العنف ضد المرأة وانصافها ورفعها من حالة الدونية والارتقاء بها إلى مستوى المساواة وعدم التمييز.


على السلطات إقرار القوانين الرادعة والتشدد في تطبيق المعاهدات الدولية وعدم التهاون والتذرع تحت أي ظرف من الظروف بدواعي العرف أو الدين أو التقاليد تبريراً للعنف المرتكب ضد المرأة.
كما على المرأة معرفة حجم ومدى حقوقها وذلك من خلال توعيتها وتوعية الرأي العام. علينا تربية اولادنا بطريقة مختلفة يتساوى ويُحترم فيها الجنس الآخر. من هنا ضرورة إشراك الرجال والأولاد في جهود منع العنف والتصدي له ومعرفتهم لحقوقهم وحقوق النساء بعيدا من بعض العادات الموروثة.


وقد يكون لدمج مفهوم "الوقاية من العنف الأسري والتمييز ضد المرأة" ضمن المناهج الدراسية والسياسات الاجتماعية اثر مهم في تطوير مفهوم المساواة بين الجنسين والمساواة الاجتماعية والتخفيف من العنف المتزايد.


لذلك ندعو الهيئات الحكومية و"الهيئة الوطنية لشؤون المرأة" ومواكبةً لحملة المنظمات غير الحكومية، الى وضع خطة وطنية للوقاية من العنف الاسري، وتطوير القدرة على جمع المعلومات المتعلقة بالعنف، وتحديد اولويات ودعم الابحاث المتعلقة باسباب ونتائج وكلفة العنف والوقاية منه. كما ندعو إلى مساندة الضحايا من خلال المطالبة بوضع نظام لتقديم خدمات متكاملة للنساء والفتيات اللاتي يتعرضن لسوء معاملة. والأهم يبقى في مطالبة مجلس النواب إقرار القوانين الرادعة وتنزيه القوانين من التمييز على اساس الجنس بعدما اقرها مجلس الوزراء برئاسة الرئيس سعد الحريري.
علينا اخيرا كسر جدار الصمت كي لا تبدأ حكاية جديدة لإحداهن بصرخة مؤلمة وتنتهي بصمت مطبق أبدي... وبترخيص للقتل...