الأحداث والتطورات الطارئة على الظاهرة العربية الجديدة: "اليمننة" تدعو للتريث والإحجام عن إطلاق أحكام تقارب الفشل أو استنتاجات تجانب الصواب.
كل معني بـ"اليمننة" تلقى أنباء تسارع تلك التطورات لكن الحكم القاطع بالأثر الإيجابي والجدوى الشاملة للجميع، حسبما يتمناه – وإن لم يتوقعه - الجميع، لا يبدو قريباً من متناول الجميع، لأن بعض الفاعليات "اليمنية" داخل اليمن وخارجه، تبعاً لتفاوت تقديراتهم ومواقفهم ومواقعهم، يجنحون بعيداً عن تحقيق الأثر المطلوب والمرجو "للجميع"!
على رغم أن بعضاً من "الجميع" مُطِلٌ ومطلع على الأحداث اليمنية، بل موغِلٌ إلى حد الورطة، بدعاوى قانونية ومخاوف أمنية وحزازات قديمة متبادلة تستنزف المقدرات والأرواح. وعلى رغم مواكبة التفاصيل من أول "قنبلة" سياسية حتى آخر "ضربة" عسكرية قطعت طُرق إتمام التسوية السياسية، عبوراً بمشاريع ذاتية منطوية في مجملها على أطماع وأحقاد وأفكار وأوهام! على رغم ذلك كله. تَغُض أبصار عن مستوى انحراف كل الأطراف عن طريق التسوية، وإن بالت أطرافٌ لما أصابها - شخصياً - فاستنفرت، دونما اكتراث لمصير الأبرياء، حتى "اسودّ السوق" وحُرِم الناس أقواتهم وقُتل تعايشهم وتآخيهم!
يتجلى أيضاً للموضوعيين ممن يُحيِّدون اعتراضاتهم الفطرية والفكرية المسبقة، كيف يتبرأ كل طرف، وعلى نحو أدق: يتجاهل مسؤوليته المباشرة عما آلت الأمور إليه، مستعيناً بصمت مريب ورضىً عجيب عن "تمادٍ" أطل - مبكراً - موسمه (وطال) في اليمن.
أمام إدراك تمادي جميع الأطراف اليمنية، وبلوغه حداً مزعجاً ومُنْهِكاً لجميع "المؤثرين" و"المتأثرين" داخل اليمن وخارجه، يكون "غير مجدٍ في ملتي واعتقادي... نَوْحٌ" بتحميل طرف دون طرف، واستمرار التقصير بالصمت، وإثارة شكوك تصيب حيناً وتخفق أحياناً. فمن واقع لزوم محاولة الجميع إنهاء مأساة بدأوها جميعاً. يكون المجدي: "الترنم" بتشجيع الالتقاء حول مائدة التفاوض وسط مضمار الحوار، عوضاً عن عناء الاستلقاء على أريكة المخاوف، وتخففاً من الاحتماء بمتاريس الاحتراب.
مهما انتصبت مبررات متغيرة ومعطيات مستقرة على الأرض، ومستفزات طائرة تفزع الآمنين، وتُمطر "ضربات موجعة" للأطفال والشيوخ من نساء ورجال، وإن لم يستهدفهم "التصعيد الميداني" (...)، لا بد من التشجيع والحفز المفيد، تمهيداً لـ"سلام من بعيد" تتبناه الأطراف "المتحدة" المعنية لإحلال السلام في اليمن وهي: الأمم المتحدة وروسيا الاتحادية والولايات المتحدة والمملكة المتحدة. سعياً إلى "لملمة" أطراف يمنية مبعثرة ومشتتة، وجمعهم بجولة حوار مقبلة برعاية الأمم المتحدة – ثانيةً.
تلك المساعي تساعدها سلطنة عمان بـ"دورٍ موفق" وتفهمٍ واعٍ للأطراف المعنية في اليمن وباليمن، منذ هاجت العواصف وجعلتها "تعمل بكل ما هو متاح من جهد مساعد" لمنع "استمرار حرب قد تمثل تهديداً لاستقرار المنطقة" طبقاً لبيان الخارجية العمانية عقب قصف طيران التحالف لمنزل سفير مسقط باليمن (19 أيلول). ومساعدةً منها لكل الأشقاء تترفع عن أي تعريض "غير موفق (...)" - من هنا - قولاً، و"غير مستهدف" -من هناك- فعلاً!
... طالما يؤدي المخلصون لمصالحهم المشتركة، من "أصدقاء اليمن" والمنطقة، دوراً إيجابياً تجاه اليمن، تفاعلاً مع متغيرات مباغتة للمنطقة، وإحساساً بمآسٍ إنسانية يتأثر بها اليمنيون. فالشكر والعرفان العملي لهم من "المتأثرين" اليمنيين، يُسفِرُ عنه تشجيعُ كل استجابة يبديها "المؤثرون" كشفاً لنيات وقف "التمادي في (وعلى) اليمن". لعل وعسى يدنو "سلام من بعيد" ينتفع به اليمنيون الأبرياء تماماً من غنائم "العبث" الدائر وجرائم "الخبث" الطائر. |