التاريخ: آب ١١, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
نحو انقلاب سياسي في العراق؟ - ماجد كيالي
من الصعب التكهن بالموقف الذي سيتخذه البرلمان العراقي، بشان القرارات التي اصدرها رئيس الحكومة حيدر العبادي، على رغم ان مجلس الوزراء، الذي يضم كل الكتل البرلمانية، صوّت بالاجماع لمصلحتها. وفي الحقيقة فإن مصادقة البرلمان على مثل تلك القرارات، إن حصل ذلك، ستكون بمثابة انقلاب سياسي كبير، وتغيير في علاقات القوى داخل العراق، كما ستعني ان هذا البلد بات يدشّن مرحلة جديدة في تاريخه السياسي.

وكان العبادي أصدر مجموعة قرارات، لم تكن متوقعة، تتضمن الغاء مناصب نواب الرئيس ورئيس الحكومة، ومكافحة الفساد، وتصويب الانفاق، وذلك استجابة للمطالبات الشعبية العارمة التي اجتاحت العاصمة بغداد، ومدن الوسط والجنوب، والتي سيكون من نتائجها إضعاف، او تحجيم، كل مراكز القوى، التي تتغذى على الطائفية والفساد المالي والسياسي.

الجدير ذكره، ان الاحتجاجات والتظاهرات التي شهدها العراق، في الأيام الماضية، تؤكد بأن الاعتراض على الطبقة السياسية السائدة، التي حكمت هذا البلد منذ الغزو الأميركي (2003)، لم يعد حكرا على البيئات الشعبية المحسوبة على "السنة"، إذ أضحى يشمل البيئات الشعبية المحسوبة على "الشيعة"، أيضا.

من جهة أخرى، فإن الاحتجاجات المذكورة كشفت السقوط الذريع للطبقة التي استأثرت بالحكم وبالموارد، طوال العقد الماضي،، اولاً، بسبب اخفاقها في اعادة اعمار العراق، وتأهيل بناه التحتية، وتحقيق معدلات تنمية تتناسب مع موارده المالية المتأتية من صادرات النفط. وثانيا، بسبب اخفاقها من الناحية السياسية، كونها اشتغلت على أساس طائفي لكنها، مع ذلك، لم تنجح في تكريس ذاتها، لا على الصعيد الوطني، ولا حتى على صعيد طائفتها ذاتها.

في هذا الإطار، لا شك في ان حقبة نوري المالكي في الحكم هي التي تتحمل المسؤولية عن تدهور احوال العراق، السياسية والامنية والاقتصادية، ناهيك عن تحملها مسؤولية اثارة النعرات الطائفية/المذهبية، وتكريس تبعية العراق للسياسة الإيرانية.

المهم ان الوضع في العراق لم يعد يحتمل بالنسبة لغالبية العراقيين، فهذا البلد يعتبر الثالث في العالم في تصدير النفط، بعد السعودية وروسيا، لكنه يبدو من بلدان العالم الثالث، بارتفاع نسبة الفقر والبطالة فيه، وبتدني مستوى بناه التحتية، حتى الطاقة الكهربائية لم يتم تأمينها، رغم نفقات تقدر بمليارات الدولارات.

اخفق نظام الحكم الطائفي، المرتكز على الفساد والميليشيات والتبعية، في كل شيء، في السياسة والاجتماع والامن والاقتصاد والبني التحتية، حتى الجيش الذي صرفت عليه عشرات مليارات الدولارات، لتأهيله وتسليحه، بدا بمثابة خدعة كبيرة، مع اول امتحان تعرض له في الموصل قبل عام.

باختصار لا بد من تغيير سياسي في هذا البلد، لكن هل باتت الظروف تسمح بذلك، على الصعيدين الداخلي والخارجي؟ وما هو موقف إيران من هذا التطور؟