عادت الأوضاع الأمنية في العاصمة التونسية وعدد من المدن الأخرى الى مربع الانفلات، الذي ارتسم عقب فرار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الى السعودية في 14 كانون الثاني الماضي، بينما تواترت أنباء عن احالة عدد من المسؤولين الأمنيين الكبار على التقاعد المبكر.
وسادت امس أجواء من الخوف والرعب بعض أحياء العاصمة، حيث راجت شائعات قوية عن وجود "عصابات" و"ميليشيات" تروع المواطنين وتهشم بعض المؤسسات، الى خطف فتيات. وفتح الجيش النار في الهواء لتفريق عصابات من الشبان أغارت على مدرستين في ضاحية قرطاج، مما روع التلاميذ. ودفعت هذه الأجواء شباب بعض الأحياء الى الظهور مجددا على شكل لجان لحماية الممتلكات، وقد تسلحوا بالهراوات والسكاكين، تماما كما حصل في الأيام الأولى التي تلت فرار بن علي.
مصادقة الحكومة وكان الوضع الامني في البلاد محور الجلسة الاولى لمجلس الوزراء الانتقالي التي انعقدت امس، واعلن مصدر قريب من الحكومة بعدها موافقة المجلس على اربعة اتفاقات دولية تتعلق بحقوق الانسان، بينها خصوصا الاتفاق الدولي لمناهضة التعذيب. وقال ان مجلس الوزراء الذي استمرت جلسته نحو خمس ساعات "وافق او رفع تحفظات سابقة لتونس على أربعة اتفاقات دولية تتعلق بحقوق الانسان بينها خصوصاً الاتفاق الدولي لمناهضة التعذيب ومعاهدة روما التي انشأت المحكمة الجنائية الدولية".
كما قررت الحكومة العدول عن نيتها رفع نظام منع التجول بسبب الوضع الامني الراهن . وسجلت الحوادث الاكثر اثارة للقلق الاثنين في القصرين، كبرى مدن وسط البلاد، حيث تعرضت المعتمدية للتخريب والنهب على ايدي مئات الشبان. وكان الوضع لا يزال متوترا امس. كما اكد عدد من مسؤولي الطائفة اليهودية في تونس ان مجهولين احرقوا مساء الاثنين كنيس الحامة القريب من مدينة قابس في جنوب تونس.
وروى شهود ان القصرين وبنزرت وقابس شهدت ما يشبه الهجوم المنظم لمجموعات من الأفراد، وصفها البعض بـ"ميليشيات الحزب الحاكم سابقا"، والبعض الآخر بالعصابات من المجرمين الفارين من السجون.
صراع في الداخلية غير أن مراقبين ربطوا ما شهدته المدن التونسية المشار اليها ليل اول من امس، بأجواء الرعب التي هيمنت امس على تونس، في وجود صراع كبير داخل وزارة الداخلية التونسية على خلفية معالجة الوضع الراهن، والتحقيق الذي أٌعلن عنه لتحديد المسؤول عن استخدام القوة ضد المعتصمين أمام مقر الحكومة الموقتة.
وأفادت مصادر متطابقة ان صراعا كبيرا جرى في أروقة وزارة الداخلية احال على اثره وزير الداخلية الجديد فرحات الراجحي نحو 27 مسؤولا أمنيا كبيرا على التقاعد المبكر، في خطوة وُصفت بأنها "اقالة"، تندرج في سياق تنظيف الأجهزة الأمنية من بعض الرموز المحسوبة على النظام السابق.
وقال الراجحي ان نحو ألف شخص هاجموا مبنى وزارة الداخلية، وان بعض افراد قوى الامن يتآمرون لتقويض امن الدولة. ولفت الى ان هؤلاء الناس الذين جاؤوا الاثنين الى الوزارة هم أنفسهم الذين خرجو امس لترويع الناس. ومع ذلك، لا تبدو الأوضاع الأمنية في تونس سائرة نحو الاستقرار، فيما بدأت بعض القوى السياسية تصف حكومة الوحدة الوطنية الموقتة بأنها "حكومة أميركية وأوروبية" فرضت على الشعب للالتفاف على ثورته.
طائرة خاصة الى ذلك، صادر القضاء الفرنسي صباح امس طائرة خاصة تملكها عائلة صهر للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي في مطار لو بورجيه قرب باريس. وتملك الطائرة عائلة مبروك، وأحد افرادها صهر لبن علي. وهي متوقفة منذ اسبوع في المطار.
200 قتيل وتحدثت الامم المتحدة عن سقوط اكثر من 200 قتيل و510 جرحى في حركة الاحتجاجات التي ادت الى اطاحة بن علي. وقال رئيس بعثة المفوضية السامية للامم المتحدة لحقوق الانسان في تونس بكر ندياي ان 219 شخصا قتلوا وان 510 آخرين جرحوا خلال خمسة اسابيع من اعمال العنف. واوضح في مؤتمر صحافي ان 147 شخصا لقوا حتفهم منذ منتصف كانون الاول، الى مقتل 72 شخصا في سجون.
حركة النهضة من جهة اخرى، صرح القيادي في حركة النهضة الاسلامية التونسية علي العريض، بأن حركته تقدمت بملف الى وزارة الداخلية التونسية يتضمن طلبا للاعتراف بها كحزب قانوني.
( و ص ف، رويترز، ي ب أ
|